طبعًا أنا لا أدافع عن النائب العام بل أنا ضد أن يكون التعيين في منصب النائب العام بقرار من رئيس الجمهورية حتى أضمن للنائب العام ولغيره الاستقلال عن ظلم الدولة وسيطرتها، وطبعًا لا أدافع أيضًا عن الدكتور مرسي ولا أهاجمه حتى ولو كان مصرًّا على تجاهل ما ننصحه به جميعًا في كل مناسبة، ولكي نخوض إشكالية الدكتور مرسي مع القضاء المصري لابد وأن نضع النقط فوق الحروف فقد اتجه قطار مرسي منذ اللحظة الأولى إلى الاصطدام بالقضاء وقد وضعه مستشاروه في الاتجاه الخاطئ .... وشجعه منافقوه بالباطل أو محبوه بحسن نية على أن يقع في أربعة اصطدامات كارثية ......فكانت الأولى عند حلف اليمين ..... وكانت نصيحة من مجهول هي في غاية الإساءة إلى الرجل أن يبدأ حياته بكسر القانون ....... أي قانون ....... وأن يرفض القسم أمام المحكمة الدستورية لكنه عاد وأقسم ولكن بعد أن جنت مصر سلبيات هذه النصيحة، وجنى مرسي أيضًا ثمار النصيحة الفاسدة ..... ثم سار قطار مرسي ليصطدم بقرار إعادة المجلس المنحل.... هكذا نصحه المستشارون الخصوصيون ...... فاستمر الصراع وأكد القضاة حكمه.... بحل المجلس وعاد مرسي في قراره دون أن يمس المستشارين بسوء ..... بل ودون أن يعدل منهم أو يضيف إليهم وسار القطار لمحطات متعاقبة وكلها اصطدام بالقضاء .... حتى صدر حكم المحكمة الإدارية ببطلان وحل البرلمان ..... فتعالت التصريحات من حول مرسى لتكيل الاتهامات للحكم .....بل وذهب البعض منهم إلى البرلمان ..... واجتمع هناك رغم أنف القانون وفي حماية الشرطة ليضعوا جميعاً الدكتور مرسي في أحرج المواقف وليصبح متسترًا على اجتماع أفراد عاديين في مقر البرلمان مكلفين الرجل إحراجًا لا يستحقه، ثم كان الاصطدام الرابع بإبداء الرغبة في مناقشات الحملة التأسيسية بتوحيد جهات القضاء دون الرجوع إلى القضاء ولا إلى جمعياتهم العمومية ولا إلى نواديهم، ثم كان الاصطدام الخامس بعد أن نصحه مستشاره بأن يصطدم بالقضاء والقضاة وقانون السلطة القضائية مجتمعين بزعم إقالة النائب العام ..... والتي هي ضد القانون.... فأصدر قرارًا منعدمًا لا يمكن للرئيس ولا لغير الرئيس أن يصدره، ترى من هذا المستشار العجيب الذي يضر الدكتور مرسي كل هذا الإضرار؟! ومن هؤلاء اللذين يكرهون الرجل إلى هذه الدرجة ويتآمرون عليه ؟!...ويهاجمون من يريد أن يصحح له الطريق بكل وسائل الهجوم؟! .... حتى يتوارى المخلصون ويظهر على السطح الأقزام؟! لقد أظهروا مرسي بصورة الرجل الذي يبحث عن تجميع السلطات في يده وأظهروه بصورة "ديكتاتور" لا يهتم بالقانون ولا بالقضاء ..... بينما لم يستهدف الرجل ذلك ولا كان هذا من طبيعته ..... ألم يكن من الأولى للناصحين أن يبذلوا جهدهم لتحقيق الاستقلال الكامل للقضاء، والعجب أن بعضهم ما زال يتقرب إلى الرئيس بإضافات دستورية تجمع له كل السلطات وكأننا نسلم إلى الرئيس الحالي ما إن لم يسئ هو استخدامه ويصبح ديكتاتورًا به فإن من يأتي بعده سيكون ديكتاتورًا قطعًا.... بمقتضى هذا الدستور وهذه الصلاحيات ....لقد عادت صورة "مستشار السوء" الذي يزين للحاكم ما يفرّق بينه وبين شعبه، والغريب أن كل من يحاول أن يصحح يصبح فجأة هو العدو......وهو الخطر .....وهو الحاقد، وبهذه المناسبة فقد كان المستشارون الجهلاء يحيطون بالرئيس "عبد الناصر" فأراد أحدهم أن يجامله وبعد هزيمة 1967 قال المنافق لعبد الناصر: (لقد فشلت إسرائيل في حربها فهي قد هزمت مصر إلا أنها لم تنجح في أن تسقط "عبد الناصر") ...وفي اليوم التالي كانت هذه العبارة هي المانشيت الرئيسي في الصحف القومية كلها..... وعجبي.... !!!