كل المؤشرات الأولية، والأوزان النسبية للمرشحين فى الانتخابات البرلمانية تشير إلى حصول المستقلين على نسبة لا تقل عن 60% من مقاعد مجلس الشعب، وللأسف لا يعنى حصولهم على هذه النسبة أنهم سيشكلون كتلة الأغلبية فى البرلمان، ذلك أن المرشحين تحت لافتة "المستقلين"ليسوا مستقلين حقيقة، وهم إما ينتمون إلى الإخوان المسلمين، أو إلى المستبعدين من الترشيح على قوائم الحزب الوطنى، مع هامش ضئيل من المستقلين الحقيقيين الذين يؤثرون العمل بعيداً عن الأحزاب والتيارات السياسية. وطبقا لهذا التصنيف فإن التعاون بين من نجحوا تحت لافتة "مستقلين" يصبح مستبعدا للاختلاف الواضح فى المشارب السياسية والمصالح، والنتيجة الحتمية أن نواب الإخوان سيشكلون كتلة برلمانية وحدهم، والمستبعدون من الحزب الوطنى سيعلنون بعد نجاحهم العودة إلى صفوف الحزب مرة أخرى، ولا اعتذار للناخبين الذين صدقوا استقلالهم، وراهنوا على موقفهم المعارض للوطنى بعد استبعادهم من جنة ترشيحاته، ولن يبقى متمسكا بلافتة "الاستقلال" إلا بضعة نواب (معروفون من الآن بالاسم) لا يمثلون من حيث العدد ثقلاً برلمانياً، ومع كامل التقدير لمواقفهم الوطنية ونزاهتهم السياسية فإنهم "جنرالات بلا جيش"! وإذا كان مرشحو الإخوان مضطرين إلى رفع لافتة الاستقلال، إذ لا يعقل أن يكتب أحدهم على لافتته "فلان الفلانى.. مرشح جماعة الإخوان المسلمين المحظورة سياسياً"! فإن ادعاء مطاريد الوطنى أنهم مستقلون يمثل مخالفة أخلاقية وسياسية، ويدخل فى باب "الغش التجارى"، وعليهم حتى يكونوا جديرين باحترام الناس وإن لم يحصلوا على أصواتهم، أن يوضحوا فى لافتاتهم أنهم مرشحون على برنامج وسياسات الحزب الوطنى، عليهم أن يواجهوا غضبة الفقراء وتساؤلات الذين لا يجدون فرصة عمل، عليهم أن يواجهوا كراهية المصريين للتطبيع والتبعية، وأن يبرروا أسباب التوقيع على اتفاقية "الكويز" والتخلى عن فرصة حصول مصر على موقع دائم فى مجلس الشعب. عليهم أن يواجهوا هذا كله بصدورهم العارية، بلا حماية أمنية ولا تدخل بالتزوير لصالحهم، فهم ليسوا مرشحين على قوائم الحزب، وليس من حقهم الاستمتاع بما يقدمه الحزب لمرشحيه من دعم يساعدهم على تحمل بلاويه، وأحذرهم من صعوبة تحمل تبعة هذه البلاوى بلا حماية، أحذرهم من "طول يد" الجماهير لا "طول لسانها" فحسب، لكنهم على الأقل سيكونون قد سجلوا لأنفسهم موقفاً شجاعا يستحق الاحترام، وربما اكتشفنا أثناء هذا الجدل الصريح والحر أن لديهم ما يقولونه ويستحق الإصغاء إليه، والمرجح أنهم سيكتشفون حقيقة "السلطة" التى ينتمون إليها، ومدى عزلتها عن الجماهير، واعتمادها على منطق القوة وإن تسترت بقناع "الحزب السياسى". سيكتشفون أنهم ليسوا رجال عمل جماهيرى، وإنما موظفون لدى حكومة تستغل الانتخابات البرلمانية لإعادة فرزهم وتصنيفهم وتوزيعهم على مختلف المواقع لديها، سيكتشفون كم كان استقلالهم زائفاً وعزلتهم الجماهيرية حقيقية. وهو كشف أؤكد أن حجمه سيكون مفيداً لهم ولنا ولمصر.. وضارا جداً بالحزب الحاكم.. وحكومته.