وكأنها حمى وانتابت عدد من الآباء والأمهات ففي خلال أيام قلائل بداية من أول أيام عيد الأضحى المبارك وحتى أمس السبت، طالعتنا الصحف في أول أيام العيد بقيام أب بإلقاء ولديه في ترعة فارسكور ليلقوا حتفهم غرقاً، مدعياً أنه لا يستحق هؤلاء الأطفال الأبرياء بعد أن فقد ثروته وأدمن المخدرات، ولذا أراد أن "يسبقوه إلى الجنة وهم أطفال بدلاً من أن يعيشوا حياة تعيسة!"، وبعدها بأيام قامت ربة منزل بإلقاء طفليها في البحر اليوسفي بمركز المنيا بسبب خلافات زوجية، وأخرى بالإسكندرية تقوم بشنق ابنتها التي تبلغ من العمر عام واحد بشال، لأنها كانت "مضايقة شويه!!" أخبار تجعل العقل يتوقف عن التفكير، ولعل المخدرات أثرت على تفكير الأب في الحادثة الأولى ولذا ارتكب جريمته البشعة تلك، أما في الحادثتين التاليتين لما تكن الأمهات فيها مدمنات على المخدرات، ولكن الضيق هو ما دفعهن للقضاء على حياة أطفالهن، وإن بحثت عن غريزة حب الأب أو الأم عند هؤلاء فلن تجدها .. الرحمة معدومة .. الخوف من الله أو على هؤلاء الأبرياء لن تجده .. وفي نهاية المطاف لن تجد سببا قوىا يدفعهم لقتل فلذات أكبادهم بهذه الصورة البشعة...حتما هناك خلل. ولا أظن أن هناك سعادة تضارع سعادة الأم أو الأب برؤية ابناءهم كزهور تتفتح، فأحباب الرحمن هؤلاء دائما ما يكونوا الأشخاص الوحيدين الذين يفضلهم الآباء على أنفسهم، وهذا هو الوضع الطبيعي وما تحتمه الفطرة السليمة، ولذا يتساءل ذوو الفطرة السليمة كيف يقتل الآباء الأبناء، وهل يوجد من يفعل ذلك؟!. ولعل الجواب بنعم .. هناك من يقوم بذلك وبطريقة أبشع ففي عام 2008 قام أب من محافظة الجيزة بقتل ابناءه الثلاثة بطعنات سيف لا يعرف عددها، بدعوى أنه يحبهم كثيرا ويخاف عليهم من الحياة، وغيره من الحالات يرجعها علماء النفس إلى ضغوط الحياة اليومية وضيق ذات اليد. وقد يرى البعض أن قتل الأبناء قد يكون آفة عصرنا هذا، ولكن الحقيقة غير ذلك فمنذ 1400 عام جرت العادة في الجاهلية هي "وأد البنات" أي دفنهن أحياء، خوفا من العيلة والعار، هكذا فرضت عليهم جاهليتهم التي لم يوقفها إلا الإسلام، إذن قتل الأبناء وارد كما جاء في الآية الكريمة، حيث قال سبحانه وتعالى في كتابه العزيز "وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ ? نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ? إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (31) الإسراء" إذن وكما في الآية سبب القتل هو الخوف من العوز والفقر والعيلة، والعلاج يكمن في اتباع أوامر الخالق سبحانه وتعالى والانتهاء عن نواهيه، وكيف ذلك لمن غاب عنه الوازع الديني، وافتقر قلبه الخشية من الخالق والبعد عنه، والجهل بدينهم مما يحولهم إلى وحوش ضارية تنهي حياة أولادهم دون تردد وبأنانية بالغة يبقون على حياتهم. أرى أن الوقاية من هذه الحوادث المتوحشة هي العودة للدين والتمسك بأصوله واتباع أوامر الخالق سبحانه وتعالى والانتهاء عن نواهيه، وهذا ما يخلق في قلوبنا الرقة والرحمة بأنفسنا وبمن حولنا، وقتها فقط سوف تعود لنا فطرتنا السليمة ولا يصبح الفرد منا عدوا لنفسه وقاتلاً لأهله..."اللهم ردنا إلى ديننا الرد الجميل". [email protected]