علاقة الإنسان بالقردة العليا وبالأخص الشمبانزي دخلت حيز التاريخ بنظرية التطور للعالم " دارون " بكتابه " أصل الأنواع " الذي أثار ضجة كبيرة خلال قرنين من الزمان بين منكر ومؤيد للنظرية من العلماء ورجال الدين وملخص النظرية أن الأحياء نشأت وتطورت من خلية واحدة وبناء على النظرية يكون القردة والإنسان أبناء عمومة ولهم جد مشترك ! وهكذا قامت الدنيا ولم تقعد حتى الآن. لكننا سنترك " دارون ونظريته " ونتحرك نحو كتاب " متلازمة الشمبانزي " للكاتب " ستيف بيترز " وفيه يتحدث عن من هو المسئول عن إرادة الإنسان وأفعاله ورد فعله ؟ ولماذا يتصرف نفس الشخص بحكمة وعقل في مواقف معينة ثم يعتريه الجنون والهمجية ورد الفعل العدواني في مواقف أخرى ؟ فترى مهندس مشهور فجأة تحول لقاتل .أو أب وديع ومسالم إنتابته نوبة جنون فقتل أبناءه وزوجته .وبالطبع لم تفتك أحداث الحوادث الغريبة من إناس أقل ما يقال عنهم أنهم طبيعيون فأين تكمن المشكلة ؟ يقول الكاتب أن المسئول عن إدارة الفعل البشري في الأصل هي منطقة " الجزء الأمامي " من الدماغ والذي عن طريقه يتصرف الإنسان بالتفكير والتحليل والمنطق فالمفروض لو تعرض الإنسان لمشكلة يقوم هذا الجزء بتحليل المشكلة وعمل مجموعة من الحلول والاختيار بينهم بما في ذلك تحليل الأسباب والنتائج والدروس المستفاده وهي حالة الإنسان الطبيعي الغالبة أما الجزء الآخر من التحكم " الجزء الحوفي " فيقول أنه مسئول عن رد الفعل المنعكس السريع ويتعامل هذا الجزء في حالات التهديد والصراع لما يقتضيه الموقف من رد فعل سريع وقوي فمثلاً حين تتعرض لتهديد مفاجئ يقوم " الجزء الحوفي " بتوجيهك للجري بأقصى سرعة وبدون تفكير أو مثلاً تشاجرت مع زميل تجد أن كل جسدك يتحرك بسرعة وبقوة وبدون تفكير وهو ما يطلق عليه " الغضب " فيكون رد الفعل بدائي ومعتمداً على القوة وليس العقل. من هنا تصور الكاتب أن الإنسان لديه نظامان للعمل الأول هو الإنساني المتصالح الواعي والثاني وهو الشمبانزي أو الحيواني العدواني المتسم بالغضب والإنفعال . إذن كيف يتحرك الإنسان بين إنسانيته العادلة وشمبانزيته القاتله ؟ وكيف للإنسان أن يسيطر على هذا الشمبانزي في لحظات الغضب والخوف والإنفعال ؟ يقول الكاتب أن عليك أن تشتت الشمبانزي بأن تلقى له أداة تسلية ينشغل بها عن التدخل في إدارتك العاقلة لرأسك .. وهنا يصل الكاتب لنصيحة مرت علينا من أكثر من ألف عام عندما حدثنا الصادق الأمين فقال " لا تغضب " ثلاث مرات ولما سئل عن كيف أقاوم الغضب أمرنا بالاستعاذة من الشيطان ثم الوضوء والثالثة أن تغير من جلستك فلو كنت جالساً تقف وهو عين ما توصل له الكاتب فطالب بتشتيت الشمبانزي وشغله بأي أمر جانبي وهوعين الإستغفار والاستعاذة والوضوء وتغيير الجلسة وإلا فليس مستبعداً أن يسيطر عليك الشمبانزي وتصبح غداً ضيفاً في السجن وصورك تملأ الجرائد . الملخص : عالم النفس الإنجليزي " ستيف بيترز " يؤكد لك أن الغضب يدمر الإنسان والمجتمعات وعليك التحكم في غضبك بتشتيت عقلك الحوفي عند الغضب وهو عين ما قاله النبي المعصوم – عليه وآله الصلاة والسلام – فلا تغضب وإن غضبت إستعذ وتوضأ وغير جلستك . [email protected]