وزير التعليم: مدارس IPS الدولية حازت على ثقة المجتمع المصري    حفل تأبين الدكتور أحمد فتحي سرور بحضور أسرته.. 21 صورة تكشف التفاصيل    كم سجل سعر جرام الذهب الآن في مصر؟ عيار 24 يلامس 3606 جنيهات    البورصة المصرية، المؤشرات تعاود الصعود بمرور ساعتين من بدء التداولات    عضو بالكنيست يفضح نتنياهو، مليشياته تهاجم شاحنات المساعدات الإنسانية ل غزة    جماعة الحوثي تسقط مسيرة أم كيو 9 أمريكية في "البيضاء"    أخبار الأهلي : قلق داخل الأهلي قبل نهائي دوري أبطال أفريقيا    كرة اليد، ماذا يحتاج الزمالك لاقتناص لقب الدوري من الأهلي؟    الموعد والقناة الناقلة لقمة اليد بين الأهلي والزمالك بدوري كرة اليد    "إيقاف لاعب وعضو مجلس".. شوبير يكشف عقوبات قاسية على الزمالك بعد أحداث الكونفدرالية    بالأسماء، إصابة 12 طفلا في انقلاب سيارة في ترعة بأبو حمص في البحيرة    ضبط 4 عاطلين احتجزوا أجنبيا ظنوا بأنه لص توك توك فى مدينة نصر    «الداخلية» تكشف حقيقة محاولة خطف طالب عقب اقتحام مدرسة بالقاهرة    «الداخلية»: شرطة المرور تضبط 20042 مخالفة متنوعة خلال 24 ساعة    «عثر على جثتها ملقاة في المقابر».. القبض على مرتكبي واقعة «فتاة بني مزار»    فيلم السرب يحقق 560 ألف جنيه أمس    لمواليد برج الحمل.. توقعات الأسبوع الأخير من مايو 2024 (تفاصيل)    أحمد الفيشاوي يحتفل بالعرض الأول لفيلمه «بنقدر ظروفك»    فيلم فاصل من اللحظات اللذيذة في المركز الثالث بدور العرض    اجتماع عاجل لوزير الصحة مع لجنة إدارة أزمة الأوبئة تزامنا مع حلول الصيف وموسم الحج    في يومه العالمي.. طبيب يكشف فوائد الشاي    بالتزامن مع فصل الصيف.. توجيهات عاجلة من وزير الصحة    استعدادات مكثفة بجامعة سوهاج لبدء امتحانات الفصل الدراسي الثاني    روسيا تفشل في إصدار قرار أممي لوقف سباق التسلح في الفضاء    طلب تحريات حول انتحار فتاة سودانية صماء بعين شمس    جامعة بنها تفوز بتمويل 13 مشروعا لتخرج الطلاب    الثلاثاء 21 مايو 2024.. نشرة أسعار الأسماك اليوم بسوق العبور للجملة    صعود جماعي لمؤشرات البورصة في بداية تعاملات الثلاثاء    أسعار الحديد اليوم الثلاثاء 21-5-2024 في أسواق محافظة قنا    تاريخ المسرح والسينما ضمن ورش أهل مصر لأطفال المحافظات الحدودية بالإسكندرية    «القومي للمرأة» يوضح حق المرأة في «الكد والسعاية»: تعويض عادل وتقدير شرعي    محافظ أسوان: توريد 225 ألفًا و427 طنًا من القمح حتى الآن    إي إف چي هيرميس تستحوذ على حصة أقلية في Kenzi Wealth الدنماركية    الهجرة تعقد عددًا من الاجتماعات التنسيقية لوضع ضوابط السفر للفتيات المصريات    "صحة مطروح" تدفع بقافلة طبية مجانية لمنطقة أبو غليلة    لجان البرلمان تواصل مناقشة مشروع الموازنة.. التموين والطيران والهجرة وهيئة سلامة الغذاء الأبرز    آخر مستجدات جهود مصر لوقف الحرب في غزة والعملية العسكرية الإسرائيلية برفح الفلسطينية    مبعوث أممي يدعو إلى استئناف المحادثات بين إسرائيل وحماس    داعية إسلامي: الحقد والحسد أمراض حذرنا منها الإسلام    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 21-5-2024    حسم اللقب أم اللجوء للمواجهة الثالثة.. موعد قمة الأهلي والزمالك في نهائي دوري اليد    بشير التابعي: معين الشعباني لم يكن يتوقع الهجوم الكاسح للزمالك على نهضة بركان    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 49570 جنديًا منذ بداية الحرب    وزير الصحة يوجه بسرعة الانتهاء من تطبيق الميكنة بكافة المنشآت الطبية التابعة للوزارة    ضياء السيد: مواجهة الأهلي والترجي صعبة.. وتجديد عقد معلول "موقف معتاد"    الحماية المدنية تخمد حريق هائل داخل مخزن بمنشأة القناطر (صور)    مندوب فلسطين أمام مجلس الأمن: إسرائيل تمنع إيصال المساعدات إلى غزة لتجويع القطاع    مارك فوتا يكشف أسباب تراجع أداء اللاعبين المصريين في الوقت الحالي    احذروا الإجهاد الحراري.. الصحة يقدم إرشادات مهمة للتعامل مع الموجة الحارة    منافسة أوبن أيه آي وجوجل في مجال الذكاء الاصطناعي    الطيران المسيّر الإسرائيلي يستهدف دراجة نارية في قضاء صور جنوب لبنان    الأنبا إرميا يرد على «تكوين»: نرفض إنكار السنة المشرفة    «سلومة» يعقد اجتماعًا مع مسئولي الملاعب لسرعة الانتهاء من أعمال الصيانة    دعاء في جوف الليل: اللهم ابسط علينا من بركتك ورحمتك وجميل رزقك    حدث بالفن| حادث عباس أبوالحسن وحالة جلال الزكي وأزمة نانسي عجرم    موعد عيد الأضحى 2024 في مصر ورسائل قصيرة للتهنئة عند قدومه    عمرو أديب عن وفاة الرئيس الإيراني في حادث الطائرة: «إهمال وغباء» (فيديو)    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تأكيدات بأن المعارضة بحاجة لحماية دولية من بطش النظام .. ومطالبة مبارك بعدم تنفيذ وعوده كي لا تأتي على منوال المادة 76 .. وتشبيه هزيمة الوفد في انتخابات الرئاسة بهزيمة يونيو 67 .. ومفكر علماني يرشح عصام العريان وأبو الفتوح لرئاسة مصر
نشر في المصريون يوم 14 - 09 - 2005

مازالت معركة الانتخابات الرئاسية بكل تداعياتها وتفاصيلها ، تمثل جل اهتمام صحف القاهرة ، وإن كان البعض قد فضل الانتقال سريعا إلى معركة الانتخابات البرلمانية المقبلة ، معتبرا أنها تمثل المحك الرئيس لتقييم مدى جدية عملية الإصلاح السياسي في مصر . صحف اليوم ، شهدت توثيقا ، بالصورة والصوت ، للتجاوزات التي وقعت خلال انتخابات الرئاسة ، حيث حصلت صحيفة المصري اليوم على أفلام مصورة تظهر عمليات تصويت جماعي وتصويت دون وجود إثبات للشخصية في محافظة البحيرة . صحف اليوم ، شهدت هجوما عنيفا على الرئيس مبارك ، حيث اعتبر البعض أن عدد الأصوات التي حصل عليها أقل من عدد لافتات التأييد والمبايعة التي غطت مدن وقرى مصر خلال فترة الحملة الانتخابية ، الهجوم أمتد أيضا ليشمل الوعود الانتخابية التي أطلقها مبارك ، حيث رأى البعض أنه في حال تنفيذ هذه الوعود ، الخالية من أي جدول زمني للتنفيذ ، فإنها سوف تأتي على منوال تعديل المادة 76 من الدستور . وقد امتدت الانتقادات لتشمل حزب الوفد ، حيث شبه البعض هزيمته المدوية في انتخابات الرئاسة بهزيمة يونيو 1967 ، معتبرا أنه يجب على قيادة الحزب ومؤسساته أن تجري عملية حساب من النفس لإعادة تقييم الأمور قبل انتخابات البرلمان المقبلة ، ومن أجل محو عار الهزيمة واستعادة كرامة الوفديين التي أهدرت في السابع من سبتمبر . الانتقادات ، شملت أيضا جماعة الإخوان المسلمين التي اعتبر البعض أن طرح قضية تمثيلها في الحياة السياسية يأتي بضغط من الولايات المتحدة ، لافتا إلى أن الحل الأمثل لتلك المشكلة يتمثل في انضمام الإخوان لحزب من الأحزاب السياسية القائمة بشرط ألا يمثلوا الغالبية داخله ، كما رأى البعض في نتائج انتخابات الرئاسة ، دلالة على ضعف تواجد وقوة الإخوان في الشارع المصري . أما أعنف الانتقادات ، فكنت تلك المتعلقة بحريق بني سويف الذي راح ضحيته العشرات من الممثلين ونقاد المسرح في مأساة إنسانية مروعة ، حيث رفض البعض الاعتراف بأن الأمر قضاء وقدرا فقط ، معتبرا أن الكارثة تقترب من جرم القتل العمد ، فيما تساءل آخرون عن حجم الكارثة التي يمكن أن تجبر مسئول مصري على الاعتراف بالمسئولية والاستقالة من منصبه وحتى محاكمته . وننتقل إلى التفاصيل حيث المزيد من الرؤى والتعليقات . نبدأ جولتنا اليوم من صحيفة " المصري اليوم "المستقلة ، والتي أنفردت بتوثيق التجاوزات وعمليات التزوير التي شهدتها انتخابات الرئاسة بالصوت والصورة ، وأوضحت الصحيفة أنها " حصلت على " سي دي " يحتوي على فيلمين وعدد كبير من الصور التي ترصد تجاوزات خطيرة شهدتها بعض لجان محافظة البحيرة .. يتضمن الفيلم الأول الذي تم تصويره داخل قرية حرارة ، عمليات نقل الناخبين بسيارات المحافظة وقيام بعض مؤيدي الحزب الوطني بالدعاية لمرشحهم أمام اللجنة ، وداخل اللجنة يظهر الفيلم عمليات الإدلاء بأصوات دون لإثبات شخصية أحيانا ، حيث يكتفي المشرفون على اللجنة بورقة دعاية عليها صورة مرشح الحزب الوطني قام بعض مؤيدي الحزب بتوزيعها على الناخبين وتحمل اسم الناخب ورقمه الانتخابي ورقم اللجنة كبديل عن بطاقة الانتخاب وردية اللون ، كما يظهر بعض الناخبين وهم يصوتون أمام المشرفين ويقومون بتسليم بطاقات التصويت لهم دون وضعها في الصندوق المخصص لذلك ودون استخدام الحبر الفسفوري وهو ما سهل عملية تصويت الناخب أكثر من مرة وداخل اللجنة نفسها وأمام المشرف نفسها كما أظهر الفيلم " . وأوضحت الصحيفة أن " الفيلم الثاني تم التقطاه داخل وأمام لجنة حوش عيسى بقرية البرنسيس وفيه تظهر عمليات تصويت جماعي داخل اللجنة حيث يقف أكثر من ثلاثة مواطنين في التوقيت نفسه للإدلاء بأصواتهم دخل اللجنة وبالبطاقات التي وزعها مؤيدو الحزب الوطني دون البطاقة الشخصية أو بطاقة الانتخاب . ويكشف الشريط عملية تدخل في سير الانتخابات حيث كان المشرفون على اللجنة يوجهون الناخبين للتصويت لصالح مرشح الوطني بل إن المشرف كان يمسك بيد الناخب ويضع أصبعه في ختامة الحبر ويعلم به على بطاقة التصويت أمام اسم مرشح الحزب الوطني " . نبقى مع موضوع الانتخابات ، لكن نتحول إلى صحيفة " الدستور " المستقلة ، حيث لفت رئيس تحريرها إبراهيم عيسى إلى أنه ورغم هذه التجاوزات الصارخة التي شهدتها الانتخابات إلا أن " مبارك نجح في انتخابات الرئاسة بعدد أصوات أقل من عدد اللافتات التي كانت معلقة في شوارع مدن وقرى مصر .. هل يعني ذلك لك شيئا .. نعم يعني أن مصر لم تعد بلد شهادات بل صارت بلد لافتات ، وها هي مصر تتحدث عن نفسها ، فتكذب كالعادة وتدعي أن هذه انتخابات تاريخية وأن مصر تبدأ عهدا جديدا ، ولا أعرف كيف تبدأ مصر عهدا جديدا برئيس قديم . إنها انتخابات تحريك وليست انتخابات تحرير ، المطلوب منها أن تعطي مبارك فرصة البقاء في الحكم وتمنح ابنه فرصة القفز على الحكم ، انتخابات تحريك تهدف إلى رفع الضغط الأمريكي الأوروبي عن نظام مبارك والتوقف عن اتهامه بالديكتاتورية والاستبداد ومبارك عارف إن أمريكا عارفة أنه عارف إنها عارفة إن الانتخابات تمثيلية حسب الصداق المسمى بينهما ، النظام المصري يمثل والحكومة الأمريكية تصفق وهي الصفقة التي عقد بعضا من أطرافها مسئولون ومبعوثون مصريون لأمريكا مؤداها : دعوا الرئيس يستمر في الحكم وسوف نسمح بإجراءات وخطوات ديمقراطية تستجيب للضغوط وتفك القيود عن الساحة السياسية المصرية ، وافق الأمريكان على التفويت لمبارك انتخابات الرئاسة مقابل الحزم والحسم في التزامه بالقواعد الديمقراطية في انتخابات البرلمان . لاحظ أن مكالمة بوش الهاتفية التي هللت لها الصحف الحكومية علامة الرضا والاعتماد الأمريكي ضمت مع ما أغلته دوائر النفاق وهي توصية ( مشيها توصية ) يوش بالتزام قواعد انتخابات جدية في انتخابات نوفمبر لمجلس الشعب . كل خيوط القصة أن أمريكا وجدت المجتمع المصري غاضبا منفجرا من الفساد والاستبداد ومصدرا للإرهابيين ومع ذلك فهو مجتمع قادر على التعايش مع الفساد والاستبداد وغير متمرد وغير قادر على مواجهة حاكمه الديكتاتوري ، من هنا اعتمدت الرؤية الأوروبية في التعامل مع النظام المصري وملخصها أن شعبنا عبيد وأقنان ولا فائدة منه ترجي ويمكن أن يظل راضيا بحسني مبارك وعائلته حتى حفيده دون أن يثور أو يعترض ، ولكن هذا الوضع المستقر يمكن أن ينفجر في أي لحظة ، ومن ثم لا بد من عوامل إنقاذ مبكرة تتمثل في ديمقراطية حقيقية ". ومضى عيسى في هجومه اللاذع على النظام المصري " المدهش هم أولئك الذي يطلبون من مبارك تنفيذ وعوده ( وهي التي لم يضع لها أي جدول زمني ولا توقيتات على الإطلاق ) فهذا أخشى ما أخشاه أن ينفذ الرئيس وعوده فعلا ، فستأتي كلها على شاكلة تعديل المادة 76 ، فقانون الطوارئ يتم إلغاؤه وتعديله بقانون أوسخ منه ، ولجنة الأحزاب تبقى أسود مما هي موجودة ، وإلغاء قانون حبس الصحفيين يتم بقانون جديد يضع السيخ المحمي في صرصور ودن الصحفي ، هذه هي الكارثة أن البيئة الفاسدة والبيئة المنافقة صنعت نخبة تعتمد منطق التسول والتوسل للحاكم من أجل أي إجراء إصلاحي وهي كذلك ترضي بأقل القليل وبالمقسوم وطموحها لا يتجاوز كعب رجلها ، ثم إن منهج النظام هو الإصلاح الشكلي والتجميلي فلا أكثر من سليكون سياسي لثدي الأمة ( الأمة مؤنث ) بلا أي مضمون أو جوهر حقيقي ، المهم هو المظهر والتغليف ومن هنا أشك أن مبارك سوف يقدم إصلاحات سياسية حقيقية ، فإذا كان الحزب الوطني بيعمل زفة بلدي فرحا بنجاح وهمي وإذا كان جمال مبارك وزع شيكولاتة وإذا كانت الصحف الحكومية تصنع من انتخابات هزلية حدثا أسطوريا وإذا كانت أمانة السياسات تجتمع فيما تظنه دار الأرقم ابن أبي الأرقم وإذا كان أي معارض مثلنا في نظرهم مجنونا أو موتورا أو عميلا فكيف تأتمن هؤلاء على أي إصلاح أو تغيير حقيقي إلا إذا كان تغيير دمك " . الحديث عن وعود الرئيس الانتخابية ، يقودنا إلى صحيفة " المصري اليوم " ، حيث لفت سليمان جودة إلى أنه " من بين ما نعرفه عن الرئيس مبارك إنه عنيد ، ونعرف أن عناده كان سببا في التحول عن خطوات كان قد قررها ، لا لشيء ، إلا لأن شيئا منها قد تسرب إلى الرأي العام ووسائل الإعلام ، فلم يعد يتوفر فيها عنصر المفاجأة من جانبه ، وقد حدث كثيرا أن مسئولا كبيرا أو صغيرا تعرض لهجوم حاد ومتواصل من الصحافة ، وكان قطاع عريض من الناس يضيق بهذا المسئول ، أو ذاك ، ولا يطيقه ، ولكنه كان رغم ذلك ، يظل في موقعه ، فما يتوقعه المصريون في الغالب ، لا يفعله الرئيس ، ويحب دائما أن يكون زمام المبادرة في هذا الإطار تحديدا في يديه ، حتى قيل كثيرا إنك لو أردت أن تطيح بمسئول ما ، فما عليك إلا أن تكثف امتداحه في الصحف وأن تجعل كثيرين يتغزلوا فيه ، وفي مزاياه . وإذا كان هناك شيء ضحى به مبارك ، وهو على اعتب ولاية خامسة ، فهو هذا الشيء تحديدا ، فلم يعد في إمكانه ولا في مقدوره ، أن يفاجئنا بخطوة ، لسنا على علم مسبق بها ، لماذا ، لان برنامج عمله في السنوات الست ، معلن ومنشور ، وهناك التزام أمام 88.5 % على الأقل ، وهي النسبة التي صوتت للرئيس مبارك ، بتنفيذ بنود العهد والوعد بين مبارك وبيننا جميعا " . وأضاف جودة " هو لا يملك أن يتحول عما أعلنه ، لأن من طبيعة الحاكم المنتخب ، أن يحاسب على ما أنجزه ، وما لم ينجزه من برنامجه ، فخطوات العمل ، مدى سنوات ست كاملة ، معروفة مسبقا ومضمونها متوقع سلفا ، ونحن نرجو إلا يفاجئنا الرئيس في التوقيت إذا كان قد فاته ، أن يفاجئنا في المضمون ، ولن نستطيع أن نتجنب المفاجأة في التوقيت إلا إذا كان لبرنامج الرئيس الانتخابي مدى زمني تفصيلي ، نعرف أوله من آخره .. إذ ليس من المتصور ولا من المقبول ، أن يؤجر مالك بينا لمستأجر ثم يكتب في العقد أن الإيجار مائة جنيه ويسكت ، هنا يختل بند أساسي من بنود العقد ويصبح بلا قيمة ، فلابد أن يقال : إن المائة جنيه هذه مثلا عن ثلاثين يوما ، وأن دفعها سيكون يوم كذا من كل شهر ، ونخشى أن يكون البرنامج متروكا هكذا بلا تحديد زمني وبلا توقيت حتى يكون أمام الرئيس متسع ليمارس رغبته القديمة في أن يفاجئنا بما لا نتوقع وبما ليس على البال ولا الخاطر وبما كان يستهويه طوال أربع ولايات كاملة . إنه ترف لم يعد مبارك يملكه ولم نعد نحن نتحمله وإذا كان ينعقد المؤتمر المقبل للحزب الوطني من أجل هذا البرنامج الزمني ، الذي نريده تحديدا ونتمسك به بعيدا عن رفع شعارات لا معنى لها مثل المواطنة أو الموائمة أو حتى الملاطفة فلا مبرر لانعقاده أصلا " . نعود إلى صحيفة " الدستور " ، وذلك الحوار الذي أجرته مع الدكتور سعد الدين إبراهيم هو جولته الأخيرة في أوروبا وتعليقاته على انتخابات الرئاسة ، ونأخذ منه تلك المقتطفات التي تمثل أبرز ما جاء بالحوار ، حيث اعتبر إبراهيم أن " النظام في مصر باطش للغاية ولا يمكن التفاهم معه دون وجود غطاء من الحماية الدولية ، ونحن كدعاة للديمقراطية في الخارج نؤمن بأننا نحتاج إلى دعم عالمي حتى لا يفتك بنا النظام ، وأستطيع أن أقول لك إنه لولا هذه الحماية لكنت واحدا من الذين فرمهم نظام مبارك ولضاعت حياة أيمن نور ، وعموما طالبت الأمريكيين والأوروبيين الذين التقيتهم بأن يضغطوا على مبارك لتنفيذ أجندته الانتخابية فقط ، وطالبتهم بأن يتدخلوا لصدور قانون السلطة القضائية وصدور قانون يضمن ويكفل حرية الصحافة والصحفيين وإطلاق سراح المعتقلين وغيرها من المطالب الإصلاحية التي وعد مبارك بها ، وأنا لا أريد منه الآن أكثر من تنفيذ وعوده الانتخابية في الشأن الديمقراطي ". وأوضح سعد الدين إبراهيم أن المسئولين الأوروبيين والأمريكيين الذي التقاهم كان لديهم جميعا أربعة أسئلة رئيسية ، مضيفا " السؤال الأول كان حول الإسلاميين وقالت لهم إن الإسلاميين في مصر لا يمثلون أكثر من 20% وهو رقم مرتفع وينخفض طبقا لحالة الحرية وكلما زادت مساحة الحريات كلما انخفض وجود الإسلاميين في الشارع وكلما تقلصت مساحة الحريات ارتفع تأييد الناس للإسلاميين كتأييد احتجاجي ، وقلت لهم إن مبارك هو الداعم الرئيسي للإسلاميين وهو يستخدمهم كفزاعة للغرب إضافة إلى ثلاثة فزاعات أخرى ، من هذه الفزاعات أن يقدم نفسه باعتباره الحارس الأمين الأول والأخير على عملية السلام وبدونه يشتعل الشرق الأوسط وقلت لهم ردا على ذلك أن كل
القوى المصرية تستخدم عداءها لإسرائيل من أجل الاستهلاك الشعبي ، وهي شعارات مثلها بالضبط مثل شعارات مقاطعة أمريكا وكراهيتها ، وكانت فزاعة مبارك الثالثة تتمثل في كونه الحارس لتجربة الإصلاح الاقتصادي واقتصاديات السوق وهو كلام يروجه مبارك دائما مع المالتي ناشيونال والشركات متعددة الجنسيات لاستخدامها وقت الحاجة كسند أساسي . وكان هناك سؤال مهم حول خلافة مبارك واستعداد المجتمع المدني للاضطلاع بالعبء وملء الفراغ ، وقلت لهم إن المجتمع المدني مؤهل تماما لخلافة مبارك والقيام بأعباء الحكم ، وعددت عددا من الوجوه القادرة على لعب ذلك الدور مثل أيمن نور في الغد ، وإبراهيم الدسوقي أباظة في الوفد ، وعصام العريان وعبد المنعم أبو الفتوح من التيار الإخواني وغيرهم ، وهي وجوده اختبرت شعبيا واختبرت بين المثقفين ، كما اختبرت برلمانيا وحزبيا وجميعها كوارد سياسية بارزة " . ننتقل إلى صحيفة " الأهرام " الحكومية ، حيث استعرض صلاح الدين حافظ مجموعة من التحولات والمتغيرات الأخيرة في الساحة السياسية المصرية‏ ، والتي عكستها انتخابات الرئاسة ، معددا منها " -‏ إعادة بعث الحيوية في الأحزاب السياسية من حيث الفكر والتنظيم‏,‏ بعد أن جربت المنافسة علي منصب رئيس الدولة‏,‏ حتى لو اشتكت من أن المنافسة لم تكن متكافئة‏,‏ وفي ضوء هذه الحيوية فإنني أتوقع أن تظهر أحزاب جديدة وشابة‏,‏ وأن تختفي أخري‏,‏ وأن تتجدد أحزاب قديمة شاخت فنامت واستكانت‏!!‏ -‏ صار حلم استعادة المصداقية والثقة في الحكم الديمقراطي‏,‏ من خلال الانتخابات والتنافسية والتعددية وتداول السلطة ممكنا في المستقبل‏,‏ بعد أن كان مستحيلا‏..‏ - خرجت إلي السطح ونزلت الشارع قوي جديدة وحركات احتجاج ورفض غاضبة‏,‏ ظلت لعقود كامنة أو خائفة أو خانعة‏..‏ وأظن أن بعضها سيتصاعد‏,‏ وبعضها سيختفي‏,‏ وبعضها الثالث قد يذوب في الأحزاب القائمة أو يؤسس أحزابا جديدة‏,‏ وهي في كل الأحوال ظاهرة إيجابية تعبر عن حيوية واضحة‏,‏ علي غير ما يصفها آخرون‏,‏ وانظر إلي تكاثر حركات مثل كفاية‏,‏ وشايفنكم ومحامون وصحفيون وأطباء وأدباء وأطفال ونساء من أجل التغيير‏...‏ الخ‏,‏ وهي حركات لا يجب الاستهانة بها‏ . - برزت في الساحة وبقوة أدوار منظمات المجتمع المدني الحقوقية‏,‏ خصوصا منظمات حقوق الإنسان والدفاع عن الإصلاح الديمقراطي والحريات العامة‏,‏ وقد لعبت دورا تحريضيا في اتجاه التحول والتغيير الديمقراطي من ناحية‏,‏ ودورا بارزا آخر في مراقبة الانتخابات الأخيرة‏,‏ وكل انتخابات قادمة من ناحية أخري‏..‏ - لعبت الصحافة ووسائل الإعلام‏,‏ بأشكالها المختلفة‏,‏ القومية والحكومية والخاصة‏,‏ دورا أساسيا هي الأخرى في هذا المعترك‏,‏ استغلت فيه هامش الحرية المتاح‏,‏ وتعددت من خلالها الآراء المعبرة عن القبول والرفض‏,‏ واجتهدت في توسيع هذا الهامش‏,‏ انحاز بعضها لمرشح الحزب الوطني الحاكم‏,‏ وانحاز بعضها الآخر لمرشحين آخرين‏,‏ أعجب بها البعض وغضب عليها كثيرون‏!!‏ وبصرف النظر عن اتهامات هنا أو هناك للصحف القومية تحديدا بالانحياز‏,‏ إلا أن الصحافة ووسائل الإعلام المصرية خاضت تجربة جديدة‏,‏ وأسهمت بقدر في دفع مسيرة التغيير والإصلاح‏,‏ وفي التمسك بحرية الرأي والتعبير‏..‏ - لفتت المؤسسات الدينية الأنظار ونعني الأزهر والكنيسة القبطية‏,‏ بتدخل رموزهما الكبيرة خصوصا الإمام الأكبر الدكتور طنطاوي وقداسة البابا شنودة‏,‏ في العملية السياسية‏,‏ بل والدعاية المباشرة لصالح مرشح ضد آخرين‏,‏ فإن جاء هذا التدخل الديني في السياسة من جانب الأزهر والكنيسة‏,‏ فلماذا نعيب علي الآخرين تدخلهم‏..‏ مسألة تحتاج لإعادة النظر حتى لا تختلط الأمور وتتداخل الأدوار‏ ".‏ نعود مجددا إلى صحيفة " المصري اليوم " ، حيث حاول مجدي مهنا تشخيص الهزيمة المخزية التي مني بها حزب الوفد في انتخابات الرئاسية ، قائلا " الهزيمة التي مني بها حزب الوفد في الانتخابات الرئاسية ذكرتني بهزيمة يونيو 1967 وقرار الهيئة العليا للوفد بتجديد الثقة والبيعة والولاء للدكتور نعمان جمعة رئيس الوفد ذكرتني بمشهد نواب الأمة وهو يرقصون فرحا بعدول الرئيس عبد الناصر عن قرار التنحي ، هذا مع الفارق بين الهزيمتين وتداعياتهما والفارق بين الدكتور نعمان جمعة والرئيس الراحل جمال عبد الناصر . وفي هزيمة يونيو أدرك عبد الناصر أخطأه بل خطيئته وأعلن تحمله المسئولية عن الهزيمة كاملة وأعاد بناء القوات المسلحة بأسرع ما يمكن على أسس سليمة ، استبعد فيها أهل الثقة وأعتمد على أهل الخبرة . الآن حزب الوفد يواجه هزيمة لا تقل في حجمها وتأثيرها على اسمه وسمعته ومكانته التاريخية عن تأثير هزيمة يونيو على البلاد ، فالوفد اليوم في مفترق طرق وعليه أن يعترف بالهزيمة لا أن يكابر ويغالط ويرجعها إلى أسباب خارجية ، فالهزيمة وقعت لأسباب داخلية ترجع إلى سياسات وممارسات ارتكبت عبر سنوات وسنوات وهي التي قادت إلى مشهد يوم السابع من سبتمبر . وأضاف مهنا " ليس فيما حدث يوم السابع من سبتمبر أي مفاجأة لي أو لكثيرين غيري .. إنني كنت شخصيا أتوقع مثل هذه الهزيمة حتى بدون العوامل التي أشار إليها الدكتور نعمان جمعة في مؤتمره الصحفي ومن يقول بعكس ذلك لا يريد معرفة الحقيقة بل يتهرب منها ولا يدرك حجم الهزيمة التي أصابته . وقد سمعت أن اجتماع الهيئة العليا للوفد الذي انتهى بتجديد الثقة والبيعة لرئيس الوفد قد شهد مناقشات حامية وانتقادات حادة ومواجهة شجاعة مع النفس ، ولكي يستعيد الوفديون أولا الثقة أنفسهم وفي قياداتهم ، فالمطلوب أن بنشر محضر اجتماع الهيئة العليا للوفد على الرأي العام ومن خلال صحيفة الوفد لكي يحكم على تلك المناقشات ، وهل استوعبت هيئات ومؤسسات ولجان الوفد الدرس واستخلصت النتائج ، وهل هي جادة في محو عار الهزيمة واستعادة كرامة الوفديين التي أهدرت في السابع من سبتمبر وما هي رؤيتهم وخطتهم في ذلك . إن أمام الوفد فرصة أخيرة – وصعبة – في انتخابات مجلس الشعب المقبلة ، وأحوال الوفد لن تنصلح إلا بإصلاح أحواله من الداخل وتطهير صفوفه من المتربعين على عرشه حتى آخر طوبة فيه " . نتحول إلى صحيفة " الوفد " المعارضة ، وفي رد غير مباشر على مجدي مهنا ، اعتبر فؤاد فواز أنه " يجب علي الوفد أن ينتهز الفرصة والمناخ مازال ساخنا بأصداء معركة انتخابات الرئاسة لكي يدخل فورمة انتخابات مجلس الشعب.. نحن هذه المرة لن نفرط في حقنا.. انتخابات مجلس الشعب لن تكون سهلة هذه المرة.. لأن الأحزاب التي ظهرت علي الساحة في الآونة الأخيرة والتي واتتها الجرأة علي الترشيح في انتخابات الرئاسة لن تدع الفرصة تفلت منها.. انتخابات مجلس الشعب هذه المرة ساخنة ولا مجال فيها لأي تقاعس أو تراخ.. الكل يدرك أن الحزب الحاكم لن يتورع بجميع الوسائل الشريفة وغير الشريفة عن الاستئثار بجميع مقاعد مجلس الشعب.. ولن يترك حتى الفتات.. لأن تأكيد التجربة الديمقراطية وازدهارها لا يعني هذا الحزب إطلاقا.. الذي صار همه الكبير وشغله الشاغل هو الحفاظ علي مصالحه ومكاسبه غير المشروعة " . وأضاف فواز " يجب أن يضع حزب الوفد في اعتباره وهو يخوض هذه المعركة الضارية أن يحدد أولويات هامة لن يستطيع بغيرها أن يصل إلي تحقيق ما يريده.. يجب أن يكون مطلبنا العاجل قوائم الناخبين.. ومن الآن يجب أن تصبح في متناول أيدينا حتى نستطيع علاج المآسي والكوارث التي تتضمنها هذه القوائم.. بقي بالذمة حد يقول إن مرشحاً توجه للإدلاء بصوته وهناك يكتشف مفاجأة عجيبة وغريبة وهي أن اسمه غير موجود في القائمة الحلزونية.. والموجود فقط اسم جده.. تفتكروا فيه مسخرة اكتر من كده.. وهل تعتقدون يا سادة أن هذا النظام يحترم مواطنيه.. لا أعتقد أن ما يحدث عندنا له مثيل في دول أخري.. كنا نتمنى من هذا النظام أن يشعر بالخجل وهو يري دولا في ظروف أسود من قرن الخروب.. ومع ذلك فهي حريصة علي حرية ناخبيها.. والأمثلة عديدة في العراق وفلسطين.. لقد جرت الانتخابات هناك وسط ظروف حالكة السواد ومع ذلك فإن أي شيء يهون إلا حرية وإرادة الناخب.. ومع ذلك فانه قد كتب علي الشعب المصري أن يحكمه حزب أدمن التجاوزات وأدمن تزييف إرادة الناخبين.. لذلك يجب علي الوفد إبداء المزيد من اليقظة الشديدة إذا أراد أن يحقق نتيجة في الانتخابات القادمة!! " . نتحول من النصائح المتعلقة بحزب الوفد ، إلى التوجيهات الخاصة بجماعة الإخوان المسلمين ، هو ما يستلزم الانتقال إلى صحيفة " روز اليوسف " الحكومية ، حيث تلبس الدكتور عمرو عبد السميع دور " المثقف الأعظم " ، قائلا " إن بعض مثقفينا في حديثهم عن الإخوان المسلمين ينزلقون مثلما يفعلون في كل الموضوعات إلى طابع سجالي في حوارهم بحيث يسير الجميع في خطوط متوازية من دون تداخل وهذا الطابع السجالي في الحوار هو آفة الحياة الفكرية والسياسية في مصر لأنه يجعل من أي حوار ساحة لإعلان الرأي وإشهاره من دون التفاعل مع غيره من الاراء أو البحث عن نقاط أو مساحات الالتقاء التي تمكن الجميع من صياغة وجهة نظر قومية إزاء موضوع خطير كتمثيل الإخوان أو حشرهم في النظام السياسي ، فنحن في هذا الموضوع أمام وجهات نظر جدلية أربع هي : - عدم الاعتراف نهائيا بالإخوان المسلمين - الاعتراف الكامل بهم والسماح بقيام حزبهم - الاعتراف بهم كجمعية ذات طابع اجتماعي بعد القيام بإصلاحات كاملة فيها ، والسماح لأعضائهم بدخول الأحزاب الأخرى لممارسة السياسة في أوعية حزبية لا تكون لهم أو لوجهة نظرهم الأغلبية فيها . - عدم السماح لهم بأي شكل تنظيمي ودفع أعضائهم إلى دخول الأحزاب الأخرى لممارسة السياسة . لم نر اتفاقا على وجهة نظر إزاءهم " بحيث يقبلونها أيضا " بل وأغامر لأقول إن الرغبة في حل مسألة تمثيل الإخوان لم تبدأ إلا مؤخرا ، حين أظهرت الولايات المتحدة ميلا إليها ، ثم تراجعت عن الخوض في الموضوع بعد أن بدا أنها تورطت فيما لا تفهم فيه ، " على الرغم من أن اتصالات الأمريكيين بالإخوان المتوصلة وكان أول إعلان لها في حوار منشور بيني وبين الهضيبي عام 1993 " . وأضاف عبد السميع " صحيح أن مسألة تمثيل الإخوان قديمة ، ولكن الرغبة في حلها بشكل ملح هي أمر جديد ، وأخشى ما أخشاه في ذلك السياق أن يكون السعي لحل مسألة تمثيل الإخوان غير معبر عن توافق قومي وإنما تلبية لرغبات تأتي من وراء البحار ويحملها ويسوقها بعض الوكلاء التجاريين في الوطن ، وبخاصة أن مسألة دخول الإخوان إلى الأحزاب السياسية الموجودة تبدو معقولة ، ومعقولة جدا ما داموا يسمحون لأنفسهم بالمناورات الانتخابية والوقوف وراء هذا المرشح أو ذلك ، فليكلموا – الجملة – إذ وليدخلوا الأحزاب التي يؤيدونها ويؤثرون في برامجها ويحملونها مطالبهم السياسية – المدنية أيا كانت ، أما وقد عرفنا حجم الإخوان التقريبي من خلال الانتخابات الرئاسية فلابد أن يداخلنا تساؤل عن كيفية تأثير تلك الجماعة المحظورة ذات الضجيج على الرغم من حجمها الذي لم يبد كبيرا ، والحقيقية أن ذلك يرجع – قولا واحدا – إلى الترهل والضعف الحزبي العام في مربع المعارضة وعدم القدرة على اكتساب أرضية كبيرة في الشارع " . سبحان الله ..ما هذه المتناقضات التي يقع فيها "المفكر الأعظم " .. إذا كان يتحدث عن أوزان فعليه أن يعترف أن ال 19 % التي حصل عليها الرئيس مبارك هي الوزن الحقيقي للحزب الوطني ، بل وللنظام بأكلمه ومعه جحافل الجهاز الإداري للدولة .. وإذا كان هذا هو الوزن الحقيقي للإخوان فلماذا تخشاهم الدولة ، ولماذا لا تتركهم يعملون في حرية وتحت غطاء من الشرعية ، طالما أن تواجدهم محدود وتأثيرهم ضئيل . نتحول إلى صحيفة " نهضة مصر " المستقلة ، حيث تساءل محمد الشبة في حرقة " ما هو حجم الكارثة التي يمكن أن تحدث في مصر ثم تخرج علينا الصحف في اليوم التالي بإعلان من وزير أو مسئول يعترف بالخطأ ويقول : حاكموني أنا مستقيل ؟! وما هي الفاجعة التي يمكن أن تصيب قلوب المصريين في مقتل أكثر من محرقة في المسرح يذهب ضحيتها مجموعة من أفضل وأجمل شباب البلد ومع ذلك يخرج علينا مسئولون جفت الدماء في عروقهم يبررون ويتبرأون ويتهمون الضحايا الغاضبين بأنهم موتورون حاقدون كل همهم الصيد في الماء العكر ! . والكارثة الأكثر بشاعة ليست في وقوع الكارثة نفسها ولكن في هذه العقلية التآمرية التي لا ترى
في النيران غير ما يصيبها من شظاياها أما الأجساد البشرية التي تفحمت داخلها فهي لأعداء حرقوا أنفسهم لإحراج المسئولين الكبار الجالسين في مكاتبهم المكيفة في القاهرة " . وأضاف الشبة " لقد راعني حديث مدير أمن بن سويف الذي ظل ينكر ويتنكر ويؤكد بضمير ميت أنه لم يشاهد أجسادا متفحمة ، وبأن عربات المطافئ وصلت لمكان الحادث بعد 6 دقائق فقط ، إن سيادة اللواء ينفي على الهواء في برنامج "القاهرة اليوم" بكل برود وعينه في عين أهالي الضحايا الذين لم يتعرفوا على جثث قتلاهم ، بأن شيئا من كل هذا قد حدث وبأن كل شئ تمام . ولا أفهم كيف يتحمل الدكتور مصطفى علوي القطب البارز في الحزب الوطني ورئيس هيئة قصور الثقافة المسئولة عن تنظيم المهرجان الذي راح ضحيته خيرة مثقفي مصر وزر تبرير الكارثة التي كان مشغولاً عنها فعليا بحملة انتخابات الرئاسة ؟! أما المصيبة الأكبر التي كشفت عنها الكارثة فهي أن كعكة توزيع المناصب في مصر جاءت بشخصية مثل د. علوي إلى موقع لا يعرف عنه شيئا ولا هو من اختصاصه ، إلا فكيف ينظم مهرجانا مسرحيا في مسرح لا تتوافر فيه أبسط وسائل الأمان والسلامة ؟! وأظن أنه قد حان الوقت لكي تتوقف هذه اللامبالاة المخزية من جانب الحكومة التي تشاهد بلا حراك أبرياء يسقطون تحت عجلات الإهمال ويحرقون داخل قطارات الصعيد والمسارح ويدفنون تحت أنقاض عمارات الإسكندرية ولا يطرف لها جفن ولا نسمع عن مسئول تمت محاكمته أو إدانته . إن ما حدث في بني سويف لا يكفي أن يدفع ثمنه مدير مسرح أو مدير أمن أو وزير . ففي الدول التي تحترم البشر تسقط حكومات بأكملها ولا يمكن أن تتعلل بانشغال الأجهزة الحكومية بانتخابات الرئاسة. فحياة إنسان مصري واحد أهم ألف مرة من أي انتخابات ، والانتخابات المفروض أنها تجري في الأساس من أجل المواطن الذي هو في بلدنا ثمنه أرخص من التراب " . نبقى مع نفس الموضوع ، لكن نعود إلى صحيفة " الأهرام " ، حيث اعتبر أحمد عبد المعطي حجازي أنه " لم يحدث من قبل‏,‏ في حدود علمي‏,‏ أن تشابه القتل الخطأ والقتل العمد كما تشابها في الحريق الذي شب بمسرح بني سويف وانتهي بسبعين ضحية من رجال المسرح المصري وجمهوره‏!‏ . وماذا يكون القتل العمد غير أن تملأ قاعة صغيرة بخليط من المواد سريعة الاشتعال‏,‏ كأنك تحمي فرنا أو تقيم محرقة ثم تدفع إلي القاعة بهذا الحشد المنكوب من الفنانين والمشاهدين‏,‏ ثم تغلق باب القاعة الوحيد عليهم فضلا عن نوافذها المغلقة من قبل‏,‏ ثم تفتح الستار ويبدأ العرض بالشموع المشتعلة لتسقط واحدة منها‏,‏ وهو أمر محتمل غير مستبعد‏,‏ فتمسك بطرف من أطراف الستار أو بلوحة من لوحات الديكور لتمتد بعدها إلي ما يليها من الأخشاب والأوراق والملابس والمقاعد والتوصيلات الكهربائية العارية‏,‏ وأنابيب الغاز المصفوفة في ركن حوله أحد السعاة إلي بوفيه يديره لحسابه الخاص‏,‏ ثم إلي أجساد الممثلين والمخرجين والنقاد والمشاهدين الذين وجدوا أنفسهم محاصرين من كل ناحية‏,‏ تلتهمهم النيران وتمزقهم الانفجارات‏,‏ وتدوسهم أقدام الذين حاولوا الفرار فلم يفلحوا‏,‏ لأن الباب الوحيد مغلق‏,‏ والقاعة الصغيرة مشتعلة معبأة بالدخان الكثيف الخانق‏,‏ وهكذا مرت ثلاثون دقيقة لم يسعفهم خلالها مسعف‏,‏ ولم يغثهم مغيث‏,‏ والحصيلة إلي الآن ستة وثلاثون قتيلا محترقا‏,‏ ومثلهم مصابون نصفهم مازال يصارع الموت‏,‏ وحسبك أن تعرف حتى تدرك حجم الكارثة أن من بين الضحايا عددا من أفضل أساتذة المعهد العالي للفنون المسرحية ومن أفضل كتاب المسرح ونقاده كالدكتور محمد مصيلحي‏,‏ والدكتور حازم شحاتة‏,‏ والدكتور مدحت أبو بكر‏,‏ والدكتور صالح سعد‏,‏ والأستاذ أحمد عبد الحميد‏,‏ فضلا عن عدد من الشباب المثقف المتحمس الباحث عن مسرح مصري جديد ينهض علي أكتاف المواطنين بعيدا عن المكاتب والموظفين‏ ".‏ وتساءل حجازي " هل تكون هذه المذبحة الرهيبة قضاء لا حيلة لنا فيه؟ لا‏..‏ وإنما هي القاعة التي لا تتسع إلا لخمسين شخصا يقذف فيها بمائة وخمسين‏,‏ والعرض الذي يجمع بين النار والحطب‏,‏ وأنابيب الإطفاء الفارغة والباب الوحيد المغلق‏,‏ والعمل في قصور الثقافة وفي معظم مؤسساتنا الثقافية بطابعه المظهري العشوائي الذي يقصد به الدعاية قبل أي هدف آخر‏,‏ ويفتقر للتفكير والتخطيط والمتابعة‏,‏ أي يفتقر للثقافة‏,‏ ويصعد فيه البعض علي رقاب البعض‏,‏ وينفردون بالمزايا‏,‏ ويتسترون علي الأخطاء‏,‏ ويلجأون لرشوة النقاد والمسئولين عن الرقابة والمحاسبة‏,‏ ويبقون في مناصبهم عشرات السنين‏,‏ ثم يرحلون فجأة وقد بشموا أي أكلوا حتى أتخموا‏!‏ تاركين وراءهم ثقافة محبوسة في مؤسسات منهوبة محترقة‏,‏ تعاملها الدولة معاملة الطفل القاصر الذي لم يبلغ سن الرشد‏,‏ دون أن توفيها حقها من الرعاية‏,‏ ودون أن تطلقها لتختار طريقها‏,‏ وتكشف عن طاقاتها‏,‏ وتدير شئونها‏,‏ وترعي نفسها بنفسها‏ ".‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة