البورصة المصرية تخسر 90 مليار جنيه في ختام تعاملات الثلاثاء    بنك مصر يرعى الاتحاد المصري للتنس للعام الخامس على التوالي    أستاذ جامعي: إصلاح التعليم يتطلب تخفيض أعداد المقبولين بكليات الآداب والحقوق والإعلام والتجارة    خلال زيارتها لمصر.. مايا مرسي تستقبل قرينة رئيس دولة البوسنة والهرسك    هل تنخفض أسعار المقررات التموينية خلال مايو ؟.. «التموين» تُجيب    توريد 77283 طن قمح في كفر الشيخ    رئيس وزراء مصر وبيلاروسيا يشهدان مراسم توقيع اتفاق بين البلدين لتعزيز نظام التجارة المشتركة    الرئيس السيسي يستقبل أمير الكويت اليوم    استشهاد «حسن».. سائح تركي يطعن جندي إسرائيلي في القدس (التفاصيل)    مقتل خمسة أشخاص وإصابة العديد الآخرين جراء الفيضانات بولاية «جامو وكشمير»    وزير التعليم ومحافظ القاهرة يفتتحان المعرض السنوي وورش عمل طلاب مدارس التعليم    «بكاء ومشادة».. مفارقة مورينيو تهدد صلاح بالرحيل عن ليفربول    بطولة إفريقيا للكرة الطائرة.. «سيدات الأهلي» يواجه سان دوني    الإسماعيلي يزف بشرى سارة للاعبيه قبل مواجهة الأهلي    مصرع شخص دهسه قطار الصعيد في أبوقرقاص بالمنيا    الأرصاد تكشف حالة الطقس المتوقعة اليوم وموعد ارتفاع درجات الحرارة    توقعات برج الثور في شهر مايو 2024: تحديات ومشكلات على كافة الأصعدة    إحالة حرامي الهواتف بالموسكي للمحاكمة    مدبولي: العلاقات الوثيقة بين مصر وبيلاروسيا تمتد في جميع المجالات    رئيس "كوب 28" يدعو إلى تفعيل الصندوق العالمي المختص بالمناخ    19 منظمة حقوقية تطالب بالإفراج عن الحقوقية هدى عبد المنعم    تقرير حقوقي يرصد الانتهاكات بحق العمال منذ بداية 2023 وحتى فبراير 2024    أسعار السمك والمأكولات البحرية بسوق العبور اليوم الثلاثاء    فالفيردي: جاهز لمواجهة بايرن ميونيخ    القيعي: يجب تعديل نظام المسابقات.. وعبارة "مصلحة المنتخب" حق يراد به أمور أخرى    عضو إدارة الأهلي: دوري الأبطال ليس هدفنا الوحيد.. ونفقد الكثير من قوتنا بدون جمهورنا    جهاز مشروعات التنمية الشاملة ينظم احتفالية لحصاد حقول القمح المنزرعة بالأساليب الحديثة    بلينكن يتوجه للأردن لبحث سبل زيادة المساعدات إلى غزة    رئيس الوزراء الفلسطيني: لا دولة بدون قطاع غزة    تتزعمها سيدات.. مباحث الأموال العامة والجوازات تُسقط أخطر عصابات التزوير    أول بيان من «الداخلية» عن أكاذيب الإخوان بشأن «انتهاكات سجن القناطر»    وفد شركات السياحة المصرية بالسعودية يكشف تفاصيل الاستعداد لموسم الحج    "بحبها مش عايزة ترجعلي".. رجل يطعن زوجته أمام طفلتهما    مساعد وزير الخارجية الأسبق: الجهد المصري لا يتوقف لتهدئة الأوضاع في غزة    طرح فيلم "أسود ملون" في السينمات السعودية .. الخميس المقبل    رئيس جامعة المنيا يفتتح معرض سوق الفن بكلية الفنون    مستشار زاهي حواس يكشف سبب عدم وجود أنبياء الله في الآثار المصرية حتى الآن (تفاصيل)    ساويرس يوجه رسالة مؤثرة ل أحمد السقا وكريم عبد العزيز عن الصديق الوفي    لحظة إشهار الناشط الأمريكي تايغ بيري إسلامه في مظاهرة لدعم غزة    الصحة: الانتهاء من مراجعة المناهج الخاصة بمدارس التمريض بعد تطويرها    كيف علقت "الصحة" على اعتراف "أسترازينيكا" بوجود أضرار مميتة للقاحها؟    عشان تعدي شم النسيم من غير تسمم.. كيف تفرق بين الأسماك الفاسدة والصالحة؟    "البيئة" تطلق المرحلة الثالثة من البرنامج الوطني لإدارة المخلفات الصلبة    رئيس جامعة بنها يفتتح معرض الزهور الأول احتفالا بأعياد الربيع    المهندسين تبحث في الإسكندرية عن توافق جماعي على لائحة جديدة لمزاولة المهنة    ميدو يعلق على الجيل الجديد في كرة القدم    رئيس اللجنة العلمية لمكافحة كورنا يحسم الجدل بشأن حدوث جلطات بعد تلقي اللقاح    دعاء آخر أسبوع من شوال.. 9 أدعية تجعل لك من كل هم فرجا    أقدس أيام السنة.. كيف تحتفل الكنيسة الأرثوذكسية بأسبوع آلام السيد المسيح؟    «الثقافة» تطلق النسخة السابعة من مسابقة «أنا المصري» للأغنية الوطنية    طلاب النقل الثانوى الأزهرى يؤدون امتحانات التفسير والفلسفة والأحياء اليوم    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    ألقوه من فوق مبنى.. استشهاد فلسطيني على يد قوات الاحتلال في الضفة الغربية    مساعد وزير الصحة: قطعنا شوطًا كبيرًا في تنفيذ آليات مواجهة تحديات الشراكة مع القطاع الخاص    هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟ الإفتاء تجيب    موعد عيد شم النسيم 2024.. حكايات وأسرار من آلاف السنين    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لي نصيباً في سعة الأرزاق وتيسير الأحوال وقضاء الحاجات    أخلاقنا الجميلة.. "أدب الناس بالحب ومن لم يؤدبه الحب يؤدبه المزيد من الحب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صحف الحكومة تروج لسيناريوهات فوضى إذا غاب مبارك عن الحكم .. ومطالبة القوات المسلحة بالتدخل لمنع حدوث ذلك .. تحذيرات من أن نجاح مبارك قد يكون نقطة البداية لوصول الإخوان إلى الحكم .. ودعوة البابا شنودة بألا يختم حياته بالعمل كمخبر للنظام
نشر في المصريون يوم 24 - 08 - 2005

استمرت صحف القاهرة اليوم في تغطيتها الموسعة للحملات الانتخابية لمرشحي الرئاسة ، وكان لافتا في صحافة اليوم أن لهجة الهجوم أصبحت أكثر عنفا وحدة ، كما أن العديد من الكتاب أصبحوا يتعاملون على طريقة " من ليس معنا ، فهو ضدنا " . أعنف انتقادات اليوم كانت من نصيب البابا شنودة بطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ، حيث وصفه البعض بأنه " مخبر علني " بسبب تحريضه للنظام على البطش بالمعارضين ، وأمتد الأمر لمطالبة الرجل بألا يختم حياته بالتحول إلى مخبر ومحرض على حبس الصحفيين ، وقد فسر البعض تأييد شنودة المطلق للرئيس مبارك بفقدانه لورقة الدعم الأمريكي ، التي كان يستخدمها للضغط على النظام لتلبية مطالبه . الهجوم أمتد ليشمل كذلك جماعة الإخوان المسلمين ، التي بات هناك توافقا بين العديد من المحللين على أنها تعيش حالة من الارتباك والتذبذب ، وقد أعتبر البعض أن حالة الانفتاح السياسي التي تشهدها مصر قد تؤدي ، حال ترسخها ، إلى تلاشي أي دور أو تواجد للإخوان ، باعتبار أن الجماعة بنت دورها على المزايدات والصفقات السرية ، وهو ما سيختفي مع ترسخ التعددية السياسية . صحف اليوم شنت أيضا هجوما بالمدفعية الثقيلة على نظام الرئيس مبارك ، حيث وصفه البعض بالنظام الفرعوني المباركي ، وشبه تحالفه مع رجال الأعمال بتحالف فرعون موسى مع هامان وقارون ، بل أن البعض رأي في نجاح مبارك في الانتخابات المقبلة بداية لمأساة سياسية قد تعاني منها مصر ، حيث إن هذا النجاح قد يغلق أبواب الأمل أمام الحالمين بديمقراطية حقيقية ، ويدفعهم إلى اللجوء إلى وسائل عنيفة للتغيير . وفي مقابل ذلك ، فإن الصحف القومية واصلت دفاعها المستميت عن الرئيس مبارك ، ووصل الأمر لرسم سيناريوهات لحالة من الفوضى قد تعم مصر في حالة هزيمة الرئيس مبارك في الانتخابات ، ولم يجد البعض حرجا في مطالبة القوات المسلحة بالتدخل لمنع وصول إي مرشح غير مبارك للحكم ، قائلا " إن الواجب الوطني لقواتنا المسلحة ومسئولياتها في حماية الوطن تقتضي ألا تسمح بتسليم أمانته لغير الشخص الجدير بالثقة والشديد الإخلاص لترابه‏ ".‏ وننتقل إلى التفاصيل حيث المزيد من الرؤى والتعليقات نبدأ جولتنا اليوم من صحيفة " المصري اليوم " المستقلة ، حيث يبدو أن الهجوم على البابا شنودة بطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ، قد وصل إلى مرحلة غير مسبوقة ، إذ كتب حسنين كروم يقول " هذا مخبر علني ورب موسى وعيسى ومحمد عليهم جميعا أفضل الصلاة والسلام ، ذلكم هو في رأيي البابا شنودة .. بعد أن قرأت مقاله المنشور في ملحق أهرام الثلاثاء 16 من الشهر الحالي في باب " شهادات عن قرب " ، وأعلم أن هناك من سيخالفني رأيي ومن سيستنكره ، لكن الباب في هذا المقال لم يكتف بما كتيبه من قبل عندما هاجم معارضي الرئيس مبارك وقيام بفبركة إنجازات عن أزهي عصور الديمقراطية ، وحول نفسه إلى زعيم سياسي لحزب ديني أرثوذكسي يدخل في تحالفات علنية مع الحزب الوطني ، ويقوم فيها الكنيسة علنا بالتنسيق مع أمانات الحزب في المحافظات بتعليمات منه ، وإنما طالب بإنزال العقاب بصفته عضوا في نقابة الصحفيين بزملائه الذين اتهمهم بالتطاول على الرئيس واتهمهم بمخالفة ميثاق الشرف الصحفي ، واستولى لنفسه على منصب المعبر الوحيد عما يخطط له فعلا الرئيس مبارك بعد إعادة انتخابه ، ولا يعلمه جميع أعضاء فريق حملته الانتخابية ، وينسف ما تعهد به في برنامجه من التوسع في الحريات الديمقراطية ، بأن أشار البابا إلى أن ساعة تصفية الحساب مع معارضيه اقتربت " . وأضاف كروم " لقد قلت من قبل في هذا المكان أن البابا شنودة يفقد أعصابه تدريجيا بعد أن فقد ورقة الضغط الأمريكي ضد النظام وتحولت لتكون أداة ضد النظام وإرغامه على التعامل مع المعارضين بتحضر والتوسع في الديمقراطية وأصبح الأمريكيون والأوروبيون – أي العالم المسيحي كله – ينادون بحق التيارات الإسلامية المعتدلة في تكوين أحزابها والوصول إلى الحكم والتعامل معها ، وبالتالي بدأ البابا يفقد مكانته كزعيم سياسي مسيحي يستند إلى قوة العالم المسيحي ، ولهذا لم يكن غريبا أن يقف وشيخ الأزهر والمفتي وباقي وعاظ السلاطين وقادة المذاهب المسيحية الأخرى في صف واحد مع النظام وهو ما يعيد التأكيد على حقيقة أن المصالح هي الحاكمة لا الدين في تحديد مواقف القوى السياسية . على كل الذنب ليس ذنب البابا وإنما ذنب ذلك النظام الذي أوصل بلادنا إلى هذه المهانة ، بحيث تحول شيخ الأزهر المفتي وعددا من علماء الإسلام ورؤساء الكنائس في مصر إلى قادة سياسيين يهاجمون معارضيه ويتهمون تارة بالكفر وتارة أخرى بمخالفة ميثاق الشرف الصحفي ، ومع ذلك فهناك نقطة إيجابية في هذه المهزلة ، وهي أنها أعادت الوحدة الوطنية بين المسلمين والأقباط ، كما أن فقدان البابا شنودة الورقة الأمريكية وضع نهاية لشكوى الأقباط من النظام ولم نعد نقرأ شيئا عن مطالب بعضهم مثل أن تكون لهم نسبة من 10 إلى 15 % من المناصب الوزارية وعضوية مجلسي الشعب والشورى بحسب عددهم بالنسبة لأشقائهم من المسلمين . واختتم كروم مقاله بالقول " نصيحة أخيرة للبابا شنودة وهي : لا تختم حياتك بالتحول إلى مخبر ومحرض لحبس المعارضين وإغلاق الصحف وكان من الأفضل أن تؤيد الرئيس مبارك كما تريد ثم تطالبه بإطلاق سراح الآلاف من المعتقلين دون أي ذنب منذ أكثر من عشر سنوات بتهمة الشك في أنهم يحملون أفكارا إسلامية متطرفة لتنهي بذبك أي حساسية طائفية وتجعل من مطالبك مطالب للمسلمين قبل الأقباط " . نترك كروم وهجومه الطاحن على البابا شنودة ، ونتحول إلى صحيفة " روز اليوسف " الجديدة ، التي سخر بلال فضل في صحيفة الدستور من شعارها " حرية على مستوى المسئولية " قائلا إنها " حرية على مستوى المسئولين " ، على كل حال ، فان الصحيفة شهدت هجوما عنيفا شنه محمد هاني على جماعة الإخوان المسلمين ، قائلا " الإخوان في مأزق .. المجال الحيوي الذي تنتعش فيه حركتهم وتروج أفكارهم .. الذي يتمكنون فيه من ممارسة التحريض والتهييج والإثارة الدينية .. يتقلص . هم يعلمون ذلك جيدا الآن ، وإن لم يعترفوا به ، فعندما تتحاور الأحزاب وتتفاعل القوى والتيارات السياسية علانية ، عندما تستطيع الأصوات المعارضة أن تصل إلى شاشة تلفزيون الدولة وصفحات الجرائد القومية ويشعر الناس أن أمامهم في العاصمة والأقاليم برامج سياسية مختلفة ووجوها واُصواتا عديدة ولافتات انتخابية ترد على بعضها البعض .. عندما يكتشفون أن السياسة ليست هي فقط الرئيس والحكومة والحزب الوطني وأن السياسيين ليسوا هم فقط الوزراء وأن المظاهرات ليس معناها أن البلد ينفجر . عندما يحدث كل هذا الآن ، فإن مساحة المزايدات تتضاءل وفرصة الصفقات والتحالفات السرية تقل .. يخرج الشارع المصري تدريجيا من إحباطه وغيبوبته ولا مبالاته .. يتخلص تدريجيا من حالة التنويم الديني والسياسي المغناطيسي .. يستيقظ عقله ويسأل " . وأضاف هاني " الإخوان في البيان الذي أصدروه حول موقفهم من الانتخابات الرئاسية بدوا مرتبكين .. تائهين .. متناقضين .. العبارات الإنشائية التي صدروها حول إثم كتمان الشهادة ومسئولية إعلانها ، وبالتالي وعدهم لجماهيرهم بالمشاركة في التصويت في الانتخابات الرئاسية تدفع الجماهير لسؤال بسيط : لماذا إذن قاطع الإخوان الاستفتاء على تعديل المادة 76 من الدستور ؟ ألم كن هذه أيضا شهادة من يكتمها آثم قلبه . ويعلن الإخوان في بيانهم أن أحدا من مرشحي الرئاسة العشرة لن يحصل على "صكوك البركة الإخوانية التأييدية " ويحذرون من التصويت لفاسد ويقول مرشدهم إنه يستحيل أن يعطي صوته لمبارك بسبب ممارسات السلطة ضد الجماعة . وفي تقديري أن أصعب ما تعرض له الإخوان هو ما يحدث الآن ، فالمناخ السياسي الذي بدأ يتشكل حاليا في إطار من الحرية يكشفهم ويضعهم في حجمهم الحقيقي الذي هو أقل بكثير مما يروجون له " . ننتقل إلى صحيفة " الدستور " المستقلة ، حيث واصل رئيس تحريرها إبراهيم عيسى هجومه الكاسح وانتقاداته العنيفة لنظام الحالي ، واصفا مبارك ب " الفرعون " ، ورجال الأعمال الذين يؤيدونه ب " قارون " ، ويقول عيسى " الحاصل أننا الآن أمام فرعون يحكم ومعاونه قارون وهامان ، أنظر ماذا يفعل المليونيرات وأصحاب المال والفلوس ورجال الأعمال لحسني مبارك من مبايعات وتمويل وإعلانات ودعايات لتعرف أنه لا يوجد فرعون في العالم بدون قارون ، الممول والمستفيد من نفوذ فرعون وقراراته وقوانينه وتسهيلاته وقروضه ، قارون العصري الذي يشتد وجوه ويرتفع حضوره في عالم السياسة والانتخابات الرئاسية ، قارون وقد تم فكه بقارونات صغيرة يدعمون حكم الرجل الذي يمكن إذا سقط أن تسقط معه دولتهم المالية وثراؤهم المتضخم واستقلالهم المتوحش واحتكارهم المنتفخ .. ومن ثم فإن قارونات الاقتصاد المصري هم أكثر الناس مصلحة في إمداد مبارك بالمال والدعم والتبرع حتى تبقى هذه الدولة الفائدة التي يرتع فيها أصحاب المال وحزب الساحل الشمالي ونادي المليارديرات . إن الفساد – كما يعرف خبراء الاقتصاد – طارد للرأسمالية الحقيقية وجاذب ومرتع خصب للرأسمالية الفاسدة المتسلقة المنتفعة بالرشوة والسمسرة والتلاعب بالقوانين والتقسيم مع الساسة ورجال الدولة ، انظر كم أبن مسئول ، سواء رئيس أو وزير يعمل شريكا أو وسيطا لملياردير أو رجل أعمال ؟ تأمل تحالفات المال والسياسة في لمصر لتثق أن قارون هو ذراع فرعون اليمني " . ومضى عيسى في هجومه العنيف على تحالف الساسة ورجال الأعمال " أنه لابد لفرعون من هامات ، الكاهن الذي يتاجر بالدين والمعرفة والكلمة حتى يستمر حكم فرعون أبديا ونهائيا وسرميدا ووراثيا ، وهامان عصر الفرعون المباركي هم رجال الدين والإعلام والثقافة . والحقيقة أن مبارك نجح بالفعل – عبر 24 عاما – من إدخال كثير من المثقفين إلى حظيرته " النهيق والنعيق " الرائحة العطنة أقل سوءات هذه الحظيرة " ، فضر عن اختراق جهاز أمن الدولة للعمل الصحفي بشكل مروع ومذهل ، فعلى مدى عمري الصحفي – 21 عاما – شاهدت وشهدت على أكبر عملية اختراق مباحثي وأمني للصحافة المصرية نجح خلالها جهاز أمن الدولة في السيطرة على مقاليد الصحافة في معظم مؤسسات الصحف الحكومية وغير الحكومية ، وصار اتهام الصحفي بأنه مباحث شرفا يقربه من المسئولين ويصعد به إلى قمة قيادة المؤسسات الصحفية ، ولا شك عندي أن حالات التجسس وكتابة التقارير والتتصت على الصحفيين من زملائهم كانت الأوسع والأفدح ، وتمكن فرع الصحافة في أمن الدولة من اختراق الصحافة تماما ونجحوا في وضع رجالهم – وهم كثيرون – في مقاعد السلطة والنفوذ وأداروا من خلالهم أبشع عملية غسيل مخ للمواطن المصري " . وحذر عيسى من أن " النجاح القادم لمبارك سوف ينتهي بمأساة سياسية للوطن . كيف ؟ سينتهي أمل قطاع مهم من المجتمع المصري – ولو كان ضئيلا ولو كان ضعيفا – في قدرة الديمقراطية على التغيير السلمي وسوف يكفر الناس بالديمقراطية ويعتبرونها فيلما ومسرحية وضحكا على الذقون ومن ثم يتم استبعاد الحلم الديمقراطي من الوعي الوطني . وسيبرز إحساس هائل باليأس عند أفراد وتيارات وجماعات – ليست بالضرورة جماعات دينية – بأن العنف هو البديل وأن مواجهة هذا النظام الغاشم الذي يسعى للتأبيد في الحكم عبر مبارك أو توريث الحكم – عبر ابنه جمال – لا يمكن مقاومته بالديمقراطية السلمية بل لابد من السلاح السري ويشرع البعض في حفر " أقبية " للعمل السياسي تحت الأرض وكل ما هو تحت الأرض يلجأ دائما إلى العنف والدم . ومع انسحاب الأمل في التغيير السلمي الديمقراطي سيتجه الكثيرون من راغبي التغيير إلى الرهان على التيار الإسلامي والذي ستكون ساعتها جماعة الإخوان المسلمين هي أخف الأضرار وأقل الخسائر تحول دون اللجوء إلى جماعات التكفير الديني والتخوين السياسي والاغتيال الدموي ، ومن ثم يكون النظام – الذي عاش للحرب ضد الإخوان – هو أقوى مورد للجماعة من كوارد وأنصار ولاجئين يائسين " . هذا الهجوم الكاسح على النظام الحاكم ، وجد دعما ومساندة من عبد النبي عبد الستار في صحيفة " الغد " المعارضة ، الذي لفت إلى أنه " يتردد أن الرئيس مبارك تلقى تقريرا سريا الأسبوع الماضي من جهاز أمني تابع له يكشف تدني شعبية الرئيس بفعل عوامل الزمن والملل الشعبي وهو الأمر الذي أنعكس على الرئيس ودفعه للتحرك المكثف
في محافظات مصر لإعادة افتتاح المشروعات القديمة . وبدأ الرئيس مبارك في الفترة الأخيرة قلقا ومتوترا وكأنه ينتظر المجهول . والسؤال الآن : هل يمكن أن يتدخل جنرالات التزوير من رموز النظام في حالة وضوح الرؤية مع الساعات الأولي للتصويت يوم 7 سبتمبر المقبل ، والتأكد من صعوبة موقف المرشح محمد حسني مبارك ؟ بالتأكيد سيحاول خبراء التزوير التدخل بكل الوسائل غير المشروعة للحفاظ على فرص رئيسهم في البقاء داخل قصور الرئاسة ، ولكن لن يحدث هذا بسهولة في ظل وجود 13 ألف قاض يشرفون على الانتخابات بكل عدالة ونزاهة وشرف .. في ظل مراقبة دولية معلنة أو غير معلنة من خلال البعثات الدبلوماسية الغربية في القاهرة والمراسلين الأجانب في مصر فضلا عن 22 منظمة حقوقية مصرية ، فإما يستسلم النظام ورموزه للواقع الذي اعتقد أنه سيكون مؤلما أو يتوحش – كعادته – ويتدخل ويهدم المعبد فوق الجميع ويبدأ مرحلة الردة والعزلة الدولية ويضحي بسمعة وطن بحجم مصر ، مهما حاولت الدفعة الجديدة من المنافقين ذكر محاسن الرئيس والتغزل في قسمات وجهه وفلسفة انفعالاته وتحليل قراراته . مهما حاول الجميع الترويج لحسني مبارك يشتي الوسائل المشروعة وغير المشروعة ، فلن ينجح كهنة المعبد وحملة المباخر في سعيهم للوصول بمبارك لفترة رئاسة خامسة إذا تحرك المصريون واقتصوا يوم 7 سبتمبر المقبل ممن أذلوهم وأهدروا كرامتهم وشردوهم وأذاقوهم صنوف العذاب على مدى ربع قرن من الزمان وأعتقد أن يوم 7 سبتمبر هو يوم القصاص للمصريين " . وأضاف عبد الستار " إذا كان رجال الرئيس لديهم الشجاعة الكافية لمواجهة شعب مثر بكافة الحقائق بكل شفافية ، وهو الأمر الذي نشك فيه ، فعليهم أن يعلنوا كم تكلفت حملة الرئيس مبارك الانتخابية ؟ كم مليون جنيه من أموال المصريين أنفقوها على صور الرئيس ، وتجميل الرئيس ، واستعادة شبابه ورفع شعاراته على ملايين الأمتار من الأقمشة مقابل نصف مليون جنيه لباقي المرشحين التسعة . لماذا لا يعلن الرئيس مبارك مصادر تمويل حملته سواء دفعها رجال أعمال يحتمون بنظام مبارك ويحتكرون اقتصاد مصر بمباركة الرئيس أمثال أحمد عز وحسام بدراوي وحسين سالم وغيرهم .. أو دفعها العمال والموظفون إجباريا من حوافزهم .. الشجاعة تقتضي أن يقف الرئيس أمام شاشات التليفزيون ليعلن حجم تكاليف الدعاية الانتخابية له وكم دفع من ماله الخاص مساهمة منه في تمويل حملته ؟ عدم توضيح هذا بسرعة سيؤكد للمصريين أن مبارك مازال يشعر أنه أكبر وأضخم وأرفع قامة ممن يحكمهم وأنه يتعامل مع 72 مليون مصري على أنهم مجموعة من المماليك والصعاليك عليهم أن يمارسوا طقوس الصمت والطاعة وأن يسجدوا لله شكرا أن الرئيس مبارك تنازل ورضي أن يحكمهم " . نبقى في نفس الموضوع ، لكن نتحول إلى صحيفة " الأهرام " الحكومية ، حيث يبدو السؤال الذي طرحه عبد النبي عبد الستار حول ماذا لو انهزم الرئيس مبارك في الانتخابات ، وجد إجابة له عند سيد على ، قائلا " أخشي أن يظن الناس أن الانتخابات الرئاسية محسومة سلفا للرئيس مبارك‏,‏ وبالتالي لا داعي للمشاركة‏,‏ خاصة أن معظم هؤلاء الناس لم يطرحوا السؤال الصادم‏,‏ ماذا لو خسر الرئيس مبارك هذه الانتخابات‏,‏ وفاز بها واحد من المرشحين التسعة؟ هو سيناريو لا يتوقعه واحد في المليون‏,‏ غير أن المنطق العلمي لا يترك شيئا إلا ويضع له كل الاحتمالات‏,‏ والأمم الفتية لا تترك مصيرها للمصادفة‏,‏ ومن هنا فإن السيناريو المتوقع أن يصبح اليوم التالي فوضي عارمة وارتباكا في الشارع والمؤسسات‏,‏ يفترض أن يقدم المحافظون والوزراء استقالاتهم‏,‏ صحيح أن المؤسسات القومية ستظل حارسة للوطن مثل الجيش والشرطة والبنوك والمستشفيات‏,‏ لأن هذه المؤسسات لا علاقة لها بهذا الحزب أو ذاك‏,‏ ولكن ستدخل مصر مرحلة غائمة‏,‏ ربما تكون بدايتها معروفة‏,‏ ولكن يصعب التنبوء بمراحلها ونهايتها‏,‏ وسيحاول الفائز أن يلملم الصدمة بالإفراج عن المعتقلين السياسيين‏,‏ ولكنه لن يستطيع إلغاء حالة الطواريء بدعوى أن الظروف الراهنة لا تسمح بذلك‏,‏ وسيأخذنا أكثر الفائزين جدية دورة زمنية كاملة للخلف‏,‏ وربما يعيدنا إلي نقطة الصفر‏,‏ سيشكل حكومة محايدة‏,‏ وجمعية تأسيسية لوضع دستور جديد‏" . ومضى سيد على في سيناريوه التشاؤمي " سوف تظهر معارضة من نوع جديد من الحركات السياسية الناشئة ينشط عملها في مظاهرات الشوارع‏,‏ وفي ظل هذا الوضع لن يغامر مستثمر واحد بالاستثمار حتى تستقر الأمور‏,‏ وربما يصبح الدولار بعشرة جنيهات‏,‏ وسيتوقف الكثير من المشروعات‏,‏ وسيزداد طابور البطالة‏,‏ وقتها سوف يكتشف الكثيرون أن الأوضاع الراهنة بكل سلبياتها أفضل مليون مرة من هذا السيناريو الرهيب‏,‏ صحيح أن هناك بطالة وفسادا ولكن القادر وحده علي مواجهة هذه الأوضاع هو مرشح الحزب الوطني‏,‏ خاصة أننا نملك الآن أن نحاسبه علي برنامجه بشرط أن تكون البداية بإلغاء كل ما هو استثنائي في حياتنا‏,‏ والتخلص من الوجوه التي تخصم من رصيد هذا البلد أكثر مما تضيف‏ ".‏ وإذا كان سيد على لا يستطيع أن يرى مصر بدون مبارك ، ويتوقع أن تتحول إلى خراب وفوضى إلى خسر في الانتخابات المقبلة ، فان المستشار محمد مجدي مرجان ، اعتبر ، في نفس الصحيفة ، أنه من واجب القوات المسلحة ألا تسمح لغير مبارك بالوصول للحكم ، قائلا " قواتنا المسلحة التي عرفت البطل وحققت معه وبه أعظم الانتصارات والإنجازات حربا وسلما كان طبيعيا أن تبايعه علي فترة رئاسة قادمة لأنها اختبرته وجربته وعايشته أكثر من نصف قرن منذ كان ضابطا صغيرا وطيارا كفئا نشيطا وحتى أعلي مناصبها ثم مسئوليات الحكم وتعلم عنه صدق الكلمة وأن أعماله أضعاف أقواله‏,‏ وتعلم أمانته وعقلانية وحبه وإخلاصه لوطنه وجيشه وأنه لا يقامر بمستقبل أو حياة مواطن أو جندي مهما كانت الظروف‏,‏ ولذلك فإن الواجب الوطني لقواتنا المسلحة ومسئولياتها في حماية الوطن تقتضي ألا تسمح بتسليم أمانته لغير الشخص الجدير بالثقة والشديد الإخلاص لترابه‏.‏ وإذا بعض المعارضين والعملاء بأن القانون يعفي رجال الجيش والشرطة من الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات فإنني أري أن هذا الإعفاء اختياري كما أن هذا القانون صدر قبل تعديل المادة‏76‏ من الدستور وقبل وجود أي انتخابات رئاسية في مصر وكان المقصود به الانتخابات البرلمانية العادية وبالتالي فهو في حاجة الآن إلي التعديل‏ ".‏ وأضاف مرجان " كل القضاة سيشاركون في الإشراف على الانتخابات ولم يتخلف أو يعتذر منهم أحد حتى القلة النادرة التي كانت تزايد لأسباب شخصية عادت لرشدها وأبدت أسفها‏,‏ فالكل يعرف أفضال هذا العهد علي القضاة وبصورة مبهرة يغبطهم الكل عليها حتى تعديل قانون السلطة القضائية ومنح القضاة المزيد من السلطان والمزايا وضعه مبارك في مقدمة برنامجه الانتخابي‏.‏ ولاشك أن حكمة الوزير أبو الليل عميد القضاة وجولاته في كل المحاكم والمحافظات وحواره ومحبته لزملائه وما قدمه لهم في الفترة القصيرة الماضية حققت الكثير وحلت المشاكل وجندت الجميع لخدمة الوطن‏.‏ الرقابة الأجنبية مرفوضة تماما‏,‏ والمطالب بها كمن يطالب بعودة الاحتلال والوصاية علي مصر‏.‏ والحكومة متفرغة لملحمة البناء والإعلام الرسمي محايد وإعلام الآخرين مزايد ومهاجم‏,‏ وهذا عدم تكافؤ وظلم للمرشح مبارك ولكنه راض وسعيد‏ ".‏ ننتقل إلى صحيفة " الوفد " المعارضة ، يبدو أن المنطق الذي يكتب به كل من سيد على ومحمد مجدي مرجان ، قد استفز محمد أمين ، الذي رد قائلا " الناس لا تريد أن تفهم معني كلمة انتخابات، معني ن يترشح رئيس حزب في انتخابات رئاسية.. ولا اقصد بالناس هنا علي كل حال البسطاء أو شرائح معينة من الرأي العام، وإنما الأمر يمتد حتى للصفوة وعلية القوم.. وهؤلاء جميعا لا يريدون أن يصدقوا أننا في انتخابات حقيقة، وان الانتخابات تعني أن كل فريق لديه وجهة نظر خاصة.. قد تصل إلي حد الاحتجاج علي سياسات الطرف الآخر من غير أن تجرحه، أو تمس شخصيته، أو تنال من قدره أمام الجماهير.. فالانتخابات هي احتجاج بالفعل.. فكرة ضد فكرة، وسياسة ضد سياسة، والهدف العبور بالمجتمع كله.. وللأسف هناك من لا يصل إليه هذا المعني حتى الآن، وهناك من لا يصدق ويرتعد ويرتعش.. ثم نتكلم عن الحياد الإعلامي، والفرق بين الخبر والرأي، وقدر المرشحين، وإمكانيات الجميع، وحق الكاتب في النقد دون المساس بمسألة الحياد، وعندما طلب ممثلي الدكتور نعمان مرشح الوفد للرئاسة نشر إعلان بصيغة معينة، قالوا انه إعلان سلبي، وكادت يد البطش تمنعه لولا تدخل جهات اعلي، بل لولا تهديد الوفد بالانسحاب، وكادت تحدث أزمة!! " . وتساءل أمين " لا ادري ما الذي يريده رئيس تحرير أو رئيس تليفزيون من مرشح أيا كان المرشح؟ هل يريد منه أن ينشر تأييدا للمرشح المنافس، هل يؤكد انه سوف يعطيه صوته في الانتخابات.. أم ماذا ينتظر؟ من المؤكد أن العالم يراقبنا ويتابع التجربة المصرية.. وأنها ليست تمثيلية علي أي حال.. وهي بالفعل ليست تمثيلية، وإنما معركة حقيقية، وان كانت غير متوازنة ولا متكافئة، لا من حيث العدد، ولا العدة، ولا الزمان الذي تجري فيه الانتخابات، وهذا هو الرأي الموضوعي، بلا انحياز لطرف دون طرف آخر. ومن هنا فمن الطبيعي أن ينشر مرشح، في حجم وثقل الدكتور نعمان من جهة وحزب الوفد من جهة أخري، رسائل سياسية واجتماعية تتعلق بكثير من القضايا التي تشغل الرأي العام ومنها الموقف من الطوارئ والإصلاح الدستوري، والبطالة والتعليم والصحة، وتدفق رؤوس الأموال.. وتهيئة مناخ الاستثمار.. وهذا ما حدث بالفعل، فلما قال "اتخنقنا". قالوا "لا" إلي هنا والأمور زادت عن الحد.. وقالوا "اخرج من البلد " كما يقول المثل!! ورفضت الأجهزة المعنية نشر الإعلان.. وبعد محاولات نشرته الصحف وامتنع التليفزيون، وهنا قبل الدكتور نعمان، ومرت المسألة، وكان ذكيا للغاية.. لأنه لا يريد أن يتوقف عند كل شىء، وهذه حنكة سياسية منه، خاصة انه يعلم كيف يكون الكر والفر، والسياسة أولاً وأخيرا هي "فن الممكن".. والسياسة كياسة وبطولة أيضا.. ولكن المهم متي تكون الكياسة، ومتي تكون البطولة، والوفد اقدر من يجيد هذه اللعبة!! " . نعود مجددا إلى صحيفة " روز اليوسف " ، حيث وجدت الدعوة للتخلص من الحرس القديم ، مساندة عماد الدين أديب ، الذي طالب وزراء الحكومة من رجال الحرس القديم ، الذين عاصروا مختلف العهود والمراحل ، بان يتمتعوا بالشجاعة الكافية ويقدموا استقالاتهم من مناصبهم ، وقام صاغ أديب نص هذه الاستقالة – الخيالية – على النحو الأتي " السيد رئيس الوزراء المحترم .. تحياتي .. أكتب إليك وأنا اليوم أقوم بمراجعة ضميري المهني والإنساني كوزير مسئول خدم في حكومتكم الموقرة وحكومات سابقة عديدة .. وبعد ما راجعت ظروف عملي والظروف الموضوعية التي تحكم مصر اليوم ، فأنني توصلت إلى قناعة راسخة بأن قواعد اللعبة السياسية قد تغيرت وأن مساحة الحريات قد اتسعت وأن تحديات المرحلة قد تبدلت وأصبح كل شئ يعلن بشكل واضح أننا أمام عصر جديد وتجربة جديدة تماما . لقد كنت شريكا في المسئولية حينما كان الحزب الواحد هو الحاكم ، وكنت مسئولا حينما بدأت المنابر ثم عندما بدأنا تجربة الأحزاب المتعددة . وكنت في الحكم حينما كان الاقتصاد موجها بالكامل ثم حينما أصبح اقتصادا مختلطا أي بين الاشتراكية والاقتصاد الحر ثم عشت زمن الخصخصة بأشكالها المختلفة . ومضى أديب في رسالته " اليوم نحن أمام مرحلة جديدة تحتاج إلى فريق جديد يتصدى لها ، لذلك أتقدم إليكم باستقالتي من مهامي كوزير في حكومتكم الموقرة ، وأجد أن موقفي هذا لا يعبر عن احتجاج أو اعتراض ولا يجب أن يفسر على أنه خلاف أو اختلاف مع أشخاص أو مع سياسات معينة ، لكنني – كما قلت في بداية خطابي – قمت بمراجعة صادقة لنفسي ووجدت أن ضميري المهني ومسئولياتي الأخلاقية تحتم على ضرورة اتخاذ هذا الموقف حتى أخلي الساحة واترك مقعدي لمن هو أجدر به مني . ولمن يستطيع عن جدارة تفهم طبيعة التحديات الجديدة التي تواجهها مصرنا العزيزة " . وهنا انتهي خطاب عماد الدين أديب ، ومن جانبنا نتساءل : ألا يصلح هذا الخطاب أن يكون موجها من رئيس عاصر كل المراحل التي ذكرها أديب في خطابه ، إلى شعبه ، يطلب منهم السماح له بالخلود إلى الراحة بعد نصف قرن قضاها في الحكم ؟ .. مجرد
سؤال . ننتقل إلى صحيفة " الأهرام " ، والتي يبدو أن إدارتها لم تستطع مواصلة الصمت على التقارير التي نشرت مؤخرا حول ملفات الفساد بالمؤسسة ، والتي وصفها البعض بأنها " عملية نهب منظم " ، وقد نشرت الصحيفة بيانا بعنوان " حتى لا تتوه الحقائق " ، جاء فيه " تناولت بعض الصحف مسألة التغييرات الصحفية في غير واقعها والهدف من إجرائها وحاولت استغلال تلك المرحلة الانتقالية بالحديث عن وقائع فساد مالي وإداري بأساليب تجاوزت المصداقية‏,‏ وعمدت إلي التهويل والمبالغة مع السعي إلي التعميم وعدم التحديد‏.‏ الأمر الذي سوف يثير من غير شك اللبس لدي جمهور القراء‏,‏ ويشيع جوا من البلبلة واهتزاز الثقة في قطاع مهم من مؤسسات المجتمع‏.‏ وحتي لا تتوه الحقائق ويكون للمز والغمز اللذين تشتمل عليهما بعض المقالات وهذا الخضم من الشائعات التي يرجف بها المرجفون أثره السلبي‏.‏ فإن إدارة الأهرام وتحريره يؤكدان أن الأمور تسير فيه وفق نظم ولوائح وقوانين راسخة‏,‏ وجميع التصرفات تراقب من قبل المؤسسات الرقابية المختصة‏.‏ التي يأتي علي رأسها الجهاز المركزي للمحاسبات الذي يقوم بمباشرة دوره الرقابي علي التصرفات المالية والإدارية والقانونية للمؤسسة‏,‏ ويقوم بفحصها وإثبات سلامتها ومشروعيتها وتوافقها مع اللوائح والقوانين‏,‏ وتقديم تقاريره إلي كل من الجمعية العمومية والمجلس الأعلى للصحافة‏.‏ ومجلس الشورى‏.‏ وليس من شك أن ذلك الدور الرقابي الذي كان ولا يزال يباشر بمداه الواسع يشهد بسلامة ومشروعية تلك التصرفات بما لا يدع مجالا لأي تشكيك فيها‏.‏ ويضحي كل ما يتردد في هذا الصدد مجرد افتراءات وأكاذيب تفتقر بشدة إلي دليل صحتها‏.‏ ولهذا نود تأكيد أن جميع العاملين بالمؤسسة وعلي اختلاف مسئولياتهم شديدو الحرص عليها‏.‏ وعلي استمرار نجاحاتها وهم بما يقدمونه من جهد مخلص بوسعهم الحفاظ علي مسيرتها بأداء لم ولن تشوبه شائبة‏.‏ ذلك الأداء الذي أثمر عن تعظيم دورها حتى صارت من كبري المؤسسات الاقتصادية في مصر‏.‏ بعد أن كانت ومازالت من أعرقها‏ ".‏ نختتم جولتنا اليوم من صحيفة " المصري اليوم " حيث حذر محمد البرغوتي من خطورة المشروع الذي طرحته الحكومة أكثر من مليون فدان خارج الوادي والدلتا لرجال الأعمال لإقامة مزارع عليه بحق الانتفاع لفترات تصل إلى 90 عاما ، قائلا " في محاولة من جانب الحكومة الحالية للتوسع في استصلاح أراضي جديدة ، تشكلت مؤخرا لجنة وزارية لإدارة الأراضي خارج الوادي والدلتا مهمتها تخصيص مساحات شاسعة تصل في بعض التقديرات إلى أكثر من مليون فدان ، لعدد من شركات الاستثمار الزراعي لإقامة مزارع كبيرة عليها بحق الانتفاع لمدد تتراوح ما بين 50 إلى 90 عاما . والمذهل في الأمر ، أن الحكومة التي خضعت لابتزاز شركات الاستثمار الزراعي ومنحتها الأرض المملوكة للشعب كله ، تمضى قدما وبإصرار فاضح في طريق تدشين " صناعة الجوع " في مصر بموافقتها على تخصيص كل فدان جديد للحاصلات الزراعية الصالحة للتصدير فقط وهو ما يعني أن هذا الأراضي الجديدة التي يتم استصلاحها وزراعتها بقروض من مدخرات المصريين في البنوك ستنتهي بها الحال إلى مجرد حقل مملوك موضوعيا للسوبر ماركت الأوروبي والأمريكي ، لأنه سينتج فقط الحاصلات التي يحتاجها مواطنو هذه البلاد " . وأضاف البرغوتي " وفي الوقت الذي نعرف فيه جيدا ، أن حق الانتفاع للفدان لن يزيد على مائتي جنيه فقط في السنة ، كما أن عوائد تصدير الحاصلات الزراعية لن يستفيد منها إلا أصحاب شركات الاستثمار الزراعي ، يبدو الحال وكأننا نعيد التجربة ذاتها التي كانت سببا رئيسيا في مزيد من إفقار وإفلاس بعض دول أمريكا اللاتينية ، وهي التجربة التي دفعت خبيرا زراعيا من المكسيك إلى إطلاق وصف " إمبريالية الفراولة " على المرحلة التي هجمت فيها الرأسمالية الزراعية على أراضي المكسيك وحولتها إلى حقل منتج لحاصلات التصدير إلى أوروبا وأمريكا ، حتى انتهى الأمر بهذا البلد الفتي إلى كارثة كانت أهم ملامحها : شركات غنية تهرب الأموال إلى بنوك أجنبية وأراض خصبة تطعم أغنياء أوروبا وأمريكا ، وشعب يرسف في أغلال الجوع وعبودية العمل الشاق في مزارع شاسعة مملوكة للدولة أسما ولأباطرة الاستثمار الزراعي فعلا . الأكثر فرغا من ذلك ، هو أن كل خبراء الري في العالم يصنفون مصر حاليا ضمن دول الفقر المائي وبطبيعة الحال ستلجأ الحكومة إلى اقتطاع المياه اللازمة لري أراضي الإقطاعيين الجدد من حصة الزمام القديم في الوادي والدلتا ، كي نصحو قريبا على ملمح إضافي لصناعة الجوع كان سببا في معظم المجاعات التي ضربت العديد من الدول الأفريقية خلال العقود الثلاثة الأخيرة وأصبح مألوفا لكل عدسات تلفزيونات العالم أن ترصد طوابير من الجياع وقطعانهم من الماشية والأغنام النافقة من الجوع ، وهم متحلقون حول الأسوار الشائكة لمزارع الشركات الزراعية عابرة القارات ، التي احتكرت المياه لزراعة مراعيها الشاسعة وتركت أصحاب الأراضي يموتون من الجوع " .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.