مازلت أذكر ما كتبه الراحل الكبير مصطفى أمين فى صورة حكاية معبرة عن الاقتصادى الكبير طلعت حرب إذ قال كان طلعت حرب، يثق ثقة عمياء بأحد الشباب وأسند إليه مناصب كثيرة فى شركات بنك مصر. وذات يوم مرض طلعت حرب وذهب هذا الشاب لزيارته، فطلب أن يحضر له فى الصباح طبق فول من محل التابعي، ونسى الشاب هذا الموضوع. وفى الصباح التالى زار طلعت حرب، فقال له: هل نسيت طبق الفول؟ فقال الشاب انه ذهب إلى محل التابعى فوجده مغلقا لوفاة أخيه، وسكت طلعت حرب، وبعد قليل استقل سيارة وذهب إلى محل التابعى فوجد المحل مفتوحا وقال للحاج التابعى «البقية فى حياتك» ودهش التابعى إذ لم تحدث الوفاة، وتوجه طلعت حرب فورا إلى مكتبه فى بنك مصر وأصدر قرارا بفصل الشاب من جميع مناصبه.. وسأل مصطفى أمين طلعت حرب: هل يساوى طبق الفول كل هذا العقاب الشديد؟ قال نعم، ان الرجل الذى يكذب على فى طبق فول مدمس سوف يكذب على فى مليون جنيه. ان هذه وظائف ثقة، ومادام فقد ثقتى فهو لا يصلح للعمل معي.. كان طلعت حرب يقول: كل ناجح نحاول أن نحطمه، ولو أن معاولنا فى البناء لكان لنا فى كل قرية مصنع. انه لم يتول عملا إلا وضع فيه النظام والدقة والنزاهة والثقة، وقد منحه الرئيس الراحل أنور السادات قلادة النيل العظمى فى الذكرى الستين لتأسيس بنك مصر وذلك تكريما لجهوده العظيمة. ونحن اليوم فى حاجة إلى تطبيق «نظرية الفول» التى ابتكرها طلعت حرب باشا. يقول توماس كارليل: إن تاريخ العالم ليس إلا سيرة الرجال العظماء، وهناك حكمة تقول: لا مستحيل مع الإيمان، اجتز أعالى الجبال، وأعل فوق التلال، فلا وعر يصدك ولا شاهق يمنعك. محمد مدحت لطفى أرناءوط موجه عام سابق بالتعليم الشرقية