خبراء: ماسبيرو فى قلب الجمهورية الجديدة    الرسالة وصلت    أموريم: ما يهمني أننا لم نكن مملين أمام أرسنال    تدعيم الوسط مستمر.. أهلي جدة يستهدف صفقة سويسرية    لميس الحديدي تكشف تفاصيل غرق مدير التصوير تيمور تيمور    نادين الراسي في وصلة رقص وانسجام بحفل أصالة نصري | شاهد    الولايات المتحدة.. إطلاق نار في بروكلين يخلف 3 قتلى و8 جرحى    الولايات المتحدة تعيد تموضعها العسكري في العراق وسط تصاعد التوترات الإقليمية    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الأحد 17-8-2025 بالصاغة (آخر تحديث رسمي)    الناتج المحلي لدول مجلس التعاون الخليجي يتجاوز تريليونين و143 مليار دولار    بعثة المصارعة النسائية تصل بلغاريا للمشاركة في بطولة العالم    رئيس محكمة النقض يَستقبل رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات للتهنئة    إغلاق 8 مراكز غير مرخصة لعلاج الإدمان والطب النفسي بالجيزة (تفاصيل)    نائب إيراني: أوروبا في مرمى صواريخنا وواشنطن ونيويورك ليستا ببعيدتين    الجوزاء والأسد.. 5 أبراج غيورة على شريكها (تعرف عليهم )    وصفات منعشة وصحية في الصيف.. طريقة عمل التين الشوكي عصير وآيس كريم (فيديو)    «صحة الإسكندرية»: إعداد خطط تطوير شاملة للمستشفيات وتفعيل غرف منسقي الطوارئ (صور)    جولات تفقدية لرئيس مياه الشرب والصرف بأسوان لمتابعة المحطات والروافع في ظل ارتفاع الحرارة    «البترول» تواصل قراءة عداد الغاز للمنازل لشهر أغسطس 2025    أمينة الفتوى بدار الإفتاء توضح علامات طهر المرأة وأحكام الإفرازات بعد الحيض    مستشفى قها التخصصي ينقذ طفلة من فقدان ملامح أنفها بعد جراحة دقيقة    تحقيقات واقعة "فتيات الواحات".. الضحية الثانية تروى لحظات الرعب قبل التصادم    7 أسباب تجعلك تشتهي المخللات فجأة.. خطر على صحتك    المفتي السابق يحسم جدل شراء حلوى المولد النبوي والتهادي بها    يسري الفخراني بعد غرق تيمور تيمور: قُرى بمليارات كيف لا تفكر بوسائل إنقاذ أسرع    اعتذار خاص للوالد.. فتوح يطلب الغفران من جماهير الزمالك برسالة مؤثرة    الأمن يقترب أكثر من المواطنين.. تدشين قسم شرطة زهراء أكتوبر 2| صور    قرار جديد من التموين بشأن عدادات المياه: حظر التركيب إلا بشروط    محافظ الجيزة يطمئن على الحالة الصحية لشهاب عبد العزيز بطل واقعة فتاة المنيب    ريال مدريد يخطط لبيع رودريجو لتمويل صفقات كبرى من البريميرليج    رد فعل شتوتغارت على أداء فولتماد أمام بايرن    وزير الثقافة يعلن عن بدء الاستعدادات لإطلاق مؤتمر وطني عن الذكاء الاصطناعي    وزير السياحة: ضوابط جديدة للمكاتب الصحية بالفنادق.. وافتتاح تاريخي للمتحف المصري الكبير نوفمبر المقبل    رئيس وزراء إسبانيا يقطع عطلته الصيفية لزيارة المناطق الأكثر تضررا من حرائق الغابات    جبران يفتتح ندوة توعوية حول قانون العمل الجديد    مرصد الأزهر: تعليم المرأة فريضة شرعية.. والجماعات المتطرفة تحرمه بتأويلات باطلة    فيديو.. خالد الجندي: عدم الالتزام بقواعد المرور حرام شرعا    توجيهات حاسمة من السيسي لوزيري الداخلية والاتصالات    رئيس جامعة الوادي الجديد يتابع سير التقديم بكليات الجامعة الأهلية.. صور    أمر ملكي بإعفاء رئيس مؤسسة الصناعات العسكرية ومساعد وزير الدفاع السعودي    مانشستر يونايتد يدرس التحرك لضم آدم وارتون    صحة الوادى الجديد: انتظام العمل فى المرحلة الثالثة من مبادرة "100 يوم صحة"    إنفانتينو عن واقعة ليفربول وبورنموث: لا مكان للعنصرية في كرة القدم    فيضان مفاجئ في شمال الصين يخلف 8 قتلى و4 مفقودين    الأنبا ثيئودوسيوس يترأس القداس الإلهي بكنيسة العذراء مريم بفيصل    مدير عام الطب البيطري سوهاج يناشد المواطنين سرعة تحصين حيواناتهم ضد العترة الجديدة    شئون البيئة بالشرقية: التفتيش على 63 منشآة غذائية وصناعية وتحرير محاضر للمخالفين    الخارجية الروسية تتوقع فوز خالد العناني مرشح مصر في سباق اليونيسكو    ربان مصري يدخل موسوعة جينيس بأطول غطسة تحت المياه لمريض بالشلل الرباعي    مهرجان شرم الشيخ للمسرح يعلن تفاصيل مسابقة «أبو الحسن سلام» للبحث العلمي    أحمد سعد يغني مع شقيقة عمرو «أخويا» في حفله بمهرجان مراسي «ليالي مراسي»    حزب الجبهة الوطنية: تلقينا أكثر من 170 طلب ترشح لانتخابات مجلس النواب    موعد آخر موجة حارة في صيف 2025.. الأرصاد تكشف حقيقة بداية الخريف    المفتي يوضح حكم النية عند الاغتسال من الجنابة    تعرف علي شروط الالتحاق بالعمل فى المستشفيات الشرطية خلال 24 شهرا    تعليق طريف من خالد الغندور على تألق محرف الزمالك    إصلاح الإعلام    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الجديد.. سعر الذهب اليوم الأحد 17 أغسطس محليًا وعالميًا (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإمام المراغي.. أمانة العلم: مقولة حق وقيادة أمة
نشر في بص وطل يوم 26 - 07 - 2010

ليس للأزهر أطول مئذنة في العالم الإسلامي، وليس أكثرهم تراثية ولا أولهم وجوداً؛ لكن الأزهر قد اكتسب مكانته وريادته من خلال علمائه الذين حملوا على عاتقهم حفظ العلم الديني، وقبله حفظ كرامة المسلمين وقيادة المجتمع -ما استطاعوا- للرقي والنهضة؛ فكان الأزهر منارة للعلم بتعليمه الذي انفرد به؛ فأخرج علماء أجلاء لا يُشقّ لهم غبار، ومنارة للعلماء حيث يأتمّ الناس بهم ويلجئون إليهم في مصائبهم، فيرفعون رأس الأمة عالياً، ويهابهم كل ذي بطش وظلم وسلطان.
من هؤلاء كان الإمام العظيم تلميذ الشيخ محمد عبده، وقاضي قضاة السودان، وأصغر شيخ أزهر في عصره.. إنه الإمام محمد مصطفى المراغي.
فريد من يومه
وُلد الشيخ محمد مصطفى محمد المراغي بمركز طهطا في محافظة سوهاج في مارس 1881، وظهرت نجابته مبكراً؛ فأرسله والده إلى الأزهر، فتبع الشيخ محمد عبده وتعلّم على يديه، وكان أصغر من حصل على شهادة العالية من الأزهر؛ حيث تخرج في الأزهر عام 1904، وكان ترتيبه الأول على زملائه، وكان عمره آنذاك ثلاثة وعشرين عاماً، وكان من أصغر علماء الأزهر سناً في ذلك الوقت.
وفي سنة تخرّجه اختاره أستاذه الشيخ محمد عبده ليعمل قاضياً بالسودان؛ حيث استمر في وظيفته تلك لمدة ثلاث سنوات ووصل إلى منصب قاضي القضاة، إلى أن قدّم استقالته عام 1907م بسبب خلافه مع الحاكم العسكري الإنجليزي التابع للتاج البريطاني الذي كان يحتل السودان وقتها.
عاد الشيخ لمصر، وظلّ يتدرج في مناصب القضاء حتى تولى رئاسة المحكمة الشرعية العليا عام 1923، ثم عُيّن شيخاً للأزهر في عام 1928، وكان لم يتجاوز بعد السابعة والأربعين من عمره، وعُدّ بذلك أصغر من تولى منصب مشيخة الأزهر رغم معارضته لأن يكون حاكمُ مصر خليفةً للمسلمين.
وقام بإصلاحات هامة؛ حيث شكّل لجنة لتنظيم الأحوال الشخصية، ووجه اللجنة إلى عدم التقيّد بمذهب الإمام أبي حنيفة. وأصدر عام 1920 قانون الأحوال الشخصية، وعدّل قانون الطلاق، ونادى بفتح باب الاجتهاد، ودعا إلى توحيد المذاهب.
للعلم أمانة وهيبة
قالوا إن للحق قوة في القلب تشدّ من أزر الضعيف وترفع من رأس الذليل وتزيد المظلوم إصراراً على التمسّك بالحق؛ فما بالك لو كان صاحب الحق هو من يوجّه به ويحمل أمانة الاتباع؛ فالقدوة أمانة، وكلمة الحق وسديد النصح عندما يُناط لأهله يكون أمانة؛ أفلا تتضاعف قوة الحق في نفوس أولئك لتجعل منهم جبالاً شامخات يستعصي على ذوي النفوذ مطاولة النظر إليها.
كان الشيخ المراغي من أهل الحق وحُماته وحامليه، كان حازماً لا تُرهبه سلطة ولا يخضع لابتزاز، صلباً في المواقف لا يحب الكذب أو النفاق حتى مع أقرب المقربين.
ومن أمثلة ذلك أنه كان صديقاً لمحمد محمود باشا (زعيم الأحرار الدستوريين)، وكان الصراع وقتها على أشده بين الوفديين والأحرار على الفوز بانتخابات الحكومة، وفي هذه الأثناء سأله السفير البريطاني عمن يتوقع في الفوز بالانتخابات، فقال له الشيخ: الوفد؛ فعجب منه السفير لما يعلم من صداقته بمحمد محمود باشا؛ فرد عليه المراغي: إن صداقته لا تحول دون صدقه كما لا تدفعه للكذب والنفاق.
ومن أشهر المواقف التي تعرض لها الشيخ أثناء توليه القضاء أنه عندما طلّق الملك فاروق زوجته الملكة فريدة، أراد الملك منه أن يُحرّم عليها الزواج من بعده؛ لكن الشيخ رفض أن يُصدر فتوى بذلك قائلاً "فأما الطلاق فلا أرضاه، وأما التحريم فلا أملكه"، ولما غلّظ عليه الملك وألحّ في طلبه صاح به الشيخ: إن المراغي لا يستطيع أن يُحرّم ما أحل الله.
الإمام أمين الأمة
وكلمة الحق هي كلمة فاعلة لا تكتفي بالخروج من الفم لتقع على الأسماع؛ وخير كلمة حق قيلت هي كلمة حق عند سلطان جائر، وفيها ضرب الإمام أروع الأمثلة في قول الحق؛ ففي الحرب العالمية الثانية كره المصريون أن يستعين بهم الإنجليز في الحرب مع الألمان، وكانوا يعلمون أن دخول الحرب ليس في مصلحتهم ولا في مصلحة الإسلام ولا من يحرص المصريون ولا المسلمون عليه من قريب أو بعيد؛ فهي حرب بين قوتين صليبيتين: الحلفاء بزعامة بريطانيا والمحور بزعامة ألمانيا وكلاهما معادٍ للإسلام.. ولكن أنّى يمكن لشعب محتل مغلوب على أمره أن يواجه أوامر مستعمره.. وكان الأمر يحتاج إلى نوعية من الرجال تستطيع أن تصدع بالحق أمام الطغاة والمتجبرين ولا تخاف في الله لومة لائم، ولا تلتفت إلى ما قد يلحقهم من ضرر في النفس أو المنصب، وكان الشيخ "المراغي" من هذه النوعية من الرجال؛ حيث أعلن عن رأي الجموع صراحة في خطبة الجمعة التي ألقاها بجامع بيبرس يوم 19 سبتمبر 1941، وكان يحضرها الملك فاروق نفسه؛ حيث قال "إنها حرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل" وأمر بمقاطعة هذه الحرب.
وقد سَرَت كلمته في المجتمع المصري سريان النار في الهشيم؛ فالكل يتحدث بشموخٍ بما قاله إمام الجامع الأزهر، وأصبح من لا يستطيع التعبير عن رأيه بالأمس، يتحدث على الملأ عن ويلات الحرب على مصر.
وقد أغضب ذلك الإنجليز، وحاولوا إثناءه عنها؛ إلا أنه أبى.. "إن هذا الرجل أخطر على بلادنا وحياتنا من ويلات الحرب"؛ هذا ما قالته "التايمز" البريطانية عن فضيلة الشيخ.
فما كان من الحكومة أمام الضغط الشعبي الهائل إلا أن تدعو البرلمان المصري للانعقاد لتُعلن أمام النوّاب قرارها بعدم دخول مصر الحرب، وتمت مصادقة النوّاب على هذا القرار بالإجماع.. ويرجع الفضل في ذاك لقوة الشيخ وجرأته في الحق وحرصه على النصح للأمة.
ليس للحق حدود سياسية
ولا يكفي الإمام المجتهد -الذي يرى نفسه دائماً مقصّراً في أداء أمانة ما حمّله الله إياه- أن ينحصر دوره في بلده أو وطنه الأصغر؛ بل المسلمون في كل مكان حيث تطالهم يده ويصلهم صوته، هم أمانة في عنقه يُسأل عنها أمام رب العزة.
كانت هذه رؤية الإمام المراغي، فقاد الثورة الشعبية في السودان ضد الإنجليز وأصدر مع الثوار نشرة عنوانها "اكتتاب لمنكوبي الثورة بمصر"، كانت بمثابة صوت الثورة المصرية في السودان.. وقاد المظاهرات وهو قاضي القضاة، وأخذ يجمع التوقيعات من المصريين والسودانيين تأييداً لزعامة سعد زغلول باشا للثورة وتوكيلاً له ولصحبه في المطالبة بالاستقلال.
وتصاعد غضب الإنجليز عليه، فاقترح بعضهم اعتقاله أو نفيه؛ لكنهم خافوا غضبة الشعب فقرروا منحه إجازة مفتوحة؛ فعاد إلى مصر عام 1919 ليواصل دعمه لثورة مصر من أجل الاستقلال.
لا حاجة في منصب لا يُعين ذوي الحاجة
استقال الإمام المراغي عن مشيخة الأزهر في 10 أكتوبر 1929 عندما وجد عدم استجابة من الحكومة لمشروعاته الإصلاحية.
وظل المراغي بعيدًا عن الأزهر خمس سنوات، تولى المنصب فيها الشيخ محمد الأحمدي الظواهري، إلى أن خرج الأزهر ينادي بالمراغي، وكان الرد هو فصل اثنين وسبعين من شيوخ الأزهر وعلمائه من مؤيدي المراغي.. واستمر الإلحاح الجماهيري وتعالت النداءات والصيحات، وأخيراً اضطر الملك فؤاد إلى الرضوخ لإصرار علماء الأزهر وطلابه والجماهير على عودة المراغي، والمضيّ في مشروع إصلاح الأزهر، وسقطت الوزارات المستبدة، وعاد كل المفصولين إلى الأزهر؛ فعاد الشيخ إلى مشيخة الأزهر 1935.
وظل الإمام في منصبه شيخاً للأزهر لمدة عشر سنوات إلى أن توفي في 22 أغسطس 1945 وهو يصارع المرض.

*********************
للتعرف على مزيد من سير علمائنا
اضغط هنا "غائبون حاضرون"
*********************


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.