أكد الدكتور أحمد شوقي، الخبير المصرفي والاقتصادي، أن اجتماع لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي والمقرر عقده اليوم الخميس 2 أكتوبر 2025، يعد من الاجتماعات شديدة الأهمية والحساسية، حيث يأتي في ظل تداخل مجموعة كبيرة من المتغيرات الاقتصادية، سواء على الصعيد المحلي أو الإقليمي والدولي، مشيرًا إلى أن قرارات اللجنة لا تنعكس فقط على الداخل المصري، بل تتأثر أيضًا بالمحيط الجيوسياسي والاقتصادي في المنطقة. تحسن معدلات التضخم وأوضح شوقي أن العوامل المحلية تشير إلى تحسن نسبي في معدلات التضخم، وهو ما ظهر جليًا في الانخفاض المتتالي خلال الأشهر الأربعة الماضية، حيث تراجع معدل التضخم العام للحضر إلى 12% في أغسطس، مقارنة ب13.9% في يوليو، و14.9% في يونيو، و16.8% في مايو 2025. كما انخفض معدل التضخم الأساسي ليسجل 10.7% في أغسطس، مقابل 11.6% في يوليو، و11.4% في يونيو، و13% في مايو. واعتبر أن هذه المؤشرات الإيجابية تمنح فرصة لخفض أسعار الفائدة لدعم النشاط الاقتصادي. وأشار الخبير المصرفي إلى أن قرار رفع الدعم عن المحروقات بدءًا من أكتوبر، وفق ما أعلنه رئيس مجلس الوزراء، سيؤدي إلى زيادة أسعار المنتجات البترولية، وهو ما سينعكس على معدلات التضخم. وأضاف أن استمرار الدولة في دعم أسعار السولار يهدف إلى الحد من التأثير المباشر على أسعار النقل والتشغيل، وبالتالي تقليل حدة الضغوط التضخمية. ومع ذلك، فإن الأثر المتوقع من رفع الدعم عن باقي المحروقات قد يتراوح بين 1% إلى 2% على معدلات التضخم، ما يعني أن هذا العامل قد يفرض ضغوطًا إضافية على السياسة النقدية. وفيما يتعلق بمستويات أسعار الفائدة الحالية، أوضح شوقي أنها تبلغ 22% على الإيداع و23% على الإقراض، بعد سلسلة من الخفض المتتالي بلغت 5.4% منذ بداية العام. وقال إن مقارنة هذه المستويات مع معدل التضخم العام البالغ 12% تكشف عن وجود فجوة إيجابية تصل إلى 10% لصالح سعر العائد الحقيقي على الإيداع، وهو ما يفتح الباب أمام سيناريو أول يتمثل في خفض أسعار الفائدة بما لا يقل عن 1%. وأكد أن هذا السيناريو من شأنه أن يخفف من الأعباء التمويلية عن الدين العام المصري، ويقلل التكلفة التمويلية على المؤسسات والشركات، بما يعزز من فرص النمو في الناتج المحلي الإجمالي. السيناريو الثاني ومع ذلك، شدد شوقي على أن السيناريو الثاني، وهو الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير، يبدو الأكثر ترجيحًا في اجتماع أكتوبر، وذلك كخيار تحوطي لمواجهة الضغوط التضخمية المتوقعة نتيجة رفع أسعار المحروقات والخدمات. وأوضح أن تثبيت الفائدة في هذا التوقيت يمنح الاقتصاد المصري فرصة لاستيعاب الضغوط التضخمية من جانب السياسات المالية والنقدية، مع مراقبة رد فعل السوق خلال الفترة المقبلة. وأضاف أن التوترات الجيوسياسية المتصاعدة في منطقة الشرق الأوسط تمثل عاملًا إضافيًا قد يدفع اللجنة إلى مزيد من الحذر، لاسيما مع احتمالات امتداد تأثيراتها غير المباشرة على الاقتصاد المصري، سواء من خلال تقلبات أسعار الطاقة أو تدفقات الاستثمارات. واختتم الدكتور أحمد شوقي تصريحاته بالتأكيد على أن قرار لجنة السياسات النقدية في أكتوبر سيكون أكثر تحوطًا وميلاً نحو التثبيت، رغم وجود مؤشرات محلية تدفع باتجاه الخفض. وأشار إلى أن الخفض يظل واردًا خلال الاجتماعين المتبقيين من العام 2025 إذا ما واصل التضخم تراجعه وأظهرت المؤشرات الاقتصادية قدرة على استيعاب الضغوط الحالية، معتبرًا أن هذا النهج يعكس توازنًا مطلوبًا بين دعم النمو الاقتصادي والحفاظ على استقرار الأسواق.