مرسى سيفشل فى نظرهم حتى لو نجح لأنهم رافضون لوجوده كشخصية إخوانية، ويتمنون له الفشل حتى لو حقق النجاح، وإن لم يكن كذلك فإنهم لن يألوا جهدًا لإظهاره بمظهر الفاشل الذى يقود أمته وشعبه للمهالك، هكذا بدت تتضح الأمور يوماً بعد الآخر، ومنذ تولى الرجل سُدة الحكم فى البلاد، فعلى الرغم من التقدم الملحوظ فى نهج السياسة المصرية وتوجهاتها على كل الأصعدة، الخارجية والداخلية، رغم ما تواجهه من معوقات وعراقيل ليست خافية على أحد، إلا أن هؤلاء لا يرون أبعد من أنوفهم، ويركزون بشكل لافت على أن الدولة تسير مجتمعه بشعبها بلحمها بشحمها بعظمها لتلحق بقطار الأخونة، وهو ما يعزف على أوتاره الليبراليون، ونسوا تماماً بأن واجبهم البحث لهم عن دور فى الدولة الناشئة، كجزء من مجتمع يضم كل فئات الشعب بمسلميه ومسيحييه، وضرورة مشاركتهم فى الحكم، إن لم يكن فعليًا يكون بالدعم والتقويم يدفع من يختلف معهم على احترامهم بشكل كامل، وليس بالمهاترات والنيل من شخصيات سبق للشعب أن قال لها نعم، بانتخابات حرة نزيهة. فليس من المعقول أن يبقى هؤلاء هكذا حيارى مختلفين حول الفروع، تاركين الجوهر لمجرد أن فصيلاً سياسياً هو من يقود، أو قُدر له أن يقود، فى فترة انتقالية معينة بعد ثورة أطاحت بنظام فاسد لم يشهد التاريخ المصرى مثله، شاءت الأقدار أن يكون أكثر قدرة على الشحن والقيادة، وهو ما غاب عن الفصائل الأخرى وأبرزهم حزب الوفد الأكثر عراقة بالطبع، وقد يكونون هم سبباً مباشراً فى تقديم هذا الفصيل ليتقدم الصفوف إما بتقصيرهم وانصرافهم لتحقيق مصالح ذاتية وآنية كانت بالنسبة لهم المغنم والمغرم، وليس همهم الأول محاربة حاكم مستبد فاسد مكث على صدور شعبه من العقود ثلاثة، وكان صمتهم كصمت أهل الكهف، حتى إن لقاء مرسى بالمثقفين بشهادتهم هم.. وصفوه بالفارق الخارق ولم يكن شبيها بلقاءاتهم مع الرئيس المخلوع مرات ومرات من قبل لم يجرؤ أى منهم ذات مرة أن ينطق ببنت شفه سوى بما يريده هذا الدكتاتور، عكس انفتاحهم وحريتهم المطلقة أثناء لقاء الرئيس مرسي، من أسابيع قليلة، ومع ذلك لم يستطيعوا أن ينصفوا أنفسهم قبل إنصافهم للرجل بأن هناك ثمة بارقة أمل بأوضاع مختلفة، وبيئة نظيفة قد يشهدها الوطن سيكونون هم أول من يستنشقون هواءها ويتلطفون بنسمة حريتها، وساروا فيما يسيرون فيه بضرورة إحباط أى محاولة تظهر الآخر بمظهر الناجح الراضى عنه شعبه، بوضع العراقيل وإبراز السلبيات بصفة دائمة، حتى بات البعض يصور الرئيس مرسى وحكومته فى وضع العاجز فى أحيان كثيرة، وإظهار الكثير من الشماتة متمنين فشله، ولو كان ذلك على حساب الوطن، فبالأمس قالوا إنه منزوع الصلاحيات مغلول الأيدى تجاه المجلس العسكرى، وعندما أصبح الأخير ذكرى وماضياً من التاريخ بقرار رئاسى، قالوا مرسى خدعه وغدر به وانقلب عليه..!، وهو ما لم يستوعبه عقل، ويقر به منطق، فكيف يفكر هؤلاء، وما هى سياستهم تجاه وطنهم؟!. وما لا يعرفونه أن الشعب ما عادت تنطلى عليه كل الحجج والشعارات التى يروج البعض لها فى الصحف والفضائيات، بأن الرئيس مرسى يسير بهم فى طريق المهالك، فالجميع يعرف وهؤلاء أكثر معرفة أن النظام البائد هو من تسبب فى كل الكوارث، وهو من أتى على هذا الشعب وأذاقه مُر العذاب، ونكل به وأوصلوه لمستنقع الفقر، حتى ضربته كل الأمراض، أطفاله وشبابه ونساءه، حتى ثار وعرف أنه عاش مخدوعًا مسروقًا مغدورًا على مدار ثلاثين عامًا، عزف فيها الرئيس المخلوع ورجاله أحلى مقطوعة كذب منذ عهد الفراعنة، وجدت من يصفق لها ويستحسن عذوبتها، بنفاق حاكم لم يجد التاريخ له مثيلاً، ومع ذلك يحملون من أتى لتحمل المسؤولية بعد هذا الخراب والدمار ما تنوء بحمله الجبال، ولا تستوعبه البحار والمحيطات، ويريدون له أن يظهر بمظهر الملاك أمام شعبه وأن يحول أمته مابين ليلة وضحاها، إلى أمة تتقدم الأمم وهو ما يحتاج من الجهود الكثير، وأن يصطف الجميع فى خدمة الوطن بدلاً من اصطناع ووضع العراقيل التى تقف ضد تقدمه وازدهاره، فى وقت سبقتنا فيه الأمم الأخرى بعشرات السنين، وما عاد هناك المزيد من الوقت يتم تضييعه، فالمشاكل أكثر مما تحصى، وحتى نصل جميعاً للمرفأ الآمن لابد أن نتكاتف لننقذ السفينة من الغرق، وإلا غرقنا جميعاً ووقتها لن يغرق مرسى وحيداً ولا الإخوان وحدهم.