أثار تراجع الحكومة عن شراء محصول القطن وتخلي شركات التسويق عنه، غضب العديد من المزارعين, بعد أن وعدتهم بشراء القنطار بسعر 2700 جنيه للوجه البحري، و2500 جنيه للوجه القبلي, مما جعلهم يتوسعون في زراعة مساحة القطن, لكنهم فوجئوا بأنهم وقعوا فريسة للتجار بعد تخلي الحكومة عنهم، وقاموا بالشراء بسعر أقل, الأمر الذي قد يدفع المزارعين إلى التراجع عن زراعته العام المقبل, حتى أن هناك اتجاهًا من الحكومة لتقليص المساحة المزروعة من المحصول إلى 200 ألف فدان بدلًا من 336 ألف فدان. وقال الدكتور عز الدين أبوستيت، وزير الزراعة، إن مشكلة القطن المصري تكمن في الجني في "الشكائر" البلاستيك التي تختلط بعض الأجزاء منها بالقطن المصري الخام، مما يؤدي إلى اختلاط خيوط البلاستيك مع خيوط القطن وتظهر آثارها عند الصباغة، وهو ما يؤدي إلى تحويل القطن المصري إلى قطن ملوث لا يظهر تأثيره إلا عند صباغة المنسوجات القطنية. وأضاف "أبوستيت"، في كلمته خلال الاحتفالية التي أقامتها جمعية رجال الأعمال المصريين برئاسة المهندس على عيسي، وحضور المهندس علاء دياب، رئيس لجنة الزراعة والري في الجمعية، أن محصول القطن "لا كرامة له في بلده"، وتجربة زراعته أصبحت تجربة مريرة، خاصة أن جميع الشركات الخاصة بالتسويق خذلتنا و"خلعت"، وكانت تستهدف تحقيق المصلحة الخاصة بدلًا من المصلحة الوطنية، وللأسف هؤلاء "خلعوا" وبقيت الدولة فقط مع الفلاح. وتابع: أن لدينا 100 ألف قنطار من إنتاج العام الماضي، وأن مساحة القطن المستهدف زراعتها الموسم الجديد ستكون بناءً على احتياجات فعلية، والتي من المتوقع أن تكون في حدود 200 ألف فدان، لكي تعرف هذه الشركات قيمة القطن المصري، وأنه تم إرجاء زراعة الأقطان قصيرة التيلة، وإذا تمت فلن تكون إلا في العام بعد المقبل في مساحات محدودة في منطقة صحراوية حتى لا نتسبب في تخريب الأصناف المصرية طويلة التيلة. وفي السياق، قال النائب رائف تمراز، وكيل لجنة الزراعة، إن الرئيس عبدالفتاح السيسي، طالب بالاهتمام بزراعة القطن، وعودة الدولة المصرية إلى عهدها السابق، مؤكدًا أن الفلاح التزم بقرارات وزارة الزراعة وترك الأرز، وتمت زراعة القطن وفوجئ بتراجع الدولة عن قراراتها. وأكد وكيل اللجنة، في تصريح ل"المصريون"، أن هناك أيادي خفية داخل وزارات قطاع الأعمال ضد الفلاحين في ترك القطن في منازلهم، وقامت بالاستيراد من الخارج القطن والزيوت، وفي صمت تام من المسئولين. وعن تصريح وزير الزراعة، بأن القطن المصري لا كرامة له في بلده, قال "تمراز", إن هذا تهكم على الفلاح والمحصول القومي, وهذا كلام لا يليق من وزير ومسئول، وهذا مردود على البرلمان وسوف يتم المحاسبة. وأشار "تمراز"، إلى أن الدستور ألزم الحكومة بتحديد سعر المحصول قبل زراعته حتى يتسنى للفلاح زراعة المحصول أولًا طبقًا للمادة 29 من الدستور. من جانبه، قال حسين أبوصدام، نقيب الفلاحين العام, إن القطن تعرض في الفترة الأخيرة إلى انتكاسة؛ بسبب التسويق وعدم وفاء الوزارة مع الفلاحين, بجانب الإهمال حتى أنه أصبح غير مطلوب في الخارج بعد أن كان رقم واحد في العالم، وتتهافت الدول عليه. وأضاف "أبوصدام", في تصريح ل"المصريون"، أنه بعد تعهد الوزارة باستلام القطن من الفلاح بالسعر الذي حددته، وهو 2700 للقنطار في وجه بحري, و2500 جنيه للقنطار في وجه قبلي, تخلت عنه وتركته فريسة للتجار الذي اشترى القنطار ب2300 جنيه، وهذا إن دل يدل على فشل الوزارة. وأشار إلى أن الفلاح أصبح يفقد الثقة في الوزارة, موضحًا أنه استجاب للحكومة بزراعة القطن بدلًا من زراعة الأرز؛ بسبب التعرض لنقص المياه الذي تعاني منه البلاد, وأصبح يزرع القطن, حتى وصلت المساحة المزروعة في كلا الوجهين القبلي والبحري إلى 363 ألف فدان, بجانب 100 ألف فدان تابعة للحكومة تحت اسم "قطن الإكثار" لإنتاج التقاوي. وأوضح نقيب الفلاحين, أنه من المفترض أن تزيد مساحة زراعة القطن على 500 ألف فدان, ولكن بعد تصريح الوزير, فُوجئنا بأن هناك اتجاهًا لتقليص المساحة المنزرعة إلى 200 ألف فدان بدلًا من 336 ألف فدان من القطن طويل التيلة, لأن بذرة التقاوي تأتي من الوزارة. ولفت "أبو صدام"، إلى أن زراعة القطن, تعمل على تقليل نسب البطالة, سواء في مصانع الغزل والنسيج, أو مصانع الزيوت, بجانب تقليل أسعار العلف, وترشيد المياه, فهي زراعة كثيفة العمالة. ونوه نقيب الفلاحين, باسترداد سمعة القطن المصري طويل التيلة يحتاج إلى عدة أشياء، منها تطبيق قانون الزراعات التعاقدية, وتسويق المحصول, وتوفير التقاوي اللازمة للفلاحين, ورجوع الدورة الزراعية وإلزام الفلاحين بزراعته, وتحسين صورته في الخارج, وتحديد سعره قبل زراعته وتلتزم الوزارة به. وطالب "أبوصدام"، بتدخل الدولة لتسويق المحصول حتى لا تحدث انتكاسة بعد أن تم زراعة 336 ألف فدان, نظرًا لأن ما تم تسويقه 33 ألف فدان من المحصول, وهناك ديون تواجه الفلاحين، ما يهدد 300 ألف مزارع بالحبس.