صدق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على قانون جديد يتيح منح الجنسية التركية للمستثمرين العرب والأجانب وفق شروط مالية محددة ، وتم نشر القانون بالجريدة الرسمية ليصبح ساري المفعول ابتداء من تاريخ 19 سبتمبر الحالي ، والقانون الجديد يتيح لأي مستثمر أو مواطن عربي أو أجنبي الحصول على الجنسية التركية إذا استوفى شرطا واحدا فقط من الشروط التالية : الحالة الأولى : شراء عقار بقيمة تتجاوز 250 ألف دولار أمريكي أو ما يقابله من العملات الأجنبية أو الليرة التركية، ولكن بشرط عدم بيع العقار خلال مدة 3 سنوات، وسيتم التأكد من ذلك من قبل وزارة البيئة والتطوير العمراني التركية ، وكان القانون يشترط قبل ذلك شراء عقار أو عقارات بقيمة مليون دولار أمريكي ، وهو الأمر الذي يبدو أنه لم يكن عمليا ولم يحقق المستهدف منه . الحالة الثانية : تأمين فرص عمل تشغيلية لخمسين مواطنا تركيا على الأقل، وسيتم التأكد من ذلك من قبل وزارة الأسرة، والعمل والخدمات الاجتماعية في البلاد ، وكان في السابق يشترط توفير مائة فرصة عمل . الحالة الثالثة : إيداع مبلغ مالي بقيمة 500 ألف دولار أمريكي أو ما يعادله من العملات الأجنبية أو الليرة التركية، في البنوك العاملة على الأراضي التركية، شرط الإبقاء عليه مدة ثلاث سنوات، وسيتم التأكد من ذلك من قبل هيئة التنظيم والرقابة المصرفية التركية. الحالة الرابعة : الشراء من خلال أدوات اقتراض الدولة بقيمة 500 ألف دولار أمريكي أو ما يقابله من العملات الأجنبية أو الليرة التركية، وسيتم التأكد من ذلك من قبل وزارة الخزانة والمالية. القرار التركي الجديد والذي يشغل وسائل الإعلام حاليا يستهدف بشكل مباشر وواضح المستثمرين من منطقة الخليج العربي ، حيث يتجه عشرات الآلاف من المستثمرين في الخليج للإقامة في تركيا ، إما للاستفادة من فرص استثمار واعدة أو لجودة الحياة بشكل عام أو لأسباب أخرى متنوعة ، وقد لوحظ مؤخرا كثافة فعلية من الحضور الخليجي في المدن الرئيسية الكبرى في تركيا ، كذلك يستهدف القرار المستثمرين الإيرانيين ، حيث هناك حركة نزوح كبيرة من المستثمرين الإيرانيين إلى تركيا للحصول على الإقامة وفرص استثمار فيها بعد الاضطرابات السياسية والاقتصاية الهائلة التي ضربت إيران مؤخرا . ولا تقتصر التسهيلات المقدمة للمستثمرين العرب فقط على منح الجنسية التركية، بل هناك جملة من التسهيلات الأخرى، وستقوم وزارة الداخلية التركية في الفترة القريبة القادمة، من خلال دوائر الهجرة في إسطنبول وغيرها من المدن الكبيرة، بتقديم خدمات خاصة وسريعة لهؤلاء جميعا تحت اسم رجال الأعمال "VIP". قرار أردوغان ، يجعلنا نعيد فتح ملف التعديلات التشريعية التي أجراها البرلمان المصري على قانون رقم 26 لعام 1975 ، والذي تمت إضافة مادة جديدة إليه برقم (4 مكرر) تقول : يجوز بقرار من وزير الداخلية، منح الجنسية المصرية لكل أجنبى أقام فى مصر إقامة بوديعة مدة خمس سنوات متتالية على الأقل، سابقة على تقديم طلب التجنس ووفقا للضوابط المنصوص عليها فى المادة 20 مكرر من القانون رقم 89 لسنة 1960، بشأن دخول وإقامة الأجانب فى مصر والخروج منها، متى كان بالغا سن الرشد، وتوافرت فيه الشروط المبينة فى البند "رابعا" من المادة 4 من هذا القانون. القانون الجديد أثار جدلا كبيرا في مصر ، ووظفته المعارضة على نطاق واسع في لعبة الاستقطاب السياسي الحادة ، بل إن بعض أنصار السيسي وضعوا علامات استفهام عليه أيضا ، على الرغم من أنه ليس بدعا من الأمر في كثير من الدول ، وأتى قرار تركيا لكي يؤكد ذات المعنى ، لأنه يؤكد على حق الدولة في توظيف إمكانياتها المختلفة لتعظيم الدخل القومي تحت شروط من الشفافية والقانون . التعديلات التي جرت في مصر حددت مبلغ سبعة ملايين جنيه مصري أو ما يعادلها بالعملات الأجنبية (حوالي 400 ألف دولار أمريكي) وتجميدها في أحد البنوك الوطنية لمدة خمس سنوات قبل التقدم بطلب الجنسية ، ولا أعرف لماذا تم تحديدها بقيمة العملة المحلية وهي معرضة للاهتزاز ، وإذا كان الاحتياطي النقدي يحدد بالدولار فما المانع وما العيب في أن نحدد القيمة بالدولار ، محور عملات الجميع ، كذلك مسألة قصر الحق في منح الجنسية على تجميد مبلغ مالي عدة سنوات اختيار غير موفق أو غير كاف ، والأوفق أن تعطى بدائل للمستثمر أو الأجنبي ، مثل أن يشتري عقارا أو عقارات بقيمة مماثلة ، مما يعلي من قيمة الاستثمار العقاري في البلد ، أو أن يقيم مشروعا استثماريا يسمح بتوظيف مائة مواطن مصري ، وهو المذهب الذي ذهب إليه القانون التركي الجديد ، كما أن تعليق قرار منح الجنسية لما بعد الخمس سنوات لا يبعث على الاطمئنان في ظل سيولة قانونية متغيرة ، والأوفق أن يتم منح الجنسية منذ السنة الأولى مع ضمانات قانونية وإدارية كافية تحول دون التراجع عن الوديعة أو الاستثمار أو ملكية العقار طوال مدة الخمس سنوات . تفعيل الفكرة في مصر لن يقل جاذبية وإثمارا من التجربة في تركيا ، لأن مصر تمثل جاذبية هائلة لدول جوارها ، وخاصة الأشقاء من السودان ومن ليبيا ، وهناك ما يقرب من مليون سوداني يعيشون في مصر ، كثير منهم مستثمرون أو من أصحاب الأموال ، وكذلك من ليبيا ، إضافة إلى قطاع من أهل الخليج يستطيب نمط الحياة في مصر ، وهؤلاء جميعا إذا فعلنا الفكرة بشكل صحيح يمكن أن تكون مصدرا كبيرا للدخل القومي ، فمصر تملك فرصة حقيقية في هذا المجال . [email protected] https://www.facebook.com/gamalsoultan1/ twitter: @GamalSultan1