الفارق بين الرئيس محمد مرسي، وبين مرشح "الفلول" أحمد شفيق كان طفيفًا.. وهي نتيجة ذات دلالة بالغة الأهمية، ينبغي تأملها وتحليلها بشكل دقيق. مبارك في انتخابات 2005، فاز ب 6 مليون صوت، ونسخته في انتخابات 2012 ، حصد 12 مليون.. أي حصل على ضِعف أصوات سيده وأستاذه ومثَله الأعلى! .. فمن أين جاء شفيق بكل هذه الأصوات؟! النتيجة تؤكد أننا كنا أمام مخطط إجرامي وشيطاني محسوب بدقة.. ويعني أن النظام القديم لا يزال موجودًا وبقوة في الجهاز الإداري بالدولة والأجهزة الأمنية والإعلامية.. وكان قاب قوسين أو أدنى من هزيمة الثورة.. وإعادة نظام مبارك من جديد. من لطف الله تعالى بمصر وبالعالم العربي، أن قوى الثورة كانت شديدة الوعي بأن المعركة كانت "حياة أو موت".. بالنسبة لها.. وبالنسبة لمرشح "الدولة العميقة".. وهو الوعي الذي جعل القوى السياسية المحسوبة على الثورة، من إخوان وسلفيين وجماعة إسلامية وحركات ثورية مدنية ، وعلى رأسها حركة 6 إبريل، تسجل بطولات كبيرة ، وتخوض معارك عاتية ضد الفلول في الدلتا وفي الصعيد وفي الإسكندرية ومطروح وسيناء.. كانت تعلم أن المعركة لا تخص فقط مصر، وإنما دول الربيع العربي كله.. كانت تدرك أن انكسار الثورة، وهزيمة مرشحها، يعني انكسار الربيع العربي.. وكانت ستجهض ثورة سورية، وتثير الفزع في تونس وليبيا واليمن. انتصار محمد مرسي لم يكن انتصارًا للثورة المصرية فقط، وإنما انتصار للثورات العربية، وأعطى الأمل في هزيمة الفلول في كل الدول العربية التي خضّبت ميادينها وشوارعها بدماء شهداء الحرية. في سورية لم ينَمْ الثوار ليلتي 17 و18 يونيو؛ لأن هزيمة الثورة في مصر.. كانت تعني انتصار حزب البعث في سورية.. حتى بعد سقوط الأسد.. وكانت ستفُتُّ في عضد ثوار اليمن، وتبرق لهم الرسائل بعودة المجرم علي صالح.. وعودة زين العابدين إلى تونس.. والقذافي إلى ليبيا.. ليس بشخوصهم ، ولكن بالنظم التي أسسوها على الفساد والقمع والقهر والتزوير والتعذيب. لم يدرك الكثير حجم المسؤولية الملقاة على التجربة المصرية.. لم يعِ البعض أن الحلم العربي كان معلقًا إلى أن تجتاز الثورة المصرية أخطر مراحلها على الإطلاق، فإذا انكسرت انكسر العرب جميعًا.. وإذا انتصرت انتصر الربيع العربي، واتخذ من تجربة انتخابات 16 و17 يونيو مصدر إلهام.. وسببًا للصبر والمثابرة والجَلَد والصلابة.. فلا توجد في العالم العربي "دولة عميقة" أو "قبيحة" في حجم ووزن ما تركه مبارك وعصابته على مدى أربعين عامًا تقريبًا.. ومع ذلك انتصر عليها الفلاح البسيط.. ابن محافظة الشرقية، مسنودًا بقوة الثورة التي آمنت بأنه ليس أمامها إلا أن تخوض معركتها الأخيرة تحت قيادته.. فالخلاف معه سياسي.. وليس خلافًا جنائيًّا كما هو عليه الحال ، مع مرشح "دولة اللصوص" الفريق أحمد شفيق. ويبقى أن نشير هنا إلى أن الفارق الطفيف في الأصوات بين مرشح الثورة ومرشح مبارك.. يؤكد أن الخيار السياسي وحده لا يكفي.. وأن الميدان والثورة لن يعودا "ترفًا " ، وإنما "طرفًا" أصيلاً لتصفية "دولة الفلول". [email protected] نقلا عن المصريون