ولد الشيخ مصطفى المراغى بمدينة المراغة محافظة سوهاج 5/3/1881، ونشأ فى أسرة تعشق العلم، وأتم حفظ القرآن الكريم فى سن مبكرة، ودخل الأزهر وتلقى العلم على كبار الشيوخ، وكان أصغر من حمل العالمية إذ حصل عليها فى سنة 1904 م وكان ترتيبه الأول بين أقرانه وهو فى الثالثة والعشرين من عمره، وكان الذى تولى امتحانه الشيخ الإمام محمد عبده مع غيره من العلماء. وفى مايو 1928 عين المراغى شيخًا للأزهر الشريف ليتبوأ المكانة الجديرة به. رفع الإمام مذكرة للقصر الملكى لإصلاح الأزهر، وبعدها بدأ القصر يضيق بآرائه الإصلاحية رفض مذكرته، فاستقال المراغى من مشيخة الأزهر، وكان أول وآخر من استقال من الأزهر برضاه. وعين بعده الشيخ الظواهرى، ورغم ما قام به من جهد أثير، إلا أنه لم يخل من نقمة المعارضة وحملة الناقمين، فمن ناحية أخذ عليه الناقمون من دعاة التقدم اتجاهه المحافظ، ونقم حزب الوفد عليه لتقربه من الملك.. فأثاروا عليه الطلاب، وازدادت الثورة على الظواهرى، ووقف الشباب مع علماء الأزهر وطالبوا بتنحية الظواهرى.. وكانوا يرفعون شعار "إما تحت راية المراغى وإما إلى القرى.. تاركين الأزهر للبوم والغربان"، وكان من زعماء الطلبة وقتئذ الشيخ محمد حسن الباقورى. خشى الإنجليز من الأزهريين فى البلاد ومن تعبئتهم الرأى العام ضدهم، فتنازلوا عن موقفهم ضد الشيخ المراغى، وكانوا يثقون فى الشيخ المراغى رغم معارضته لهم فى السودان، وتم تعيين الشيخ المراغى شيخًا للأزهر مرة أخرى فى إبريل 1935، وكان أول ما قام به حمل الملك على إصدار قانون 26 مارس 1936 بمراجعة وتقنين ما جاء فى قانونى 1930،1933 فى صورة شاملة ليكون الأزهر المعهد الدينى الأعظم فى العالم الإسلامى، لنشر الشريعة الإسلامية. كان للإمام المراغى مواقف تاريخية مشرفة تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أنه عالم ربانى لا يخاف فى الله لومة لائم، ومن هذه المواقف المشرفة موقفه من الحرب العالمية الثانية حيث رفض الإمام المراغى فكرة اشتراك مصر فى هذه الحرب سواء بالتحالف أو التعاون مع الإنجليز، أو التعاون مع الألمان للتخلص من الاحتلال البريطانى. وقد تزعم الإمام المراغى حملة لجمع تبرعات فى مصر لصالح المجاهدين فى السودان الذين يقاومون الاحتلال البريطانى، فى الوقت الذى كانت الحكومة المصرية للأسف تساعد الجيش الإنجليزى على احتلال السودان. ومن المواقف التاريخية المشرفة للإمام المراغى، رفضه الاستجابة لطلب الملك فاروق ملك مصر، والخاص بإصدار فتوى تحرم زواج الأميرة فريدة طليقته من أى شخص آخر بعد طلاقها، فرفض الشيخ المراغى الاستجابة لطلب الملك فاروق، فأرسل الملك فاروق بعض حاشيته لكى يلحوا عليه لإصدار هذه الفتوى، فرفض الشيخ المراغى، ولما اشتد عليه المرض دخل مستشفى المواساة بالإسكندرية، وهناك زاره الملك فاروق للاطمئنان عليه من ناحية، وللإلحاح عليه مرة أخرى لإصدار الفتوى الخاصة بتحريم زواج الملكة فريدة، فصاح الإمام المراغى برغم ما كان يعانيه من شدة الألم بسبب المرض قائلاً: "أما الطلاق فلا أرضاه، وأما التحريم بالزواج فلا أملكه، إن المراغى لا يستطيع أن يحرم ما أحل الله"، ولم يكن المرض ليمنع الإمام المراغى من أداء واجبه فى خدمة الأزهر ليكون قلعة ومنارة للإسلام.. وقد توفى رحمه الله عام 1945.