نريد أن نعرف بالضبط ، ما هو سر هذه العلاقة "الملتبسة" بين الوزير "أبو عيون كحيلة" الفنان فاروق حسني و بين النظام السياسي المصري ؟! ، إذ إن كوارث الفنان "الجميل" لا تعد و لا تحصى ، و كانت جميعها على قلب و "حجر" النظام مثل "السمن على العسل"..! في بعضها كادت تحترق القاهرة عام 2000 ، بسبب قيام وزارة حسني بطبع و توزيع رواية " وليمة لأعشاب البحر" لكاتب سوري نكره ، كل مؤهلاته أنه يكتب روايات من النوع الذي يستهوي "مزاج" الوزير . لم يعاقب النظام وزيره الذي أنفق من أموال المسلمين في ما أهان المسلمين في عقيدتهم ودينهم و نبيهم ، و أشعل فتنة دينية قمعت برصاص الشرطة ، و أزمة سياسية طحنت بجنرالات لجنة الأحزاب . ظل الوزير على الحجر ، و دخل مجدي حسين و صلاح بديوي السجن ، و كأني بالنظام يرفع شعارات " نموت .. نموت و يحي حسني " ، كان مدهشا هذا السلوك السياسي الشاذ للنظام ، هو يضع فاروق حسني في كفة تفوق مصلحة و أمن و سلامة البلد .. لم يتحمل النظام حتى أن يرى وزيره "المدلل" و هو يعتذر للرأي العام ، و يعد الناس خيرا ، و هو الأسلوب المتبع في أية دولة يحترم النظام فيها نفسه و يكون عنده شوية دم . و مع ذلك كابر الوزير و عاند و دافع عن المؤلف و روايته الداعرة ، و اتهم النقاد و الرأي العام بالجهل ، و أنهم غير مزودين بأدوات النقد الحداثي ، و الأنكى أنه نسب الرواية إلى مدرسة "الأدب الديني" التي تدعو إلى الحشمة و الأخلاق الحسنة !! الوزير لم يكتف بذلك بل وقف أمام كاميرات التلفزيون ، يهدد و يتوعد حزب العمل و صحيفة الشعب اللتين تبنتا الحملة عليه ، بالثبور وعظائم الأمور ، و أنه سيجعلهما "قصصا و أحاديث" .يومها شاهدت الوزير و هو يتحدث بثبات و بثقة لا يعتريها شك في قدرة من " يقف ورائه" في مساندته في الوفاء بوعده و عهده بتأديب حسّاده و من تتبع "عوراته" .. و كان له فعلا ما شاء و اشتهى !. كانت أزمة وليمة بسيطة و لم يكن لها أن تتطور على هذا النحو الذي هدد أمن الدولة و شرعية النظام في آن و احد ، لو أن النظام تحمل "لوعة" توبيخه و لو مرة واحده لوزيره "المسبسب" ، و اعتذر اعتذارا لطيفا و أغلق الملف بعد ذلك مباشرة . إحدى دول الخليج مرت بأزمة مشابهة بعد أزمة وليمة بعام تقريبا ، عندما وزعت وزارة التعليم بها على طلاب بعض المدارس الأجنبية ديوان "أزهار الشر" للشاعر بودلير ، و رسم على غلاف الديوان صورة لفتاتين تبدوان و كأنهما في "مشهد سحاقي" ، و قامت قيامة الناس و خرجت التظاهرات الاحتجاجية ، غير أن الأزمة سريعا ما تم احتوائها ، باعتذار لطيف من الحكومة ، ووعدها بمصادرة الكتاب و تغييره . ماذا كان يضير النظام المصري ، لو أنه اعتذر للناس و انتهى الأمر ؟! بالطبع لم يحدث و لن يحدث طالما كان فاروق حسني حاضرا ب"سره الباتع" في أية أزمة أو كارثة .. و كما يقول المصريون " من أجل الورد ينُسقى العليق " . تذكرت أزمة وليمة بعد رفض الرئيس مبارك استقالة الوزير ، الذي أضاف مؤخرا إلى رصيده من الكوارث ، كارثة جديدة ، تكفي لإقالة الحكومة بكامل وزرائها لا وزير واحد كل مؤهلاته أنه وزير "حبوب" يستلطفه الوسط السياسي. كنت أتوقع أن يرفض الرئيس استقالته ، و سيرفضها مستقبلا إذا ما تكررت كوارثه ، فالرجل فيما يبدو يملك سحرا خاصا تخور و تضعف أمامه قوة الرجال و صبرهم و جلدهم رغم كل أخطائه .. و لذا فلنستريح و نريح أنفسنا .. ففاروق حسني وزير ضد التغيير أو الاقالة ، و لن يرحنا منه إلا أن يغيبه عزرائيل أو يغيبنا هو بكارثة من كوارثه . [email protected]