«التضامن» تقر إضفاء صفة النفع العام على جمعيتين بمحافظتي الشرقية والإسكندرية    قفزة في سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه في بداية اليوم    عيد ميلاد السيسي ال 71، لحظات فارقة في تاريخ مصر (فيديو)    النزاهة أولًا.. الرئيس يرسخ الثقة فى البرلمان الجديد    سعر الذهب في مصر اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025.. استقرار في مستهل التداولات بعد هبوط ملحوظ    السيسي وقرينته يستقبلان رئيس كوريا الجنوبية وحرمه    أسعار الخضروات اليوم الخميس 20 نوفمبر في سوق العبور    لمدة 5 ساعات.. فصل التيار الكهربائي عن 17 قرية وتوابعها بكفر الشيخ اليوم    البنك المركزي يعقد اجتماعه اليوم لبحث سعر الفائدة على الإيداع والإقراض    ترامب يعلن عن لقاء مع زهران ممداني الجمعة في البيت الأبيض    مواجهات قوية في دوري المحترفين المصري اليوم الخميس    شبورة كثيفة تضرب الطرق والزراعية والسريعة.. والأرصاد تحذر من انخفاض مستوى الرؤية    شبورة كثيفة تؤثر على بعض الطرق.. والأرصاد تحذر السائقين من انخفاض الرؤية    موظفة تتهم زميلتها باختطافها فى الجيزة والتحريات تفجر مفاجأة    الاستعلام عن الحالة الصحية لعامل سقط من علو بموقع تحت الإنشاء بالتجمع    شبورة كثيفة وانعدام الرؤية أمام حركة السيارات على طرق القاهرة والجيزة    حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025    حلقة نقاشية حول "سرد قصص الغارمات" على الشاشة في أيام القاهرة لصناعة السينما    هولندا: ندعم محاسبة مرتكبى الانتهاكات في السودان وإدراجهم بلائحة العقوبات    وزير الصحة يناقش مستجدات العمل بجميع القطاعات خلال الاجتماع الدوري للقيادات    الصحة بقنا تشدد الرقابة.. جولة ليلية تُفاجئ وحدة مدينة العمال    الفراخ البيضاء اليوم "ببلاش".. خزّن واملى الفريزر    اليوم.. محاكمة المتهمة بتشويه وجه عروس طليقها فى مصر القديمة    سيد إسماعيل ضيف الله: «شغف» تعيد قراءة العلاقة بين الشرق والغرب    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الخميس 20 نوفمبر 2025    انتهاء الدعاية واستعدادات مكثفة بالمحافظات.. معركة نارية في المرحلة الثانية لانتخابات النواب    دعاء الفجر| اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله    زكريا أبوحرام يكتب: هل يمكن التطوير بلجنة؟    شوقي حامد يكتب: الزمالك يعاني    مستشار ترامب للشئون الأفريقية: أمريكا ملتزمة بإنهاء الصراع في السودان    أدعية الرزق وأفضل الطرق لطلب البركة والتوفيق من الله    سفير فلسطين: الموقف الجزائري من القضية الفلسطينية ثابت ولا يتغير    بيان سعودي حول زيارة محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة    أضرار التدخين على الأطفال وتأثيره الخطير على صحتهم ونموهم    مكايدة في صلاح أم محبة لزميله، تعليق مثير من مبابي عن "ملك إفريقيا" بعد فوز أشرف حكيمي    مصادر تكشف الأسباب الحقيقية لاستقالة محمد سليم من حزب الجبهة الوطنية    محمد أبو الغار: عرض «آخر المعجزات» في مهرجان القاهرة معجزة بعد منعه العام الماضي    أفضل طريقة لعمل العدس الساخن في فصل الشتاء    فلسطين.. قصف مدفعي وإطلاق نار من قوات الاحتلال يستهدف جنوب خان يونس    وردة «داليا».. همسة صامتة في يوم ميلادي    مروة شتلة تحذر: حرمان الأطفال لاتخاذ قرارات مبكرة يضر شخصيتهم    المطربة بوسي أمام المحكمة 3 ديسمبر في قضية الشيكات    إعلام سوري: اشتباكات الرقة إثر هجوم لقوات سوريا الديمقراطية على مواقع الجيش    موسكو تبدي استعدادًا لاستئناف مفاوضات خفض الأسلحة النووي    خالد أبو بكر: محطة الضبعة النووية إنجاز تاريخي لمصر.. فيديو    إطلاق برامج تدريبية متخصصة لقضاة المحكمة الكنسية اللوثرية بالتعاون مع المعهد القضائي الفلسطيني    دوري أبطال أفريقيا.. بعثة ريفرز النيجيري تصل القاهرة لمواجهة بيراميدز| صور    تقرير: بسبب مدربه الجديد.. برشلونة يفكر في قطع إعارة فاتي    ديلي ميل: أرسنال يراقب "مايكل إيسيان" الجديد    "مفتاح" لا يقدر بثمن، مفاجآت بشأن هدية ترامب لكريستيانو رونالدو (صور)    ضمن مبادرة"صَحِّح مفاهيمك".. أوقاف الفيوم تنظم قوافل دعوية حول حُسن الجوار    خالد الغندور: أفشة ينتظر تحديد مستقبله مع الأهلي    لربات البيوت.. يجب ارتداء جوانتى أثناء غسل الصحون لتجنب الفطريات    عصام صاصا عن طليقته: مشوفتش منها غير كل خير    ماييلي: جائزة أفضل لاعب فخر لى ورسالة للشباب لمواصلة العمل الدؤوب    خالد الجندي: الكفر 3 أنواع.. وصاحب الجنتين وقع في الشرك رغم عناده    أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لجان فض المنازعات: ثقب مبارك لاحتواء العدالة ومحاباة الموالين
نشر في المصريون يوم 25 - 08 - 2012

حزمة القرارات التطهيرية التى أصدرها الرئيس مرسى مؤخرًا بإلغاء الإعلان الدستورى المكمل، وتغيير قيادات القوات المسلحة، واستبدالها بأخرى جديدة، وما صدر قبلها من إقالة مدير المخابرات، وقائد الحرس الجمهورى، ومحافظ شمال سيناء، ورجال أمن بارزين آخرين هى أول الغيث، وما زال الشعب المصرى متعطشا إلى مزيد من القرارات التطهيرية التى تزيل الركام وتغسل أراذل النظام البائد فى إطار سلسلة التطهير لقواعد الدولة العميقة بكل مؤسساتها وجهازها الإدارى، ومن هذه الأشياء الملحة التى تنتظر القرارات الجريئة والسريعة للرئيس فى حلقات تجفيف منابع الفساد، وإهدار المال العام فى إحدى تقاليع النظام السابق، التى عرفت ب "لجان التوفيق فى المنازعات"، التى تنفق فيا ملايين الجنيهات من أجل استيفاء أوراق لا قيمة لها، فلا تزيد عن كونها إحدى عشوائيات النظام السابق التى ابتدعها، كسبوبة ونوع من الترضية لبعض القضاة الذين سبحوا بحمده، وتقمصوا دور المحلل لكل ما أراده النظام من خدمات كان الاقتراب منها بائنًا بعد تمريرها عبر دهاليز الشرعية القانونية والدستورية، وتحتاج إلى إزالة فورية.
فمنذ أن وجد هذا الكيان المعروف بلجان التوفيق فى المنازعات بقوة القانون رقم 7 لسنة 2000 الخاص بإنشاء لجان التوفيق فى المنازعات التى تكون الوزارات والهيئات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفًا فيها بحيث تنشأ فى كل وزارة أو محافظة أو هيئة عامة لجنة لفض المنازعات يرأسها مستشار سابق لم ينجح فى مواجهة الجهاز الإدارى والبيروقراطى للدولة، حيث استطاع هذا المارد أن يبتلع كل قراراتها، ولم تتمكن من رؤية النور، ولم تستطع أن تشق طريقها إلى عالم الواقع بدخول توصياتها إلى حيز التنفيذ.
وكانت هذه اللجان قد نشأت فى عهد وزير العدل الأسبق فاروق سيف النصر بهدف تقريب بعض القضاة من النظام، عن طريق الإغداق عليهم بالأموال والعطايا من أجل استخدامهم كأداة وعصا غليظة يبطش بها النظام المناوئين والمعارضين كيفما يشاء، وكان الستار الذى تعمل تحته هذه اللجان هو زعم الحد من تكدس القضايا فى المحاكم، والتخفيف عنها من خلال العمل بأسلوب التسوية الودية بعيدًا عن الخصومات القضائية، بيد أن المشكلة التى تعلقت بأسلوب عمل هذه اللجان أن كل ما صدر عنها من قرارات حتى كتابة هذه السطور لم يدخل حيز التنفيذ، وهذا ما اتضح من خلال النظر فى المنازعات التى أصدرت لجان فض المنازعات توصيات بشأنها، حيث اعتبرت الإحصائيات أن التزام الجهات الإدارية بمثل هذه التوصيات فى حدود غاية فى الضعف لا ترقى إلى المستهدف من وراء تشكيل هذه اللجان.
ومثّل الكتاب الدورى رقم (5) الذى صدر فى يونيه 2001- أى بعد إنشاء هذه اللجان بعام تقريبًا - عن الدكتور محمد مدحت حسانين وزير المالية السابق، والدكتور محمد زكى أبو عامر وزير الدولة للتنمية الإدارية السابق بشأن المبادئ الحاكمة تحديًا صارخًا لتغول الجهاز الإدارى للدولة، كما كشف عن النية الحقيقية وراء إنشاء هذه اللجان، حينما ضرب بتوصيات هذه اللجان عرض الحائط، بل وأوصى بعدم تنفيذها؛ حيث ورد به أنه تلاحظ للوزارتين أن بعض التوصيات صدرت عن هذه اللجان من دون مراعاة المبادئ والإجراءات التى تحكم إصدارها، فقد صدر عدد من التوصيات التى تخالف المبادئ المستقرة التى تحكم شئون العاملين المالية والوظيفية، وعلاقتهم بالإدارة مما يهدد وحدة المعاملة بين العاملين بالجهاز الإدارى للدولة، كذلك يرتبط تنفيذها بترتيب أعباء مالية غير متوقعة على الموازنة العامة للدولة، ومن ثم صدر قرار وزيرى المالية والدولة للتنمية الإدارية لممثلى الجهة الإدارية باللجان برفض جميع الطلبات التى تقدم للجان التوفيق فى المنازعات إذا كانت لا تتفق مع المبادئ الحاكمة لعلاقة العاملين المالية والوظيفية، كما لا يجوز للسلطة المختصة اعتماد التوصيات إلا بالإجماع، ولا يترتب عليها توصيات مالية جديدة، الكثير من التوصيات التى من شأنها أن تفرغ هذه اللجان من مضمونها، وتعيد النزاع بعد أكثر من شهرين مرة أخرى إلى ساحة القضاء، وبالتالى فهى مضيعة للوقت والمال ليس إلا..
وكانت اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس الشعب المنحل قد وافقت على إلغاء لجان فض المنازعات بتاريخ 28/5/2012 بعد أن وصفها النواب ب (إعانة القضاة) حيث اعتبر مقدمو الاقتراح هذه اللجان نوعًا من البحث - من قبل وزارة العدل - عن مصدر رزق لبعض القضاة حال إحالتهم للمعاش من قبل لجان عديمة الفائدة، من حيث إنها بدعة تهدف إلى إيجاد فرص عمل لبعض القضاة المحالين على المعاش الذين يتقاضون آلاف الجنيهات شهريًا من وراء هذه اللجان التى لا تعترف بقراراتها الهيئات والمصالح الحكومية، ولا يتم تنفيذها على أرض الواقع، ولا تأخذ بها المحاكم، وتهدر الملايين من المال العام، وتحمل خزانة الدولة ما لا تطيق.
كما كشفت المذكرة التى أعدتها وزارة العدل بهذا الخصوص للحكومة ردًا على مشروع قانون إلغاء لجان فض المنازعات بأن عدد المستشارين الذين يعملون بهذه اللجان يبلغون 2000 يتقاضى كل منهم راتبًا يصل إلى أربعة آلاف جنيه وهذا لا يكلف الدولة أى أعباء إضافية - على حد تعبيرهم - لأن تمويل تلك اللجان من المعونة الأمريكية الموجهة لإصلاح منظومة العدالة، وتبسيط إجراءات التقاضى، للتخفيف على المحاكم وإنهاء الخصومات بين الأفراد والحكومة قبل أن تصل للمحاكم، كما كشفت المذكرة عن حجم المنازعات التى نظرتها لجان فض المنازعات منذ بدء عملها فى أكتوبر من عام 2000 وحتى نهاية عام 2011 حيث بلغت 3 ملايين و717 ألف و683 منازعة، صدرت بشأن 3 ملايين و714 ألفًا و13 منازعة توصيات، تم تنفيذ 117 ألف و500 توصية، ومن ثم إذا ما نظرنا إلى الرقم الذى تم تنفيذه حسب ما ورد فى مذكرة وزارة العدل نفسها مقارنة بالتوصيات التى صدرت بشأن المنازعات التى نظرتها لجان التوفيق لا تتجاوز 1% من حجم تلك التوصيات، ومن ثم فقد حكمت مذكرة وزارة العدل بنفسها على نفسها بعدم فاعلية هذه اللجان، وعدم جدوى توصياتها غير الملزمة، ولابد من توفير تمويلها بغض النظر عن كونه معونة أمريكية، أو تتطلب تدابير اعتمادات إضافية خارج الموازنة العامة، أو تحمل الموازنة أى أعباء إضافية.
* حمدى رضوان: تكلف الدولة مليار جنيه سنويًا دون فائدة
فى البداية، أكد حمدى رضوان عضو مجلس الشعب السابق ومقدم مشروع قانون إلغاء لجان فض المنازعات أن هذه اللجان لا تعدو عن كونها مضيعة للوقت؛ حيث إن المتضرر لا يستطيع رفع دعوى فى المحاكم الطبيعية إلا بعد شهرين من رفع الدعوى أمام لجان فض المنازعات، مما يؤدى إلى التأخر والحرمان من الحق الدستورى؛ موضحًا أنه من حق صاحب الدعوى أن يقيم دعواه فى أى وقت يريده، لافتًا إلى أنه لا قيمة لتوصيات هذه اللجان فى ظل عدم اعتراف الهيئات الحكومية بها ولا حتى القضاء نفسه يعترف بها عند الذهاب للمحاكم، ومن ثم يبدأ المضار المشوار من جديد، فعندما يكون موظف له إجازات، وتقر لجنة فض المنازعات بأن يأخذ هذا الموظف رصيد إجازاته، لا يتم الاعتراف بذلك، فلابد من رفع دعوى أخرى فى المحاكم ويتم الحكم بذلك حتى يمكن تنفيذ الحكم، مستدلاً بذلك على عدم فاعلية اللجنة، مضيفًا أن المستشار الذى يعمل بلجان التوفيق فى المنازعات يتقاضى حوالى 6 آلاف جنيه شهريًا فى كل الدوائر على مستوى وزارات ومحافظات الجمهورية، لافتًا إلى أنه فى محافظة الغربية على سبيل المثال يوجد بلجان فض المنازعات 30 قاضياً مما يكلف الدولة حوالى مليار جنيه سنويًا على شىء عديم القيمة، مما يعد إهدارًا للمال العام، هذا فضلاً عن أن الذى كان يشكل هذه اللجان هم من الموالين للنظام السابق، حيث يتم تعيينهم بعد خروجهم على المعاش، على أساس نوع من المكافأة على ما قدم من خدمات للنظام، كما أنها نوع من مصدر الرزق له، تحت زعم ضعف رواتب القضاة، وتمت الموافقة على المشروع من قبل اللجنة التشريعية، وكان فى انتظار عرضه على اللجنة العامة، لكن تم حل المجلس قبل أن يتم إقرار المشروع.
* المستشار زكريا عبد العزيز: ليست لجاناً لفض المنازعات وإنما لزيادتها وتعطيل الفصل فى القضايا
وفى شأن متصل، لفت المستشار زكريا عبد العزيز رئيس نادى قضاة مصر الأسبق إلى أنه تم تقليص دورها حينما نص على أن قراراتها عبارة عن توصيات، ومن ثم أصبحت عبئًا على المتقاضى، فضلاً عن أنها لم تساعد القاضى، وإنما كان الهدف منها أن تكون نوعا من المساعدة فى تقليل عدد القضايا أمام المحاكم، فإذا بها تصبح عقبة، وتزيد فى إجراءات التقاضى، وتعطل الفصل فى القضايا، وتضيع الوقت والمال، ونبه رئيس نادى قضاة مصر أنه لا يوجد حيالها إلا أحد أمرين: إما أن الجهات الحكومية تنفذ توصياتها، بحيث تصبح هذه التوصيات بمثابة أحكام نهائية تلتزم الجهات الإدارية بتنفيذها، وإما أن يتم إلغاء هذه اللجان؛ مشددًا على أنها لم تعد لجانا لفض المنازعات، وإنما هى لجان لزيادة المنازعات، ولإطالة التقاضى.
واستنكر عضو حركة قضاة من أجل مصر استمرار هذه اللجان منذ 12 عامًا من دون أن يكون لها أى فائدة تذكر، على الرغم من أنها تضم مجموعة من المستشارين ذوى الخبرة الذى يضعون خبراتهم فى توصيات لا قيمة لها.
وأضاف عبد العزيز أنه ينبغى مع إلغاء هذه اللجان أن يتم صرف المبالغ المقررة للمستشارين مقابل هذا العمل فى هذه اللجان من صندوق الرعاية الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئة القضائية؛ حتى لا يضار المستفيدين منها.
* المستشار أشرف زهران: الهدف منها إيجاد وسيلة محترمة لسد العجز بين ما نقص من رواتب القضاة المتقاعدين وتدنى المعاش وليست لها فائدة للقضاء ولا للمتقاضى
"لجان فض المنازعات من القوانين التى أنشأت فى فترة معينة، دون أن تحقق أى أثر أو فائدة لا للقضاء ولا للمتقاضى"، هكذا وصف المستشار أشرف زهران نائب رئيس بمحكمة الاستئناف لجان التوفيق فى المنازعات، موضحًا أنها تعتمد على رجال القضاء السابقين الذين أدوا رسالتهم واكتمل عطاؤهم، واصفًا ذلك بالعبء الكبير فى هذه المرحلة السنية التى وصلوا إليها هؤلاء القضاة.
وكشف أحد رموز تيار الاستقلال أن الغرض من هذه اللجان كان إيجاد وسيلة محترمة لسد العجز بين ما نقص من رواتب القضاة المتقاعدين وبين تدنى المعاش، رغم أن هناك وسائل كثيرة تحقق هذا الغرض دون تكليفهم هذا العناء، وتكليف المتقاضين درجة جديدة من درجات التقاضى، وكبد المواطنين رسوما إضافية لا طائل منها ولا فائدة، فالمواطن لابد أن يذهب إلى هذه اللجان، وسواء حصل على توصيات أو لم يحصل، لابد أن يذهب للمحاكم ويقيم الدعوى من جديد مرة أخرى، ومن ثم فإنه فى ظل الجمهورية الثانية التى ينبغى فيها توحيد إجراءات التقاضى، وإزالة عقباته، لاسيما أن التوصيات التى تصدر من هذه اللجان غير ملزمة، وجرت الجهات الإدارية على عدم تنفيذها، ومن ثم فقد وجب إلغاء هذه اللجان، والانطلاق بمشروع القضاء الموحد الذى من شأنه أيضًا أن يقضى على ترهل الهيئات القضائية التى أصبحت لا تؤدى دورًا كهيئة قضايا الدولة، والنيابة الإدارية، ودمجهم فى القضاء العادى ومجلس الدولة، وتوحيد إجراءات التقاضى فى مصر كلها، وتوحيد الموازنة، وتوحيد الأقدمية بما يؤدى إلى تحقيق العدالة بين رجال القضاء أولاً، ثم تحقيق العدالة للمواطنين ثانيًا.
* المستشار بهاء أبو شقة: عديمة الجدوى فى ظل الاتجاه لإنشاء النيابة المدنية
ومن جانبه، أوضح المستشار بهاء أبو شقة نائب رئيس حزب الوفد أن هناك جهات قضائية تستطيع أن تقوم بأعمال لجان التوفيق فى المنازعات، وتستطيع أن تصدر أحكامًا لها قوة الإلزام، خاصة أن هذه اللجان قراراتها غير ملزمة، وبالتالى فهى عديمة الجدوى، لافتًا إلى عدم ضرورتها، وخصوصًا أن هناك اتجاها إلى إنشاء ما يعرف بالنيابة المدنية التى يدخل فيها أعضاء هيئة قضايا الدولة، ومن ثم هى التى ينبغى أن تقوم بمهمة لجان فض المنازعات، وبالتالى لا قيمة لوجودها فى المرحلة المقبلة.
* د. رجب عبد الكريم: رشوة مقنّعة.. ووزارة العدل نفسها لم تنفذ توصياتها فى دعاوى رصيد الإجازات
وأشار الدكتور رجب عبد الكريم أستاذ القانون العام بجامعة المنوفية والمحامى بالنقض إلى أن لجان فض المنازعات ليس لها جدوى لا فى صالح المواطن، ولا فى صالح العدالة نفسها؛ فهى تعطل الفصل فى الدعاوى لمدة 60 يومًا، موضحًا أن عُرف مجلس الدولة جرى على اشتراط اللجوء لهذه اللجان دون انتظار قرارها؛ لأن قراراتها استشارية، وغير ملزمة للجهات الإدارية، وبالتالى لم يستفد منها أى مواطن حتى الآن، حتى القضاة أنفسهم صدرت لهم توصيات فيما يتعلق برصيد الإجازات، ولم تنفذ وزارة العدل نفسها هذه التوصيات، مؤكدًا أنها ليست إلا ضياعا للمجهود والوقت، والمال، بما يترتب على ذلك من إرهاق للمواطنين، وتحميل للدولة مبالغ طائلة، حيث كان يرأسها القضاة الذين جاوزوا سن السبعين، فلم تكن سوى نوع من المكافأة، والرشوة المقنعة من قبل النظام السابق لبعض القضاة الذين خرجوا على المعاش.
* ثروت الخرباوى: هدية النظام السابق للقضاة تجعلهم يتقاضون راتبًا ومعاشًا فى آن واحد وهى ازدواجية مخالفة للدستور
"لجان فض المنازعات كانت من بنات أفكار المستشار فاروق سيف النصر وزير العدل الأسبق، الذى كان أحد دعائم نظام الرئيس السابق"، هكذا بدأ ثروت الخرباوى المحامى حديثه حول لجان فض المنازعات، لافتًا إلى أن سيف النصر كان صاحب أفكار مد سن العمل للقضاة إلى 65 عامًا ثم إلى 70 عامًا، وأراد وهو يقود حركة داخل القضاة لتأييد مبارك بأن يقدم للقضاة هدية لهم من النظام، فكانت هذه الهدية هى لجان فض المنازعات، التى تعوق مسيرة العدالة، وليس لها فاعلية عدلية حقيقية، فهى مجرد لجان يتولاها القضاة الذين خرجوا على المعاش، وتجاوزوا سن السبعين.
وأضاف المحامى بالنقض أن هذه اللجان خاصة بالوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية، ففى كل وزارة ومحافظة وهيئة حكومية لجنة فض منازعات، تفصل فى المنازعة التى تنشأ بين الموظف وبين هذه الجهة، فإذا كانت لجان فض المنازعات لها اختصاص فى الحكم وإعطاء أصحاب الحقوق حقوقهم فى هذه الحالة سيكون لها دور فى مسيرة العدالة، ولكن لأنها كانت مجرد أمر شكلى ليضمن للقاضى أن يستمر فى التقاضى؛ لكى يتقاضى راتبًا ومعاشًا فى آن واحد، وهذه ازدواجية تخالف الدستور أصلاً، من حيث أن يظل القاضى يتقاضى راتبه بعد أن يخرج إلى المعاش، ويتقاضى فى ذات الوقت معاشه، ولجان فض المنازعات لم يكن لها أى اختصاصات فى الخصومة، أو فى إنهاء النزاع مابين الأفراد وهذه المؤسسات، لكنها فقط استشارية، ولم يحدث فى تاريخ لجان فض المنازعات، أن وافقت أى جهة حكومية على توصيات لجان فض المنازعات، ولكنها هى فقط مجرد مرحلة قبل أن يذهب صاحب الحق إلى المحكمة، فإذا لم يذهب إلى هذه المرحلة، كانت قضيته لا تقبل من المحكمة ويحكم بعدم قبولها، ومن هنا كانت هذه اللجان عائقًا يعوق العدالة، وكانت من أسباب تأخر القضايا، لأن مرحلة طرح النزاع على جهة قبل أن يذهب إلى المحكمة يأخذ عدة شهور، وهذه الشهور كانت تضيع من عمر القضية نفسها، لافتًا إلى أنه فى ظل إصلاح المنظومة القضائية يجب أن يتم إنهاء وإلغاء لجان فض المنازعات، أو إعطائها صلاحيات الفصل فى المنازعات، مرجحًا إلغاءها؛ لأن طبيعة من يقوم بالحكم فيها رجل تجاوز السبعين من عمره، فالطبيعة الإنسانية لا تجعله مؤهلاً لأن يحكم بين الناس، ومن إصلاح المنظومة القضائية مرة أخرى إلى سن الستين، أو ال62 على أعلى تقدير؛ فهذه هى سن التى يصل فيها الإنسان إلى أعلى درجات الحكمة والفهم ثم بعد ذلك يبدأ المنحى فى الهبوط.
* مختار نوح: أنشأها مبارك ليتحكم فى مقتضيات العدالة والقضاء ينظر إليها على أنها مجرد استيفاء أوراق ليس أكثر ونفس الأمر ينطبق على لجان تسوية المنازعات التى أنشأتها سوزان مبارك
وأوضح مختار نوح المحامى أن أصل فكرة لجان فض المنازعات تعود إلى محاولة إيجاد أماكن شاغرة للمحسوبين على الحزب الوطنى المنحل، والمعاونين له، فكانت بمثابة نوع من أنواع التشغيل الراقى، لإيجاد رشاوى ضخمة للعاملين فيها؛ حتى يضمن النظام ولاءهم، مستبعدًا أن تلغى لجان فض المنازعات، لأن البرلمان الحالى الذى أنهيت حياته بحكم قضائى، لم يتعرض للجان فض المنازعات الذى كان إلغاؤها لا يتطلب أكثر من سبع كلمات وهى "تلغى أحكام القانون رقم 7 لسنة 2000"، ومع ذلك ظل البرلمان السابق يناقش فى أمور كثيرة، وترك هذا الأمر الذى كان سيوفر على الدولة 400 مليون جنيه سنويًا على أقل تقدير، ومن الجدير بالذكر أن المحاكم تنظر إلى لجان فض المنازعات على أنها عملية استيفاء أوراق ليس أكثر، هذه نظرة القضاء إلى تلك اللجان، أما نظرة هذه اللجان إلى نفسها فهى مسألة تدعو للخجل، فالملفات أحيانًا تنزل إلى رئيسها ليوقعها فى سيارته فى ثلاث دقائق على ورقة مطبوعة "اسطمبة"، وهو يوقع على هذه الورقة المكتوبة على الحاسوب بطريقة واحدة بعدد من 50 ورقة إلى مائة، ويتم هذا التوقيع فى السيارة، رغم ما ينفق على هذه اللجان من رواتب للرؤساء والسكرتارية والموظفين وخدمات الأجهزة، ثم فى النهاية ترفع القضية أمام المحكمة التى لا تطلب منك أكثر من ما يفيد أنك مررت بمرحلة فض المنازعات، دون أن ينظر القاضى إلى أى ورقة من توصياتها، ولا حتى إلى التوقيع الذى بصمت به، موضحًا أن هذه اللجان أنشأها الرئيس السابق مبارك حتى يتم التحكم فى مقتضيات العدالة، بمعنى أنها كانت تقدم إلى المستشارين المرضى عنهم بعد إحالتهم إلى المعاش ليكون لهم مصدر دخل كبير.
ونبه المحامى بالنقض أن نفس الأمر ينطبق على لجان تسوية المنازعات الخاصة بمحاكم الأسرة، التى أنشأتها سوزان مبارك، وهى تستهلك أموالاً مماثلة، ولا تقوم إلا بالتوقيع على محضر ترسله إلى المحكمة المختصة، ولا تضيف إلى الواقع القانونى شيئًا إلا تعطيل الجلسة لمدة شهر أو أكثر، مع تكلفة الدولة ثمن طابع بريد حكومى، فضلاً عن رواتب العاملين، ومكافآتهم وبدلات حضور الجلسات، ورواتب السكرتارية والساعين واستهلاك الكهرباء والمياه، كل هذا من أجل استيفاء ورقة لا قيمة لها، لافتًا إلى أن محاكم الأحوال الشخصية تغير اسمها إلى محاكم الأسرة من باب تقليد أمريكا، ذلك لأن المحاكم الشخصية هناك تسمى محاكم الأسرة.
واستنكر نوح عدم التفات البرلمان السابق إلى تلك المأساة، وتوفير هذه الأموال واستخدامها فى التنمية.
* د. سمير صبرى: تعوق الفصل وتطيل أمد المنازعات والقضاء العادى لا يلتفت إلى توصياتها
فيما أكد الدكتور سمير صبرى المحامى بالنقض أنه من الثابت أن لجان فض المنازعات التى اشترطها القانون قبل اللجوء إلى إقامة الدعاوى التى تخص الشركات وجهات القطاع العام والحكومة، أو الدعاوى التى تختصم مؤسسات الدولة بالكامل، أنها تعوق الفصل فى الدعاوى وتطيل أمد المنازعات دون أى مبرر، مشيرًا إلى أنها تخالف صحيح الدستور؛ من حيث إن القضاة المعينين فى اللجنة قراراتهم غير ملزمة، كما أن التوصية التى تصدرها اللجنة سواء بالقبول أو الرفض يتعين بعدها اللجوء للقضاء للمطالبة بالحق، كما لا توجد صيغة تنفيذية للقرارات التى تصدرها، فإذا أصدرت قرارًا على سبيل المثال بالتعويض، فإن هذا القرار يكون حبرًا على ورق، ولا يستطيع المتقاضى أن ينفذ بموجب هذا القرار، لأن هذا القرار ليس له أى حجية أمام الجهات الإدارية، ولا يعتد بهذا القرار أو تلك التوصية، ومن ثم يتعين اللجوء إلى القضاء للحصول على حكم، وبموجبه يتم التنفيذ، لافتًا إلى أن لجان فض المنازعات عبارة عن وسيلة لتعيين بعض المستشارين الذين كان النظام يلجأ لتعيينهم بعد خروجهم إلى المعاش حتى يكون له اليد العليا فى إعطاء تلك الرواتب والمكافآت الباهظة، مما يكلف الدولة والمتقاضى مبالغ طائلة لا حصر لها، ومن ثم فلابد من إلغاء هذه اللجان؛ حتى يتمكن المتقاضى من اللجوء لقاضيه الطبيعى بدعوى مبتدأة دون شرط اللجوء إلى مثل هذه اللجان، وخصوصًا أن القضاء الطبيعى لا يأخذ بمثل هذه التوصيات، فعلى سبيل المثال كانت هناك دعاوى خاصة بالمضارين من سيول العريش وتعرضهم للعديد من النكبات وهدم المنازل، وإحدى لجان فض المنازعات أصدرت توصية بعشرة ملايين تعويضًا، وعند نظر هذه الدعوى أمام القضاء، لم يلتفت إلى هذه التوصية، وبدأ فى نظر الدعوى على أنها مبتدأة، وقضى ب600 ألف جنيه على سبيل التعويض.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.