هدنة مع الأمن حتى تشييع جنازة "جيكا".. وإقامة أول منصة بالميدان.. الصحفيون ينضمون للاعتصام.. ولافتات ترفض دخول الفلول واصلت القوى والحركات الثورية اعتصامها لليوم الثالث على التوالي داخل ميدان التحرير، حيث احتشدت وسط حديقة الميدان وأسفل العقارات المواجهة للمتحف المصري، وبجوار سور مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، وذلك لرفض الإعلان الدستوري المكمل الذى أصدره الرئيس مرسى نهاية الأسبوع الماضى، والمطالبة بحل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور وإعادة تشكيلها بتوافق وطنى، وإقالة حكومة قنديل وتطهير وزارة الداخلية. وأكد المعتصمون استمرارهم لحين تحقيق باقي مطالبهم، المتمثلة في إلغاء الإعلان الدستوري الأخير ، ورفض تحصين قرارات رئيس الجمهورية خاصة فيما يتعلق بمصير الجمعية التأسيسية للدستور ومجلس الشورى، مؤكدين في الوقت نفسه أنهم مع مبدأ إقالة النائب العام ولكن بالشكل الذي يحدده القانون وليس من قبل رئيس الجمهورية. وعلى جانب آخر، تزايدت حدة العنف والاشتباكات مع قوات الأمن في شارع سيمون بوليفار وقصر العيني، حيث انتشرت آثار القنابل المسيلة للدموع ودخان حريق إطارات السيارات ما تسبب فى رداءة الرؤية في هذه المناطق. وشهد ميدان التحرير مساء أمس الأحد عدة فعاليات نظمتها القوى المعتصمة في الميدان للمطالبة بإلغاء الإعلان الدستوري الجديد، بدأتها بمسيرات تردد مطالب المعتصمين وتلاها عرض لأفلام تسجيلية عن ثورة 25 يناير بالقرب من خيمة حزب "المصريين الأحرار"، كما شهد الميدان عروضًا فنية وغنائية لإبداعات الثورة. فيما نصبت القوى والحركات الثورية المعتصمة بالميدان منصة كبيرة بجوار تمثال عمر مكرم، للإعلان عن مطالبهم. وأكد عصام الشريف، المنسق العام للجبهة الحرة للتغيير السلمى، أنه لن يكون هناك توافق وطنى قبل إسقاط الإعلان الدستورى، مشيرا إلى أن دعوة الرئيس محمد مرسى للقاء القوى الوطنية مبالغة ليظهر أن هناك ديمقراطية داخل مصر، مع أنه مازال يمارس استبداده السياسى بامتلاكه السلطة التنفيذية والتشريعية والآن يتغول على السلطة القضائية، لفرض مشروعه الاستبدادى، مؤكدًا أن القوى المدنية ستواصل اعتصامها داخل الميدان حتى إسقاط الإعلان الدستورى. ووزع اتحاد شباب الثورة بياناً حصلت "المصريون" على نسخة منه مساء الأحد بميدان التحرير لرفض الإعلان الدستوري، مطالبة الرئيس باستقلال القضاء وعدم إهانته وإقالة حكومة قنديل، وإعادة انتخاب الرئيس بعد الانتهاء من الدستور وإلغاء الجمعية التأسيسية وتشكيلها بالتوافق مع كل طوائف الشعب، وإسقاط ديون مصر الخارجية وإلغاء منصب وزير الإعلام، والإعلان عن حد أدنى للأجور، بما يحقق العدالة الاجتماعية، وإعادة محاكمة رموز النظام السابق. فيما انضم إلى صفوف المعتصمين بالتحرير حزب الحق واتحاد شباب الثورة وحزب مصر الثورة والتجمع الوطنى الوحدوى التقدمى، الذين نصبوا خيامهم بجوار خيام القوى المدنية فى أنحاء متفرقة من الميدان. ورفع المعتصمون أعلى خيامهم لافتات كتبوا عليها: "الجماعة والعنصرية صناعة إخوانية، مصر مقبرة الإخوان، امسك إخوان، يسقط الشاويش والدرويش، ندعم استقلال القضاء والمحكمة الدستورية العليا، حل الجمعية التأسيسية وإعادة تشكيلها، وإقالة حكومة قنديل وتطهير الداخلية". وانضم أيضًا إلى صفوف المعتصمين عدد من الصحفيين من الصحف المختلفة اعتراضًا على الإعلان الدستورى المكمل، وحل الجمعية التأسيسية، وإطلاق الحريات النقابية بعد خروج مسيرة من نقابة الصحفيين عقب انتهاء عقد الجمعية العمومية. وقام المعتصمون بجلب الرمال بجوار الصينية الوسطى للميدان لبسطها على أرضيتها لحمايتهم من المياه والحفاظ على نظافة المكان. فيما قامت قوات الأمن المركزى المتواجدة بشارع قصر العينى بإقامة حاجز خرسانى أمام المجمع العلمى، لعدم تجدد الاشتباكات ووضع فاصل بين قوات الأمن المتمركزة داخل شارع مجلس الوزراء، بلغ طوله 7 أمتار تقريبًا، بعدما شهد الشارع حالات من الكر والفر بين المتظاهرين وقوات الأمن خلال الأيام الماضية. وفى الساعات الأولى من صباح اليوم الاثنين، قام رئيس الحزب المصرى الديمقراطى الدكتور محمد أبو الغار بزيارة المعتصمين داخل ميدان التحرير، الذى أكد سلمية الاعتصام، وأنه لا تفاوض مع الرئاسة إلا بعد إسقاط الإعلان الدستورى، مشيرًا إلى أن هذه الزيارة جاءت طبقًا لقرار جبهة الإنقاذ الوطنى بزيارات القيادات بشكل دورى للميدان والاطمئنان على المعتصمين. كما نظم الفنانون مسيرة حاشدة على رأسها الفنان سامح الصريطى والفنان توفيق عبد الحميد جابت أرجاء ميدان التحرير مساء الأحد، وردد المشاركون عدة هتافات مثل: "الشعب يريد إسقاط النظام".. "الشعب يريد محاكمة الرئيس".. "الشعب يرفض قرار الرئيس".. "يا بلتاجى قول لبديع دي ثورتنا ومش هضيع".. "مدنية مدنية مش عاوزينها وهابية"، كما رددوا الأغانى الخاصة بالأولتراس والمعادية للأمن والداخلية. يأتى هذا فى الوقت الذى استمرت فيه الاشتباكات بشكل متقطع بين عدد من المتظاهرين وقوات الأمن فى شارع عمر مكرم بالقرب من السفارة الأمريكية، وبعد الساعة الواحدة صباحًا انتشر 50 عضوًا باللجان الشعبية على مداخل الميدان، لتفتيش الوافدين تحسبًا لدخول أى عناصر مندسة، ولم يسمحوا بدخول أى شخص سوى حاملى بطاقة تحقيق الشخصية، وتم تحويل حركة السيارات من أمام المتحف المصرى إلى شارع قصر النيل، وأمام الجامعة العربية إلى كورنيش النيل، وكذلك من شارع قصر العينى إلى منطقة جاردن سيتى. وفى الساعة الثانية صباحًا، أذاعت المنصة الرئيسية خبر وفاة جابر صلاح، عضو حركة شباب 6 إبريل الشهير ب"جيكا"، متأثرًا بإصابته بطلقات خرطوش فى أحداث شارع محمد محمود الثانية داخل مستشفى قصر العينى، وذلك بعد خمسة أيام من إصابته. كما رفع المتظاهرون لافتة كبيرة وسط الميدان، تطالب بعدم دخول الفلول كتبوا عليها: "المجد للشهداء.. الفلول والثوار يقولون نفس الكلام؛ لكن يجب ألا يختلط الأمر.. الثوار ضد الإخوان من أجل الثورة.. والفلول ضد الإخوان من أجل السلطة.. لا يلتقيان". وكتبوا على لافتة كبيرة: "نرفض وجود الفلول عبيد مبارك وشفيق والمجلس العسكرى.. لن يدنس الميدان بمن قبلوا قتل الثوار.. "تحذير: الطرد فى انتظار هؤلاء إذا حاولوا تدنيس الميدان.. وهم "أحمد شفيق، محمد أبو حامد، مرتضى منصور، مصطفى بكرى، أحمد الزند وعبد المجيد محمود". وفى الساعة الثالثة ونصف صباحًا، تجددت الاشتباكات مرة أخرى بين قوات الأمن والمتظاهرين فى محيط السفارة الأمريكية، بعد قيام البعض باستفزاز قوات الأمن المكلفة بتأمين السفارة وإلقاء المولوتوف والحجارة على الجنود، ما أدى إلى إطلاق الغازات المسيلة للدموع وطلقات الصوت باتجاه المتظاهرين، ومطاردتهم داخل شارع عمر مكرم وسط حالة من الكر والفر، فيما أصيب العديد من المتظاهرين بحالات إغماء واختناقات نتيجة كثافة الغازات. وفى الساعة الرابعة، توقفت الاشتباكات تمامًا فى محيط السفارة الأمريكية، وذلك بعد عقد هدنة مع قوات الأمن، لحين تجهيز جنازة الشهيد جابر صلاح الذى وافته المنية، والإعلان عن تشييع جثمانه من مسجد عمر مكرم عصر الاثنين، وقامت المنصة الوحيدة بالتحرير ببث القرآن الكريم، حِدادًا على روح الشهيد"جيكا"، وطالب القائمون على المنصة المعتصمين بارتداء الأرواب البيضاء فى جنازة الشهيد. وفي الصباح، ساد الهدوء الميدان، وانصرف المتظاهرون إلى منازلهم بعد قضاء يوم شاق من الهتافات والاشتباكات، وانخفضت أعداد المتظاهرين، وانصرف البعض الآخر إلى خيامهم لأخذ قسط من الراحة لبداية يوم جديد.