فبراير 2018 انخفض معدل المواليد بنسبة بلغت نحو 62%.. وفى أكتوبر تراجع إلى 210.2 ألف نسمة مقارنة ب237.3 فى العام السابق التضامن: "2 كفاية".. والصحة: شراء وسائل منع الحمل ب130 مليون جنيه طبيب نساء: إقبال غير مسبوق على وسائل منع الحمل.. والأطباء: نطمع فى المزيد لم تتوقف النداءات الحكومية للمصريين من أجل الحد من الزيادة السكانية، وظلت على مدار سنوات طويلة تطلق حملات توعوية وشعبية لتنظيم الأسرة، إلا أنه لم يكن لها صدى كبير، حتى مع التلويح داخل بفرض غرامات على الأسرة التي يزيد أفرادها على 3أفراد، ورفع الدعم عنها. من هنا كانت المفاجأة في الإحصائيات المعلنة عن زيادة السكان، فقد بلغت نسبة المواليد في العام الماضي 4 ملايين مولود، مقابل 2 مليون فقط هذا العام مع اقتراب نهاية شهر نوفمبر. وبحسب الإحصائيات، ففي فبراير 2018 انخفض معدل المواليد بنسبة بلغت نحو 62% خلال الأعوام الثلاثة الماضية، ووفق بيان لوزارة الصحة سجل معدل المواليد في عام 2017 نحو 2.55 مليون مولود، مقارنة بعام 2015 الذي سجل فيه معدل المواليد 6.68 مليون مولود. وأعلن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فى أكتوبر 2018، تراجع معدل زيادة المواليد والوفيات، إذ انخفضت أعداد المواليد إلى 210.2 ألف نسمة، مقارنة ب237.3 ألف نسمة خلال العام السابق، وانخفضت أعداد الوفيات إلى 46.3 ألف خلال أغسطس 2018 مقارنة ب45.7 ألف خلال 2017. كما أشار التقرير الإحصائى إلى أن متوسط الزيادة الشهرية فى أعداد السكان يتراوح من 100 إلى 300 ألف نسمة. إقبال غير مسبوق على تنظيم النسل الدكتور على الدوينى، أخصائى النساء والتوليد قال إنه لاحظ فى السنوات الخمس الأخيرة وجود إقبال غير مسبوق على وسائل منع الحمل لدرجه أنه اختفى بعضها من الصيدليات. وأضاف ل"المصريون"، أنه لاحظ أيضًا انتشار ظاهرة ربط قناة "فالوب" أثناء الولادة القيصرية مع أنها عملية حرام شرعًا، ولا تجوز إلا إذا كانت المريضة تحمل تقريرًا طبيًا يفيد بخطورة الحمل على حياتها مرة أخرى. وتابع: "للأسف الشديد بعض الأطباء معدومى الضمير يقومون بربط الأنابيب أثناء القيصرية، وفى سن صغيرة وهى وسيله تمنع الحمل نهائيًا إلا بعد عمل حقن مجهري"، مرجحًا أنه "ربما الظروف الاقتصادية هي من تدفع البعض إلى ذلك". كما عزا تراجع أعداد المواليد إلى "انتشار ظاهرة الولادات القيصرية وهو ما يسبب تأخير الحمل بعدها، وأحيانا يحدث ما يسمى العقم الثانوي، كذلك عدد مرات القيصرية مرتبط بعدد محدد من الولادات كلما زاد زادت الخطورة". فضلاً عن "ارتفاع نسبة التدخين لدى الذكور وتعاطي المخدرات، وهذا ما يؤثر سلبًا على خصوبة الرجل، ودائمًا ما يكون ذلك هو السبب وراء تأخير الحمل، إلى جانب ارتفاع نسبة السفر للخارج نظرًا للظروف الاقتصادية". وأكد أنه لزيادة نسبة انخفاض المواليد لا بد أن يمارس الأطباء دورهم فى التوعية السليمة لراغبى منع الحمل والكشف الطبى واختيار الوسيلة المناسبة. دور الأزهر والكنيسة ويقول سامى المشد، عضو اللجنة الصحية بالبرلمان، إن "هذه المرحلة هى استكمال للخطوات التى اتخذتها الحكومة منذ فترة، مشددًا على أن "الإعلام له دور كبير من خلال حملات التوعية التي يجب أن يكثفها خلال الفترة المقبلة". وأضاف، أنه "لا بد من تكاتف كل الجهات والهيئات في مصر، وفي القلب منها الأزهر والكنيسة ووزارة الصحة والجامعات لتحقيق الهدف المنشود في تغيير ثقافة الإنجاب في مصر، والبرلمان يتابع باستمرار مع وزارة الصحة توفير وسائل منع الحمل الجديدة وتحفيز النساء على استخدامها". المنظور الدينى لتحديد النسل الدكتورة ميرفت عبدالعظيم، وكيل نقابة الأطباء، قالت إنه "على الرغم من الانخفاض والتراجع في نسبة المواليد، فإننا نطمع في تحقيق المزيد، خاصة وأن الزيادة تلتهم ثمار التنمية، والعادات والتقاليد ما زالت تسيطر على أفكار وتوجهات المواطنين". وفيما قالت إن "القانون وحده لن يستطيع إلزام المواطنين بتحديد النسل"، لاحظ في تصريح إلى "المصريون"، أن هناك العديد من الأسباب وراء الزيادة في السكان؛ أهمها تمييز الجنس، ففي قرى الصعيد والأرياف لا تحتسب البنات في عدد الأولاد، فإذا كانت الأم لديها 3 بنات وولدان تقول "عندى اتنين"، فهناك حالة من التمييز الواضحة بين الولد والبنت داخل المجتمع الذي يغلب عليه الطابع الذكوري". كما عزت ذلك إلى "الزواج المبكر سبب رئيس لزيادة الإنجاب، فالبنت تتزوج في عمر 16 عامًا، ويكون أمامها العمر طويلاً لتنجب الكثير، وقد ينجم عن المبكر الانفصال الذي وصلت نسبته حاليًا 40إلى ،% ويؤدي ذلك بالتالي إلى كل طرف يرغب في إنشاء أسرة جديدة بأبناء جدد، وبالتالي تحدث الأزمة بالزيادة الرهيبة فى المواليد". فضلاً عن ذلك، أشارت إلى المعتقد الديني لدى البعض، إذ أن "بعض المجتمعات التي تقول بأن تحديد النسل حرام، وهناك من تعتبر الأبناء مصدر دخل لهم، فالبنات يعملن في البيوت أو "يمسحن السلالم"، والأبناء يعملون بالورش". وأضافت أنه "هناك إساءة في استخدام وسائل منع الحمل بصورة خاطئة، فالسيدات يسئن استخدامها ما يتسبب في حدوث الحمل، ومن الصعب إجراء إجهاض لأسباب كثيرة، وهو أمر يتطلب توعية من الأطباء والوحدات الصحية باستمرار لاستخدام الوسيلة بصورة صحيحة". وأكدت وكيل نقابة "الأطباء"، أن "الإعلام له دور مهم لا يجب إغفاله، وإن كان حاليًا لا يقوم بدوره كما ينبغي، فالوعي الذي يُقدم من خلال برامج أو إعلانات للتوعية سيجد الطريق بسهولة إلى الجمهور وسيحقق نتيجة مهمة إلى جانب التوعية من الأطباء والوحدات". وشددت على أن "أهم القوانين التي يجب سنها ومحاسبة من لا يلتزم بها هى الزواج المبكر، وقانون للأسرة يلزمها بعدد أفراد أقل من 3، وفرض غرامة على الأسر المخالفة بحرمها من الدعم". الصعيد الأكثر فى معدلات الزيادة وقال طارق توفيق، نائب وزير الصحة، إن الاستراتيجية السكانية التى وضعتها الحكومة تستهدف الوصول إلى 112 مليون نسمة بدلا من 128 مليونًا بحلول عام 2030، لتوفير 200 مليار جنيه، مشيرًا إلى أن هناك 5 محافظات تقع فى جنوب مصر هى الأكثر فى عدد المواليد، مقارنة بين عامى 2016 و2017، وهى: أسيوط وسوهاج وقنا والأقصر وأسوان. وقالت الدكتورة سعاد عبدالمجيد، رئيس قطاع السكان وتنظيم الأسرة بوزارة الصحة، إن الوزارة تعاقدت على شراء وسائل لمنع الحمل ب130 مليون جنيه، وجار توريدها حاليًا إلى الوزارة، وأن المخزون الاستراتيجى يكفى لمدة عام، ويكفى لمدة 6 أشهر بمديريات الشئون الصحية بالمحافظات. وأوضح الدكتور خالد مجاهد، المتحدث باسم وزارة الصحة، أن 42% من السيدات يحصلن على وسائل تنظيم الأسرة من القطاع الخاص، و57% يحصلن عليها من مستشفيات وزارة الصحة، وأن 94% من مستشفيات الحكومة التى تتوافر بها وسائل وخدمات تنظيم الأسرة، وأن معدل الخصوبة لدى السيدات حاليًا 3.5 طفل لكل سيدة، وأن الخطة الاستراتيجية لخفض معدلات المواليد تستهدف خفضها إلى 2.5 طفل لكل سيدة. العديد من المقترحات التى تم طرحها داخل البرلمان وفى انتظار البت فيها بالموافقة أو الرفض أو التعديل؛ منها قانون "تحديد النسل"، وحرمان الأسرة من الدعم للطفل بعد الثالث، إلا أنها حتى الآن مجرد مقترحات. كما انضمت وزارة الأوقاف للجهود الرامية لتقليل الزيادة السكانية من خلال تخصيص خطبة الجمعة في يوليو 2018، والتي وتمركزت الخطبة حول "الضوابط الشرعية للإنجاب وحق الطفل في الرعاية التامة والنشأة الكريمة". وأكد الدكتور شوقي علام، مفتى الديار المصرية، أن تنظيم الأسرة يحتاج إلى دراسة رشيدة تتفق مع مقدرات المجتمع ولا حرج فيه من الناحية الشرعية على الإطلاق، مضيفا أن تنظيم النسل واجب وضرورة، ولا يخالف الإرادة الإلهية، فهو يستهدف إحداث توازن، ردا على عبارة "المولود يأتى برزقه". مشروع "2 كفاية" ووفق الرئيس عبدالفتاح السيسي، فإن النمو السكانى فى مصر وصل إلى 2.5 مليون نسمة سنويًا، معتبرًا أن الزيادة السكانية تلتهم التنمية الاقتصادية، داعيًا الأسر المصرية للاكتفاء بعدد قليل من المواليد. وأضاف، أن مسألة النمو السكانى تعوق التقدم وتحسن أحوال الناس بشكل حقيقي، متابعًا: "المواطنون لا يستوعبون أن النمو السكانى يأكل كل الجهود التى تنفذها الدولة". وحذر من أن الزيادة السكانية تحدٍ كبير أمام الدولة المصرية، وأنه إذا استمر هذا الوضع لن يكون هناك أمل أو تحسن للواقع، وأن أي إنجاز سيهدر ويختفي، ما يتطلب فهمًا ووعيا لدى المصريين والجيش والشرطة وأجهزة الدولة والجامعات والرأي العام. وفي مايو الماضي، بدأت وزارة التضامن الاجتماعي تنفيذ مشروع "2 كفاية" لمواجهة الزيادة السكانية، خاصة في المحافظات الأكثر فقرًا، من خلال اطلاع الوزارة على التجارب السابقة سواء داخل مصر وخارجها، للاستفادة من أوجه النجاح وتجنب جوانب القصور. وقبل أيام، أعلنت غادة والي، وزيرة التضامن، أن "مشروع 2 كفاية" ليس حملة إعلانية، ولكنه برنامج متكامل يتعرض لكل جوانب القضية السكانية. وأوضحت أن الوزارة بالتعاون مع وزارة الصحة دربت الأطباء والممرضات و2000 رائدة ريفية تجوب المنازل في إطار المشروع الذي يهدف إلى تنظيم 10 آلاف زيارة منزلية للسيدات في عشر محافظات بالصعيد حتى تصل إلى340 ألف زيارة خلال أشهر قليلة. وأضافت، أنه ستتم إذاعة 60 حلقة توعية في إذاعة القرآن الكريم، حيث تعمل الوزارة بالتنسيق مع الأزهر ودار الإفتاء المصرية. كما أطلقت وزارة الصحة والسكان عملية "طوق النجاة"، العام الماضي، وهى استراتيجية لخفض معدل المواليد إلى 2.4% بما يوفر للحكومة 200 مليار جنيه حتى 2030.