بعنوان "مرسى يبعث ميدان التحرير" قالت صحيفة هاآرتس العبرية في تقرير لها أمس "يبدو أن الرئيس المصري نسي ما ذكر به مؤيدوه لإسرائيل وهو أن مصر بعد الثورة ليست هي مصر مبارك"، لافتة إلى أن إفراغ النظام القضائي من المحتوى سيكلفه غاليًا. وقالت الصحيفة العبرية "لا يوجد الحاكم الذي لا يريد حكمًا منفردًا حتى الآن، حكما بلا قيود أو إشراف جماعي أو قضائي، وكل شىء يتم تبريره بالمصلحة العامة، وهي المصلحة التي لا يفهمها هذا الجمهور نفسه، فالقائد يعرف جيدًا أكثر، ويبدو للحظة أن محمد مرسي أيضًا بطل عملية عمود سحاب انجر في موجة من المطوح الزائد عندما نسي ما قاله مؤيدوه لإسرائيل بأن مصر بعد الثورة ليست مصر مبارك. ولفتت هاآرتس إلى أنه في خلال ساعات قليلة من لحظة إعلان مرسي قراراته الدستورية الجديدة التي تمنحه صلاحيات، بدأت تظهر في مواقع الإنترنت والصحف انتقادات لاذعة ضد القرارات، وسارع زعماء الحركات الاحتجاجية والأحزاب العلمانية بإطلاق اسم "فرمانات" على القرارات الخاصة بمرسي في إشارة للقرارات السلطانية العثمانية التي لم يكن عليها طعن، مضيفة أن الأشخاص الذين فقدوا أبناءهم في مظاهرات 2011 نددوا بالقرار الخاص بإعادة محاكمة المسئولين عن قتل الثوار. وذكرت أنه في الفيس بوك والتويتر بدأ يوم الخميس ظهور دعوات لتنظيم مظاهرات مليونية في ميدان التحرير، وطالب نشطاء سياسيون بعمل اعتصام بالميدان حتى يتم إلغاء القرارات، وآخرون طالبوا بخلع مرسي من الرئاسة، وفي المقابل أعلن الآلاف من مؤيديه على الشبكات الاجتماعية، أنهم مع القرارات ووصفوها بأنها استمرار للثورة وتهدف لحمايتها، وكالمعتاد دعوا الجماهير للمشاركة في المظاهرات التأييدية للرئيس وقراراته. ولفتت هاآرتس إلى أن ميدان التحرير لعب دور البرلمان الشعبي نهاية الأسبوع الماضي وذكر بأهمية الثورة في مصر، مضيفة في تقريرها أن الرئيس لديه صلاحيات واسعة جدًا على الأقل حتى يتم التصديق على الدستور الجديد، ويتم انتخاب برلمان جديد لكن الآن وعلى النقيض من الوضع في الماضي، تقف أمام هذه الصلاحيات الرئاسية صلاحية جديدة هي صلاحية الشارع. وأضافت: "قرار مرسي بإقالة عبد المجيد محمود النائب العام والذي عين خلال فترة مبارك ويعتبر مسئولاً عن تبرئة الكثيرين من المسئولية عن قتل الثوار قوبلت بالتعاطف، مرسي اعتمد على أن النائب العام يشغل منصبه 4 سنوات منذ تعيينه، وعبد المجيد محمود يعمل في وظيفته منذ 6 سنوات، وبتلك الطريقة استطاع مرسي أن يلتف حول الحكم الدستوري الذي بموجبه لا يتم تعيين أو إقالة النائب العام من قبل رئيس الجمهورية، فالنائب ببساطة أنهى فترة وظيفته. وأضافت الصحيفة "لكن إذا كان إقالة محمود وتعيين طلعت إبراهيم في هذا المنصب الهام تعتبر خطوة حظيت بالشعبية، إلا أن قرار إعادة محاكمة كل المسئولين عن قتل المتظاهرين، والمقصود المسئولين الذي تمت تبرئتهم على يد القضاء، هذا القرار لم يكن له نفس النتائج، فمواطنو مصر وبواسطة الحركات الاحتجاجية تطلب منهم الأمر فترة طويلة لتطهير البلاد من بقايا النظام السابق واعترضوا على التلكؤ في تقديم المسئولين عن قتل المتظاهرين للمحاكمة. وذكرت أنه في الأسبوع الماضي تم تنظيم مظاهرات عنيفة في شارع محمد محمود في الذكرى السنوية للاشتباكات مع رجال الشرطة، واعتقد مرسي أن قرار إعادة محاكمة المسئولين ستهدئ المتظاهرين وستكون نقطة لصالحه، لكن جاءت الضربة عندما حدد الرئيس المصري أن كل قراراته منذ توليه منصبه لا تخضع للطعن قضائيًا، وذلك حتى يتم التصديق على الدستور الجديد وينتخب برلمان جديد. واختتمت تقريرها بالقول إن مرسي دخل في مسار تصادم مع الحركات الليبرالية والعلمانية ومع القضاة والمحامين وكل من يهتم ويخشى على توازن القوى السياسية في مصر، لافتة إلى أن إعطاء نفسك صلاحيات تشريعية ووضع نفسك فوق القضاء أي فوق القانون، هذا يعد خطوة مبالغ فيها وفرعونية جديدة كما عبر عن ذلك خصوم مرسي. وقالت إن مرسي من جانبه غضب على ما أسماه تلكؤ لجنة صياغة الدستور، وهذه اللجنة تعاني من الوزن الزائد لرجال الإخوان المسلمين والتيارات الدينية، مضيفة أن مرسي الذي يريد إنهاء عملية صياغة الدستور المعقدة، وعرض المسودة لاستفتاء شعبي يخشى من حل الجمعية التأسيسية من قبل القضاء، كما يريد الحفاظ على التشكيل الحالي لمجلس الشورى والذي غالبيته من الحركات الدينية، وذلك بعد قيام القضاء بحل مجلس الشعب. وأشارت إلى أنه للوهلة الأولى فإن تلك نوايا مرغوب فيها والهدف منها التسريع ببناء المؤسات التشريعية المصرية، ومنح البرمان الجديد صلاحياته ومنح مصر دستورا جديدا بروح الثورة، كما يقول مرسي، لكن عندما يتم تطبيق النوايا الطيبة بواسطة أساليب النظام القديم، والتي تهدد بإفراغ صلاحيات القضاء من محتواها، فإن ميدان التحرير تم بعثه، والأن مرسي ملزم بأن يتخذ قرارا؛ إما الانسحاب المهين أو جلب كارثة سياسية على جماعة الإخوان المسلمين.