هكذا تؤكد الأحداث الجارية في بر مصر أن الجميع قدم مصالحه الشخصية قبل الوطن، وأن الجميع وضع مناصريه وميلشياته في المقام الأول، فتفتت البلاد بين عشية وضحاها، كل حزب لديه الحقيقة الكاملة، ويذهب الآخرون إلى الجحيم.. وهكذا تمر بمصر أيام عصيبة، لم تشهدها من قبل، حتى إشعار آخر، فلم يرفع المصريون طوال تاريخهم السلاح في وجه بعضهم البعض، ونشر الفلاح الفصيح في الدنيا معاني التسامح والتعاطف. ويبدو أن الكرسي هو السبب في كل ما يحدث، ودومًا كان "ملك مصر" مطمع الداخل والخارج، وكان الشعب اليتيم دومًا صابرًا جوادًا كريمًا حتى مع ظالميه، إلا أنه لم يكن يومًا عبيطًا، أو ساذجًا، وهكذا تمر بمصر أيام عصيبة، تدمي القلب قبل العين، فلا يمكن أن تكون هذه أمي، ولا نيلها هو دمي، ولا شمسها في سماري ولا شكلها في ملامحي، ولا لوني قمحي، بعد أن عز القمح، وتعددت الأشكال والألوان في "دكاكين الثورة"، فالكل جاء طامعًا.. ناهشًا.. أنا لا أشكك في نوايا الرئيس مرسي، فنواياه طيبة، والطرق إلى جهنم دومًا مفروشة بمثل هذه النوايا، ولكني أشكك في نوايا هذه "الزعامات الوهمية" التي ظلت حاقدة على الرجل، وانتظرت الهفوة القاتلة، لتكشف عن وجهها القبيح، فلا حمدين ولا البرادعي ولا موسى ولا غيرهم يحبون البلد أكثر مني ومنك، بل طامعون في الكرسي، كل منهم لديه ميلشياته، ومازالوا يعتقدون أنهم أحق بالكرسي من مرسي، حتى الفنانون خرجوا ليقولوا لا، خوفًا على بضاعتهم "المضروبة" من البوار.. حتى القضاة، وما أدراك ما القضاة، إنهم دولة داخل الدولة بما لهم ولأبنائهم من امتيازات، خرجوا يعلنون العصيان ويعطلون مصالح الناس المرسلة في المحاكم.. هكذا، تحالف الداخل مع الخارج، ضد الرجل، ولا ندري إلى أي مآل سيئول الوضع، إلى حرب أهلية كما يقولون، أم إلى خراب الوطن، وحتى لو تنازل مرسي عن الإعلان الدستوري، فسيخرج عليه أصحاب الزعامات الوهمية بعد فترة، وينتظرون هفوة أخرى، حتى لو تنازل مرسي عن المنصب وأصبح مخلوعًا، فمن سيأتي؟، ومن سيصلح؟، وهل سيهدأ الوطن؟، وهل سيأتي يومًا نقول فيه ونحن نشير إلى الخارطة، "هنا كانت دولة اسمها مصر"؟ ..! ألا من حكيم في هذا الوطن؟، ألا من عاقل في هذا الوطن؟، ألا من مؤمن في هذا الوطن الذي يضيع كل يوم؟!، نريد أن نعرف ما هي الحقيقة، فالرجل يجلس في الغرف المغلقة مع القوى المختلفة، ويتفقون على أشياء، ثم يخرجون فينكرون..! الرجل يأخذ قرارات كارثية ومستشاروه ينفضون أيديهم فمن إذن يشير عليه!.. هل يأتيه وحي من "المرشد" مثلا!، يجب أن نعرف، من حقنا أن نعرف من يدير هذا البلد، وعلى مدعي الزعامات الوهمية أن يتقوا الله، ويقفوا في صفوف المعارضة البناءة التي تخدم للوطن، وعلى السادة القضاة أن يتقوا الله ويتذكروا الحديث الشريف، "قاضيان في النار وقاض في الجنة"، وعلى "مرسي ومن خلفه " أن يترفقوا بمصر وشعبها، وإلا على الرئيس أن يبدأ بتناول "الفياجرا" بحثًا عمن سيقف بجواره يوم الزحف إلى القصر. [email protected]