كثرت الشكاوى من "النخبة السياسية" في مصر.. وشغبها وصخبها وانقسامها و"خناقاتها".. ومن برامج ال"توك شو" التي تحولت إلى طبعات مستنسخة من بعضها البعض. المشكلة التي قد ينساها الرأي العام، أن النخبة الحالية.. هي "سليلة" النظام السياسي السابق حاملة لذات جيناته الوراثية: فساد وشللية وتوريث وتأبيد ونهب والخدمة تحت أحذية حاملي الشيكات من رجال الأعمال الفاسدين. عماد الدين أديب، طالب الرئيس مرسي يوم أمس في "الوطن"، بأن "يتفاهم" مع "الفلول".. وهو الطلب الذي يأتي عقب ما يعتقد بأنه "هزيمة" لحقت بالإخوان يوم "جمعة الحساب".. وانتصار القوى المدنية عليها.. بالتزامن مع ما يتردد عن "هزيمة" الرئيس في معركة "إقالة" النائب العام.. بمعنى آخر فإن ثمة انطباع داخل "نخبة مبارك" بأن "الإخوان" وكذلك الرئيس في أضعف حالاتهم.. وأن الوقت مناسب، لتوظيف حالة الضعف تلك في إعادة الاعتبار ل"دولة مبارك" واستدعائها لتحل محل "دولة الإخوان" التي تلقت سلسلة "هزائم" متلاحقة، بحسب الاعتقاد "الفلولي" السائد حاليًا. في الذكرى التاسعة والثلاثين لانتصار أكتوبر.. طالبت "النخبة الفلولية" بإعادة الاعتبار للرئيس المخلوع، وحثت على إطلاق سراحه والاحتفال به باعتباره صاحب نصر أكتوبر.. وبطل "الضربة الجوية الأولى".. وكلها صادرة من قنوات رجال أعمال انتفخت جيوبهم وحساباتهم البنكية.. من الفساد المالي والإداري والأمني والاقتصادي في دولة مبارك. بعد "الخروج الآمن" ل"الإخوان" من "غزوة الحساب".. بدأ إعلام الفلول يمهد الطريق ل"البديل" الجاهز.. إذ طفقت الحوارات مع الجنرال الهارب أحمد شفيق، تتساقط علينا كسفًا بالتوازي مع حملة واسعة ومنظمة بالتنسيق مع قنوات "غسيل الأموال"، لتنظيم حفلات "زار ليلية" لنجوم موقعة الجمل، الذين "فلتوا" بفضل "النائب العام".. ليخرجوا من "السجن" إلى فضائيات مبارك، كنجوم "توك شو" وك"جنرالات" فاقوا في تاريخهم العسكري ما حققه جيل أكتوبر من انتصارات. حفلات "الدجل" الليلية التي تشاغب الآن على القنوات "المشبوهة"، لم تكن أبدًا انتصارًا ل"النائب العام".. بل توظيفًا للأخير في تصفية الرئيس سياسيًا توطئة لإقناع الرأي العام، بأن شفيق وسرور والشريف وعز والعادلي وحسن عبد الرحمن، هم "الخيار الأفضل".. وأن القانون والدستور الذي أعاد عبد المجيد إلى مكتبه.. هو ذاته القانون والدستور القادر حاليًا وفق هذا المنطق الفلوليّ على إعادة مبارك إلى عرشه في قصور الرئاسة. المشكلة.. أنها ليست صراعًا على "المصلحة الوطنية" وإنما قتال شرس من أجل طي ملفات الفساد التي بدأت تتدفق مع بداية إعادة بناء مؤسسات الدولة الدستورية والتي باتت أقرب إلى ملّاك الفضائيات من "حبل الوريد". [email protected]