أجمع علماء أزهريون، على أن المقترحات التى تُنادى بإلغاء المهر من عقود الزواج أو جعله اختياريًا، غير جائزة شرعًا، ولا يمكن لعاقل أن يقبلها أو يفتى بذلك، خاصة أنها تعدٍ صارخ على حق المرأة وانتقاصًا من قدرها، وذلك لا يقبله الإسلام على الإطلاق. وخلال الآونة الأخيرة، انتشرت فى مصر دعوات عديدة، مطالبة بإلغاء المهر أو الصداق من عقود الزواج، بدعوى أنه انتقاصًا من قدر وكرامة المرأة، أسوة بما اقترحته بعض المنظمات النسائية فى تونس، على الرغم من تأكيد فقهاء كثر أنه يُعد شرطًا من شروط صحة الزواج. الدكتور محمود مزروعة، رئيس قسم العقائد والأديان بكلية أصول الدين، جامعة الأزهر، قال إنه لا يجوز إطلاقًا إلغاء المهر أو الصداق، كما لا يجب المغالاة والغلو فيه، كما تفعل بعض الأسر خلال الوقت الحالي. وخلال حديثه ل«المصريون»، أضاف «مزروعة»، أن المسلم عليه أن يأخذ كل ما يتعلق بأمور حياته فى الدنيا والآخرة من الكتاب والسنة، ولا يجب أن يحيد عنها قيد أنملة، أما إذا كان غير مسلم فليفعل ما يحلو له، لكن لا يطالب المسلمين بمخالفة الأوامر والنواهي، وعليه أن يوضح ذلك، ولا يلبس على الناس أمور دينهم. وأشار إلى أن الرسول جعل المهر، علامة على احترام الرجل للمرأة وتقديرًا لها، لكنه لم يدع إلى الغلو فيه، بل على العكس من ذلك جعله على قدر المستطاع، فقال «أقلهن مهورًا أكثرهن بركة». كما قال «للرجل الذى لا يملك شيئًا، هل تحفظ شيئًا من القرآن، فتلا عليها بعض الآيات، فقال زوجتك على ما عندك من القرآن، وفى موقف آخر قال التمس ولو خاتم من حديد، فلم يشترط شيئًا محدد أو قيمة مالية محددة، بل يمكن أن يكون شيئًا من القرآن، أو شيئًا من الدنيا». رئيس قسم العقائد، لفت إلى أن التطرف ليس من الإسلام، بل نهى عنه، والغلو فى أى شيء غير مستحب، لافتًا إلى أن المهور ليست فى الإسلام وحده ولكنها فى كل الأديان، وهم يحاولون أن يلغوا بعض ما جاء به الإسلام، على الرغم من أنه لا توجد شكوى من أحد بشأن ذلك – بحسب تصريحه. أما، الدكتور عبد الحليم منصور، عميد كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، أوضح أن فكرة إلغاء المهور، التى يُطالب بها البعض لا تجوز شرعًا، وإنما الجائز الدعوة إلى تخفيفها، وتيسير الأمور على الشباب والفتيات. وأضاف «عبد الحليم»، ل«المصريون»، أنه حق من حقوق المرأة، والدعوة لإلغائه يعتبر تعديًا على حقوقها وامتهانًا لمكانتها وقيمتها، وليس كما يزعم البعض أن المهر انتقاص من قدرها، وإنما ما يدعون إليه هو الانتقاص بعينه، وهذا ما لا يقبله الإسلام بأى حال من الأحوال. عميد كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، أضاف أنه من الأفضل الدعوة لتخفيف المهور وتقليلها، وعدم المبالغة فيها كما تتشدد بعض الأسر، متابعًا: «المبالغة فيها تدفع الشباب إلى العزوف عن الزواج، خاصة أن الظروف الاقتصادية صعبة، وهذا ينتج عنه ارتفاع معدل الجريمة وارتفاع العنوسة وانتشار أطفال الشباب». بينما، أعرب الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف، عن رفضه للدعوات المطالبة بإلغاء المهر، أو جعله اختياريًّا، بدعوى أنه تقليل من شأن المرأة، وإخلال عميق بكرامتها، لافتًا إلى أن هذه المقترحات لا تستند إلى فكر سوى أو دليل شرعي. وأكد وكيل الأزهر، فى تصريح له، أن المهر أو الصداق حق واجب للمرأة على الرجل، فهو بمثابة عطية من الله تعالى، أو هدية أوجبها الشرع على الزوج، ولا يجوز بحال إلغاؤه أو جعله اختيارًا. ودعا شومان، أولياء الأمور إلى ضرورة التيسير فى أمور الزواج، وعلى رأسها المهور، عملًا بقوله صلى الله عليه وسلم: «أكثرهن بركة أقلهن صداقًا»، وقال أيضًا: «خير الصداق أيسره». وشدد، على أن تيسير الزواج من شأنه الحفاظ على كرامة المرأة وعرضها، ويحصن الشباب المقبلين على تلك الخطوة وترغبهم، وعدم إفشاء الفاحشة فى المجتمع المسلم. وأشار إلى أن جمهور الفقهاء، أجمعوا على أن المهر لازم فى كل نكاح، ولا تملك الزوجة نفسها رغم كونها مستحقة له أن تتنازل عنه قبل ثبوته فى العقد، موضحًا أنه يمكن للمرأة أن تتنازل عن مهرها أو عن جزء منه بعد إثباته، لكنها لا تملك هذا الحق بداية. وفى يناير الماضي، أعلنت رئيسة لجنة الحريات الفردية والمساواة لدى رئاسة الجمهورية التونسية، بشرى بلحاج حميدة، أن اللجنة بدأت فى عرض مقترحاتها للجنة المرأة فى مجلس النواب، قبل أن تقدمها للرئاسة، ليعرضها بدوره فى شكل مشروع قانون لمجلس النواب لمناقشته والتصويت عليه.