هل تلمحه؟ إني أكاد أكذب من شدة الوجدِ أني ألمحه, وهو يهدي بخطاه المهاجرة الحائرين, صلى عليك الله يا علم الهدى, صلى عليك الله يا سيدي, كم أنت تلاقي الطعنات مبتسمًا, وتخرج بالهجير متيقنًا من وعد ربك تعالى. هل تلمحهما؟ وأكاد أكذب من شدة الوجدِ أني ألمحهما, هو و صاحبه, والصاحب الحق من يصدقك, حين تكذبك الدنيا, ويقف بجوارك حين تغادرك الدنيا, فرضي الله عنك أيها الصديق. هل تلمحهم؟ فإني أكاد أكذب من شدة الوجد, أني ألمحهم, وفي الطفولة كانت كراريس الرسم, بأمر المدرس تمتلأ بخيال طفل عن غار بين مكة وطيبة, ينسج العنكبوت خيوطه فيسد بابه, وترقد اليمامة على بيضها, فتنشر السكينة والطمأنينة, و يهرب الطفل ويمر من بين أقدام المشركين, فيتسلل خلال شبكة العنكبوت, ويدخل إليهما, ويتضخم الخيال, فيرى عجبًا. هل رأيت؟ إن الطفل قد رأى قمرًا نائمًا رأسه على رجل الصديق, والحيات تستقبل دمعات أبي بكر وتعافر لتخرج حتى ترى سيد الأولين والآخرين..., يا ناس يا قوم يا كل الدنيا عبر كل التاريخ وكل كل الجغرافيا, ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه: لا تحزن, كيف يا سيدي يكون الحزن والهم والخوف غير مسموح بدخولهم قلب الغار؟ لأن يقيني بالله يقيني, لأن الله معنا. كان الله, ولم يكن شيء, وكان الله معهما, يسمع ويرى, ويصرف عنهما شر وحوش الصحراء التي تطاردهما... درس بسيط, أو قل درس عظيم لو تعلمون: من كان مع الله فلا يحزن. يا حكمة درس ملحمة بث الآهات أمام الغار., هل لنا من حكمتك طيف شذا؟ هل لنا من ذلك النهار المضوأ عطر مسك من فيض عرق المهاجر؟. يا أيها النبي, يا أيها المهاجر, يا أيها المتيقن, يا أيها الذي أحبه, كم نحن مرضى وكم نحن حزانى و كم نحن مهمومون مطاردون. وكم نحن بحاجة لنسمة من بحر يقينك يا نبي. اللهم صلِ وسلم وبارك عليه. وقف موسى على البحر, وخلفه أخطر جيش, فلا مفر, ولا مهرب, الغرق الغرق, هنالك تزلزل بنو إسرائيل, ورجفت أفئدتهم, وهنالك قال موسى عليه السلام قولته الخالدة الحازمة القاطعة, قال: "كلا"... كيف يا نبي الله؟.. "إن معيَ ربي سيهدين" وتعلمون الباقي. والباقي هو الله ونحن عابرو سبيل, و محمد سيد الكونين والثقلين والفريقين من عرب و من عجم. كل سنة وأنتم مهاجرون إلى من إليه الهجرة. [email protected]