منذ عدة أيام كنت أتحدث أنا وصديقي العزيز المستشار شريف صفوت لكى نطمئن على بعضنا البعض, كل مرة أتحدث إليه فيها أجد دائمًا ابتسامته تملأ وجهه, ولكن فى هذه المرة اختلف الأمر تمامًا فلم يكن فى أفضل حالاته وعندما تجاذبنا أطراف الحديث لكى أعلم ما الذى يعكر صفوه, وجدته يحدثنى عن مشكلة هيئة النيابة الإدارية بصفته أحد أعضائها, وسألنى سؤالاً صريحًا لماذا قامت الثورة؟, فكان إجابتى له دون أى تفكير أن الثورة قامت من أجل "الحرية والكرامة والعدالة وعدم التفرقة والتمييز بين أفراد هذا الوطن", فقال لى وهل محاولة إقصائنا من الدستور الجديد بسبب وجهة نظر البعض ومنهم المستشار الغريانى تسمى أيه؟ فسكت دون أن أتحدث, لأنه فى أغلب الأوقات تكون هناك أمور لا يرد عليها الواحد منا لأنها تجيب عن نفسها دون إقرار من أحد بصحتها. استمر الحديث بيننا وأكد لى المستشار شريف تخوف أعضاء النيابة الإدارية من مساعى رئيس الجمعية التأسيسية للدستور المستشار حسام الغرياني لفصل النيابة الإدارية عن الهيئة القضائية واعتبارها فرعًا من جهات الإدارة التابعة للسلطة التنفيذية ممثلة فى وزارة العدل، وأكد لى أن هناك معومات مؤكدة وصلتهم تفيد بأن المستشار الغريانى قام بحذف النيابة الإدارية من تشكيل اللجنة الإدارية للانتخابات بنص المفوضية الوطنية للانتخابات مما يؤكد نيته في فصل النيابة الإدارية عن القضاء واعتبارها هيئة غير قضائية وهذا الكلام أثار حفيظته هو وزملائه بسبب عدم الاستجابة للمطالب وكذلك عدم محاولة رئيس الجمعية التأسيسية الحديث معهم لذلك قرر أعضاء الهيئة الدخول فى اعتصام بداية من الأمس وحتى غد الخميس رافعين شعار "الاعتصام هو الحل". وفى أثناء حديثنا حاولت أن أوضح له أنه من الممكن أن تكون وجهة نظر المستشار الغريانى صحيحة وأن دور النيابة الإدارية لا يجعلها تستحق الاستمرار ضمن الهيئات القضائية, فرد بكل انفعال قائلاً "هل تريد معرفة بعض فوائد النيابة الإدارية"، فقلت له نعم.. فقال لى للنيابة الإدارية دور وقائي في ضمان حقوق المواطنين في المرافق والخدمات العامة والتمتع بها والحفاظ علي المال العام من خلال دورها الرقابي علي الجهاز الإداري ليؤدي دوره ومهامه بانتظام, وكذلك كان لها دور مؤثر وفعال خلال العقود السابقة في الحفاظ علي المرافق والخدمات, مما جعل أعضاءها يتمتعون بخبرات كبيرة حققت سلامًا اجتماعيًا ووظيفيًا تشتد الآن الحاجة لاستعادتهما, وهو ما يستوجب حماية النيابة الإدارية وكيانها واختصاصاتها دستوريًا واختتم حديثه معى مؤكدًا قيام النيابة الإدارية بدور إصلاحى عقابى، حين يقع الاعتداء على المواطن أو على المال العام، بالتحقيق والكشف عن أسباب الخلل الإدارى، ومعالجته بالتوصيات، وردعه بالعقوبات مع تتبع المال العام لاسترداده، أو تحصيل قيمته من كل من ساهم وتسبب فى ضياعه. هكذا انتهى حديثنا سويًا ولكن بقى لى فى النهاية أن أتوجه بدورى وأوجه كلامى للمستشار حسام الغريانى هذا الرجل الذى أحبه وأحترمه ولكننى أختلف معه فى هذا الأمر لأنه لا يجب أن يستمع إلى مطالب البعض بعدم تضمين الهيئات القضائية كالنيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة فى الدستور الجديد، أمر غير مقبول لذا أناشده أن يتم النص بالدستور على كافة الهيئات القضائية، والمساواة التامة بين كافة أعضاء الهيئات القضائية دون أى تمييز بينهم من أى وجه، وإقرار النص الخاص بهيئتى النيابة الإدارية وقضايا الدولة وكذلك أطالب الرجل المحترم المستشار أحمد مكى بالتدخل سريعًا فى هذا الأمر لاحتواء الأزمة بأى طريقة ممكنة وعدم السماح لأى من المتربصين بهذا البلد باستغلال هذا الأمر وإشعال الفتنة بين أعضاء هذا الفصيل الوطنى الكبير والقائم على تطبيق العدل فى مصرنا الحبيبة "ألا قد بلغت.. اللهم فاشهد"