لأول مرة يقول د. عبد العظيم رمضان ، كلاما "عليه القيمة" ..! ، أصاب به بعضا من الحقيقة و ليس كلها أو كبدها ، عندما انتقد المراهنين على دور المؤسسة الدينية الرسمية (الإسلامية و المسيحية) في حل "المشكل الطائفي" في مصر. و قال إن الطرفين يغذيان روح التطرف ، مهما تظاهرا بإدانته ، غير أن رمضان وضع "المسجد" كمؤسسة رسمية مقابل "الكنيسة" !! ..و نحن نسأله : أي مسجد يا مؤرخ زمانك ؟! . المسجد ليس مؤسسة دينية رسمية ، إلا إذا كان رمضان يقصد "الأزهر" .. فهو حينئذ محق ، غير أن الأزهر يختلف عن الكنيسة ، فهو أو شيخه لا يعبر عن المسلمين ولا يتحدث بإسمهم ، و لا يتحمل مسئولية تصرفاتهم إذا أحسنوا أو أساءوا ، و لا يلزمه أحد بالاعتذار نيابة عن أو باسم من أساء منهم . فالإسلام لم يعرف في تاريخه .. لا رجل الدين و لا السلطة الدينية ولا المؤسسة الدينية الرسمية ، فهذه كلها أسماء و مصطلحات و ظواهر أفرزها دين آخر و حضارة أخرى . الدولة الإسلامية عرفت فقط الفقيه أو العالم و طبقة أهل العلم أو الفقهاء ، التي ظلت عبرالتاريح الإسلامي ، طبقة مستقلة عن الدولة و السلطة الرسمية ، تمارس دورها الدعوي و العلمي من جهة و نقد المجتمع أو السلطة والنظام من جهة أخرى ، ليس لها عصمة و لا قداسة ، يؤخذ منها و يرد ، و ليس لها أية سلطة دينية أو أبوية على عامة المسلمين و خاصتهم . الأزهر منذ تأسيسه كان و لا يزال جامعة علمية ، دوره تلقين العلم الشرعي ، و تخريج الأئمة و الفقهاء و العلماء ، حتى سيطرت عليه الانظمة التي تعاقبت على حكم مصر منذ خمسين عاما ، و استولت عليه ، و حولته إلى مرفق حكومي ، دوره الأساس توفير الغطاء و التبرير الديني لممارسات النظام و تيسير هيمنته على عقول و قلوب العامة ! . فالأزهر و دار الافتاء الأن باتا ، جزءا من النظام السياسي ، يعبران عن وجهة نظر النظام.. لا الإسلام ، و أداتين من أدواته القمعية مثل "أجهزة الأمن " أو التضليلية و التوجهية مثل "تليفزيون" صفوت الشريف من قبل و الفقي من بعد . و بالنسبة للمساجد ، فإن النظام بسبب ذعره و خوفه من قيام المساجد بدورها التنويري والسياسي الثوري ، فقد قرر ضم مساحد مصر لتكون جميعها مسئولية أحد عماله أو أحد موظفيه هو وزير الأوقاف ! . و من ثم فإذا أخطأ إمام مسجد ، فإن وزارة الأوقاف هي المسئولة عن خطئه ، فهي التي جاءت بالجهلاء و المشعوذين و استبعدت أولي العلم و الثقات و العقلاء من المشايخ ، و لذا فهي أي الأوقاف تعاقبه إذا أخطأ أو تعتذر نيابة عنه ، فهذه حقيقة لا ينتطح عليها عنزان. فالأزهر (و شيخه) إذن يختلفان تماما عن الكنيسة و (رئيسها) ، فالأخيرة تعبر عن الأقباط و هي مؤسسة مستقلة ، لا ولاية سياسية و لا دينية عليها إلا للبابا ، و لقد أصدر الأخير مثلا قرارا بمعاقبة جمال أسعد عبد الملاك بسبب أنه قال إن البابا لا يعبر عن الأقباط ! و عاقب قساوسة من قبل مثل ابراهيم عبد السيد ،لأنهم انتقدوه شخصيا ! إذن .. إذا أخطأت إحدى الكنائس أو الكهنة أو القساوسة ، فإن على البابا شنودة أن يتحمل مسئوليته التي ارتضاها لنفسه و لكنيسته و عليه الاعتذار ، أو عليه أن يعترف بأنه لا علاقه له بالكنيسة و أنه غير مسئول عنها و عن ممارساتها . أما اللف والدوران و لعب الثلاث ورقات التي يلجأ إليها البعض بالزعم أن اعتذار البابا ستكون سابقة لها تداعياتها على الجانبين الإسلامي و المسيحي ، باعتبار أن ذلك سيستدعي أن يعتذر شيخ الأزهر عن ممارسات سبق أن مارسها مسلمون ضد أقباط ، فهذا كلام سخيف و سفسطة و هروب من تحمل المسئوليات واستعلاء و تعال يثير النفوس الثائرة أصلا و يوغر الصدور الغاضبة مما تعرض له دينها من إهانات . شيخ الأزهر غير مسئول عن بن لادن و لا عن الظواهري و لا عن الملا محمد عمر و لا عن خالد الإسلاميولي ولا عن أحداث الكشح . فالأزهر كما بينا فيما سبق ليس مسئولا عن تصرفات المسلمين حتى في المساحد ، مثل مسئولية البابا عما يحدث في الكنائس .. فالمساجد الآن مسئوليتها تقع على وزير الاوقاف و الكنائس تقع مسئوليتهاعلى البابا شنودة .. و على كل مسئول أن يتحمل مسئوليته و إلا .. فالفوضى هي البديل و نسأل الله تعالى لنا و لمصر السلامة من هذا العناد و التعالي و الكبر الطائفي الممقوت [email protected]