رأيت الناس ، كبارا وصغارا ، نساء ورجال يقفون في طوابير طويلة لاختيار أول رئيس للبلاد .. فطفرت من عيني دموع الفرح .. أنا الذي لم أبك في حياتي ، بكيت من هذا المشهد البديع ، فقد انتهى عهد الطغيان ، لم يعد الشعب مفعولا به ، أصبح فاعلا ، ولم يعد ظاهرة صوتيه . أكتب هذه الكلمات ، قبل أن أعرف الرئيس من سيكون ، فلا يهم من سيكون ، حتى لو جاء من " الفلول " ، المهم هذا المشهد الذي يتابعه وتابعه العالم أجمع ، فقد مرت "الديموقراطية" من أرض مصر .. "الديموقراطية" الحقيقية وليست تلك التي فسرها زعيم عربي مقتول بأنها "الكراسي الدائمة " ، من يأتي ، أيا كان سيعمل ألف حساب للشعب ، لأنه يعرف جيدا أنه باق في منصبه الرئاسي لفترة محدودة بإرادة الشعب . ، قابلت ذات مرة " علوبة باشا " ، آخر باشا في مصر " مات منذ سنوات " ، وهو قائد يخت المحروسة الذي نقل الملك فاروق في رحلته الأخيرة إلي إيطاليا ، حكي لي كيف كانت مصر قبل الثورة ، وماذا فعل بها حكم العسكر ، وكيف زور العسكر التاريخ لصالحهم ، وكيف توقف نبع الإبداع المصري ، وكيف ستكون مصر ، لو سرى بها التاريخ سيره الطبيعي منذ 70 عاما ، ولم يتوقف عند انقلاب 1952 م . لقد صحح التاريخ خطأه مع المحروسة ، صحيح أن التضحيات كانت عظيمة ، ولكنه وطن يستحق ، وطن يستحق أن نموت من أجله ، وطن نحبه من الأعماق بإرادتنا وليس مفروضا علينا ، " أم الدنيا " بصحيح ، وليست بالأغاني والأماني والضحك على الذقون . التقيت مصادفة " قبل الثورة" بشخصية خليجية ، فقال لي بإعجاب أنه كان في ضيافة مبارك مع ملك البحرين ، وأنه كان مبهورا بقدرة الرئيس المخلوع على لعب " الكوتشينة " وهزيمة كل الضيوف على مدى 3 أيام ، رئيس يلعب "الكوتشينة" 3 أيام ، والشعب مهمل ، يموت برا وبحرا وعجزا وقهرا ، خلاص كل هذا انتهى ، أصبح المصري غالي ، له ثمن لأول مرة ، أنها الجمهورية الثانية ، والإحياء الأول منذ عهد الفراعنة ، حرى بنا أن نرفع رؤؤسنا جميعا عاليا . آن الأوان أن ننطلق إلي الأمام ، ونحرر طاقاتنا الإبداعية ، ونبهر العالم في كل المجالات ، آن لنا أن نبنى الوطن ، فالبناء في مصر أسهل من الهدم ، والشكر موصول للجيش العظيم الذي لم يطمع في السلطة برغم كل الأخطاء والخطايا ، وليعود إلي ثكناته ، فأمامه مهام جسام .. دعوني أختلف مع "البابا شنودة " مصر إنشاء الله ستكون "وطن نعيش فيه ، أكثر مما يعيش فينا " . [email protected]