أنا بالتأكيد أفهم فى جغرافيا القمر من الجاهل فاروق الباز، وأعلم بالكيمياء من المتعالم مصطفى عمرو السيد، ويمكن أن أجرى جراحة قلب بشكل أمهر مائة مرة من اللى اسمه مجدى يعقوب، وأعلم بالهندسة من ألف زى المتخلفة زها حديد! ما قولك قارئى الحبيب فيمن يقول ذلك وهو (ميح) لا علاقة له بالقمر، ولا الكيميا، ولا الطب، ولا الهندسة؛ لكن معه حنجرة عالية، ووجهًا صفيقًا، وجلدًا سميكًا؟ هذا بالضبط واقعُ كثيرٍ من إعلاميينا وفنانينا وأدعياء الثقافة بيننا من الذين يتكلمون عن الدين والإسلام والمتأسلمين؛ كأن أحدهم أبو بكر الصديق، أو البخاري، أو أبو حنيفة، أو ابن تيمية رضى الله عنهم! تسأل المخرجة إياها المفكر الإسلامى المباركى الفقيه الكبير: تفتكر ليه تغيرت نظرة المجتمع للراقصات؟ فيرد بعبقرية: لأن المجتمع دخل على ظلام وتفسير مغلوط للدين! الست المخرجة التى اشتهرت بأفلامها السايبة، وانتقادها للحجاب ولابساته، تقول فى أحد البرامج: (يا رب لا تكتب على لبس الحجاب؛ لأن هناك من تلبسه بسبب مرض أو أزمة، وليس اقتناعًا بالحجاب؛ فالمحجبة يجب أن تكون محجبة قلبًا وقالبًا.... (أمل المصري). أما الست التى تسربت عنها أشرطة (مش قد كده) وزكمت سيرتها الأنوف مدة، حتى رضى النظام، وطوى القضية و(لمّ الدور) فتعلل أنها راضية تمامًا عن علاقتها بالله تبارك وتعالى: الحمد لله أنا راضية جدًّا عن نفسي؛ والعلاقة بينى وبين ربى خاصة جدًّا، وأحترمها، وأحاول أن تكون خاصة بيننا فقط، ولا أحب أن أتحدث عنها، ولا أعتبر نفسى أفعل شيئًا حرامًا حتى أتوب عنه (فتوى موثقة عالية السند)، وبالنسبة لمسألة الاعتزال فسأقرر ذلك عندما أجد نفسى ولياقتى غير ملائمين للمهنة". وقبلها أعلنت الست الرقاصة الشرقية الألمعية (التقية)، بعد أن نالت جائزة فى هز البطن طوال الليل فى الكباريهات: (الحمد لله، إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.. أنا تعبت وربنا أكرمنى بالجائزة! أنا حريصة أصلى الفجر كل يوم بعد عودتى من الشغل)، سمعتها بأذنى والله فى إذاعة مصرية قبل نحو أربعين سنة! وديك آخر ضبطت الست زوجته (بالغلط) فى شبكة (مشى بطال)، فخرج يدافع عنها فى الراديو المصرى الرسمي، ويقدم تعريفًا جديدًا للاستقامة، قائلاً: (دى رقاصة مستقيمة.. من الفرقة للبيت ومن البيت للفرقة)! أما السمينة النرجسية إياها، فتقدم تعليلاً فقهيًّا باهرًا لعملها فى العك: هل ذنبى أن الله وهبنى جمالاً وأنوثة؟ أنا لم أستغلها بشكل خاطئ أو مبتذل، ولم أقدم فيلما فيه "سكس" مبتذل! بالعكس حتى حينما قدمت أدوار السكس قدمتها بشياكة ورقى! وكل أعمالى أبهرت الناس ونالت إعجابهم! لهذا أصبحت نجمة الجماهير! وهذه موهبة من الله "(أمل المصري: تصريحات النجوم على الهوا.. جنس ومشاهد ساخنة وحب فى الله)! أما الست الثورية المباركية الوطنية فترى أن ما هى عليه من إسهال متعلق بالتعرى والسخونة والابتذال حلال زلال بلال، وأن على أستاذ الجامعة إياه أن يرجع للكتّاب ليتعلم الدين من فقهاء الحزب، ولجنة السياسات، والمبايعين لفرعون مدى الحياة! وأما الفنان الشاب السايب فيرفض فكرة تديين الفن قائلا: ليس هناك حلال أو حرام فى التمثيل. (دا خارج الدين، وربنا سبحانه وتعالى لا دخل له بالفن)! الفنانة التى أدعو لها بالرحمة قالت قبل أن تحتجب بأيام وتصرح ببجاحة: أنا أفهم الإسلام أحسن من الناس دى كلها؟ الرقاصة أم دم خفيف تقول فى شفافية محلقة (نفسى أموت وأنا بارقص)! حتى بعض المعتزلات اللواتى اشتغلن بالإفتاء بعد أن بلغن درجة الاجتهاد فى الدين قلن لى أو أمامى مباشرة: (أنا معملتش حاجة تغضب الله، وفخورة بتاريخى الفني)، ولا أدرى لماذا اعتزلت إذا كانت لم تفعل طوال تاريخها (البمبي) شيئًا يغضب الله، وإذا كانت فخورة بهبابها الفني! هل كانت تتوضأ قبل كل مشهد ساخن مثًلا وتصلى ركعتى استخارة؟ الجلاد بتاع أمن الدولة يدخل على زكى بدر ليقول فى تعجب: (العيال ولاد ال... بيقولوا الخمرة حرام).. ومن قبل اجتهد إخواننا (ولاد الحمرا) فى حبس الدين فى المسجد، وإخراجه من التعليم والسياسة والاقتصاد والأدب والصناعة والزراعة وأى شيء آخر.. المسجد ولا شيء غير المسجد! كلهم يا سيدى، أفهم فى الدين من علماء السلف والخلف والذين لم يظهروا بعد.. كلهم أفهم للإسلام من الراشدين والصحابة وآل البيت رضى الله عن الجميع.. عادة إمام وغادة عبرازق أفهم للدين، مصطفى حسين ورسامو الكاريكاتير الأميون أعلم، عادل حموقة وحمدين صباحى ورفعت السعيد والحمر كلهم أعلم، حبيب العادلى وفؤاد علام وحسن عبد الرحمن أعلم، الأسطى جمال خردة، والمعلم حكشة بتاع الصنف أعلم، كل الناس أعلم إلا المتدين نفسه.. إلا لابس العمامة، أو لابس الثوب، إلا طويل اللحية أو قصيرها/ إلا الذى يعتاد المساجد ويحافظ على السنن؛ حتى لو كان معه شهادات الدنيا وخبرات الدنيا! كل الساقطين يتكلمون عن التفسير (الخاطئ) للدين، وعن السماحة، واليسر، وتمدين الإسلام وحضارته، ورقة رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم! كلهم أفهم للدين من أعلم العلماء! كلهم يتكلمون عن السماحة واليسر والتحضر فى الدين بحيث يسع مسخرتهم وانحرافاتهم وأفلامهم الغثة التافهة، ووصلاتهم الحمراء، وكليباتهم الفاضحة، وجرائمهم الفادحة! لَكَمْ يفضحهم الله تبارك وتعالى ولا يتعظون: فمنهم من يموت بجرعة زائدة، ومنهم من يموت وكاد أن يدفن دون تغسيل، ومنهم من يموت عريان مسطولاً، ومن ضبطت فى شبكة ورطها فيها حارس الأمن والأخلاق، ومنهم.... ومنهم! ما هو الدين الذين يفهمه سادتى المهيسين؟ أهو ذلك الدين الشهوانى المادى الدنيوى المترف المنبطح؟ أهو ذلك الدين النظري؟ فى القلب وبس؟ والذنوب كلها تروح بعمرة ومائدة رحمن! إنهم حتى يخادعون الرحمن تبارك وتعالى أو – من عماهم – يظنون؛ حتى إن الهلفوت الذى كان يشترى كل شيء بفلوسه فى مرجان أحمد مرجان زعم، قاتله الله، أنه يشترى الله جل وعز بركعتين (علشان ينجحه) وصلى، وانطلت الخدعة، ونجح! إن إسلامهم الذى يريدون إسلاما داجنا زائفا تافها مغشوشا، لا قيود فيه ولا محرمات ولا موانع: العلاقات كلها حلال زلال، اللبس الملط كله حلال زلال، الشرب والرقص بأنواعه والفرفشة حلال زلال، الكسب من أى مصدر نجس كله حلال زلال، التصفيق للى على الكرسى حلال زلال، العلاقة بالنخانيخ والعادلية وروتانا وساويرس حلال زلال، كل شيء حلال زلال إلا الإسلام الإيجابى الذى يضبط حركة الإنسان، ويريده إيجابيًّا رجلاه على الأرض وقلبه ورأسه فى السماء! بقى أن أقول إن هذا المرض داء مزمن مستوطن فى مصر؛ فكل واحد فقيه ومفت.. وفى رأيه أن أجهل الناس بالدين هم المتدينون المتخصصون! وسلم لى على الإبداع! [email protected]