فى أول خطاباته للشعب -عام 1981- ذكر الرئيس «المخلوع» حسنى مبارك أن «الكفن ليس له جيوب»، وتلا الرئيس «المتوَّج» محمد مرسى فى كلمته الأولى إلى الأمة قول الله تعالى «وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ». ومع الفارق بين مضمون المثل الشعبى الذى ذكره «المخلوع» والآية الكريمة التى تلاها «المتوج»، ولله المثل الأعلى، وكذا الفارق الكبير بين شخصيتَى الرجلين إلا أنهما يجتمعان فى التأكيد على عدم البحث عن الدنيا والتفكير فى الموت والحساب فى بداية حكمهما، وهو أمر طيب، من المؤكد أن «المخلوع» لم يعمل به. بدأ «المخلوع» رحلة حكمه رافضاً نشر أى إعلانات تهنئة له، وطلب من رجال الأعمال الذين يريدون نشر مثل هذه الإعلانات أن يوجهوا ثمنها لخدمة المواطنين. وأتذكر أن «البائد» دعا إلى ذلك أيضاً عندما نجا من محاولة اغتياله فى «أديس أبابا» أواخر شهر يونيو 1995، وهو نفس الموعد الذى سوف يتسلم الدكتور «مرسى» السلطة فيه عام 2012! ومن اللافت أن الرئيس «المتوَّج» رفض هو الآخر نشر أى إعلانات تهنئة لفوزه فى انتخابات الرئاسة؛ فقد أعلن «ياسر على»، القائم بأعمال المتحدث الإعلامى لرئاسة الجمهورية، أن الرئيس ناشد كل من يريدون تهنئته أن يكتفوا بإرسال برقية إلى رئاسة الجمهورية بدلاً من الإعلانات المكلفة، على أن يوجهوا أموال تلك الإعلانات لخدمة الصالح العام! كثيراً ما تتشابه البدايات، لكن النهايات حتما ما تكون مختلفة؛ لذلك قال النبى -صلى الله عليه وسلم-: «خير الأعمال خواتيمها». وقيل: «العبرة بالنهاية». والعاقل من يضع النهاية التى يرجوها لنفسه أمام عينيه ويتحراها فى كل خطواته. وليس من الوارد أن يكون «المخلوع» قد توقع لنفسه هذه النهاية، لكنها داهمته عندما اكتشف الشعب أن وعود البداية لم تكن سوى مجرد ضحك على «الدقون». وهذه العبارة لا تنطبق بالطبع على الرئيس المتوَّج؛ لأنه من أصحاب الذقون! نحن بالطبع لا نفتش عن نوايا أحد، بل ونحسن الظن بالدكتور «محمد مرسى» ونشعر أنه سوف يلتزم بما نطق به لسانه منذ توليه أمانة الرئاسة، لكننا نريد أن نذكِّره -و«الذكرى تنفع المؤمنين»- بأن كل رئيس يتولى منصبه على الفطرة، ثم تأتى بطانته فتفسد الصالح من أحواله، من خلال الحديث المفرط عن عبقريته، ومدح أخطائه، والتغنى بكلماته، ليجعلوا خطوته قفزة، وقراره ثورة، وعطاءه رحمة، وصمته حكمة، وكلامه عبرة. والرئيس الآن أمام استحقاق تشكيل البطانة المحيطة به. وبطانة الخير تؤدى بالشخص إلى الخير، أما بطانة السوء فتورده المهالك. والحكمة تقول: «صديقك مَن صدَقك وليس من صدّقك». وأكيد كلنا عارفين إن «الأصحاب الوحشين بيعلّموا المشى البطّال».