زمان عندما كنا طالبات في الثانوي كان لزاماً علينا أن نرتدي الزي الرسمي القميص الأبيض والجوب الأزرق ، عندما كانت المشرفة تضبط إحدانا وهي تضع القليل من الكحل في عينيها ، كانت تهدد بفصلها لمدة أسبوع أو بإحضار ولي الأمر ، ثم تطور الأمر حتى أصبح البنات في الشارع يشبهن مهرجي السيرك في أي وقت من اليوم صباح مساء وفي أي مكان وفي أي حي راقي أو شعبي ، أصبحن جميعهن كأنهن نسخ بالكربون ، بنطلونات ضيقة وأنصاف بلوزات وباديهات ، والمصيبة أن منهن محجبات ، فتجد الفتاة ترتدي الحجاب وما خفي كان اطعم ولكن لا شئ يخفي والواضح أكثر من المخفي ، أي حجاب هذا ؟ ، كلهن يتشبهن بموديلات أو راقصات الفيديو كليب ، فما الذي حدث للبنات وجعلهن يخلعن برقع الحياء إلي هذه الدرجة ؟، لماذا كل هذه الجرأة التي أصبحن يتمتعن بها: صوت عالي ضحكات للركب ملابس خليعة ، جرأة غير عادية أقل ما توصف أنها قلة حياء ، أينما حللت في أي مكان عام أو خاص في الأتوبيس في الميكروباص في المترو ، تجدهن متجمعات يحملن الموبايلات ويتلقين المواعيد يهاتفن الشباب عيني عينك ،يطلقن النكات الخادشة للحياء ويضحكن ضحكات رقيعة صفيقة ، وإذا نهرتهن إحدي المحترمات تفاجأ بسيل من الردح ووابل من الاتهامات بأنها معقدة أو أن زوجها عنفها بكلمتين في جنابها ع الصبح ، لا ننكر أن هناك فتيات كثيرات جميلات محترمات شديدات الحياء شديدات الاعتداد بأنفسهن وكرامتهن ، لكننا في نفس الوقت نري النموذج الغالب علي السطح لفتيات خليعات مائلات متمايلات ، لا تراهن في حفلة أو برنامج تليفزيوني أرضي أو فضائي إلا وهن يتمايلن ويرقصن بمناسبة وبدون مناسبة ، يتمخطرن عاريات البطون ، وفي الشوارع والطرقات والنوادي والأماكن العامة يتسكعن مع الشباب حتى في محطات مترو الأنفاق ، هكذا دون حسيب أو رقيب ، جرأة غريبة أصابت بعضهن وتسببت في الإساءة إلي البنت المصرية وخاصة في الجامعات والمعاهد حتى إننا نجد البنت تتعامل مع الأولاد من زملائها دون أي حدود أو فواصل وبالتالي يسقط الاحترام بينهم وتصل العلاقة إلي درجة الإسفاف والابتذال ، نظرات صريحة وواضحة وجريئة ، ، حتى المفردات اللغوية نفسها التي يستعملنها مفردات منحطة وهذا أقل ما توصف به ، فهل هي تداعيات عصر التكنولوجيا والعولمة والدش والفضائيات ،و النت و الشات والجرأة المطروحة علي بعض مواقع النت وعبر الفضائيات، هل أدي كل ذلك إلي تراجع قيمة الحياء رغم أنه إحدى شعب الإيمان ؟ وهل ألومهن أم أن اللوم كله يقع علي المجتمع من أوله لآخره علي الأب والأم والمدرسين ووسائل الإعلام المختلفة ، فمع غياب القدوة واختلاف المعايير وتغير المفاهيم ، فقدت الفتيات البوصلة والهدف ، وبدأن في تقليد مطربات أو راقصات الفيديو كليب ، ومع انسحاب القدوة التي من المفترض أن تكون في الأب و الأم والمدرس المحترم هؤلاء جميعاً انسحبوا من دور البطولة في الحياة ، واكتفي الأب بدور الممول والأم من كثرة التبعات والأعباء تضيع منها خيوط اللعبة وتفقد الاتجاهات ، والمدرس لم يعد له دور المعلم أو المربي ، إنما تحول إلي شفاط لشفط كل ما بجيوب الآباء تحت مسمي الدروس الخصوصية ، فأين القدوة إذاً ، في السينما ووسائل الإعلام القدوة من أسواً ما يكون فهي لا تقدم إلا بضاعة فاسدة نتاج عقول خربة كل همهما هو التجارة والربح حتى لو علي حساب كل قيم المجتمع ، فالبطل إما شخصية بلهاء عبيطة من قاع المجتمع أو مسطول وتافه وصايع ، والبطلة دائماً سنيدة لا تقدم ولا تؤخر مجرد ديكور لزوم اكتمال التوليفة الجهنمية للأفلام الكوميدية أو الشبابية أو الهبابية ، هذا بخلاف أن وسائل الإعلام في مجملها لا تهتم إلا بالفنانين والراقصين ومطربي الفيديو كليب ، لكنها لا تهتم أبداً بالعلماء أو الأدباء ولا تسلط عليهم الضوء أبداً ، ولا تقدم منهم نماذج أو قدوة يقتدي بها الشباب ، فمع وجود هذا الكم من قنوات الأغاني الأفلام لا تجد في المقابل قناة واحدة تهتم بالثقافة والمثقفين قناة تتوجه للشباب بفكر جديد مطابق ومواكب لروح العصر ، اللهم إلا قناة النيل للثقافة وأظنها لا تخاطب الشباب ، بعد كل ما سبق عندما يسألك أحدهم عن حياء البنات فقل له تعيش أنت يا حاج. [email protected]