أمانة المراكز الطبية المتخصصة تكرّم إدارة الصيدلة بمستشفى الشيخ زايد التخصصي    سيدة بالقليوبية توصي مدبولي: "وصل سلامي للسيسي"    "شئون البيئة" يترأس وفد مصر في اجتماع جمعية الأمم المتحدة للبيئة    قوة دولية تنتنشر في غزة خلال أسابيع ولن تقاتل حماس    تقرير أممي: التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة المحتلة يبلغ أعلى مستوياته    تحرير حملات رقابية على الأنشطة التجارية وتحرير 139 محضراً ضد المخالفين    تحرير 804 مخالفات مرورية لعدم ارتداء الخوذة    القضاء الإداري يؤجل نظر طعن هدير عبد الرازق على نص «القيم الأسرية»    تعليم الغربية تنشر جداول امتحانات الفصل الدراسى الأول لصفوف النقل والشهادة الإعدادية    مصرع أم واثنين من أطفالها في انهيار منزل بالأقصر    «السياحة والآثار» توضح حقيقة تأثر المتحف المصري الكبير بسقوط الأمطار    لخدمة الشباب والنشء.. رئيس الوزراء يؤكد دعم الدولة للمشروعات الثقافية وتنمية الوعي بالمحافظات    الأعلى للثقافة: كشف أثري جديد يعيد فتح ملف عبادة الشمس ويؤكد القيمة العالمية لجبانة منف    مواقف عكست مجدعة أحمد السقا فى الوسط وخارجه قبل دعم صلاح    عميد طب القاهرة يدعو إلى تصنيع أول جهاز ECMO مصري بالتعاون بين وحدة الحالات الحرجة والصناعة الوطنية    جهود ادارة الطب الوقائي والرعاية الأساسية خلال عام 2025 في أسيوط    كيلو الفراخ بكام؟.. أسعار الدواجن بكفر الشيخ السبت 13 ديسمبر 2025    محافظ أسيوط يفتح بوابة استثمارات هندية جديدة لتوطين صناعة خيوط التللي بالمحافظة    «أسرتي قوتي».. المجلس القومي لذوي الإعاقة يطلق برامج شاملة لدعم الأسر    تربية بني سويف تنفذ تدريبًا للمعلمين على مهارات المعلم الرقمي    الإعلام الحكومي بغزة: الاحتلال يواصل إغلاق المعابر ويمنع إدخال المساعدات    الإسكندرية ترفع درجة الاستعداد القصوى مع اقتراب نوة الفيضة الصغرى    استشهاد فلسطيني برصاص الاحتلال الإسرائيلي في جباليا    ترامب يهدد أمريكا اللاتينية بشن ضربات برية «قريبا»    "عربية النواب": اتصال السيسي وماكرون يعكس التوافق حول حتمية حل الدولتين    مواعيد مباريات السبت 13 ديسمبر - بيراميدز ضد فلامنجو.. وليفربول يواجه برايتون    القومي للمسرح" يطلق الدورة الأولى لمسابقة علاء عبد العزيز سليمان للتأليف    قائمة لاعبي السلاح المشاركين في دورة الألعاب الأفريقية للشباب بأنجولا    بطولة إفريقيا لسيدات السلة| الأهلي يواجه الجيش الرواندي في نصف النهائي اليوم    نائب وزير الصحة تبحث مع يونيسف مصر اعتماد خطة تدريب لرعاية حديثي الولادة    وزيرة التضامن الاجتماعي تلتقي رئيس الطائفة الإنجيلية ووفد من التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي    سعر طن الأرز اليوم..... تعرف على اسعار الأرز اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا    ارتدوا الشتوي.. الأرصاد للمواطنين: لن يكون هناك ارتفاعات قادمة في درجات الحرارة    وفاة عروس اختناقا بالغاز بعد أسابيع من زفافها بالمنيا    تايلاند تتعهد بمواصلة عملياتها العسكرية ضد كمبوديا حتى إزالة كل «التهديدات»    دونجا يكشف سر نجاح بيراميدز    وزير الرياضة يطلق نصف ماراثون الأهرامات 2025    مواعيد مباريات اليوم السبت 13- 12- 2025 والقنوات الناقلة    وزارة العمل: تحرير 463 محضرا لمنشآت لم تلتزم بتطبيق الحد الأدنى للأجور    افتتاح أيام قرطاج السينمائية بفيلم "فلسطين 36" للمخرجة آن مارى جاسر    إدراج معهد بحوث الإلكترونيات ضمن لائحة منظمة الألكسو لمراكز التميز العربية    وزيرة التضامن تبحث نتائج المرحلة الرابعة من مبادرة «ازرع» مع رئيس الطائفة الإنجيلية    للشباب.. فرص عمل جديدة في عدد من الشركات الخاصة    الخدمة هنا كويسة؟.. رئيس الوزراء يسأل سيدة عن خدمات مركز طحانوب الطبى    تشويه الأجنة وضعف العظام.. 5 مخاطر كارثية تسببها مشروبات الدايت الغازية    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ولازالت مصطبة عم السيد شاهدة ?!    مقررة أممية: تكلفة إعادة إعمار غزة يجب أن تسددها إسرائيل وداعموها    اسعار الذهب اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى محال الصاغه بالمنيا    هشام أصلان في معرض جدة للكتاب: الهوية كائن حي يتطور ولا يذوب    مواقيت الصلاه اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا.....اعرف مواعيد صلاتك بدقه    الصحة: فاكسيرا توقع بروتوكول تطوير المعامل المركزية للرقابة على الإنتاج وتعزيز جودة الأمصال واللقاحات    "يا ولاد صلّوا على النبي".. عم صلاح يوزّع البلّيلة مجانًا كل جمعة أمام الشجرة الباكية بمقام الشيخ نصر الدين بقنا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 13-12-2025 في محافظة قنا    إفتتاح مؤسسة إيناس الجندي الخيرية بالإسماعيلية    هشام نصر: سنرسل خطابا لرئيس الجمهورية لشرح أبعاد أرض أكتوبر    محافظ الدقهلية يهنئ الفائزين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم من أبناء المحافظة    ننشر نتيجة إنتخابات نادي محافظة الفيوم.. صور    أحمد حسن: بيراميدز لم يترك حمدي دعما للمنتخبات الوطنية.. وهذا ردي على "الجهابذة"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نعم أبيح الكذب!
نشر في المصريون يوم 27 - 07 - 2018

ما أروع الوضوح والصدق، وما أخبث الكذب والخداع، والذي يكذب عليك في الأمر الصغير يرى الكثيرون أنه قد يكذب عليك في الأمر الكبير، لأنه استسهل مبدأ الكذب واستساغه ولا يمنع أن يستخدمه في كل المواطن.
لكن هناك أناس ينظرون للكذب نظرة مختلفة، فهم يرون أن الكذب في الأمور الصغيرة أو الأمور التي قد تُغضب من حولهم أو تسبب لهم ضيقًا في الحياة، نوعًا من البر والإرضاء لمن يحبونهم، وهم يحتجون بأن الحديث الشريف أباح الكذب في ثلاث مواطن، كنوع من الرخصة في الأمر حتى لا تتولد الشحناء، وهؤلاء الناس ينظرون لأنفسهم على أنهم أصحاب عقول كبيرة ونفسيات حكيمة، ولكن تحدث المشكلة الكبيرة حينما يصطدمون بمن يبغضون الكذب ولا يجزئون مبادئهم، ويتطاير منهم الشرر لو علموا أنك كذبت عليهم في شيء مهما كان ضئيلا صغيرًا..
ولنا هنا أن نتساءل باحثين عن جواب: هل يمكن فعلا أن من يكذب في الأمر الصغير يمكن له أن يكذب في الأمر الصغير.؟
وهل يمكن أن نكون من أهل الصدق إذا كذبنا مثلا من أجل الإصلاح وتهدئة نفوس من حولنا أو الحفاظ على مشاعرهم.؟
أنا عن نفسي من أولئك الذين يمكن لهم أن يكذبوا في الأشياء الصغيرة التي قد تُفسد الود مع البعض أو تحزنهم، لكنني مع هذا التساهل، أدرك وبقوة أنه لا يمكن لي أبدا أن أتساهل أو أقبل الكذب في الأمور الكبيرة التي يتوقف عليها بيان حال أو مصير انسان أو وضوح في المواقف.
أتساهل في حالات.. لكني أتشدد في حالات أخرى، أي أنني أتمتع بموهبة وعملية الفصل بين المواقف والاختلاف بين المناسبات، فليس الصغير كالكبير وليس الهين كالمهول.
وأرى أن هذا من حكمة الحياة والدراية بها، وحسن المسير فيها والتعامل الجيد مع أفرادها.. والذين يرون عكس ذلك بأنه تجزيء للمبادئ لا نرد عليهم إلا بالحديث النبوي الذي رخص الكذب في 3 أشياء وكلها أشياء تحرص على إبقاء الود بين الناس.
إننا جميعا نعرف تلك القصة الشهيرة التي يرويها لنا علماء الحديث مثالًا على مدى تحري الإمام البخاري لصحة الحديث فذكروا أن ... فلما دخل في أحد شوارعها وجد رجلاً قد هرب منه فرسه وهو يريد أن تلحق به الفرس، ووجد أن هذا هو الشيخ الذي يريد أن يروي عنه الحديث، لكنه رفض أن يروي عن هذا الشيخ، وقال: إن الذي يكذب على الدابة، لا آمن أن يكذب علي.!
ومع احترامي للإمام البخاري وتقديري له ولتحريه العنيف في طلب الحديث وتدوينه، فإنني أرى أنه لم يكن بالوعي الكامل والتمييز المطلوب في الموقف، وأنه تشدد مبالغ فيه متجردا من الواقعية، فليس من المعقول أن يكذب الرجل في حديث الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه لأنه كذب على الدابة التي يتوقف عمل حياته لهروبها منه.
وفي قصة شهيرة أخرى عن الاقتصادي المصري (طلعت حرب) الذي أحب الشاب أحمد سالم وقدمه على كثير من الموظفين وأستند إليه كثيرًا من المهمات الكبيرة في بنك مصر برغم صغر سنه، فيومًا ما مرض طلعت حرب وذهب أحمد للاستفسار عن صحته، فقال له: أرجوك يا أحمد أن تحضر معك صباح الغد طبق فول مدمس من محل التابعي وهو من أشهر محلات الفول في ذلك الوقت، وذهب أحمد إلى عمله، ثم سهر مع أصحابه سهرة حمراء، وفي الصباح ذهب إلى حلوان لعيادة طلعت حرب بعد أن نسي كل شيء عن طلب الفول المدمس، ولما صار بين يديه سأله طلعت حرب هل نسيت الفول المدمس؟ واضطر أحمد أمام السؤال المفاجئ للكذب وادعى أنه ذهب في الصباح إلى محل التابعي فوجده مغلقا لوفاة أخيه، وسكت طلعت حرب ولم يقل شيئًا.
وبعد انصراف أحمد سالم، استقل طلعت حرب سيارته وذهب إلى محل التابعي، ووجد المحل مفتوحا، ودخل وجلس إلى إحدى الموائد واستدعى الحاج التابعي صاحب المجل وقال له: البقية في حياتك.. وفتح الحاج التابعي عينيه دهشًا فسأله طلعت حرب ألم يمت شقيقك؟ قال الحاج التابعي لا، وعاد يسأله ألم يمت أحد من أقاربك؟ قال الحاج التابعي لا.. وسأله هل تأخرت اليوم في فتح المحل، فقال التابعي: لا فتحت المحل الساعة 5 صباحا كعادتي كل يوم، وهنا قام طلعت حرب واتجه إلى مكتبه في بنك مصر، وأصدر قرارًا بفصل احمد سالم من جميع مناصبه في الشركات والمؤسسات التابعة لبنك مصر، ولما سئل طلعت حرب وقتها عن هذا العقاب وهل يساوي طبق الفوق المدمس كل هذا العقاب الصارم؟!
رد بقوله: إن الرجل الذي يكذب عليّ في طبق فول مدمس، سيكذب علي في مليون جنيه.. إن هذه وظائف ثقة، وما دام قد فقد ثقتي فهو لا يصلح للعمل معي..
ولكن ألم يفكر طلعت حرب أن خجل الشاب أحمد سالم وخوفه من أن يتسرب إلى نفس طلعت حرب شيء من هم وضيق هو السبب في هذا الكذب وأنه بدافع حبه له ؟
اختلف أو تتفق معي لكنني أجزم أن هؤلاء الذين يتصلبون في هذه الأمور بهذا الشكل، ولا يفرقون بين المواقف والمواطن صغيرها وكبيرها أناس متصلبون أو معقدون مهما كانت مكانتهم.. فأنا يمكن وبكل سهولة أن اكذب على الدابة حتى أتملكها وأمتطيها وأقضي عليها معاشي ومهماتي، لكنني لا يمكن أبدا أن أكذب على رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم في الرواية والحديث.. أي أنني أبيح الكذب في مواطن وأحرمه في مواطن أخرى.. لا تخرج عن حد الشرع والدين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.