مدرسات يجبرن الطلاب على الهدايا: «لو جبتم كوبيات هكسرها على دماغكم.. الفلوس أحسن».. ومديرة مدرسة: «نبهت على الأولاد ما يجيبوش هدايا» ركود فى سوق الهدايا والمحلات تبحث عن زبائن: «الأسعار رخيصة بس الحال واقف» "هدية ذهبية أو فضة".. "طقم كاسات أو كوبيات".. "زجاجة برفان أو علبة ماكياج".. هذه عينة من هدايا المصريين في عيد الأم، بهدف إدخال البهجة والسرور على الأمهات في هذا اليوم من كل عام. لكن في ظل غلاء، وأوضاع مادية صعبة يشكو منها كثير من المصريين، أصبحت الهدية تشكل عبئًا إضافيًا على ميزانية الأسرة المصرية، خاصة وأن الأمر لم يعد قصرًا على الأمهات، بعدما بات أساسيًا في بند الهدايا الإجبارية لطلاب المدارس. وهناك قائمة بأسماء المُدرسات، وخاصة المواد الأساسية، اللاتي يتمتعن بوضع مختلف عن غيرهن، حيث تتولى الأم تجهيز الهدايا القيمة لهن، وتختلف حسب نوع المادة، طمعًا في الحصول على درجات جيدة في أعمال السنة. بخلاف مُدرسات الأنشطة التي من النادر أن يحصلن على هدايا مثل زميلاتهن، إلا إذا كانت المُدرسة تحظى بحب كبير، إلا أنه مهما بلغت درجة حب التلاميذ لها، فالهدية لن تكون أكثر من وردة مغلفة بورق لامع وقد يصاحبها بطاقة تهنئة. وأغرب ما في هذا الأمر أن هناك مدرسات يطلبن من التلاميذ إحضار نقود بدلاً من الهدايا: "يا ولاد بدل ما تشتروا هدايا وممكن ما تعجبنيش هاتوا الفلوس أحسن"، بينما هددت أخرى: "اللي هيجيب لي كوبيات هكسرها على دماغه". تختلف أنواع الهدايا حسب الإمكانيات المادية لكل أسرة، وتكون غالبًا الهدية أطباقًا لتقديم المهلبية أو الأرز باللبن، ويتراوح سعرها ما بين 15 أو 20 جنيهًا، وهناك أيضًا أطقم الكوبيات التي تباع تقريبًا بنفس السعر. فيما يفضل البعض الغياب في هذا اليوم، وفي بعض الأحيان يلجأ بعض التلاميذ إلى كتابة عبارة تهنئة، مثل: "أنت أحلي مُدرسة في الدنيا"، أو بعض الورود ذات اللون الأحمر. أما الطبقة الثرية، فالهدايا ربما تكون لعبة ذهب، أو سلسلة من الفضة، وتتنوع قيمة كل هدية بحسب كل مادة، فالمواد الأساسية لها نصيب الأسد من الهدايا الأغلى والأفضل، وعاملات المدرسة لهن نصيب أيضًا. شهدت المرحلة الحالية طفرة في عالم هدايا عيد الأم بسبب الظروف الاقتصادية، إلا أنه بالرغم من ذلك فما زال البعض يحرص على شرائها. "الحمد لله مدرسين الماس والإنجليش رجالة".. قالتها ولية أمر لطلاب في المرحلة الابتدائية، وهى تقف أمام أحد محلات بيع الهدايا المنزلية. وأضافت ل"المصريون": "اشتريت طقم بيركس أطباق ب85 جنيهًا لمُدرسة العربي وطقم خشاف صيني لمدرسة الدراسات، ومدرسات الأنشطة جبت لكل واحدة طقم خشاف ب20 جنيهًا". وتعلق صديقة لها: "لازم نشتري كل سنة الهدايا للمدرسات هما عندنا مش بيطلبوا بس أولادنا بيزعلوا لو مش جبنا حاجة لمُدرساتهم". "أحسن حاجة عملت 4 أزايز برفان الواحدة ب15 جنيهًا، علشان بنتي تديهم لمدرساتها".. قالتها سيدة أخرى ل"المصريون"ن مضيفة: "لازم كل سنة نجيب حاجة تعودنا علي كده وبنتي هتزعل لو ما جبتش للمُدرسات هدايا". تقول غدير أيمن الطالبة بالفرقة الثانية في كلية تربية رياضية: "ماما هي اللي شايلة هم الموضوع ده، وأنا في ابتدائية وإعدادي كانت بتجيب هدايا للمدرسين كلهم، أنا كنت بودي الهدية للمُدرسة بس، لكن في ثانوي أنا كنت بتكسف أجيب هدية، ولم تكن المُدرسات يطلبوا هدايا أو يجبرونا عليها". وتقول فاطمة علاء الدين: "ماما كانت لازم تشتري هدايا للمُدرسات في عيد الأم وتقولي علشان يهتموا بيكي كويس". وتقول الطالبة عواطف عادل: "طبعًا لازم كل سنة شنط الهدايا لكل المُدرسات، زي أصحابنا". وتقول الطالبة فاطمة مصطفى: "إحنا بنجيب دلوقتي هدايا لأمنا بالعافية مش، لكن زمان في المدرسة كان لازم نجيب لكل المُدرسين". وتؤكد الطالبة فاطمة أيمن، أن والدتها ما زالت مستمرة حتى الآن في شراء الهدايا لمُدرسات أخواتها الأصغر منها. في الوقت الذي نبهت فيه بعض المدارس على الطلاب بعدم إحضار الهدايا. وتقول مديرة مدرسة الشهيد "عمرو عبد الجيد الابتدائية ف2 إدارة بولاق الدكرور" سوسن أحمد شوقي، إنها تقوم بالتنبيه على المُدرسات بألا يطلبن من التلاميذ هدايا، لكنهم أحيانًا يقومون بشراء الهدايا للمُدرسات حبًا وتقديرًا لهن. وأضافت ل"المصريون": "الطلاب أحيانًا في الإجازات وبعد ما يسيبوا المدرسة بيجيوا يسلموا على مدرسيهم وهو ما يؤكد أن هناك علاقة ود بين المدرسات والتلاميذ، والهدية لا قيمة لها، فحب الأطفال هو الأهم". وأكدت حنان محمد مدرسة، أن "التلاميذ يحضرون الهدايا ولا أجبر أحدًا على ذلك، ومعظم الهدايا رمزية"، لكنها أشارت إلى أنها سمعت عن بعض المُدرسات اللاتي يقمن بإجبار التلاميذ على هدايا معينة أو إعطائهن مبالغ مالية، بدلاً من الهدايا، وبعض المُدرسات ترفض الأطقم الزجاج وتتوعدهم إذا اشتروها. وأضافت ل"المصريون": "هناك بعض الطلاب يقومون بشراء طقم "كاسات" غالي الثمن، وهناك بعض المُدرسات يقومون بتجميع الهدايا كجهاز للعروسة، من أطقم كوبايات أو كاسات أو أطباق خشاف". وإذا كان هذا النوع من الهدايا يثير اعتراضات وضجر أولياء الأمور، فالأمر يختلف تمامًا تجاه الأم، فلا يمكن لأحد مهما كانت الظروف أن يتخلف عن إحضار هديته لوالدته في هذا اليوم. وتتنوع ما بين الذهب أو الفضة أو الأجهزة المنزلية التي تحتاج إليها، ولأن سعر الذهب عيار 18 نحو 542 جنيهًا للجرام، وعيار 21 نحو 632 جنيهًا للجرام، فقد أصبح الإقبال أكبر على شراء الهدايا الفضة، حيث يبدأ سعر خاتم الفضة بسعر من 150 جنيهًا، والسوار يبدأ من 300 جنيه، وسعر الأقراط من 200 إلى 2500 جنيهًا. ركود فى مبيعات الهدايا "هو فيه عيد أم السنة دي"، قالتها صاحبة محل بمنطقة فيصل متخصص في بيع الهدايا المنزلية البسيطة، والتي تتنوع ما بين أطقم كاسات أو أكواب أو أطباق للخشاف. وأضافت ل"المصريون": "زمان الناس كانت بتجيب كمان لجيرانها وأصحابها والمُدرسين، دلوقتي الواحدة ممكن تشتري طقم لمُدرسة واحدة أو اتنين بالكتير وهو ده الموسم بتاعنا". وقال صاحب محل آخر: "تغير الحال كثيرًا ودلوقتي مش زي زمان، والناس بتشتري قليلن والأسعار مش غالية أنا عندي هدايا بتبدأ من 10 جنيهات زي طقم الكوبيات 3 قطع، وممكن هدايا تعدي ال100 جنيه، وفيه ناس بتيجي تاخد أطقم غالية لمامتها أو لحماتها، لكن الكمية قلت كتير عن الأول". وتقول الدكتورة فاتن عرفة الأخصائي النفسية والاجتماعية ل"المصريون": "تغير الحال كثيرًا الآن فلم تعد هناك مقدرة شرائية كبيرة للهدايا وتبدلت الأحوال وأصبحت الهدايا عينية أكثر"، مؤكدة أن "الهدية قيمتها الحقيقية ليست في ثمنها ولا شكلها، فقد تكون بسيطة لكن قيمتها غالية جدًا". وأوضحت أن "هناك أمهات بحاجة إلى الاهتمام أكثر من غيرهن، خاصة إذا كانت قد فقدت أحد أبنائها، أو من لم تنجب، نقول لهن: "كل سنة وأنت طيبة"، و"ألف تحية وتحية"، لأنها تمكنت من أن تحول الوجع لحنان على كل أولادنا، وليس حقيقيًا، أن فاقد الشيء لا يعطيه بل فاقد الشيء ممكن يعطيه، ويعطيه بسخاء، وكذلك تحية للأب الذي له دور كبير جدًا في حياتنا". ووجهت رسالة إلى الأبناء في هذه المناسبة السنوية: "ما تدورش على هدية غالية دور على حب وحنية وعطف وامنح لأمك حتى لو تخليها تبتسم من قلبها، وتبعد عنها الهم، دور إزاي تفرحها، ممكن تجيب وردة واحدة بس وتحضن أمك هتحس الحنية جواك هتكون غالية، خليك ناجح برها بالطبطبة بالحنية واسمع كلامها المناسب، وتذكر قول الرسول صلي الله عليه وسلم عندما سأله رجل: من أحق بحسن الصحبة؟، قال: أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أباك، ثم أدناك أدناك".