تمخَّض الجبل فولد فأرًا، وتمخَّض العلمانيون من أقصى مصر لأقصاها فولدوا شيئًا شبيهًا، تحت شعار (مصر مش عزبة) انتفضت الفلول المنتمية للوطنى المنحل مع الفلول العلمانية المحسوبة على الثورة، انتفضوا انتفاضة كان يُتوقع لها أن تكون مليونية فإذا بها (مئوية) يحتاج معها الخوارزمى نفسه إلى (ذمة واسعة حبتين) ليعتبرها ألفية، ولكن لا تحزن يا عزيزى؛ فنحن اعتدنا على تشويه المصطلحات فى زمنٍ غدت فيه الدعارة فنًّا، وغدا فيه الأوغاد أبطالاً ثوريين مناضلين، وأمسى الدين رجعية، والمتدينون ظلاميين..إلخ.. فى هذا الزمن يا عزيزى لا تنفجر غيظًا إن صارت العشرة ألفًا، وأضحت المائة مليونًا.. لا تحزن يا عزيزى؛ فقبلهم قال فرعون يحذر قومه من موسى: (إنى أخاف أن يبدل دينكم أو أن يُظهر فى الأرض الفساد)، فقد اعتبر فرعون ما جاء به موسى فسادًا، وهكذا كلُّ من تربَّى على الشرعة الفرعونية، يعتبر الإصلاح فسادًا، والفساد إصلاحًا وتنويرًا. ومين اللى قال لكم بس إن مصر عزبة؟!، من أوحى لكم أنَّ (مصر) عزبة ستُحكم من مكتب (ساويرس) أو من (استديوهات الضرار) فى فضائيات الفتنة؟!، من الذى ألقى فى روعكم أنَّ دستور (مصر) لابد أن يحظى بموافقة (هيومان رايتس)؟!. أيَّها الشجعان المناضلون؛ هل تتحلون بأخلاق الفرسان وتعترفون بأنكم لا تمثلون إلا أنفسكم؟!، هلّا تركتمونا لبلدنا، وعاملتمونا كأنَّنا أصحابه لسنا دخلاء عليه؟، وهلا احترمتم أنفسكم ومارستم الصمت قليلاً حتى يقول الشعب كلمته فى دستوره الذى ترفضونه لمجرَّد الرفض؟!، قولوا لنا مَن أنتم ومَن تُمثِّلون، وإلا قولوا لنا صراحةً: ما الذى لا يعجبكم فى مسوَّدة الدستور الذى جاء أقل من طموح الإسلاميين بكثير؟، الذى يحقُّ له الرفض هم الإسلاميون ووراءهم عامة الشعب، وإن انتحرتم كمدًا، فالدستور لا يُلبى آمالهم.. هذه هى الحقيقة، ولكنّ الخطأ ليس خطأكم وإنما خطأ من يُسارع فى (الطبطبة) عليكم كلما قلتم (مش لاعبين).. أيها العلمانيون الكارهون أنفسكم؛ رضيتم بأن تكونوا ديكورًا يتجمَّل به الحزب الوطنى ثلاثين سنة، تدافعون فيها تملقًا ونفاقًا عن سيدكم المخلوع بأكثر مما يدافع هو عن نفسه، والآن لا تعارضون ولكنكم على حدّ وصف المحترم وائل قنديل (تكايدون)، صدعتم رؤوسنا بالديمقراطية ثمَّ أنتم تهتفون قبل مرور أربعة أشهر: (يسقط النظام)، فلتضربوا رؤوسكم فى أحسن (حيطة)، فحتى لو اختطفتم بعض المكاسب بهذا التهويش، فلن تختطفوا هوية مصر؛ لأنَّ مصر مش عزبة، ولن تكون عزبة لكم ولا لغيركم.. لن ترجع مصر عزبة يحكمها (سيدكم)، ويكون كلّ همّ خولى الأنفار فيها أن تعاد الانتخابات الرئاسية بعد كتابة الدستور!.