يعد المفكر الجزائري الكبير مالك بن نبي أحد أعلام الفكر الإسلامي العربي في القرن العشرين. ولد بمدينة عام 1905 قسنطينة شرق الجزائر، تلك الفترة التي شهدت أحداثًا كبيرة في تاريخ الجزائر وتاريخ الدول العربية، فقد سقطت الخلافة العثمانية واحتلت فرنساالجزائر وبسطت هيمنتها على تونس والمغرب وكانت معظم الدول العربية تحت الاستعمار وما ترتب على ذلك من ردود الأفعال سواء في شكل حركات جهادية للتحرر أو دعوات إصلاحية. ترعرع في أسرة إسلامية محافظة فكان والده موظفًا بالقضاء الإسلامي حيث حول بحكم وظيفته إلى ولاية تبسة حين بدأ مالك بن نبي يتابع دراسته القرآنية، وكانت أسرته فقيرة حيث كَفَلَهُ عمله في مراحل التعليم، وبسبب حالة الاحتلال التي كانت تعيشها الجزائر في ذلك الوقت لم يُقْبَلْ بن نبي، بعد انتهائه من المرحلتين الابتدائية والإعدادية، في الثانوية، فدرس في معهد وتخرج سنة 1925م برتبة باش عدل أي مساعد في القضاء بعد سنوات الدراسة الأربعة، في مدرسته التي اعتبرها «سجناً يعلّم فيه كتابة» صك زواج أو طلاق؛ ثم عمل متطوعًا بسبب عدم وجود وظائف. سافر بعدها مع أحد أصدقائه إلى فرنسا حيث كانت له تجربة فاشلة فعاد مجددًا إلى مسقط رأسه. وبعد العودة تبدأ تجارب جديدة في الاهتداء إلى عمل، كان أهمها، عمله في محكمة أفلو حيث وصلها في مارس سنة 1927م، احتك أثناء هذه الفترة بالفئات البسيطة من الشعب فبدأ عقله يتفتح على حالة بلاده. وقد استقال من منصبه القضائي فيما بعد سنة 1928 إثر نزاع مع كاتب فرنسي لدى المحكمة المدنية. أعاد الكرة سنة 1930 بالسفر لفرنسا ولكن هذه كانت رحلة علمية. حاول أولاً الالتحاق بمعهد الدراسات الشرقية، إلا أنه لم يكن يسمح في ذلك الوقت للجزائريين أمثاله بمزاولة مثل هذه الدراسات. فتركت هذه الممارسات تأثيرًا كبيرًا في نفسه. فاضطّر للتعديل في أهدافه وغاياته، فالتحق بمدرسة (اللاسلكي) للتخرج كمساعد مهندس، ممّا يجعل موضوعه تقنيًا خالصًا، أي بطابعه العلمي الصرف، على العكس من المجال القضائي أو السياسي. انغمس مالك بن نبي في الدراسة وفي الحياة الفكرية، واختار الإقامة في فرنسا، وتزوج من فرنسية ثم شرع يؤلف الكتب في قضايا العالم الإسلامي، واتجه نحو تحليل الأحداث التي كانت تحيط به وقد أعطته ثقافته المنهجية قدرة على إبراز مشكلة العالم المتخلف باعتبارها قضية حضارة أولاً وقبل كل شيء فوضع كتبه جميعًا تحت عنوان مشكلات الحضارة، فأصدر كتابه "الظاهرة القرآنية" سنة 1946، الذى طرح فيه مفهوم القابلية للاستعمار، ثم كتاب "وجهة العالم الإسلامي" سنة 1954، أما كتابه "مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي" فيعتبر من أهم ما كتب بالعربية في القرن العشرين. انتقل إلى القاهرة بعد إعلان الثورة المسلحة في الجزائر سنة 1954م، وفيها حظي باحترام كبير، فكتب "الأفريقية الآسيوية" سنة 1956، وتوالت أعماله الجادة. بعد استقلال الجزائر عاد إلى أرض الوطن عام 1963، فعين مديرًا للتعليم العالي الذي كان محصورًا في جامعة الجزائر المركزية، حتى استقال سنة 1967، متفرغًا للكتابة، بادئًا هذه المرحلة بكتابة مذكراته، بعنوان "مذكرات شاهد القرن". توفى في مثل هذا اليوم عام 1973، مخلفًا وراءه مجموعة من الأفكار القيمة والمؤلفات النادرة. تحلَّى مالك ابن نبيّ بثقافة منهجيَّة، استطاع بواسطتها أن يضع يده على أهم قضايا العالم المتخلِّف، فألف سلسلة كتب تحت عنوان "مشكلات الحضارة" بدأها بباريس ثم تتابعت حلقاتها في مصر فالجزائر، ومن أشهر مؤلفاته: بين الرشاد والتيه تأملات دور المسلم ورسالته في الثلث الأخير من القرن العشرين شروط النهضة الصراع الفكري في البلاد المستعمَرة الظاهرة القرآنية الفكرة الإفريقية الآسيوية فكرة كومنولث إسلامي في مهبِّ المعركة القضايا الكبرى مذكرات شاهد للقرن الطفل المسلم في عالم الاقتصاد مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي مشكلة الثقافة من أجل التغيير ميلاد مجتمع وجهة العالم الإسلامي آفاق جزائرية النجدة... الشعب الجزائري يباد حديث في البناء الجديد إنتاج المستشرقين الإسلام والديمقراطية معنى المرحلة.