ياصائمى رمضان صوموا عن الغضب.. لايقبل الديان صوما بلا أدب ..كنا نغنى هذه الكلمات ونحن أطفال فى منتصف القرن الماضى ونعلم أن الله جل جلاله لا يقبل الصوم والغضب معا. فقد روى البخارى فى صحيحه أن رجلا قال للنبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أوصنى قال له رسول الله عليه الصلاة والسلام كلمتين: لا تغضب! فظن الرجل أن الرسول لم يسمعه فكرر صائحا: أوصنى يارسول الله... فردد الرسول مرارا: لا تغضب.... لا تغضب.... لا تغضب....! ما هو «الغضب» ؟ الغضب هو عاطفة طبيعية إنسانية، أو حالة انفعالية فسيولوجية وظيفية تشمل تغيرات خطيرة ناتجة من التأثير الجسدي للغضب من توتر وتحفز تؤدى الى مخاطر زيادة العبء والإجهاد على عضلة القلب والشرايين التاجية وشرايين المخ والدورة الدموية بصفة عامة فى الجسم بزيادة معدل ضربات القلب وإجهاده وإرتفاع ضغط الدم الفائق وتفعيل النشاط الهدمى للجسم المسمى طبيا «كتابوليزم»، عن طريق زيادة إفراز الغدد الصماء لمستويات فائقة من هرمونات الأداء الإنفعالى للجسم مثل الثيروكسين والجلوكرتيكويدز والأدرينالين، والنورادرينالين وهى مجموعة من الهرمونات التى تدفع الجسم الى هاوية صحية لا رجوع فيها أحيانا. وقد فسر العلماء فى العصر الحديث عند اكتشاف منظومة الإنفعال بأن الغضب جزء من الدفاع الإنسانى أو أنه منظومة استجابة سريعة من المخ لتهديد محتمل من الضرر. ولذلك يعتبر الغضب تجهيز الموارد النفسية لاتخاذ قرارات تنتهى بالأفعال التصحيحية إذا كان يتجه اتجاها صحيحا ويصبح الغضب إستجابة لمشاعر سلوكية، ذهنية، وفسيولوجية عندما يأخذ الشخص «طريق الاختيار الواعي» لاتخاذ إجراءات فورية من شأنها وقف الضرر من السلوك التهديدي تجاه قوة أخرى خارجية. و التعبير الخارجي عن الغضب فى الإنسان يكون واضحا في تعبيرات الوجه الغاضبة ، ولغة الجسد، والاستجابات الفسيولوجية، ولكن يبدأ الخطر عندما تصبح الأفعال السلوكية ناجمة من مشاعر خارجة عن حدود السلوك الإعتيادى مثل الصراخ والشجار باستخدام الألفاظ الخارجة وأحيانا الاعتداء التى ربما تتجاوز الحدود وتصل الى درجة ارتكاب الجرائم وهذا يسمى «الغضب الانفلاتى» وهو ليس له حد فى درجته القصوى فقد يتصاعد بين المختلفين متطورا الى نتائج خطيرة فادحة ليس فقط على الآخرين ولكن على الشخص الغاضب نفسه وهو الغضب غير المتحكم فيه والتحكم يكون عن أحد طريقين لا ثالث لهما وهو كظم الغيظ عند عدم المقدرة على الرد والعفو عند المقدرة على الرد (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ. آل عمران 134) إن «الغضب الانفلاتى» يمكنه أن يؤثر على الصلاح والاستقرار النفسي والاجتماعي والعلاقات الانسانية. وأن العديد من علماء النفس والجريمة قد حذروا من نوبات الغضب التلقائية والغير محكومة التى أبسطها أنها تؤدى الى الكراهية والبغضاء والشقاق والفراق وقطع صلة الرحم بين الناس وأنواع الغاضبون أربعة: الأول سريع الغضب سريع الرضى (هذا الصنف يحير فى التعامل فهو «متقلب» المزاج) - الثانى: بطىء الغضب بطىء الرضى (هذا الصنف يؤذى لطول خصامه فهو «لد» الخصام) - الثالث:سريع الغضب بطىء الرضى (هذا الصنف شر الناس فهو «لد» الخصام أيضا ) – الرابع: بطىء الغضب سريع الرضى (هذا الصنف خير الناس فهو «حليم»). فإذا تمالكت أعصابك في لحظة غضب واحدة، ستوفر على نفسك أياماً من الحزن والندم. وحين يغضب الإنسان، فإنّه يفتح فمه ويغلق عقله. وأفضل رد على إنسان غاضب، هو «الصمت.» فإذا تكلم الغضب سكتت الحقيقة. لأن الغضب أوله حمق وآخره ندم. وكل دقيقة غضب تضيع منك ستين ثانية من السعادة بل من العمر نفسه. ومن يستطيع إغضابك يستطيع هزيمتك!. ولأن «السكوت» أيضا دواء عظيم للغضب ؛ لأن الغضبان يصدر منه في حال غضبه من القول ما يندم عليه في حال زوال غضبه وفى حال عدم السكوت يتزايد الكثير من النقاش ثم السباب وغيره مما يعظم ضررالغضب والخلاف, فإذا سكت الغاضبون زال هذا الشر كله عنده , وما أحسن قول الصالحين: «ما امتلأتُ غضبا قط ولا تكلمتُ في غضب قط بما أندم عليه إذا رضيت» وفى دراسة حديثة نشرت فى مجلة «أرشيف الطب الباطنى» أن سريعى التوتر والغضب أكثر عرضة من نظرائهم الأكثر هدوءا بحوالى ثلاث مرات للإصابة بالأزمة القلبية أو نزيف المخ أو مضاعفات مرض السكر أو ظهور السرطان وحتى وان لم يكن لديهم تاريخ عائلى نتيجة ارتباط جهاز المناعة بالحالة المزاجية للجسم وعلاج داء الغضب كما يقول العلماء يتلخص فى: أولا: الاستعاذة بالله من الشيطان ثانيا: تغيير الحال أو وضع الجسم ثالثا: ترك المخاصمة والسكوت رابعا: الوضوء خامسا: كظم الغيظ سادسا: الإكثار من ذكر الله تعالى سابعا: العمل بوصية الرسول صلى الله عليه وسلم (لا تغضب) ثامنا: النظر في نتائج الغضب المتوقعة تاسعا: قبول النصيحة والعمل بها عاشرا: أخذ الدروس من غضب سابق الحادى عشر : اجتناب وإزالة أسباب الغضب . الأستاذ بطب القاهرة وعضو مجمع اللغة العربية