كلما تقدم النظام الانتخابي خطوة في سبيل محاصرة قدرات السلطة على التزوير والتلاعب في صندوق الانتخاب كلما كان لحركة الشارع ثقلها المباشر في حسم موقعة الانتخابات ، وهو الأمر الذي يلاحظه المراقبون في الانتخابات الأخيرة ، لدرجة أن بعضا ممن كانوا "يمنحون" المقاعد للآخرين في السابق يجهدون أنفسهم اليوم يوميا في مسيرات ولقاءات جماهيرية واستعطاف الناخبين في دوائرهم ، وفي هذا السياق تبرز ظاهرة اللعب بورقة الإخوان المسلمين ، ليس في حسابات المعارضة المصرية وحدها ، وإنما في حسابات أجنحة السلطة ذاتها ، فبعد تصريحات كمال الشاذلي قطب الحرس القديم التي دعا فيها إلى الاعتراف بالإخوان المسلمين كقوة سياسية شعبية لها حضورها ، والمساحات الأمنية غير المسبوقة التي منحت للجماعة مؤخرا وكانت لافتة للغاية للانتباه ، وبعد أن تنامت التقارير حول استخدام الحرس القديم لورقة الإخوان لتهديد توجهات لجنة السياسات وإرباكها بنفوذهم ، يبدو أن الجناح الآخر في السلطة " لجنة السياسات " سيدخل على خط اللعب بورقة الإخوان هو الآخر ، وهذا ما برز بوضوح شديد في تصريحات المتحدث شبه الرسمي للجنة السياسات الدكتور محمد كمال عضو الأمانة العامة للجنة ، والتي هاجم فيها أسلوب التعامل الأمني السابق مع جماعة الإخوان المسلمين ، ووصفه بالأسلوب غير اللائق ، مطالبا بإنهاء كافة عمليات التحرش الأمني بالجماعة ونشاطاتها ، وضرورة التعامل مستقبلا معها وفق أطر سياسية بعيدا عن القبضة الأمنية ، كمال الذي كان يتحدث مؤخرا في ندوة نظمها منتدى مصر الاقتصادي الدولي أشار إلى أهمية أن يتم مستقبلا العمل على دمج التيار الإسلامي في مصر في الحياة السياسية بدون أن يرقى هذا الدمج إلى مستوى منحهم حزبا سياسيا مستقلا ، لافتا إلى أن الرؤية التي يعمل وفقها الحزب الوطني مستقبلا مع التيار الإسلامي ستحرص كل الحرص على الحفاظ على ما أسماه " الطابع المدني للدولة " . محللون استطلعت المصريون آراءهم تجاه التصريحات الأخيرة أكدوا على أن الجماعة في طريقها إلى " التقنين " السياسي في المرحلة المقبلة ، دون أن يصل الأمر بالفعل إلى درجة منحها حزبا سياسيا ، وأجمعوا على أن وضع الجماعة في الخريطة السياسية الرسمية بعد الانتخابات سيختلف جذريا عن وضعها قبلها . على جانب آخر يكشف القلق من توجهات الناخبين في الانتخابات المقبلة ، قررت اللجنة المشرفة على الانتخابات البرلمانية إزالة كل أشكال الدعاية الانتحابية التى تستخدم الدين في إشارة منها لملصقات مرشحي الإخوان الانتخابية التي تحمل شعار " الإسلام هو الحل" والتى انتشرت فى الدوائر الانتخابية فى مختلف محافظات مصر ، وقد رصدت تقارير مراسلي المصريون في المحافظات المختلفة تباينا في الموقف الأمني تجاه مسيرات الجماعة ولافتاتها ، فهناك ضغوط في بعض المناطق مثل العريش والمنيا على سبيل المثال بينما هناك تسامح واسع النطاق في مناطق بالدلتا والعاصمة ، وهو ما يكشف اضطراب القرار الأمني في الموقف من نشاطات الجماعة في الانتخابات المقبلة ، وهو الأمر الذي يحدث للمرة الأولى منذ تولى الرئيس مبارك الحكم. من جهته شدد القيادي البارز بالجماعة الدكتور عصام العريان على التزام مرشحيها بالشعار، وقال انه يعبر عن منهج حياه وهو شعار مستمد من الدستور الذي ينص في مادته الثانية على أن الإسلام هو دين الدولة والشريعة الإسلامية هى مصدر التشريع.