نشرت جريدة الأهرام المسائى بتاريخ 16/8/2012 خبرًا بعنوان (الأحزاب الليبرالية تبدأ معركتها ضد التأسيسية بعد العيد, وقبلها دعا حزبا الدستور والكرامة الرئيس مرسى إلى إعادة تشكيل تأسيسية الدستور لتمثل جميع أطياف المجتمع, وحقيقة لقد أصبح الكلام عن الدستور والجمعية التأسيسية مبتذلا ويصيب بالسأم والضجر من كثرة التكرار, ومحاولة إظهار الجمعية التأسيسية بمظهر يغلب عليه الطابع الإخوانى والصبغة الدينية, بغض النظر عن الواقع وعن الإنجازات التى حققتها الجمعية التأسيسية, ومحاولتها إشراك الجميع والاستماع لكل وجهات النظر, بل ودعوة منتقديها والمطالبين بحلها إلى المشاركة فى حضور اجتماعاتها وطرح أفكارهم من خلالها, وقناعتى أنه ليس هناك مشكلة فى الدستور أصلا, بل لو افترضنا جدلا أن جميع أعضاء الجمعية الدستورية من الإخوان أو من الإسلاميين فلن يضعوا إلا دستورًا توافقيا يرضى جميع أطياف الشعب، بل إننى أرى أن حرص الإسلاميين على التوافق أكبر بكثير من حرص غيرهم عليه, فالمشكلة الوحيدة فى الدستور كانت تتمثل فى تفرد العسكرى بتشكيل جمعية تأسيسية تضع له دستورًا تفصيليًا يعطيه امتيازات غير مستحقة, وصلاحيات مطلقة, وهذا أصبح التخوف منه لا محل له من الأعراب بعد القرارات التاريخية التى أخذها الرئيس محمد مرسى, و تقديرى أن الحديث عن الدستور والجمعية التأسيسية ليس له غرض سوى إظهار الإسلاميين بمظهر الفاشل والعاجز عن تحقيق توافق يرضى جميع أطياف المجتمع, لأن نجاح الجمعية التأسيسية الحالية لا شك يصب فى صالح الإسلاميين ومجلس الشعب ذو الأغلبية الإسلامية الذى قام بانتخابها, وهذا بالطبع لا يرضى إخواننا العلمانيين والليبراليين, حتى لو أدى ذلك إلى حل الجمعية التأسيسية الحالية وقيام العسكر بتشكيل جمعية جديدة تحقق له أغراضه, و حتى عند الاستفتاء التاريخى بنعم ولا, هب أن نتيجته كانت بلا, وأرادنا أن يوضع الدستور قبل الانتخابات، فمن الذى كان سيضعه؟ هل كان العسكر هم الذين سيقومون بوضع الدستور أم كان سيختار من يضع له الدستور كأمثال يحيى الجمل, وما الذى يضمن ألا تختلف القوى السياسية فى اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية وقتها إذا كانت لجنة التعديلات الدستورية وقتها لم تسلم من النقد وكون المستشار طارق البشرى ذا ميول دينية وأنها تضم صبحى صالح الإخوانى, فالترتيب المنطقى للأمور درءا للخلاف وحسما للجدل أن يختار الشعب الجمعية التأسيسية، التى تضع له دستوره, مما يعنى قيام ممثليه المنتخبين بذلك نيابة عنه, بذلك مع وجود مشاركة شعبية من كافة النقابات المهنية والمؤسسات الدينية والتكتلات الشعبية وغيرها، وهذا ما يحدث حاليًا, ثم فى النهاية يأتى دور الشعب الرئيسى فى إقرار الدستور أو رفضه, ولو سلمت القوى السياسية بنتيجة الاستفتاء ومضت الأمور فى مسارها الطبيعى, لما وجد العسكر فرصة للعب على وتيرة خلاف القوى السياسية وعدم توافقهم, والعزف على نبرة الدستور أولا والمبادئ فوق الدستورية, ولما وجد ذريعة لإطالة الفترة الانتقالية والتى طُلب منه صراحة أن يستمر فى الحكم ثلاث سنوات أو أكثر حتى لا يدع البلاد للإسلاميين الذين ستأتى بهم الانتخابات لا محالة المراقب للواقع والمتتبع لعمل الجمعية التأسيسية يكاد لا يساوره أدنى شك فى أنها تقوم بمهمتها على أكمل وجه, وتعمل على قدم وساق, وتسعى لتحقيق أكبر قدر من التوافق الشعبى, وأنها فى طريقها لصياغة أعظم دستور فى تاريخ مصر بإذن الله, ومن ثمًّ فإنى أدعو المطالبين بحلها إلى تقديم مصلحة الأوطان ولا يكون خلافهم مع التيار الإسلامى أكبر من حبهم للبلد, فيحملهم على افتعال أزمات غير حقيقية ومعارك وهمية, فذلك خير لهم وأهدى سبيلا, وختاما يقول الله تعالى {فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض} سورة الرعد, فيا ليتهم يعلمون