أسعار الأسماك اليوم السبت في أسواق شمال سيناء    اليوم 68 من استئناف الحرب.. تعرف على أحدث التطورات الميدانية في غزة    كييف تتعرض لهجوم روسي مكثف بطائرات مسيرة وصواريخ    الزمالك يسعى لتصحيح المسار أمام بتروجت في الدوري    حالة الطقس اليوم السبت 24-5-2025 في محافظة قنا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 24-5-2025 في محافظة قنا    توافد طلاب الإعدادي بسوهاج على اللجان لأداء امتحاني الدراسات الاجتماعية و الرياضيات "فيديو"    نتيجة الصف الثاني الابتدائي بالجيزة 2025.. رابط مباشر وخطوات الاستعلام ومواعيد الامتحانات    أسعار الدولار مقابل الجنيه اليوم السبت 24 مايو 2025    شادي محمد: التتويج بكأس مصر إنجاز تاريخي لسيدات الكرة النسائية    السكة الحديد: تأخر القطارات على بعض الخطوط لإجراء أعمال تطوير في إطار المشروعات القومية    صفحات الغش الإلكترونى تنشر أسئلة امتحان التاريخ للصف الأول الثانوى بالقاهرة    اليوم.. أولى جلسات محاكمة 6 متهمين في واقعة انفجار خط غاز طريق الواحات    وزير الزراعة يبحث مع محافظ الوادي الجديد ملفات التعاون المشترك    مواعيد مباريات اليوم السبت في الدوري الإيطالي والقنوات الناقلة    محاكمة أكبر متهم بتزوير الشهادات الجامعية والمهنية بوادي النطرون    تامر حسني يدعم كزبرة بعد أول حفل يجمعهما: «كمل يا وحش.. أخوك في ضهرك»    اليوم.. محاكمة متهمين ب«داعش العمرانية»    أغرب حكايات اضطراب النوم من داخل معمل «السلطان»    122 ألفا و572 طالبا بالصف الثاني الإعدادي بالدقهلية يؤدون امتحاني اللغة الأجنبية والهندسة    نبيلة مكرم عن شيخ الأزهر:" ما بقلوش غير أبويا وما استحملش عليه كلمة"    أخصائية اجتماعية تكشف أسباب ظهور سلوكيات عصبية الأطفال    ميلاد جديد ل«تاريخ لا يغيب».. العالم يترقب «سيمفونية الخلود» على أرض الأهرامات    د. حسين خالد يكتب: تنمية مهارات الخريجين.. توجه دولة    د. هشام عبدالحكم يكتب: خد وهات.. لتبسيط المفاهيم الصحية    «ترانس جاس» تنفي شائعة تسرب الغاز بكفر الشيخ    نبيلة مكرم عن أزمة ابنها: قررت اتشعبط في ربنا.. وابتلاء رامي كشف لي أنا جيت الدنيا ليه    تعاون شبابي عربي لتعزيز الديمقراطية برعاية "المصري الديمقراطي"    «مش شبه الأهلي».. رئيس وادي دجلة يكشف رأيه في إمام عاشور    هزة أرضية بقوة 3 ريختر تضرب جزيرة كريت في اليونان    نجاح مركز طب وجراحة العيون بكفر الشيخ في إجراء جراحة دقيقة لزراعة طبقية قرنية    حملات أمنية لردع الخارجين عن القانون في العبور| صور    هل يجوز الحج عن الوالد المتوفي.. دار الإفتاء توضح    نشرة التوك شو| الاتحاد الأوروبي يدعم مصر ماليا بسبب اللاجئين.. والضرائب تفتح "صفحة جديدة" مع الممولين    خبيرة أسرية: البيت بلا حب يشبه "بيت مظلم" بلا روح    حرب شائعات.. المستشار الإعلامي لمجلس الوزراء ينفي معلومات مغلوطة بشأن تصدير المانجو    واشنطن ترفع العقوبات عن موانئ اللاذقية وطرطوس والبنوك السورية    حلمي طولان: تراجعنا عن تعيين البدري مدربًا للمنتخب لهذا السبب    طائرات الاحتلال الإسرائيلي تستهدف خيمة تؤوي نازحين في منطقة الصفطاوي بمدينة غزة    وفاة 3 شباب إثر حادث سير أليم بكفر الشيخ    "الظروف القهرية يعلم بها القاصي والداني".. بيراميدز يوضح تفاصيل شكواه للمحكمة الرياضية بشأن انسحاب الأهلي أمام الزمالك    صلاح سليمان: مباراة بتروجت مهمة للزمالك لاستعادة الانتصارات قبل نهائى الكأس    تعرف على نتائج المصريين فى اليوم الثانى لبطولة بالم هيلز المفتوحة للإسكواش    وول ستريت تهبط بعد تهديد ترامب بفرض رسوم جمركية على الاتحاد الأوروبى    سعر الدولار أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية السبت 24 مايو 2025    عمرو أديب: الناس بتقول فيه حاجة مهمة هتحصل في البلد اليومين الجايين (فيديو)    بعد وفاة زوجها.. كارول سماحة لابنتها: هكون ليكي الأمان والسند والحضن لآخر لحظة من عمري    "الثقافة" تصدر "قراءات في النقد الأدبي" للدكتور جابر عصفور    قبول 648 مدرسًا جديدًا ببني سويف ضمن مسابقة 30 ألف معلم    بالأسماء.. «تعليم الإسكندرية» تعلن قائمة المقبولين بمسابقة ال30 ألف معلم    ترامب والشرق الأوسط.. خطط مخفية أم وعود حقيقية؟!    باختصار.. أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. جوتيريش يرفض أى خطة لا تحترم القانون الدولى بشأن قطاع غزة.. ترامب يتوعد "أبل" ب25% رسوم جمركية.. وإصابة 12 فى هجوم بسكين بمحطة قطارات هامبورج بألمانيا    مصر تعيد 71 مواطنا مصريًا من ليبيا    نصائح لتجنب الارتجاع المريئي، و7 أطعمة تساعد على تخفيف أعراضه    أخبار × 24 ساعة.. حصاد 3.1 مليون فدان قمح وتوريد أكثر من 3.2 مليون طن    وفقا للحسابات الفلكية.. موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى 2025    ما حكم الكلام فى الهاتف المحمول أثناء الطواف؟.. شوقى علام يجيب    هل يحرم على المُضحّي قصّ شعره وأظافره في العشر الأوائل؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كاذبون فى محكمة النمل
نشر في الأهرام العربي يوم 02 - 05 - 2014


السيد رشاد
فى يوم ما من إبريل شهر الكذب والأقنعة سقطت ثمرة ضخمة من الفضاء، يبدو أن «الشرير» ألقاها وهو يسقط مطرودا من الجنة، فتبعثرت محتوياتها على الأرض، وكان أول ما انطلق منها «الكذب» وتبعته كل الشرور والآثام، هكذا تقول الأسطورة القديمة، لكن يبدو أن نصيبنا من ثمرة الكذب كان وافرا، حتى أصبحنا أكثرية تكذب كما تتنفس، وتحولت حياتنا إلى مشهد كابوسى مظلم بالأكاذيب الرسمية «راجعوا معى تعهدات الوزراء بعدم انقطاع الكهرباء وفتح محطتى السادات والجيزة أمام الركاب... إلخ» والأهلية ومن كل صنف ولون.
وأصبح المصريون أغلبية تريد كل شئ، وفيها الجميع يخشى الجميع، ويحقد على الجميع ويتبادل صباح مساء أنخاب الكذب مع الجميع، فى مقابل قلة معدودة اختارت الانحياز إلى وجه الحقيقة والقبض على جمرة الصدق وحده لأنها لا تريد شيئا فوق حقها، ولا تخشى أحدا.
من هنا سادت ثقافة الأقنعة، وقيم الضلالات، وأصبح معظمنا على الأقل يحمل جبال أكاذيبه واقفا على سطح ماء آسن، محاولين مثل كل اللصوص المحترفين سرقة عقول بعضنا البعض، والسطو بدم بارد على أرزاق بعضنا البعض، والأخطر أننا صرنا نجابه بكل شجاعة وإخلاص، وبشتى الوسائل «خطر الصدق» حتى صغارنا ودعوا بفضل أكاذيبنا المعتادة براءتهم، وأصبحت الحقيقة عند الكثيرين منهم وجها مختلفا، يخافون منه ويخشونه، وكأنه الجان، أو أمنا الغولة فى حكايا الجدات بأمسيات الشتاء المظلمة التى لا ينافس إظلامها سوى مستقبل «الصدق» فى مجتمع تعكس «أكاذيبه» المستمرة واقع التحلل والتفسخ الذى ضربه، فابتعد به كثيرا عن قيمه ومثالياته، وإذا كان الكذب ظاهرة اجتماعية مدمرة للمجتمع فإنها مدمرة لصاحبها أولا، حتى وإن جنى بعض المكاسب الرخيصة فى المدى القصير، ولعل فى قصة رجل الأعمال الشاب أحمد سالم الذى كان موضع الثقة المطلقة للزعيم الاقتصادى الكبير طلعت حرب، إلى حد أنه أسند إليه عدة مناصب كبيرة فى شركات بنك مصر، وقفز به برغم صغر سنه فوق كبار موظفى البنك وفيهم خيرات دولية وأصبح صاحب أكبر دخل وصل إليه رجل أعمال فى مصر، بل فشلت كل دسائس ومؤامرات الصغار والكبار فى النيل منه، حتى جاء يوم مرض فيه طلعت حرب ورقد فى بيته بحلوان، وذهب أحمد سالم ليستفسر عن صحته، فرجاه طلعت حرب أن يحضر له «طبق فول مدمس» فى صباح اليوم التالى من أشهر محل صانع فول فى مصر وقتها، وفى المساء سهر أحمد سالم مع أصدقائه فى أحد الملاهى، ثم ذهب فى صباح اليوم التالى للسؤال عن صحة أستاذه طلعت حرب وموضع ثقته وقد نسى كل شئ عن طبق الفول، وفوجئ بطلعت حرب يسأله: هل نسيت طبق الفول؟ وكان من الممكن أن يصدق ويعتذر وينتهى الأمر، لكن سالم اختار أن «يكذب» فادعى أنه لم ينس، وأنه ذهب صباحا إلى المحل الشهير فوجده مغلقا لوفاة شقيق صاحب المحل، وبعد انصراف أحمد سالم، استقل طلعت حرب سيارة وذهب إلى محل الفول، وجلس إلى إحدى موائده واستدعى صاحبه ليقدم له العزاء فى وفاة شقيقه، لكن الرجل فتح عينيه من الدهشة، وقال له لم يمت شقيقى أو أى أحد من أقاربى، فسأله طلعت حرب: هل تأخرت فى فتح محلك لأى سبب اليوم، فقال الرجل فتحت المحل فى الخامسة صباحا كعادتى كل يوم.
وغادر طلعت حرب محل الفول الشهير إلى مكتبه فى بنك مصر ليوقع قرارا بفصل أحمد سالم من جميع مناصبه، وقال وقتها إن الرجل الذى يكذب فى طبق الفول المدمس، سيكذب فى ملايين الجنيهات، و بالتالى لا يصلح للعمل العام ولا يستحق ثقة المجتمع فيه.
والآن ومصر تعيش واحدة من أسوأ أدواتها الحضارية، حيث حملت مرايانا المشروخة ملايين الوجوه على شاكلة أحمد سالم، بينما افتقدنا إلى وجه مثل طلعت حرب، هل يكون الحل إدخال هؤلاء الكاذبين محكم الغل؟
وإذا كانت البشعة وهى قطعة معدنية محماة فى الجمر تلتصق باللسان الكاذب، وتمثل عقوبة بشرية قاسية على جريمة الكذب فى بعض مجتمعاتنا العربية، فإن عقوبة الكذب عند «النمل» هى القتل، فيروى أن شخصا شاهد نملة صغيرة تحاول جر بقايا صرصور ضخم إلى مستعمرتها فلم تفلح، فتركتها وعادت بعد قليل ومعها مجموعة ضخمة من النمل لمساعدتها، فسارع هذا الشخص بإخفاء بقايا الصرصور. فلما وصلت النملة وزملاؤها إلى حيث تركته ظلت تبحث وهم معها عن البقايا بلا جدوى، فتركوها ورحلوا، وعقب رحيلهم وضع الشخص بقايا الصرصور مرة أخرى أمام النملة، فحاولت مجددا جرها و فشلت، فسارعت مرة أخرى لجلب مجموعة النمل لمساعدتها، وبحثوا معها بكل إخلاص عن الفريسة التى سارع هذا الشخص بإخفائها مرة أخرى، ولما يئست مجموعة النمل من العثور على بقيا الصرصور هجموا على النملة التى ظنوا أنها كاذبة ومزقوها جزاء كذبها.. ترى كم مليونا فى مصر الآن يستحقون دخول محكمة النمل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.