سماسرة التسويق السياسى!

تأخر الإعلان عن التشكيل الوزارى الجديد، أثار لغطًا كبيرًا حول الرئيس، خاصة أن ثمة انطباعًا بأن "الحرية والعدالة" كان لديه صورة جاهزة، لحكومة ما بعد الانتخابات الرئاسية، وذلك استنادًا إلى اتفاق د. مرسى، مع القوى الوطنية عليها، عشية جولة الإعادة.
يتردد كلام كثير، بشأن الأسباب الحقيقية، وراء تعثر هذه الخطوة المهمة، حتى الآن، البعض يحمل "العسكرى" المسؤولية، والبعض الآخر، يتهم من يصفهم ب"مسؤولين كبار" بعدم التعاون مع الرئيس، وآخرون يرون أن الخلافات داخل جماعة الإخوان المسلمين، حول نصيب "الحرية والعدالة" من الحقائب، هى التى تؤزم المسألة أمام رئاسة الجمهورية.
والحال أنه ربما تكون كل هذه الأسباب، مجتمعة، جزءًا من أزمة التشكيل الوزارى المعلق.. ولكن يبدو لى أن الحقيقة، ربما تختفى خلف، صعوبة الاختيار، والرغبة فى كسر التقاليد التى كانت متبعة فى عهد الرئيس السابق.
من الواضح أن غالبية الأسماء، التى ترددت بشأن توليها منصب رئاسة الوزراء، هى فى واقع الحال، شخصيات لن تصنعها "الكفاءة"، وإنما "الإعلام" الفاسد والمؤسس على "الشللية".. وعلى شبكة المصالح، وقنوات المبدأ الانتهازى الرخيص:" شيلنى وشيلك".
كل هذه الأسماء.. مخلقة داخل حضانات ال"توك شو" على فضائيات رجال أعمال "فلول" يتعمدون صناعة نجوم السياسة والاقتصاد، من قبيل إعداد "الخدم" و"الإماء" للعمل على خدمة إمبراطورياتهم المالية الضخمة، والتى أسسوها من أموال البنوك المنهوبة والاستيلاء على أراضى الدولة، وتحت حماية الأجهزة السياسية والمالية والأمنية فى عهد الرئيس المخلوع.
الرئيس مرسى.. لا يجد أمامه، إلا تلك الأسماء المشكوك فى "أصولها" السياسية، وفى "جيناتها" الوراثية، التى تمتد إلى عصر الفساد المالى والإدارى والاقتصادى والإعلامى والأمنى، والذى خيم على البلاد قرابة ستة عقود مضت.
جزء من مشكلة الاختيار.. لعله يرجع إلى هذا السبب.. فالأسماء هى هى التى نسمعها منذ عهد مبارك.. وتحمل "رسالته" الإجهاضية إلى الثورة.. خاصة أنها لا تُغسل سمعتها ولا تخضع لعمليات تجديد "نيولوك" ولا تُسوق لصانع القرار إلا على فضائيات مبارك.. وعلى قنوات "شفيق" و"عمر سليمان" و"ممدوح إسماعيل" و"صفوت الشريف".
من الواضح أن نظام مبارك.. يجتهد الآن ليدلف إلى مفاصل الدولة مجددًا من بوابة التسويق الإعلامى لسياسيين واقتصاديين من سلالة مبارك.. وليسوا من سلالة الثورة.. وهى مناورة كبيرة.. ستكون تكلفتها باهظة، حال نجح "الحواة" ولاعبو "السيرك" ومتسلقو "الأكتاف" فى تمريرها على الرئيس مرسى.
وفى تقديرى أن المشكلة لا تتعلق ب"العسكرى" ولا بالإخوان.. وإنما تتعلق بهذه المؤامرة الكبيرة.. فليتريث الرئيس ولينتبه.. فمصر ليست فى فضائيات "الفلول"، وإنما أوسع وأرحب وأكثر ثراء.. فابحث عنها بعيدًا عن "سماسرة" التسويق السياسى.
almesryoonmahmod@gmail.com