شهدت الآونة الأخيرة نقصًا في حبوب منع الحمل داخل الصيدليات ومراكز الأمومة والطفولة التابعة لوزارة الصحة والسكان, لاسيما في الوقت الذي تناشد فيه الدولة المواطنين، وحثهم على تحديد النسل، وعدم إنجاب أكثر من طفلين؛ لمواجهة الزيادة السكانية التي أصبحت أزمة حقيقية تعرقل خطط التنمية في مصر، وتعمل على تفاقم مشكلة الزيادة السكانية وسبل الحد منها. ففي الوقت الحالي، أصبحت العديد من السيدات يعانين بشكل متكرر من نقص تلك الأدوية سواء كان ذلك بمراكز الأمومة والطفولة أو في الصيدليات، وذلك بسبب استيرادها من الخارج واحتكار عدد من الشركات وعدم وجود مصنع محلي يعمل على توفيرها. وأكد عدد من الصيادلة اختفاء أقراص منع الحمل من السوق، والتي أشهرها أصناف ال«ياسمين» وغيرها من أدوية منع الحمل نظرًا لقلة الأدوية المستوردة. من جانبه، قال الدكتور محمود فؤاد، مدير المركز المصري للحق في الدواء, إن هناك نقصًا في حبوب منع الحمل منذ فترة قاربت العام, حيث إن كل شهرين تتكرر الأزمة في نقص الحبوب. وأضاف "فؤاد"، ل"المصريون"، أن معظم حبوب منع الحمل مستوردة والبعض منها إنتاج محلي ولا يكفي للاستهلاك, في حين أن السيدات يمشين على نظام معين لمنع الحمل, وهنا توجد المشكلة عند عدم وجود تلك الحبوب, فالسيدات يفكرن في تغيير الوسيلة التي تحتاج إلى فترة, وهنا قد يحدث حمل. وأشار "فؤاد"، إلى أن هناك سيدات قادرات على شراء الحبوب من طرق أخرى, فالسيدات اللاتي لا يستطعن الحصول على أدوية منع الحمل من مراكز الأمومة والطفولة التابعة لوزارة الصحة يحصلن على هذه الأدوية من السوق السوداء. وأوضح مدير المركز المصري للحق في الدواء, أنه على سبيل المثال "أقراص الياسمين", ب150 جنيهًا وثمنها في الصيدليات 40 جنيهًا، وهذا لمن يمكنه الشراء ولكن ليس للأسر الفقيرة التي تذهب للوحدات الصحية لصرفه فتجد الموظف المختص يقول لها "تعالوا بكرة أو بعده"، في حين أنه لو موجود في مكان غير موجود في مكان آخر. وأوضح أن نقص هذه الحبوب يعتبر كارثة لأن بعد سنة سوف نرى النتائج في الزيادة السكانية والتعداد السكاني, خاصة أن مصر من أكثر الدول التي تلجأ لحبوب منع الحمل لمواجهة الانفجار السكاني. ولفت "فؤاد", إلى أن الدولة لديها برامج منذ أكثر من 20 عامًا للحد من مشكلة الزيادة السكانية، وتحصل على منح وقروض من أمريكا والاتحاد الأوروبي لذلك، مع وجود مراكز الأمومة والطفولة في كل ربوع مصر، وعملهم الأساسي الحد من زيادة النسل وفي النهاية ليس لدينا أدوية تحديد نسل. ونوه بأن شركات الأدوية المستوردة لتلك الحبوب, أرادت أن تعمل مفاوضات مع الحكومة لزيادة أسعار حبوب منع الحمل، إلا أنه قوبلت بالرفض, لذلك تضغط تلك الشركات على الحكومة لعدم استيراد تلك الحبوب. وفي تصريح ل"المصريون"، قال الدكتور علي عوف, رئيس شعبة تجارة الأدوية, إن حبوب منع الحمل يوجد منها نوعان "مدعم وغير مدعم"، موضحًا أن المدعم ثمنه الأساسي 30 جنيهًا ويُباع للمواطن ب3 جنيهات في مراكز الأمومة والطفولة. وأضاف "عوف", أن حبوب منع الحمل المدعمة كانت تباع في الصيدليات العادية, ثم بعد ذلك أصبحت لا تباع إلا في المراكز التابعة لوزارة الصحة, أما النوع الثاني فغير مدعم، ويباع في الصيدليات وهي الحبوب المستوردة. وأوضح "عوف"، أنه لا يوجد نقص في حبوب منع الحمل بل هناك تلاعب, لاسيما بعد أن أصبحت تلك الأدوية تُباع في السوق السوداء بأكثر من ثمنها أضعافًا مضعفة. وأشار "عوف"، إلى أن هذه المشكلة لم تكن موجودة من قبل, بل ظهرت منذ ما يقرب من عام في عهد نائب وزير الصحة لشئون الصيادلة الحالي, الذي لا يتدخل لحل تلك المشكلة. ونوه "عوف"، بأن تلك الأدوية من المفترض أن تدخل من الجمارك إلى مخازن الوكيل ثم للصيدليات, وذلك تحت إشراف نائب وزير الصحة لشئون الصيدلة, لمعرفة عدد الأدوية التي دخلت حتى لا يتم التلاعب. ولفت إلى أن الدولة سعرت للمواطن كي لا يتحمل أي أعباء إضافية عليه في ظل الظروف الاقتصادية التي لا يعاني منها إلا الفقراء, فمن المفترض أن تكون هناك رقابة وتفتيش على الصيدليات لمنع بيع تلك الأدوية في السوق السوداء, ولكن ما يحدث العكس بأن يترك الوكيل بلا رقابة. وفي السياق، قال الدكتور عصام عبد الحميد، رئيس شعبة أصحاب الصيدليات, إنه يوجد نقص بالفعل في حبوب منع الحمل منذ 4 أشهر أو أكثر, ويبدو أن وزارة الصحة لا تتابع هذا الأمر. وأضاف "عبد الحميد"، في تصريح ل"المصريون"، أن هذا الأمر الذي يمثل خطورة شديدة في ظل حملات وزارة الصحة والسكان بتحديد النسل وتنظيم الأسرة وقلق السيدات من استخدام اللولب، مضيفًا أن نقص الأدوية أصبح بمثابة عرض مستمر متكرر وليس وليد اللحظة. وتابع "أن هناك العديد من المواطنين يلجأون لتلك الوسيلة لمنع الحمل, نظرًا للظروف الاقتصادية التي يمرون بها خاصة الفقراء ومحدودي الدخل، فعند عدم الحصول عليها ستحدث المشكلة". ورجح رئيس شعبة أصحاب الصيدليات، أن نقص تلك الحبوب ربما يكون بسبب ارتفاع سعر الدولار؛ خاصة أن معظم تلك الحبوب مستوردة، وفي نفس الوقت تباع بسعر عالٍ.