شهدت الأردن اليوم "الجمعة" مسيرات سلمية للمطالبة بتشكيل حكومة إنقاذ وطني وقانون انتخابات توافقي وتسريع وتيرة الإصلاح الشامل ومكافحة الفساد ومحاكمة المفسدين. وتأتي تلك المسيرات التي شهدتها محافظات الكرك والطفيلة والبلقاء (مسقط رأس رئيس الوزراء الأردني الجديد الدكتور عبد الله النسور) وغابت عن العاصمة عمان للمرة الأولى منذ فترة طويلة ، بعد يوم واحد من أداء الحكومة الجديدة اليمين الدستورية أمام العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني. واعتبر المشاركون في تلك الفعاليات أن تغيير رئيس الحكومة الأردنية والإبقاء على ذات النهج لن يغير من الحال شيئا، مطالبين النظام بتشكيل حكومة إنقاذ وطني تخرج البلاد من حالة التأزيم القائمة . وكانت الحركة الإسلامية في الأردن ممثلة في جماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسي حزب جبهة العمل الإسلامي قد أعلنت أمس عقب لقاء جمع قيادات بالحركة مع ئيس الوزراء الأردني الجديد الدكتور عبد الله النسور أنه لم يقدم أي عرض يمكن أن يغير من المعادلة القائمة أو مواقف الحركة بشأن المطالب الإصلاحية بما فيها تعديل قانون الانتخاب . واستهجن حزب جبهة العمل الإسلامي تصريحات النسور التي أكد فيها "أنه لا تغيير على قانون الانتخاب الذي يعتمد مبدأ الصوت الواحد المجزوء" خاصة بعد أن رفض بشدة هذا القانون تحت قبة البرلمان عندما كان نائبا وأدرك ويلاته على الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية . وتطالب الحركة الإسلامية بالأردن وعدد من القوى والأحزاب والنقابات والحراكات الشعبية والشخصيات الوطنية بقانون انتخاب مختلط يجمع بين القائمة الوطنية بنسبة 50 في المائة والمقاعد الفردية بنسبة 50 في المائة بحيث يمنح كل ناخب عددا مساو لعدد مقاعد دائرته الانتخابية. وكان مشروع القانون المعدل للانتخابات والذي صادق عليه العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في الثالث والعشرين من شهر يوليو الماضي قد رفع عدد المقاعد المخصصة للقائمة الوطنية من 17 إلى 27 مقعدا إضافة إلى 108 مقاعد للدوائر الانتخابية المحلية ،إلى جانب تخصيص 15 مقعدا للكوتا النسائية ليرتفع بذلك عدد أعضاء مجلس النواب الأردني إلى 150 عضوا مقابل 120 حاليا. ونظم حراك أبناء لواء "فقوع" بمحافظة الكرك وقفة احتجاجية أمام مسجد اللواء الكبير، منتقدين استمرار بعض الوزراء في مناصبهم على مدار الحكومات المتعاقبة، متسائلين عن الفائدة من تغيير بعض الوجوه والنهج يزال كما هو؟". وكان رئيس الوزراء الأردني الجديد الدكتور عبد الله النسور قد أبقى على 16 وزيرا من الحكومة السابقة برئاسة فايز الطراونة. وأكد المشاركون في الوقفة الاحتجاجية أنه لا حل يخرج الوطن من أزمته غير حكومة إنقاذ وطني توافقية تعدل قانون الانتخاب بشكل يضمن إنتاج برلمان يعبر عن إرادة الأردنيين ويكرس مبدأ الشعب مصدر السلطات. وشدد المشاركون في الوقفة الاحتجاجية تضامنهم مع معتقلي الحراك ووسائل الإعلام ، مطالبين بإطلاق سراح معتقلي الحراك الذين لم يكن لهم ذنب سوا أنهم طالبوا بمكافحة الفساد وأهله. ودعوا الحكومة الجديدة ورئيسها الذي عارض قانون المطبوعات والنشر بتجميد القانون حفاظا على صدقية مواقفه التي أعلنها مرارا تحت قبة البرلمان. وطالب ممثلو الحراك الشعبي والشبابي في المزار الجنوبي بمحافظة الكرك خلال الوقفة الاحتجاجية التي نفذوها بعد صلاة "الجمعة" اليوم في ساحة مسجد جعفر بن أبي طالب الحكومة الجديدة الإسراع في وتيرة الإصلاحات السياسية والاقتصادية وعدم رفع أسعار المواد التموينية والمحروقات. وطالب المشاركون في الوقفة الاحتجاجية في المزار الجنوبي بمحافظة الكرك بإعادة النظر في قانون الانتخابات النيابية وبنود قانون المطبوعات والنشر وإطلاق الحريات الإعلامية والحريات العامة وإعطاء وسائل الإعلام مساحة واسعة لتمكينها من اخذ دورها الفاعل في المراقبة والكشف عن الأخطاء والتجاوزات التي تعيق مسيرة الأردن الإصلاحية. ودعوا إلى إعادة النظر في خصخصة الشركات الاقتصادية واسترجاع أموال الشعب ومحاسبة الفاسدين والمفسدين والحفاظ على اقتصاد الوطن وموارده المالية من النهب والسلب وقف المحسوبية والواسطات في التعيينات الحكومية. وخرجت مسيرة عقب صلاة "الجمعة" اليوم بمحافظة الطفيلة (180 كم جنوب عمان) شارك فيها العشرات من أمام مسجد البقاعي استنكر خلالها المشاركون تصريحات رئيس الوزراء الأردني الجديد التي تتناقض مع مواقفه تحت قبة البرلمان عندما كان نائبا ، مطالبين الحكومة الجديدة بالإفراج عن جميع معتقلي الحراك، منددين باعتقالهم في الوقت الذي لم تتخذ فيه الحكومات أي إجراء ضد الفاسدين"على حد قولهم". وكان العشرات من ناشطي الحراكات المختلفة في الأردن قد نفذوا اليوم اعتصاما أمام سجن الجويدة (شرق عمان) احتجاجا على اعتقال نشطاء من الحراك وطالبوا بضرورة الإفراج عنهم . ويشهد الأردن منذ شهر يناير 2011 مسيرات واعتصامات وتظاهرات ووقفات احتجاجية للمطالبة بتحقيق الإصلاح الشامل ومكافحة الفساد ومحاكمة المفسدين.