لم يخف الرئيس عبدالفتاح السيسي، اليوم، استياءه من حجم الشائعات التي تنتشر في مصر، والتي يقول إن الهدف منها "تدمير الدولة". وقدر السيسي الذي كان يتحدث في حفل تخريج دفعة جديدة من الكليات العسكرية، الشائعات ضد الدولة خلال الأشهر الثلاث الماضية ب 21 ألف شائعة، قائلاً إن "الهدف منها نشر البلبلة والإحباط". وأوضح أن الخطر الحقيقي الذي يمر بالبلاد والمنطقة، هو خطر واحد يتمثل في تدمير الدول من الداخل عبر الضغط والشائعات والأعمال الإرهابية وفقد المال والإحساس بالإحباط. غير أن خبيرين أحدهما إعلامي، والآخر متخصص في علم الاجتماع السياسي، كان لديهما من الأسباب التي تقف وراء تزايد انتشار الشائعات في مصر، ومن بينها حالة التضييق التي تمارس تجاه وسائل الإعلام. الناشر هشام قاسم، قال إن "السبب الرئيس وراء انتشار الشائعات، هو التضييق على وسائل الإعلام، وعدم منحها مساحة الحرية، لنشر الحقائق والمعلومات. وأضاف قاسم ل "المصريون": "لا يوجد سبب آخر. الكارثة إذا ظن أحد أن التضييق وغلق المجال العام وكبت الحريات، يساعد على الحد من الشائعات؛ لأنه يؤدي إلى نتيجة عكسية". وتابع: "الاعتقاد بأن هناك جهات ومؤسسات أجنبية، هي التي تقوم بنشر الشائعات وترويجها، مشكلة أيضًا؛ لأن المسألة في هذه الحالة تتعاظم ولن تحل أبدًا". واستدرك قاسم قائلاً: "إذا لم يتم معالجة الأمر، وتحسين أجواء ومناخ العمل الإعلامي في مصر، والتراجع عن القرارات التي تغذي الشائعات، فإنها ستتعاظم بعد فترة قصيرة، وليس من المستبعد أن تبلغ ضعف المعلن خلال الأشهر القادمة". من جهته، قال الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي، إن "الشائعات تنتشر داخل المجتمع المصري، بسبب غياب الشفافية، وافتقاد الحكومة للإعلام السياسي، القادر على توضيح المعلومات، والرد السريع". وأضاف ل "المصريون": "إعلام الوزارات ضعيف للغاية، ولا يستطيع التعليق بشكل سريع على ما يجرى، وربما كان بسبب صدور تعليمات بذلك، لكن الوزراء أنفسهم يقعون في أخطاء جسيمة، وتثار الشائعات واللغط حول تصريحاتهم، ما يدفع المواطن إلى عدم تصديقهم حتى عند التصحيح". ودلل على ذلك بالجدل الذي صاحب قرار الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة، والخاص بإذاعة النشيد الوطني داخل المستشفيات كل صباح، وهو ما أنكرته بعد ذلك، "الأمر الذي لم يصدقه المصريون". وأشار أستاذ علم الاجتماع السياسي إلى أن "المؤسسات الرسمية لا تدرك حالة الحرب الإعلامية النفسية، التي تجتاح العالم كله، فضلًا عن أنها لا تسعى إلى ضبط أدائها، بل تعاني من اضطراب". ولفت إلى دور مواقع التواصل والإعلام في الخارج في نشر الشائعات، إذ أن "الإعلام الحكومي يساعد على انتشار الشائعات بشكل كبير، ما يُجبر المصريين على اللجوء للإعلام الخارجي ووسائل التواصل الاجتماعي، وتصديق كافة ما ينشر فيها". صادق، قال إن "الشائعات تنتشر في المجتمعات بشكل كبير وقت الحروب والاضطرابات السياسية والقلاقل، وبسبب انعدام الشفافية"، مفسرًا انتشارها في المنطقة العربية، "بسبب محاولة إعادة رسم خريطة المنطقة، و أيضًا بسبب الحروب الباردة بين الأنظمة". وأضاف: "الجهات الأجنبية التي تساهم وتشارك في إعادة رسم المنطقة من جديد، لتحقيق مصالحها، تقوم بنشر بعض الشائعات والأفكار لتشويه الآخرين ونشر عدم الثقة في هذه الأنظمة، وذلك من خلال وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي". وعرف صادق، الشائعة بأنها "معلومة يتم نشرها دون أن يعرف مصدرها، وهناك ثلاث جهات تقوم بنشر تك الشائعات، أولها الحكومات الأجنبية، وذلك بهدف تحقيق بعض الأهداف، وثانيها، المنظمات والأحزاب السياسية صاحبة المصالح السياسية، وآخرها، الأشخاص المؤدلجون، الذين يروجون لأفكارهم واتجاهاتهم". من جانبه، دعا نادر مصطفى، أمين سر لجنة الإعلام والثقافة بمجلس النواب، لتأسيس كيان جديد في مصر لمواجهة الشائعات، تمثل فيه كافة القطاعات وخبراء ومتخصصين في مجال "السوشيال ميديا"، ومن مختلف المؤسسات والوزارات والقطاعات في الدولة، وذلك لمواجهة الحرب الكبرى التي تواجه البلاد وهى الشائعات. وأضاف: "هذا الكيان يكون متخصصًا فقط للرد على الشائعات ومواجهة أي أكاذيب وشائعات تردد ضد الدولة، بمعنى أن يتم التقاط الشائعة قبل انتشارها عبر صفحات السوشيال ميديا". وتابع: "لابد وأن يقوم هذا الكيان بدور احترافي في مواجهة ذلك، ويكون قادر على المواجهة والرد على الحقائق"، مؤكدًا أن "أعداء مصر يروجون بشكل كبير كم هائل من الشائعات التي يحاولون منها التأثير على الرأي العام المصري، بالإضافة إلى تفكيك تماسك الدولة".