الله يخلي المسنجر ووسائل التواصل الاجتماعي، فقد يسرت أشياء كثيرة بشكل مباشر مفتوح بلا حدود، ومن عظيم فضلها أنها تساعدك أن (تفش غلك) مع شخص تثق به، وتعبر عن مكنونات صدرك، (وأرجوك سيدي ألا تتوسع في هذا الباب؛ لأن التكنولوجيا أوسع أبواب انتهاك خصوصيتك، والتجسس على سيادتك: كمبيوترك، وموبايلك، وتليفونك الأرضي، ويِمكِن القلم اللي في جيبك) وقد ظهرت بركاتها في خدمة الأخ أوباما في حملتيه الرئاسيتين، كما ظهرت بقوة في الثورات العربية التي يمتص تأثيرها، ويمتطى ظهرَها شياطينُ الإنس، وأساتذة التآمر، والكيد، حتى يفرغوها من مضمونها، ويسرقوها، ويستعيدوا بمسخها امتيازاتهم وهيمنتهم وقمعهم ووساخاتهم.. وفي دردشة بيني وبين شاب محب لمصر، غيور على أمنها ومصلحتها، سألني عن الخدر الذي يعيش فيه الرئيس مرسي، وحالة التغييب الغريبة والمقلقة المريبة، وأسباب ذلك ومبرراته، فقلت له إنه ليس خدرًا؛ بل ضعفًا وقلة حيلة، على ما أظن، فسيادته فعلًا عاجز.. والقضية صعبة وتحتاج حزمًا وقوة (إن خير من استأجرت القوي الأمين) فقال ببساطة: هو الرئيس وفي يده كل السلطات، فقلت أيضًا ببساطة: نعم هو بمفرده عاجز.. وهل تتصور أن رجلاً طاعنًا في السن كمبارك كان سبع البرمبة؟ كان سوبرمان؟ الشاب الخارق؟ هو بمفرده لا شيء.. من كانوا حوله كانوا حاكمين بأمرهم: أداروا البلد، وتحكموا في مفاصلها؛ واتخذوا القرارات، وهو (بصم) عليها؛ فالرئيس يا سيدي بمن حوله من الملائكة أو الشياطين.. ويبدو أن الطريق ليس سالكًا لسيادة الرئيس مرسي، فقد ملؤوها دونه بالألغام والحفر، والمشكلات والملفات، وأهاجوا عليه الدبابير والعقارب والتماسيح والأناكوندات! الرئيس كشخص لا يكفي، الرئيس كفريق، ونفوذ، وسيطرة، وإقناع للشعب (بالحق لا بالباطل) هو المطلوب.. نقلني محدثي الكريم بذكاء إلى مربع الخطر قائلاً: تمام؛ إذن فمن يُعجزه ويحاول إسقاطه هم جماعته؛ كأن الإخوان أنفسهم تخلوا عنه، بتنظيمهم، وخبرتهم، وانتشارهم.. إذ من الواضح أنه ليس في يده شيء.. اتخذ عدة قرارات ثم لحسها بعدها بيوم أو يومين؛ لضعفه وعجزه! قلت: يستحيل أن يفعل ذلك الإخوان، وإذا كانوا هم؛ فما مصلحتهم في ذلك، وسقوطه يعني سقوطهم الذريع، وهلاكهم السريع، وجرمهم الفظيع! - فمن إذن؟ - قل ماشئت إلا أن يكون الإخوان: مستشاروه/ اللهو الخفي/ العسكر/ إسرائيل/ الخارج الآخر/ الداخل الفئوي الفلولي المتحزب، الذي يريد أن يحمي عنقه ومصالحه، ويستر مخازيه وبلاياه! قل ما شئت! - فما المصلحة من تعجيزه؟ - إثبات عدم صلاحية الإسلام، وفشل الإسلاميين، وعجزهم عن إدارة الدولة، واستعادة الإجرام السياسي السابق، والرجوع بقوة أكثر، وسطوة أخطر، وفرصة أكبر! وأعتقد أنهم ينجحون بجدارة؛ فلهم خبرة يا سيدي مداها ستون سنة في الفساد والتلاعب وتفصيل المؤامرات، وصناعة الأقنعة الكاذبة! أجزم أن الجماعة لا دور لها دور في ذلك التعجيز، لكن لا تنس إسرائيل، وبعض العرب المرتعبة، وأمريكا، وأصحاب المصالح في الداخل، وهم فئات كثيرة وشديدة الاتساخ والإجرام! والآن دعك قارئي الحبيب من حواري مع الشاب الكريم الغيور اليقظ، الأستاذ محمد السمالوسي، (ومش عارف إيه السمالوسي ده، مش كفاية البسيوني!؟ أسماء غريبة فعلًا) وفكر معي أرجوك، وحاول أن تبحث معي عن إجابة: ما هذا التيه الذي نحياه؟ ما هذا الضعف الذي تظهر به مؤسسة الرئاسة؟ ما هذه الاستهانة بمقام الرئيس؟ ما هذه النذالة التي تتجلى في سلوك بعض الفئات الكارهة للإسلام، أو الخائفة من الانكشاف، أو الراغبة في الاستمرار في دورها الكرتوني الهزيل الفاضح، وتتصرف كأن الوطنية حجر عليها، وأمن مصر أمانة بين يديها؟ ما هذا السعار الذي يهذي به بعض الإعلاميين الموتورين، الذين يتصرفون كأن لهم على مصر وصاية وولاية، ومنطقهم يقول: إما أنا أو لا/ إما تفكيري أو لا/ إما مصلحتي أو لا؟ أنا الصواب وغيري خطأ/ أنا المستقيم وغيري منحرف/ أنا الوطني وغيري عميل/ أنا الفهيم وغيري عيي! خصوصًا لو كانت فيه ريحة إسلام أو استقامة! ولا بد من طرح أسئلة بشكل واضح: حتام التلكؤ في التحدث إلى الناس، وطمأنتهم، وإيضاع المشهد لهم، وشرح العقبات، والنزول إلى الشارع، والانتشار بين المواطنين على كل المستويات؛ من المسؤول في مجلس القرية، ثم في مجلس المدينة، ثم في المحافظة، فالوزير فأعلى؟ حتام التأخر عن الاستجابة لحاجات الناس وأولوياتهم العاجلة: الخبز والدواء والكهرباء والحد الذي يليق بالبشر لإنفاقه لتحقيق الستر!؟ حتام الصبر على وجود مشبوهين في مفاصل الدولة ومرافقها ومؤسساتها الحيوية؛ الأمر الذي يسبب حالة مريعة من الشلل المحبط، والعجز المحطِّم!؟ حتام تترك الشرطة والأمن تحت رحمة العابثين والخارجين والمستفزين، ومعهم بعض رجال الشرطة، الذين يشاع بقوةٍ وتواترٍ أنهم يديرون عصابات مخدرات وبلاطجة، ويساهمون في خطف بعض الناس، ويهددون كثيرين!؟ حتام الانكسار أمام سطوة أقلية مفترية تستقوي بالخارج، وتحقر الأغلبية الكاسحة، وتجتهد في الافتئات عليها، والنيل منها؟ حتام يجامل الرئيس فنانين مستبيحين، ومثقفين أدعياء كانوا عبيد الإحسان، ومن حماة الظلم والبطش والسقزوط الشامل؟ حتام يخاف الرئيس من أمثال عبد المجيد محمود والزند/ وأحمد شفيق ومرتضى منصور/ وأبو قرعة زنة وأبو حمالات/ ومرضعة قلاوون وأم رجل مسلوخة/ وصبري نخنوخ والبلاطجة!؟ حتام يبقى سيادة الرئيس تحت ثقل الهجوم المتطرف من عقارب النظام السابق في كل الأصعدة؛ وبشكل لا رجولة فيه، ولا وطنية، ولا شرف!؟ ثم: ما دور الشعب في ذلك الدفاع عن رئيسه الذي اختاره في مواجهة من يتمردون على اختيار الشعب؟ وما دور الفريق الرئاسي والمستشارين والقضاء الشريف (لا الملوث المعروفة رموزه) في حماية مؤسسة الرئاسة، ومهابة الدولة، والرئيس مرسي شخصيًّا؟ ما دور المثقفين المتوازنين، والعقلاء من أهل الرأي والوعي؟ ما دور الذين يغارون على أمن مصر، واستقرار مصر، ورفاهية مصر؟ أم تريدون من العامة أن يقولوا: الله يرحم أيام مبارك؟ أجيبوني رحم الله آباءكم! [email protected]