بعض الأسر فى رمضان تستقبل الشهر الكريم بالذهاب إلى الأسواق وشراء الكثير والكثير من الأطعمة والحلويات والياميش الذى يصل إلى حد الإسراف، وينظرون إلى شهر رمضان على أنه شهر للأكل والشرب والإسراف رغم أنه شهر الصوم والزهد والعبادات والتقرب إلى الله, فتجد بعض الأسر بمجرد رفع آذان المغرب يفرشون المائدة العامرة بما لذ وطاب من أنواع الأكل والشرب يأكلون منها القليل ويرمون منها الكثير وهذا هو الإسراف بعينه، والأدهى والأمر أن طول النهار نصوم ونتعبد ونتقرب إلى الله وعند الإفطار نرتكب المعاصى بالإسراف ورمى الطعام وهذه معصية لقول الله عز وجل: و"َلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِين"ِ. [الإسراء:26:27]، فنرمى الطعام الذى يحتاجه كثير من بيوت الفقراء الذين هم فى أمس الحاجة إلى لقمة خبز. ومن صور الإسراف: الإكثار من الطعام فوق الحاجة, فنرى بعض الناس فى رمضان يملأ مائدته فى الإفطار والسحور بكل ما لذ وطاب ثم تكون عرضة للإتلاف والرمى، ويقول الله عز وجل فى كتابه العزيز: {كلوا وشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين}، ويقول الرسول عليه الصلاة والسلام: (حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه)، ومن الناحية الصحية، ما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم (صوموا تصحوا)، قال سفيان الثورى رحمه الله: إذا أردت أن يصح جسمك ويقل نومك أقلل من طعامك.. ولكن ما يحدث هو العكس فنجد أن ملء البطون والإسراف فى تناول ما لذ وطاب من كل أنواع الحلويات والأكلات الدسمة والسكريات فى هذا الشهر مما ينتح عنه حدوث العديد من الاضطرابات الهضمية بين الناس وإحساس الامتلاء الذى يؤدى إلى الإحساس بالخمول والكسل فبدلاً من أن يذهب الصائم إلى صلاة التراويح يخلد إلى النوم, مما يؤدى إلى زيادة الوزن وزيادة نسبة الكوليسترول فى الدم, أما من الناحية الاقتصادية فنجد أن أغلب الأسر تستعد لشهر رمضان بشراء المزيد من الأغذية، ونجد أن الأسر تحمل نفسها عبئًا ماديًا كبيرًا لتوفير هذه الاحتياجات الغذائية وتخزينها مما يسبب أزمة كبيرة، ويتسبب ذلك فى ارتفاع الأسعار، فيأتى كل ذلك على الأسر الفقيرة بالسلب فلا يستطيعون شراء مستلزماتهم لهذا الشهر. ومن صور الإسراف أيضًا فى ذلك الشهر: كثرة الولائم طول الشهر فالأسر يا عازم أو معزومين مع العلم أن الجو الأسرى مطلوب وشهر فرصة طيبة لصلة الرحم وليس للأكل والشرب. والمطلوب من المسلم فى هذا الشهر عدم التفريط وعدم الإفراط فى تناول الطعام فى ليالى رمضان؛ لأن بدنك أيضًا له عليك حق، والتزام الوسطية والاعتدال فى ذلك، والإكثار من قراءة القرآن الكريم والصلاة والعبادة، وعدم الإفراط فى السّهر فى الأندية وغيرها، وكفى تبعية وتقليدًا أعمى، فرمضان شهر النفحات الإيمانية العطرة، ورمضان يقوى العزيمة، ويحرك مشاعر الإيمان فى قلوبنا فى كتابه العزيز كما ذكرنا فى الآية السابقة فوصفهم رب العزة بالمبذرين، فهو حينما يأمرنا بشىء ذلك لأنه يصلحنا ويصلح به أمرنا فى دنيانا وآخرتنا. وحينما ينهانا عن شىء ذلك لأنه يضر بنا، ويضر بدنيانا وأخرانا، والإسراف والتبذير سواء فى الأكل أو الشرب وغيرهما أمر يضر بصحة الإنسان ويضر بماله.