وفقاً للقانون من حقك أن تهاجم الرئيس مرسى أناء الليل وأطراف النهار وأن تتهم عمله بالنقصان وإدارته بالفشل وأنه لم يضف إلى الساحة السياسية المصرية سوى الذقن والصلاة فى الجامع، ووفقًا لذات القانون، من حقك أيضًا أن تؤكد أن الرئيس مرسى هو هبة الله التى منحها لمصر وأنه امتدادٌ لعمر بن الخطاب وصلاح الدين الأيوبى الجديد، هذه أبسط القواعد والحقوق التى تكفلها لك الديمقراطية وهى أن تؤيد حتى آخر مدى أو تعارض حتى آخر رمق، لكننا فى مصر نضيع بين وجهتى النظر المتباينتين. مصر الآن لا تعمل سوى أنها تشاهد وتشجع، والشعب منقسم إلى فريقين من المشجعين، الأول يهيل التراب على مرسى وسياسته ورجاله، والثانى يسبح بحمده وكلا الفريقين يرفضان أن يقللا من حجم اللدد فى الحب أو الكراهية لمرسى ولا يريد أن يحكم العقل ولا الواقع، وعلى سبيل المثال خطاب مرسى الأخير فى طهران اعتبره المحبون لمرسى هو نوع من الفتح المبين أو غزوة طهران وإعادة فتح لبلاد فارس مرة أخرى، بل إن البعض طالب باستقباله فى المطار والتجمهر حول منزله إعلاناً لتقديرهم لكلمته فى قمة عدم الانحياز، على الجانب الآخر وصف كارهو مرسى الخطاب بالسطحية وأنه تجاهل إسرائيل وأمريكا وأقرب إلى خطبة أمام مسجد منها إلى رجل دولة. وبين الطرفين يقف عقلاء من هذه الأمة يتلقون السهام والطعون من الجانبين؛ لأنهم يتعاملون مع الواقع وليس من منطلق الحب ولا الكراهية، فبالتأكيد أن خطاب الرئيس مرسى فى طهران هو خطاب عظيم؛ لأنه هاجم النظام السورى وهو يجلس إلى جوار الرئيس الإيرانى أكبر داعم للنظام السورى فى المنطقة وهو بداية لإعلان عن دور مصرى إيجابى يحل محل الدور المائع المضمحل، الذى انتهجته مصر طوال 30 عامًا ماضية، كما أن زيارة مرسى إلى إيران وإعلانه استعداده للتعاون معها هو مؤشر جيد على أن مصر لا تسير وفقاً للأجندة الأمريكية بحذافيرها، فتكره ما يكرهه الأمريكان وتعشق إلى حد الثمالة من يرضى عنهم أوباما. لكن هذا كله لا يعطى مبررًا لاستقباله فى المطار استقبال الفاتحين ولا التظاهر عند بيته لإعلانه بالحب، الرجل قال مجرد خطاب وبالتأكيد الخطاب الذى قرأه الرئيس تم إعداده وكتابته من قبل مستشاريه وفقاً للعادة، كما أن الاحتفاء بمجرد خطاب بهذا الشكل قد يدفع بمرسى إلى نسيان تواضعه فيما بعد ويتحول إلى مبارك آخر، فمبارك كان قطة مغمضة عندما تولى الرئاسة وعنف إبراهيم سعدة رئيس تحرير أخبار اليوم، لأنه نشر موضوعًا عن زوجته وقال له قولته المشهورة يا إبراهيم الكفن مالوش جيوب ثم اكتشفنا أن الكفن لديه حسابات فى سويسرا بعد 30 عامًا. وأجدها فرصة لأطلب من الرئيس مرسى أن يحترس من أصدقائه، فالأعداء معروفون لكن الأصدقاء الذين ينشرون أخبار الرئيس وهو يصلى ويزور أقربائه ويصلى الجنازة ويصافح مواطنين بسطاء، هؤلاء الأصدقاء هم أكثر من يضرونه، دعوا الرئيس وشأنه، اتركوا أمر صلاته وعباداته فهو أمر بين العبد وربه، ولا تغالوا فى مدح الرجل وتضعوه فى مصاف القادة والفاتحين، اتركوا الناس تنتقده طالما كان لديها حق ولا تخيفوهم وتجعلوا نقد مرسى من نقد الله سبحانه وتعالى وحاشا لله أن يكون ذلك، إن محبى مرسى أو بالأحرى دراويشه الذين يذوبون فى عشقه هم أول من يضرونه، وأتمنى أن يأمر الرئيس بمنع نشر أخباره الشخصية وأن يتم التركيز على أفعاله وإنجازاته. أما كارهو مرسى فالرجل لم ولن يكون امتدادًا لمبارك ليس لأن الرجل مختلف تمامًا عن المخلوع فقط ولا أنه كشخص غير فاسد، بل لأننا الشعب سنرفض أن نعود إلى نفس الدائرة، كما أن الهجوم على أى قرار أو موقف يتخذه الرجل حتى لو كان إيجابيًا هو نوع من أنواع الكراهية غير المبرر ولا المقبولة، وبالتأكيد مرسى ليس واحدًا من النموذجين فهو ليس امتدادًا للرئيس السابق مبارك، كما أنه أيضًا ليس صلاح الدين الأيوبى، لكن إذا استمر استقطاب المصريين بهذا الشكل المهين فابشروا بضياع البلد وخرابه.