ما دامت مصر لا تصل الى المونديال ولم أرها تدخل ضمن سبق أفضل فرق العالم سوى مرة واحدة عام 1990 في ايطاليا، وربما - والله أعلم - قد لا تتحقق هذه الرؤية لجيلي أو الجيل السابق لي مرة أخرى!.. ما دام الأمر كذلك فانا برازيلي الهوى من حيث الكرة وفنونها وسحرها، انتظر بداية سباق العمالقة لأرى السحرة الذين يصنعون بالكرة كل شئ، فريق الأحلام الذي يمتعك دائما وتشعر معه كأنك تتفرج على لوحة راقصة تصيب بسهامها القلوب فتخرج منها الآهات! لم يبق سوى أيام قليلة لنرى عرسان المونديال، نعيش معهم الليالي الجميلة لننسى أشباه اللاعبين عندنا مهدودي الحيل، ولندرك أننا لا نتفرج على كرة قدم في مصر، وأن لاعبينا بالنسبة لهذا العرس، بمثابة لاعبي العصاري في النجوع والقرى عندما يحزمون جلابيبهم في وسطهم ويلعبون حفاة القدمين في الغيط! ورغم ذلك أسعارهم الفلكية تزيد بلا أي اعتبارات، حتى أن اللاعب المصاب، يجري وراءه الجميع وفي النهاية يصل سعره إلى عشرة ملايين جنيه غير الفكة! ما علينا.. نحن نريد أن ننسى لا أن نندب، ولعلنا في رحلة النسيان يمكن أن نحلم بحظ أفضل كرويا لأبنائنا وأحفادنا! البرازيل الحاصلة على كأس العالم الماضية للمرة الخامسة، وهو رقم لم تصل إليه قوة كروية أخرى، مرشحة للوصول إلى منصة التتويج للمرة السادسة، يقودهم المدرب المعروف كارلوس البرتو بيريرا الذي كان أحد نجوم المنتخب الذهبي عام 1970 الحاصل على كأس المونديال للمرة الثالثة، إلى جانب النجم الفذ بيليه وريفيلليو وجارزينهو والدو، وفي هذه البطولة لم يهزم البرازيليون أو يتعادلوا محققين رقما قياسيا في عدد مرات الفوز، ومحرزين 19 هدفا. معظم الخبراء يعتقدون أن فريق البرازيل الحالي هو الأقوى في تاريخ البرازيل، وقد وصل إلى النهائيات بسهولة متصدرا مجموعته ولم يهزم سوى في مباراتين فقط، فهو يضم السحرة الأربعة الذين يعلقون أحجبة الفن والروعة، وتخشاهم كل المنتخبات التي سيضعها حظها العاثر في طريقهم، يتقدمهم الساحر الذي يملك كل خبايا مرمى الخصوم ويعرف متى يغزوه ومن أي طريق رونالدو، ومعه كاكا ورونالدينيهو وادريانو. كاكا تمريراته تذهب في كل اتجاه، تخلع قلوب الفرق الأخرى، يتوغل بسهولة بين خطوط المنافسين، لا يهدأ ولا يستكين، فهو طائرة امداد ينتظرها المهاجمون. إما ادريانو فيمتاز بقوته الجسمانية وحركته الدائبة وأدائه الممتع. البرازيل لا تملك مننتخبا واحدا من اللامعين، بل تملك سجلا حافلا ومكدسا بالنجوم يحتار أي مدرب في اختيار التشكيلة منهم، ولذلك كانت مهمة بيريرا صعبة للغاية في اختيار التشكيلة التي سيخوض بها المونديال، ولأنهم كلهم نجوم وسحرة، فقد فاجأنا هذا المدرب بالتشكيل الذي سيخوض به أول مبارياته في كأس العالم قبل شهر كامل من هذه المباراة التي ستجمعه بمنتخب كرواتيا صاحب الدفاع الصلب الذي لم يلج مرماه أي هدف في المباريات الست الأولى من التصفيات المؤهلة للمونديال! إنه منتخب الأحلام لا شك في ذلك.. المرشح الأول لمنصة التتويج، ورغم ذلك فهو صاحب تاريخ الصدمات أيضا، فقد يقدم أحلى أداء ويرمي سحرته بكل ثعابينهم التى تبتلع المنافسين، ومع ذلك فيفاجئنا بالخروج المحزن. شخصيا لا زلت اتذكر عام 1982 ولا زالت صيحات أباء التعليق الرياضي التليفزيوني محمد لطيف وحسين مدكور وعلي زيوار ترن في اذني وهم يتابعون بأصواتهم واعجابهم حركات السحرة بقيادة المدرب الشهير تيلي سانتانا، فقد كان يحرك ثعابينه سقراط وزيكو وفالكاو وجونيو وليوناردو واوسكار وايدر وباولو ايزادور ولوزينيهو، فترقص الثعابين وتتراقص وتمتع. في هذا المونديال كانت ايطاليا قد أرست طريقتها غير المبهرة، التي لا تعتمد على المتعة لكنها تحقق بها الانتصارات، وكانت كل المنتخبات الاوربية تخلت عن لاعبي المهارات والمواهب الفطرية ودخلت مرحلة صناعة اللاعب اللياقي الذي يتحرك ويلعب دون أن يقدم للمتفرج المتعة، لاعب يحصد النقاط ويسجل الأهداف دون أن يكون قادرا على سرقة الاعجاب! لكن سانتانا قدم لنا المتعة والجمال.. أبهرنا بلاعبين تفننوا في الألعاب الثابتة فجعلوا من أهدافها متعة ولمسات مبهرة.. رأينا أهدافا خيالية من ضربات حرة، وسحرتنا مهارة النجم زيكو المبهر الذي سيلعب ضد وطنه في المونديال القدم كمدرب لمنتخب اليابان الذي يقع في نفس المجموعة السادسة التي تلعب فيها البرزايل! ومع ذلك بكت كل مصر لأن هؤلاء الثعابين خرجو في الدور الثاني مهزومين من ايطاليا بهدفين لثلاثة أهداف، اتذكر النجم الايطالي الشهير باولو روسي الذي لم يكن ممتعا ولا قويا خارج منطقة الجزاء، لكنه داخلها يلدغ كالنحلة وكانت قدمه السامة هي التي لدغت منتخب البرازيل وأخرجت السحرة وسط بكاء ملايين الملايين في العالم أجمع! اتمنى ان يتجاوز منتخب الأحلام الحالي هذه الصدمات التاريخية، وأن يقدم لنا المتعة والفعالية. السحر والأهداف وأن يصل إلى منصة التتويج، فبدونه لن تكون لمباريات كأس العالم متعة ولا متابعة ولا جماهيرية، يكفي البرازيل أنها لم تتخلف عن أية دورة لكأس العالم، وأنه المنتخب الذي يحصل دائما على اكثر الترشيحات للحصول على البطولة وحتى وهو في أسوأ حالاته! [email protected]