لا أشك أن فى الصحفيين والإعلام شرفاء، وطنيين، ثوريين، مناضلين، رجالاً، مقاتلين من أجل الحق، عاشقين لوطنهم، تشرف بهم مصر كما يشرفون بها، وهؤلاء لا يمكن أن يكون (على الوش) يديرون الآلة الإعلامية، أو يتحكمون فى بعض مفاصلها، بل سيكونون مقصَيْن، مبعدين، مغضوبًا عليهم، أو (يدوب) يعيشون حالة إعلامية غير سوية!. ولا شك أن منهم مجموعة أخرى، أشبه ب(عطيات الغازية) التى تكلمها كلمة لا تعجبها/ فتفرش لحضرتك الملاية، وتعرى فى الشارع ما لا يتوقع شخص محترم أن تعريه، وهى تقول بصوتها الحياني: أنا أشرف منك ومن اللى خلف... وتبدأ معك وصلة فيها ما لا يلذ ولا يطيب من القبائح والفضائح، والبذاءات والدناءات، والأكاذيب و(رمى الجتة).. واسحب هذا على شرائح من المثقفين والفنانين (الغوازى) الرخيصين، الأساتذة فى الكذب، والتلفيق، والمهانة الشخصية، ودناءة العقل والهمة! وهؤلاء فى العادة نافذون مهيمنون مدعومون (واصلون) كما أنهم يتقنون فن (رمى الجتة) زى (عطيات الغازية) الرخيصة إياها، التى تراها فى الموالد والأفراح الشعبية: فى اللغة، والدناءة، والقدرة على ادعاء أى شيء.. واحد من هؤلاء الغوازى، فى حديث تليفونى طويل (من حظه الأسود أن الباشوات سجلوه عليه، أيام سطوة جهاز سحل الدولة) ظل يشرح ويوضح سياسته الصحفية الانتهازية المجرمة، لباشا من القوادين، الذين (يسرِّحون عوالم الإعلام) وأخذ يبين له ما ينوى، وماذا يفعل، وأنه قلبًا وقالبًا مع النظام، ومن لاحسى حذاء جمال مبارك، لكن المهارة الصحفية، والاقتدار المهنى يقتضيه أن يظهر بعض التمنع، حتى تتمكن الجريدة الوليدة و(تعدي) بعدها سيكون واضحًا.. فقط أربعة أو خمسة أعداد يا باشا.. هكذا دون حياء، ولا رجولة! وكان الباشا حارس عرض البلد يكلمه بلغة سمسار الأعراض يفاوض واحدة من هؤلاء الساقطات (الشريفات).. هذه خلاصة شريط مقزز سمعته على اليوتيوب، وأيقنت أن البلد كان يدار بحرفية مجرمة، أبعد ما تكون عن الشرف، والحرية، وأمن الدولة.. الله ينتقم منكم يا مجرمين، يا أكلة مصر، وناهبيها، وبائعى عرضها لمن يدفع أكثر.. باسم الأمن، والفن، والثقافة، والحرية.. الله يرينا فيكم آياته فى الدنيا قبل الآخرة.. وقد (زن) إبليس فى ذهنى هنا وحرضنى على طرح سؤال مزعج: هذا شريط من مئات الألوف من الأشرطة المسجلة.. هل أعدمت هذه الأشرطة، التى تعد وثائق إدانة وأدلة إثبات، كما فُرمت الوثائق فى مقار جهاز (الدعارة الإعلامية) فى أمن الدولة؟ هل أعدمت هذه الأدلة، وفُرغت غرف جهنم من محتواها، أم لا تزال باقية، لمصلحة مصر، وكشف أساليب أكابر مجرميها الذى فسقوا وأفسدوا فيها؟ وهل البطء الاضطرارى فى حركة مؤسسات الدولة الآن، واجتهادات الإصلاح البطيئة اضطرارًا، ستسمح ببطئها هذا بالتخلص من كل وثائق الإدانة؟ يا سيدى الرئيس: عجل بالإعلاميين (الغوازي) أرجوك، ترجوك مصر، ترجوك الحقيقة، ترجوك مصر.. مرسى أبرا كدابرا! فى مسلسلات كرتون الأطفال يحرك الجنى العصا السحرية، فتخضر الصحراء، وتصير الدنيا (ربيع، والجو بديع) ويتحول الأفق إلى جنة مليئة بالورود، حافلة بالفقاقيع الملونة البهيجة، والفراش الوهاج، والعصافير المشعة جمالاً، والموسيقى الكونية البهيجة.. وفى أفلام الأكشن يهزم البطل الذى لا يقهره شيء، جيشًا فيه ألف مقاتل، ومائة دبائة، وستمائة رشاش، وزيليون طلقة: يحرك يده اليمنى فيموت عشرات، ويحرك يده اليسرى فيطير عشرات.. ويضم كفه ويبسطها فيخرج منها شواظ من نار ونحاس، فلا ينتصر أعداؤه الأشرار! وبعد أن ينتهى منهم يقوم لينفض ثيابه، منزعجًا من أن الفانية تمزقت يا ولداه أو أن أظفر أصبعه الصغير قد انكسر! وهذا هو المطلوب من سيادة الرئيس، والذى ينتظره منه أناس كثيرون، يعيشون حالة مراهقة سياسية: يريدونه شمشون، شوارزنيجر، بروس ويليس، طرزان، سوبر مان، الجنية الساحرة، بعصاها التى تديرها هاتفة: أبرا كدابرا، فيتغير كل شيء! ولأنه لا يوجد رئيس فى العالم كله يمكنه هذا، ولأن رئيسنا الكريم لا يستطيع فعله عمليًّا، لأنه متعلم، وصادق، وأمين على مصلحة البلد، فهو لا يصلح رئيسًا فى نظر (إخوانّا البعدا) لأنه - حتى الآن - لم يحل مشاكل مصر المزمنة، التى تحتاج إلى عقود لتتعافى؛ بعد أن صحّرها العسكر، وأزلامهم من خونة الوطن، الذين حصدوا الألقاب، والأموال، والمناصب، والمنافع، فى ظل الورم السرطانى العسكرى القتّال، الذى شل فاعلية مصر عقودًا.. يا سادتي: أى مريض يحتاج وقتًا ليتعافى.. يحتاج دواءً، يحتاج رعاية صحية، يحتاج بعدها نقاهة، ورعاية نفسية، لكن منا أشخاصًا يفكرون مثل جحا، حين شرب زجاجة الدواء مرة واحدة، ليشفى مرة واحدة..ويحرم عليه أن يقول إننا فى أزمة، أو علينا أن نشد الحزام قليلاً، أو أن الحلول تحتاج وقتًا.. وهات يا (تريقة) وإسفافًا، بل، وقلة أدب! يا إخوانى الجُحوات: أعطوا الرجل فرصته القانونية الطبيعية ثم سائلوه إن شئتم.. ووالله لقد أنجز على مستوى القرارات السيادية والوطنية والأساسية ما لم يمر بالبال فى نحو خمسين يومًا فقط.. ووالله إنه – ومن حوله - ليستحقون (تعظيم سلام) وحسبى الله فى (النخب المخوخة) التى أرجو أن تندم على مواقفها قريبًا، وتتراجع، وتصالح الحقيقة والحرية والوطن.. وإلا فأهانهم الله، وأخذهم أخذ عزيز مقتدر.. الضباط الأشرار: مع نهاية عهد الضباط الأشرار، وما يثيرونه من أزمات، وتحريكهم الفلول والبلاطجة وقاطعى الطريق، وتحرك الداخلية فى اتجاه استتباب الأمن، وإقرار السلام فى المجتمع المنزعج من هذه (الدمامل) الأمنية البغيضة، فى جسد مصر المريضة بهم، أرجو ألا تأخذ الأجهزة الأمنية الحمية، وتستعيد بعض ماضيها البغيض، وتمارس أساليب مما كان يمارَس من قبل فى أقسام الشرطة، والمخابئ الأمنية الوضيعة، التى أذل فيها مبارك وعصابته شعب مصر، فلا يذهب (عاطل فى باطل) أو بريء فى بلطجي، بل يلزمنا أن ننتبه للأبرياء والمجرمين، بين ممارسى البلطجة وقطع الطريق وعابرى السبيل، ممن وجدوا أنفسهم فى معمعة، بين أصحاب المصالح المتضررين وبين المحرضين والمأجورين.. كما يلزمنا أن نفرق بين احترام القانون واختراق القانون.. وإلا فالثورة حق؛ إذا حصل أى انتهاك لحرية المصري.. أى مصري.. واسلمى يا مصر.. [email protected]