«لم أر شيخًا يمثل مجموعة من الأفكار الرجعية المناهضة للعلم والتقدم إلا الشعراوي، ولم أصادف رجلًا مثله يستخدم كل المنح الربانية التي أنعم بها عليه فيما يخدم التطرف»، بتلك الكلمات جدد الكاتب الصحفي إبراهيم عيسى، هجومه على الشيخ محمد متولي الشعراوي. جاء ذلك في تغريدة ل«عيسى»، عبر حسابه الشخصي على موقع التدوينات المصغر «تويتر»، حيث نشر صورة غلاف لكتاب له صدر عام 1994 تحت عنوان «أفكار مهددة بالقتل: من الشعراوي إلى سلمان رشدي». وعلق الكاتب الصحفي على الصورة، قائلًا: «هذا بعض مما كتبته ونشرته عن الشيخ الشعراوي عام 1994 علي عينه وفي عز شهرته ونجوميته وسلطته الجماهيرية». وورد في النص الموجود على الغلاف التالي: «سألوني، هل بينك وبين الشيخ الشعراوي شيء؟ قلت أبدًا، إن شيخ جماهيري، واسع النفوذ والتأثير، ومن ثم فإن أيًا من آرائه تصبح ذات أهمية كبيرة لأنها ذات تأثير أكبر». كذلك جاء في النص: «إنكم تصدقونه، فحين أراه مخطئًا، أسارع وأفند وأناقش وأحيانًا أهاجم، بل والحق يقال، إن الرجل يدفعني دفعًا إلى للخلاف معه، فلم أر شيخًا يمثل مجموعة من الأفكار الرجعية المناهضة للعلم والتقدم إلا الشعراوي، ولم أصادف رجلًا مثله يستخدم كل المنح الربانية التي أنعم بها عليه، فيما يخدم التطرف». لم يكن «عيسى» وحده هو من جدد الهجوم على إمام الدعاة، فقبل أيام وبمناسبة ذكرى نكسة 1967، شن الدكتور خالد منتصر هجومًا على الشيخ الشعراوي؛ بسبب تصريحاته التي قال فيها إنه سجد لله شكرًا على هزيمة مصر في حرب 1967. وأعرب منتصر، عن دهشته ممن يبررون للشيخ تصريحاته، قائلًا: «أنا مندهش ممن يبررون للشعراوي سجوده شكرًا علي هزيمتنا بأنه إنقاذ للدين من الشيوعية». وأضاف عبر حسابه الشخصي على «تويتر»: «طب ودم الغلابة اللي منهم ببصلي واللي منهم أكثر إيمانًا من كل لابسي العمامة واتصاله بربنا أعمق الدم ده مالوش قيمة عنده خالص مش محطوط في حساباته». وتابع: «جاله قلب يفرح في موت جنودنا وضباطنا في 67 حد يفرح في هزيمة بلده لأي سبب، إن كان شيوعية ولا رأسمالية ما فيش مبرر والمبررات اللي بيقدموها مزيفو الوعي مغسولو الدماغ كوميدية متهافتة». الدكتور ياسر أحمد مرسي، مدرس التفسير وعلوم القرآن بكلية أصول الدين بالقاهرة، قال إن هجوم هؤلاء على الشيخ الشعراوي، هدفه زعزعة مكانة أعلام الأمة في قلوب المسلمين، واصفًا هذا الهجوم بالإرهاب الفكر. وفي تصريحات ل«المصريون»، أضاف «مرسي»، أن الهجوم المستمر وغير المنطقي ينتج عنه تدمير الطموحات لدى الشباب والأجيال القادمة؛ حيث الضرب في الرموز يؤدي إلى تدمير العقول وتخريبها، وبالتالي لابد من مواجهة مثل هذه الهجمات غير المبررة. مدرس التفسير وعلوم القرآن، لفت إلى أن الفكر يواجه بالفكر، فيما لو زاد عن الحد، يجب مواجهته وردعه بشتى الطرق والسبل، مردفًا: «لابد من تقدير الرموز وعدم السماح لأحد بالنيل منهم لأغراض وأهداف مجهولة». أما، الشيخ عبد الحميد الأطرش أمين عام الدعوة ورئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف، قال إن الشيخ الشعراوي هرم ومنحة من الله -سبحانه وتعالى-، إضافة إلى أنه ملهم من الله، ومن ثم تلك الخزعبلات لن تؤثر في مكانته. وأضاف «الأطرش»، ل«المصريون»، أن العادة جرت على أن الشجرة المثمرة تقذفها الناس بالحجارة، مشيرًا إلى أن كل من ينبح حيال الشيخ لا قيمة له ولا يعتبرون إلا نفوس مريضة حاقدة عليه وعلى مكانته، فالعالم لا ينقده إلا عالم مثله، بحسب قوله. رئيس لجنة الفتوى الأسبق، لفت إلى الرسول وهو من هو هوجم، حيث قالوا عنه أنه كاذب وساحر وكذا وكذا، وبالتالي من الوارد والطبيعي أن يتعرض الشيخ للهجوم، لكنه طالب بتحرك سريع من الأجهزة المعنية؛ لتصدي لذلك الهجوم. واختتم حديثه، قائلًا: «قالوا، والله لو صاحب الإنسان جبريلا** لم يسلم المرء من قال ومن قيلا، قد قيل في الله أقوالاً مصنفهً ** تتلى إذا رتل القرآن ترتيلًا». فيما، قال الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء ورئيس جامعة الأزهر السابق، إن الإمام محمد متولي الشعراوي كان نمطًا فريدًا من العلماء في مختلف العصور وتميز بعلم الموهبة في تفسيره للقرآن. وذكر «هاشم»، أن الشعراوي جدد إيمان الأمة بتفسيره المتميز للقرآن الكريم، منوهًا بأنه لم يكن عالمًا عاديًا بل كان وليًا من الصالحين الذين كُشف عنهم وكانت له كرامات كثيرة. ورد الأزهر الشريف على الهجوم الذي تعرض له الشيخ الشعراوى فى الفترة الأخيرة من قِبل الكاتب الصحفي إبراهيم عيسى. ونشرت الصفحة الرسمية للأزهر على موقع «فيس بوك»، مقطع فيديو بتضمن مسيرة الإمام الراحل، باعتباره ضمن أعلام الأزهر الشريف والدعوة الإسلامية. وذكرت الصفحة عن الإمام الشعراوي، «إذا تكلّم شَنَّف الآذان بحديثه العذب الرقراق، تجمعت حوله القلوب، وأحاطته بمشاعر الحب والتقدير، إنه صاحب الخواطر حول كتاب الله». من جانبه، قال خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، إن حملات الهجوم المشبوهة على فضيلة الإمام الشيخ محمد الشعراوي، خرجت من أكثر من مكان وفي توقيت واحد، وهي شبيه بإعصار«تسونامي»، على حد قوله. وأوضح أن الهجوم المشبوه على الشيخ الشعراوي، وراءه خطة ممنهجة لضرب الثوابت الدينية والرموز الإسلامية؛ حتى تخرج الأجيال المقبلة لا تعرف شيئًا عن الدين. وأضاف «الجندي»، خلال برنامجه «لعلهم يفقهون»: «لازم الناس تعرف الهدف من الهجوم على الرموز وعلماء المسلمين، وبحذر من الانسياق وراء هذه الخطط والترويج لها على مواقع التواصل الاجتماعي». وتابع: «الشيخ الشعراوى يعتبر أمامًا مجددًا، وليس معصومًا بل بشر وله أخطاء، ولكنه من أعادنا إلى القرآن، وعمل صلح ما بين المجتمع واللغة العربية وعلم النفس والطعن فيه طعن في الوطن مصر». واستكمل: «هؤلاء لماذا لا يهاجمون أم كلثوم وأحمد شوقي، لا يجرؤوا على هذا، هم يريدون أجيال، لا يحترمون علمائهم بالتالي يكونوا بعيدين عن الدين». وأردف: «هو اللي رجع علاقتنا بالقرآن، وأعاد لنا القيم الإيمانية، والذي تصدى لتيار إلحادي قضى عليه تماما في عصره بمفرده، والذي ربانا كلنا على احترام مدلول النص ومفهومه».