ضحكتُ عندما وقع نظرى على حسن نصر الله، وهو ينتفض فى لبنان غضباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم بسبب الفيلم المسيء – كما ادعى - !!، وبَالغَ نصر الله فى إظهار غضبه المَزعُوم، وخرج فى مسيرة – وهو قليل الخُروجَات – يتوعد ويُهدد ويُنذر أمْريكا وإسْرائيل بَعواقب وخيمة إذا تم عرض الفيلم كاملاً! ربما أرْبكته اللحظة الفارِقة التى يعْجز فيها عن إنقاذ حليفه وشريكه الطائفى من الانهيار والسقوط، فنسى وخرج يَهذى ويُخرف ويناقض نفسه، فبدا تماماً كصاحب الحمار، يحاول إيهامنا بأنه يحب الرسول ويغار عليه وغاضب من أجله، وهو يعلم ونحن نعلم أن القصة من أولها لآخرها خداع وكذب ودَجَل رخيص من أجل النفوذ والمصالح. نصر الله.. لا مانع هنا من أن نقول له: "احنا دافنينه سَوا" أيها المُهرج المُخادع الكَذوب، فنحن نعرف جيداً حقيقتك وقد اطلعنا على كل تاريخك ومسيرتك. فهل أنتَ غاضبٌ حقاً من أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أم خائفٌ على بشار العلوى النُصيرى الذى تعاونه فى قتل شعبه من الانهيار والسقوط؟، ولذلك تحاول جاهداً بقدراتك التمثيلية الهزيلة أن تلفت الأنظار عن مجازر بشار، مستثمراً فى دناءة ووضاعة وحقارة لم نعهدها فى بشر، حدثَ الإساءة للرسول صلى الله عليه وسلم والتطاول عليه. أهو غاضبٌ حقاً من أجل الرسول ولذلك انتفض هذا الانتفاضة فى الضاحية الجنوبية لنصرته؟ فى فيديو نادر – أرجو من الجميع مشاهدته على اليوتيوب – يقول نصر الله فى شبابه فى مؤتمر تأسيسى لحزب الله فى لبنان رداً على أحد سؤال يسْتفسر صاحبه عن مشروع الشيعة فى لبنان: "فى الوقت الحاضر ليس لنا مشروع نظام فى لبنان، نحن نعتقد أن علينا أولاً إزاحة الحالة الاستعمارية والإسرائيلية، وحينئذ يمكن أن ننفذ مشروعاً، ومشروعنا الذى لا نتبنى غيره أبداً - كوننا مؤمنين عقائديين – هو: مشروع الدولة الإسلامية وحكم الإسلام وأن يكون لبنان ليس جمهورية إسلامية واحدة، وإنما جزء من الجمهورية الإسلامية الكبرى التى يحْكمُها صاحب الزمان ونائبه بالحق الولى الفقيه الإمام الخومينى" – انتهى الاقتباس - . وقد أثبَتتْ الأحداث أن لبنان على يد نصر الله قد تحول إلى جزء من الجمهورية الإسلامية الإيرانية ، لكن ليس هذا ما يعنينا هنا اليوم، إنما يعنينا قوله: "التى يحْكمها صاحب الزمان ونائبه بالحق الولى الفقيه الإمام الخومينى". فأين كان غضب نصر الله هذا لرسول الله عندما أساءَ أمامه الخومينى للنبى الكريم صلى الله عليه وسلم وتطاول على مقامه الرفيع، فى خطابه المشئوم بمناسبة مولد المهدى زاعماً فيه فشل الأنبياء جميعاً ومنهم محمد – حاشاه – فى مهمة الإصلاح التى لن ينجح فيها إلا المهدى المنتظر – بحسب زعمه - ؟ أين كان غضب نصر الله وإمامه المفتون المجنون – الولى الفقيه – يتهم النبى صلى الله عليه وسلم بالتقصير والكتمان وعدم تبليغ ما أمره به ربه – حاشاه – فى شأن الإمامة والأئمة – بحسب زعمه فى كتاب الدجل والتزوير والكذب والبُهتان "كشف الأسرار" - ؟ بل هذا هو ما قاله الخومينى – أمام نصر الله – نصاً فى كتابه المذكور فى حق رب البرية جل فى علاه، ويظهر الخومينى هنا كأنه يوجه المولى – حاشا لله وتنزهت ذاته وصفاته – للنص بالأئمة أصحاب العصمة حتى لا يترك الناس فى حيرة، يقول هذا الدَعِى المَفتون: "إن الله منزه عن الاستهانة بالعدل والتوحيد ومن هنا فإن عليه أن يضع أسساً لثبات هذه المبادئ من بعد النبى حتى لا يترك الناس حائرين فى أمرهم وحتى لا يتركهم يقعون فريسة حفنة من الانتهازيين المتربصين"! وحفنة المتربصين الانتهازيين – بزعم هذا الإمام المجنون – هم صحابة النبى صلى الله عليه وسلم، كما أردف قائلاً بوقاحة ووضاعة وقلة دين وخلق وأدب: "إننا لا نعبد إلهاً يُقيم بناءً شامخاً للعبادة والعدالة والتدين، ثم يقوم بهدمه بنفسه ويُجلس "يزيد ومعاوية وعثمان" وسواهم من العُتاة فى مواقع الإمارة على الناس ولا يقوم بتقرير مصير الأمة بعد وفاة نبيه"! والأمثلة كثيرة وأكثر من أن تحصى، وأليس الإساءة والتطاول على صحابة الرسول وعلى أمهات المؤمنين إساءة للنبى صلى الله عليه وسلم؟ هل غضب نصر الله لا يظهر ولا ينطلق صَارخاً مُتوعداً فى أزقة وشوارع الضاحية الجنوبية إلا فى حالات معينة، عندما يَشْعر بأن مصالحه ومصالح طائفته وأحْلافه مُهددة؟ نصر الله ذو العمامة السوداء المُسيء للنبى صلى الله عليه وسلم وصحابته وزوجاته، وتابع وخادم المُسيء إمامه الخومينى الولى الفقيه، وعَوْن وشَريك المُسيء الفاجر السفاح فى سوريا، وقبل ذلك فى العراق التى شارك فى قتل شعبها وتدمير اقتصادها وتمزيق كيانها، وقبلها فى البوسنة والهرسك التى لم يَحْظَ أبناؤها بدعم من حزبه لأن دماءَهم دماءُ سُنية نقية وألسنتهم تترضى عن الصحابة وأمهات المؤمنين، وقبلها فى الشيشان عندما ناصَرَ الروس على أهلها المسلمين المُجَاهدين، ثم دوره فى أفغانستان وقتله للفلسطينيين فى لبنان ومحاصرة مخيماتهم حتى اضطروهم إلى أكل القطط والكلاب. كل هذه الإساءات وكل هذا التطاول والإجرام والتاريخ الأسود الدموى، ونصر الله يظن أنه لا يزال يمتلك القدرة التمثيلية على خداع المسلمين والضحك عليهم. غضب نصر الله التمثيلى الأخير فى أزقة الضاحية الجنوبية ببيروت باهت خافت مرتعش جبان، سينهزم لا محالة أمام الغضب الساطع الصادق الحقيقى الذى لا يعرف الخوف ولا الرعشة ولا الزيف. غضب تحركه إرادات الشعوب الحية، يقتلع الطغيان والظلم والسفالات والقاذورات من جذورها. وقد غنته لبنان، ورددته وراءها العرب، فشاهدوا هذا الفيديو – الأخير – المُزلزل الذى يهز القلوب والأجساد هزاً على اليوتيوب، كلمات سعيد عقل وألحان الأخوين رحبانى، مصاحبة لمشاهد غير مسبوقة من الثورة السورية الأبية.. الغضب الساطع آتٍ وأنا كلى إيمان .. الغضب الساطع آتٍ سأمر على الأحزان.. من كل طريق آتٍ .. بجياد الرْهْبة آتٍ.