حدد نشطاء حقوقيون، أهم البنود في قانون الجمعيات الأهلية التي طالبوا بإجراء تعديلات عليها، أو إلغائها، في أعقاب دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسي لإجراء تعديلات عليه، والتي يقولون إنها تضع قيودًا على عمل منظمات المجتمع المدني في مصر. وبعد مرور قرابة عام ونصف العام من تصديقه على القانون، قال السيسي في منتدى شباب العالم بشرم الشيخ، يوم الأربعاء، إنه سيتم تشكيل لجنة "تشمل وزارتي التضامن الاجتماعي والخارجية والأجهزة المعنية بالدولة تكون مهمتها إعداد تصور شامل بتعديل القانون المنظم لعمل الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني". والقانون الصادر في مايو 2017، تقول منظمات حقوقية إنه يحظر فعليًا عملها ويصعب على المنظمات الخيرية العمل، بينما يرى المسؤولون أنه ضروري ويتحججون بأن المنظمات الأجنبية التي تحصل على تمويل خارجي تهدد الأمن القومي. ويقصر القانون نشاط المنظمات غير الحكومية على الأنشطة التنموية والاجتماعية ويفرض عقوبات بالسجن لما يصل إلى خمس سنوات على مخالفيه. وينص القانون الجديد على ضرورة الحصول على موافقة مسبقة على التبرعات التي تتجاوز عشرة آلاف جنيه مصري. وإذا لم تمنح السلطات الموافقة خلال 60 يومًا، فإن الطلب يعتبر مرفوضاً تلقائيًا، وقد يؤدي عدم إبلاغ السلطات إلى أحكام بالحبس تصل إلى خمس سنوات وغرامات تصل إلى مليون جنيه. واستجاب السيسي لمقترح بمراجعة القانون قائلاً إنه يتفق في الرأي بأنه "كان فيه تخوف أدى إلى أن يخرج القانون بشكل فيه عوار". حافظ أبو سعدة، عضو "المجلس القومي لحقوق الإنسان" (حكومي)، ورئيس "المنظمة المصرية لحقوق الإنسان" (أهلية)، قال إن "القانون به نقاط عديدة بحاجة للتعديل، لأنه بشكله الحالي يُقيد عمل المنظمات، ويضعها في مأزق شديد، على الرغم من كونها لا تهدف إلى الربح". إنشاء الجمعيات وفي تصريح إلى "المصريون"، رأى أبوسعدة، أن "القانون الحالي، يخالف المادة 75 من الدستور، التي تنص على أن إنشاء الجمعيات الأهلية يتم بالإخطار، وليس كما ينص القانون الحالي، وبالتالي لابد من تعديل المادة المشار إليها". وتنص المادة 75 على أنه "للمواطنين حق تكوين الجمعيات والمؤسسات الأهلية على أساس ديمقراطي، وتكون لها الشخصية الاعتبارية بمجرد الإخطار. وتمارس نشاطها بحرية، ولا يجوز للجهات الإدارية التدخل في شئونها، أو حلها أو حل مجالس إداراتها أو مجالس أمنائها إلا بحكم قضائي. ويحظر إنشاء أو استمرار جمعيات أو مؤسسات أهلية يكون نظامها أو نشاطها سريًا أو ذا طابع عسكري أو شبه عسكري، وذلك كله على النحو الذي ينظمه القانون". التدخل في شؤون الجمعيات وأضاف أبوسعدة، أن "القانون الحالي، يسمح بالتدخل في شؤون الجمعيات من قبل الشؤون الاجتماعية بشكل غير مسبوق، حيث يتيح للسلطات حق الاعتراض على المرشحين، كما يطالب المؤسسين وكذلك المرشحين لعضوية الجمعية، بتقديم سجل جنائي، وتلك المسائل لم تكن موجودة من قبل، ومن ثم لابد حذفها". وتابع: "وفقًا للقانون، أي عشرة أشخاص يرون أن لديهم فكرة جيدة أو مشروع يمكن أن يقدم خدمة للبلد، ويمكن أن يؤسسوه بجهد ذاتي أو بأموال تبرعات، من حقهم التقدم بطلب لإنشاء جمعية، إذن لماذا كل هذه الإجراءات والقيود؟". القيد المالي عضو "المجلس القومي لحقوق الإنسان"، قال إن "القانون يشترط دفع رسوم تقدر ب 10 الآلاف جنية التابعة لوزارة التضامن لإنشاء جمعية أهلية، فيما يصل المبلغ إلى 100 ألف جنيه إذا كانت مؤسسة، وهذا غير منطقي، خاصة أن معظم الأموال تكون تبرعات أو جهد ذاتي، وهو ما يتوجب معه إلغاء هذا الشرط أيضًا". التمويل علاوة على ذلك، أوضح أبوسعدة، أن "الجمعيات الأهلية تقوم على التمويل الداخلي أو الخارجي، إذ أنها لا تستطيع أن تستمر في مزاولة نشاطها، حال توقف التمويل الذي تحصل عليه، لا سيما أنها جمعيات غير ربحية، وبالتالي لابد من تخفيف حدة القيود، خاصة أنه تخضع لإشراف الشؤون الاجتماعية إضافة إلى خضوعها لمراجع حسابات خارجي، ما يعني أنها تحت عين ورقابة الجهات المختصة". عقوبات سالبة للحريات كما طالب أبوسعدة بإلغاء العقوبات المنصوص عليها بالقانون الحالي، لكونها "سالبة للحريات، لا سيما المادة التي تنص على الحبس في حال المخالفة أو عدم الالتزام بتعديل بعض القرارات الخاصة بالجمعية". وتابع: "هذا القانون تنظيمي ينظم عمل الجمعيات، وكل القرارات ترسل لوزارة التضامن لمراجعته، وبالتالي إذا كان هناك قرار يريدون تعديله، فمن الواجب إخطار الجمعية بذلك، وحال عدم التزامها يتم توقيع غرامة مالية وليس الحبس". قيود على التمويل الخارجي رئيس "المنظمة المصرية لحقوق الإنسان"، طالب بإلغاء القيد على النص الخاص بالتمويل الخارجي، لكون "القانون الحالي، يفرض قيودًا لا داع لها للحصول على تمويل خارجي، على الرغم من أن الجمعيات تخضع للرقابة المشددة، وليس هناك حاجة لصدور قرار بإخضاعها لرقابة بعض الجهات، من المعلوم أنها تراقب الجمعيات". فيما شدد جورج إسحاق، عضو "المجلس القومي لحقوق الإنسان" على أن قرار الرئيس بإعادة النظر في قانون الجمعيات الأهلية مهم للغاية، "لا سيما أنه سيحد كثيرًا من القيود المفروضة على عمل الجمعيات، وذلك حال الأخذ بالتعديلات المقترحة". وأضاف ل "المصريون"، أن "القانون الحالي به عوار دستوري، إذ إن إنشاء الجمعيات يتم بالإخطار وفقًا للقانون، غير أن القانون الحالي تحايل على تلك الجزئية". تسجيل الجمعية وأوضح أنه "لكي يتمكن الشخص من إنشاء وتسجيل جمعية، عليه دفع مبالغ طائلة؛ ليستطيع القيام بذلك، وهذا ما يجب إعادة النظر فيه خلال مراجعة القانون". تخفيف حدة الأمن وأشار إسحاق إلى أن "القانون الحالي، يسمح للأمن بالسيطرة الكاملة على عمل الجمعيات، وهو الأمر الذي يتطلب تعديله، خاصة أنه يعرقل عملها". ورحب محمد الغول نائب رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب بفتح حوار مجتمعي بخصوص القانون المثير للجدل. وقال، إن "القانون بعد صدوره شهد اعتراضات من بعض المنظمات، وكان هناك العديد من الملاحظات عليه، وقرار الرئيس بإعادة النظر في بعض بنوده يأتي استجابة للمطالبين بضرورة تعديل بعض مواده". وطالب بأن يتم أخذ المقترحات، التي قدمت بشأن تعديل قانون الجمعيات الأهلية من قبل المنظمات الأهلية، ووضع وجهات النظر المعترضة في الاعتبار، للخروج بقانون يتوافق عليه الجميع. وأشار إلى أن "البرلمان سيتابع ويناقش المقترحات التي قدمت بشأن تعديل قانون الجمعيات الأهلية، وسيستقبل الأطروحات، ووجهات النظر عليه"، لافتًا إلى أنه ليس القانون الأول الذي يعاد إلى البرلمان بعد الموافقة عليه. وكان الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء قرر بناءً على طلب السيسي، تشكيل لجنة لتعديل القانون رقم (70) بشأن تنظيم عمل الجمعيات والمؤسسات الأهلية، من وزارات: التضامن الاجتماعي، والخارجية، والعدل، من خلال إجراء حوارٍ مجتمعي حول.