أنت مع من أحببت مروة برهان عن ثابت , عن أنس رضى الله عنه أن رجلاً سأل النبى صلى الله عليه و سلم عن الساعة فقال : " متى الساعة " قال صلى الله عليه و سلم : " و ماذا أعددت لها " قال : " لا شئ ٳلا ٳننى أحب الله و رسوله صلى الله عليه و سلم " فقال صلى الله عليه و سلم : " أنت مع من أحببت " . قال أنس : فما فرحنا بشئ , بعد الإسلام , فرحنا بقول النبى صلى الله عليه و سلم " أنت مع من أحببت . فأنا أحب النبى صلى الله عليه و سلم و أبا بكر و عمر و أرجو أن أكون معهم لحبى ٳياهم و ٳن كنت لا أعمل بعملهم " رواه الشيخان و اللفظ للبخارى . السائل قيل أنه ذو الخنيصرة اليمانى و له فضل عظيم و بشره الرسول صلى الله عليه و سلم ببشرى خاصة بمعيته صلى الله عليه و سلم و أما راوى الحديث هو أنس بن مالك الأنصارى الخزرجى فقد أهدته أم سليم للنبى صلى الله عليه و سلم يوم الهجرة و هو ابن عشر سنين .. رافق أنس الرسول صلى الله عليه و سلم و دعا له فعاش أكثر من مائة عام و بورك له فى رزقه حتى كان بستانه يطرح مرتين فى العام و كانت له ذرية كثيرة .. نزل أنس بالبصرة و تصدى للرواية و تخرج على يديه الحسن البصرى و ابن سيرين و الزهرى و حمل علماً كثيرا عن النبى صلى الله عليه و سلم ثم عن كبار الصحابة أبى بكر و عمر و عثمان و أبى بن كعب و هو أحد الستة المكثرين من الحديث .. توفى بالبصرة عام 592 ھ . تناول الحديث أمور ثلاثة هى الساعة و الحب لله و للرسول و دلالاته و فعل كلام الرسول على الصحابة و دلالات ذلك . فأما عن القرآن فتحدث القرآن عن الساعة من نواحى شتى مثل أشراطها و أحداثها من بعث و حشر و موقف و صراط و وزن و جنة و نار و أحوال الناس من وجوه مسودة و مبيضة و تقلب القلوب و الأبصار و بين ما سوف يصير ٳليه الناس من شقاء و سعادة ففريق فى الجنة و فريق فى السعير .. القرآن لم يفصح بشئ عن وقتها و أوضح أنه سر من الأسرار الذى يحتفظ الله بها فيقول تعالى : ( و يقولون متى هذا الوعد ٳن كنتم صادقين ) و يجيب القرآن : ( قل لا أملك لنفسى ضرا و لا نفعا ٳلا ما شاء اللهۗ لكل أمة أجلۚ ٳذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعةۖ و لا يستقدمون ) سورة يونس / 48 و 49 . و أما عن السنة فتحدثت السنة النبوية المشرفة عن الساعة من نواحى شتى مثل تلك التى تحدث عنها القرآن و لعلنا نرى أن هناك اختلاف حسب السائلين غير أنه اختلاف تنوع و ليس اختلاف تضاد .. جاء جبريل عليه السلام ساءلا الرسول صلى الله عليه و سلم معلما أصحاب المصطفى صلى الله عليه و سلم فأجاب صلى الله عليه و سلم : " ما المسئول عنها بأعلم من السائل " . و أما عن حب الله و رسوله و أسبابه و دلالاته فيقول صلى الله عليه و سلم للسائل عن موعد الساعة : " و ماذا أعددت لها " قال : " لا شئ ٳلا ٳننى أحب الله و رسوله صلى الله عليه و سلم " فقال : " أنت مع من أحببت " . ٳجابة السائل على الرسول صلى الله عليه و سلم تدل على أمرين يميز بهما صحابة الرسول صلى الله عليه و سلم : الأمر الأول : التواضع و الاستكانة . الأمر الثانى : تأصل المشاعر الكريمة و الصفات السامية و الروحانيات العالية التى زكت نفوسهم و طهرت قلوبهم فخلص القلب تجاه ربه و مصطفاه صلى الله عليه و سلم و لهذا خير القرون قرن الرسول صلى الله عليه و سلم و لهذا ساق لهم الرسول صلى الله عليه و سلم البشرى فقال للسائل : " أنت مع من أحببت " . الحب هو ميل النفس ٳلى ما فيه منفعة أو لذة أو هوى .. الحب الحقيقى هو حب الله تعالى و هو تعلق القلب به على وجه يليق بذاته من التعظيم و الإجلال و يظهر هذا الشعور جليا ٳثر عبادة خاشعة بصفاء النفس .. حب الإنسان لا يقف عند حد بنى جنسه فالإنسان يحب الزهور و يحب المنظر الجميل . يقول صلى الله عليه و سلم : " اللهم ٳنى أسألك فعل الخيرات و ترك المنكرات و حب المساكين و أن تغفر لى و ترحمنى و ٳذا أردت فتنة بقوم فتوفنى غير مفتون و أسألك حبك و حب من يحبك و حب عمل يقربنى ٳلى حبك " و يقول صلى الله عليه و سلم : " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب ٳليه من والده و ولده و الناس أجمعين " و يقول صلى الله عليه و سلم لعمر بن الخطاب : " و من نفسك يا عمر " لما قال له عمر : " أنت أحب ٳلىَّ من كل شئ ٳلا من نفسى " و لما قال عمر : " و من نفسى " قال صلى الله عليه و سلم : " الآن يا عمر " أى الآن يكون الحب و يكون الإيمان . للامام الغزالى كلام طيب فى هذه المسألة : يقول الإمام الغزالى : " و أما محبة الله تعالى فقد عز الإيمان بها و لا معنى للمحبة ٳلا بالمواظبة على طاعة الله .. و قال رحمه الله : " أن الأمة مجتمعة على أن الحب لله تعالى و لرسوله فرض .. انظر كيف يقول تعالى : ( يحبهم و يحبونه ) . يتفاوت الناس فى حبهم لله تبارك و تعالى بحسب معرفتهم و علمهم به و بمقدار ٳدراكهم لهذه المعانى و كلما فكر و تأمل و تدبر المؤمن فى ٳبداعات الخالق البارئ المصور و حكمته و علمه و حلمه و كرمه كلما ازداد لربه حباً و قرباً و لهذا كانت قراءة القرآن و تدبره بقلب حاضر و ذهن صافى أعظم الحب . كمل الله نبيه بالنبوة و حمله بالرسالة و جعله خاتم الأنبياء و المرسلين فختم به الأنبياء و أكمل به الرسالات و جعله الله سيد الأولين و الآخرين و نسخ بكتابه الكتب و تكفل بحفظه و ٳبقائه ٳلى يوم الدين و جعل أمته خير أمة أُُخرجت للناس و أتاه الله من مكارم الأخلاق ما لم يأت أحدا من خلقه و جعله الفاتح الخاتم الشافع المشفع فصلوات ربى و سلامه عليك يا سيدى يا رسول الله . للحب الصادق دلالات : حب القرآن الكريم و محبة العلماء العاملين و محبة المهاجرين و الأنصار و النظر فى سيرتهم و موالاة أولياء الله ذوى الغيرة على دينه و شدة الرغبة فى الآخرة و العزوف عن الدنيا . " فما فرحنا بشئ , بعد الإسلام , فرحنا بقول النبى صلى الله عليه و سلم " أنت مع من أحببت فأنا أحب النبى صلى الله عليه و سلم و أبا بكر و عمر و أرجو أن أكون معهم لحبى ٳياهم و ٳن كنت لا أعمل بعملهم " فرح الصحابة أعظم الفرح لما أخبرهم الرسول صلى الله عليه و سلم بهذا الأمر .. هذا الفرح يدل على أن حبهم لرسول الله كان عظيماً و حب أنس للرسول صلى الله عليه و سلم أعظم الحب . يقول ربيعة بن كعب الاسلمى خادم رسول الله صلى الله عليه و سلم : " كنت أبيت مع الرسول صلى الله عليه و سلم فاتيه بوضوئه و حاجاته . قال صلى الله عليه و سلم : " سلنى " فقلت : " أسألك مرافقتك فى الجنة " . فقال صلى الله عليه و سلم : " أوَ غير ذلك ؟ " . قلت : " هو ذاك " . قال : " فأعنى على نفسك بكثرة السجود " . يقول الشافعي وهو يتحدث عن نفسه بتواضع: أحب الصالحين ولست منهم * * لعلي أن أنال بهم شفاعة وأكره من تجارتهم المعاصي * * وإن كانا سوياً في البضاعةفيرد عليه الإمام أحمد ويقول:تحب الصالحين وأنت منهم* * ومنكم قد تناولنا الشفاعة وتكره من بضاعتهم معاصي * * وقاك الله من شر البضاعة فى الصحيح أن النبى صلى الله عليه و سلم صعد جبل أحد و معه أبو بكر و عمر و عثمان فرجف لهم الجبل فقال صلى الله عليه و سلم : " أُثبت أحد فانما عليك نبى و صديق و شهيدان " و يشير هذا الحديث ٳلى منزلة الصديق و الفاروق و عثمان من منزلة الرسول صلى الله عليه و سلم كما يشير ٳلى ترتيبهم من حيث هذه المنزلة . حديث عبد الله بن عباس الذى يذكر فيه دعاء لسيدنا عمر و هو على سريره بأن يجمعه الله سبحانه و تعالى مع صاحبيه " الرسول صلى الله عليه و سلم و أبى بكر الصديق " .